متمرّدة – الكاتبة والشّاعرة: فيروز حميد رشك

“ربّما كنتُ شاعرةً منذورةً مذ ولدتُ لكتابةِ العويل نصاً طويلاً يليقُ بالحزن

وربّما كوجرية تمدُّ السّهل بساطاً لقدميها الحافيتين“

الكاتبة والشّاعرة: فيروز حميد رشك

متمرّدة

لا أدري ما كنتُ قبلَ أن أكون الآن؟!

ربّما كنتُ غيمةً عذراء هَطَلتْ في بريّة الله فمها العشبُ والزّهرُ

ربّما سرب فراشاتٍ دعاها العشقُ للنّار

 فاشتعلتْ على حدودِ هذه البلادِ المجنونة بالحروبِ والخرائط

ربّما شجرة وحيدة تخشى الموتَ عطشاً

والموتُ يشربُ قهوَتَهُ وينتظر

ربّما كنتُ مقعداً أصابهُ الصّدأ في حديقةٍ منسية

تركَ العشاقُ الصّغارُ أسماءهم محفورةً على خشبهِ العجوز

أو لحناً لغجريٍّ تركهُ قبل أن يرحل

أو خرزةً زرقاءَ في جيبِ صبيّةٍ عاشقة

ربّما كنتُ شاعرةً منذورة مذ ولدتُ لكتابةِ العويل نصاً طويلاً يليقُ بالحزن

وربّما كوجرية تمدُ السّهلَ بساطاً لقدميها الحافيتين

فيهمسُ السّوسنُ هذه المرّة لي

وتُعيدُ المجدَ لدمعتها انتظارات شابٍّ على رصيفِ المدرسة وتحولات الدّهشة عند أول لقاء.

ربّما فيروزة تاهتْ في اللونِ بين الماء ولونِ السّماء

ربّما أغنية لرجلٍ كان يقول لها:

(من يعشقُ خميلةً كرديّةً يختصرُ حشداً من النّساء في امرأةٍ واحدة)

ربّما كنتُ جميلةً أكثر ورشيقةً أكثر كما كانت تقول لي أمي:

 “أخاف عليكِ من عيون الحسّاد”

هل تسمحُ أن أقولَ لهذا الصّباحِ أحبك

ليشرقَ وجهك

هل تسمحُ أن أعيدَ ترتيبَ فوضى عالمي المبعثر

السّرير

أوراق الكتابة

وفنجان القهوةِ الباردة والعطر الغافي

أنصبك أميراً هناك

تحلمُ بذراعي العارية تسقط سهواً على كتفك

لأكونَ دفء الجّمرِ في الشّتاء

وجنونَ السّكر والضّوء في النّبيذ

ووشم غجريّة أزرق يختلطُ والدّم

لا يمحوهُ الوقتُ والماء

يُتقِنُ غواية السّاحرات

هل تسمحُ لهذه البلاد

أنْ تغني في مصادفةٍ سعيدة

ترقص ممسكة بجرحها

وأنتْ تقول

ألا تشعرين بخدرٍ في أصابعكِ!

فقد نامتْ بكفي هناكَ طوال الليل

فأهمسُ لك

ببسالةِ الحلم

ونحنُ مواليدُ بلادٍ عطشى