المرأة أساس التنظيم والدفاع المشروع – نوروز دمهات
المرأة أساس التنظيم والدفاع المشروع
“إن حرب الشعب الثورية هي عمل اجتماعي طويل الأمد،
لذا من المهم أن يتم تنظيم جميع مرتكزات الأمة الديمقراطية
في الانسجام والتوازن في هذا السياق“
نوروز دمهات
لم تمر حقبة زمنية إلا وكانت تعاني فيها المرأة من السلطة والقمع المنظمة ضدها كما في القرن الحادي والعشرين. إن تكاتف وترابط أعداء المرأة مهد الطريق للإبادة وصهر المجتمع وإن السياسة الموقعة والمتفق عليها ليست إلا طريقة لشرعنة المافية والعنف والقتل ضد المرأة، أو أنها وسيلة كي يبقى المجتمع دون جناح وتركه دون إرادة وهوية تقوم بتعرفيه. كما أنه لا يجب أن ننسى أن النضال الصيني والأممي ترك بصمته على نضال المرأة في القرن العشرين، كما أن نضال المرأة الحالي سيترك بصمته على القرن الحادي والعشرين أيضاً.
وهذا ما يريد النظام الحاكم منعه. أي أن لا تصعد المرأة من نضالها ضد الأحزاب الحاكمة، لكن في هذا القرن أصبحت المرأة القوة الرئيسية من خلال نضالها ضد النظام والأحزاب الحاكمة. النساء اللواتي ناضلن من خلال إمكانياتها البسيطة تمكنت من أن تضع بصمتها وتقود النضال، يجب أن نسأل؟ وبالأخص المرأة الكردية كيف استطاعت أن تقود المرحلة، وتستغل الفرصة للانتفاضة لصالحها ولصالح كافة نساء العالم والإنسانية.
منذ بداية تاريخ الذهنية الذكورية وحتى يومنا هذا لم تتوقف الحروب التي مر بها العالم. وغالباً ما كانت المرأة تدرك عمق وخطورة وانعكاسات وسلبيات هذه الحروب. في تقاليد دولة الذهنية الذكورية في القرن الماضي، وبأداة الأمة الفاشية وقوة الرجال، قبل الإبادة الجماعية للمجتمع، تم تطوير الإبادة الجماعية ضد النساء خطوة بخطوة. ومع استراتيجية “ضرب النساء أولاً” ضد المجتمعات والشعوب والهوية بدأت الحرب، وتم استهداف النساء في البداية.
الحروب والصراعات
في الحروب والصراعات في القرنين العشرين والحادي والعشرين، تم تقسيم مناطق الحرب والصراع، وتعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب والاعتداء الجنسي على يد الجنود التابعين لتلك الأنظمة. وفي مناطق الحروب والصراعات، استخدمت الجرائم ضد المرأة، بأبشع الطرق غير الأخلاقية والعنيفة، وما زالت تستخدم كأداة لجعل المجتمع يعاني من الإبادة الجماعية ويستسلم للذل والخنوع والتبعية. قبل كل شيء يجب أن نعلم أن حق الدفاع عن النفس هو حق اختياري لجميع الكائنات الحية وهو فوق كل القوانين. وإن الاستسلام او عدم الدفاع عن النفس والوجود هو الموت بحد ذاته.
إذا أردت أن تستمر في وجودك، عليك أن تعرف كيف تنظم نفسك وتبني نظامك الدفاعي. وينطبق هذا بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالنساء والشعب الكردية. إن القوة والشخص الذي تترك نفسها دون تنظيم وتدريب على الكفاح والنضال، يعني قبوله للعبودية والخسارة. وحتى قبل ذلك فإن الدفاع عن النفس يعني الوجود والحياة الكريمة. والمكان الذي لا يوجد دفاع عن النفس، يبدأ القمع والعبودية والموت. عندما يبني مجتمع نظامه الدفاعي، يمكنه في الوقت نفسه أن يتحدث عن حماية حق الشعب في الحياة ووجوده وفي مواجهة نظام الدولة القومية التي تبيد الشعب.
إن الأشخاص الذين لا يحمون وجودهم، تصبح حياتهم بلا معنى، ويحرمون من صفات المجتمع الطبيعي، المجتمع الأخلاقي والسياسي، وبهذه الطريقة لا يستطيعون الوقوف بمفردهم. ولذلك ينبغي على الشعب أن يضمن حرب الشعب الثورية، أي حرب الوجود مع الحرية. عدونا يريد تدميرنا كل يوم وكل لحظة، وجميع هجماته تتم في نطاق هذا المفهوم. وفي مواجهة مفهوم الإبادة الجماعية، فإن حربنا هي حرب عادلة. وهنا يؤكد المفكر عبد الله اوجلان على مشروعية الدفاع عن النفس بهذه الكلمات ويقول؛ “إذا امتلكنا قوات العالم كلها فلن نهاجم احداً، وإذا اجتمعت قوات العالم كلها علينا سنقوم بدفاعنا المشروع”. هذه ليست حرب تكتيكية ومؤقتة. إنها حرب استراتيجية وحيوية ومتعددة الأوجه من أجل إنهاء العبودية والتبعية وممارسة الحقوق السياسية.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالنساء، يصبح الأمر أكثر حساسية وضرورة. كشعب ونساء كرديات، من المهم جدًا رؤية الواقع الحالي وتنظيم أنفسنا وفقًا له. ويمكن أن نرى بوضوح أن جميع الاعتداءات والألم وسياسات الإبادة الجماعية التي ينتهجها النظام الحاكم والرأسمالي تؤثر حقًا على المرأة والمجتمع. ويمكن إظهار المرأة الكردية وكردستان على أنهما يشكلان الأساًس في مواجهة هذه الأنظمة. ويجب على المرأة والمجتمع الدفاع عن أنفسهم ضد هذه الاعتداءات، وضمان سلامتهم وحريتهم.
لا يوجد شخص لم يكن هدفا لنظام الدولة القومية ولم يتم انتهاك هويته وأراضيه. وضد هذه الاستهدافات، تبدأ الحرب الشعبية الثورية في المجتمعات على أساس الدفاع عن النفس البشرية جمعاء، بطريقة عاجلة ومنظمة. علينا أن نأخذ نضالنا إلى أعلى مستوى.
الشعب المنظم الحرب المنظمة
إذا نظرنا إلى واقع المجتمع الكردي، فسنرى أنه أكثر واقع حرب الإبادة التي تقودها القوى الحاكمة. في مواجهة حرب الإبادة الشاملة، فإن فالمقاومة والصمود في الوجود والحرية أمر مهم. كلما زاد عدد الأشخاص المنظمين في كل اتجاه، كلما قلت الضحايا، وزاد النجاح. ومن المهم تنظيم وإعداد المجتمع بأكمله. القوة العسكرية وحدها لا تكفي لحماية المكتسبات. ومن الضروري أن يكمل الشعب الذي يمثل الجناح الثاني للمجتمع دوره في حماية مكتسبات القوة العسكرية. كما إن الحرب بدون الشعب ليست مستدامة وتواجه مخاطر. والادعاء في القرن الحادي والعشرين بأنه “سأعيش مثل الماضي” تعتبر هذه الفكرة غفلة كبيرة.
أحوال العالم تتغير والحرب العالمية الثالثة مستمرة بكل صعوباتها وأشكالها وبين كل أطرافها. هنا يقييم القائد أبو بقوله “لا نعيش كما كان من قبل ولا نقاتل كما كان من قبل” هو تقييم تاريخي. هذه حرب سياسية واقتصادية وأيدلوجية بادئ ذي بدء، ينبغي على المرأة الكردية والشعب الكردي، من أجل مواصلة الدفاع عن وجودهم، يجب أن ينظموا أنفسهم بكل الطرق. إذا لم تتمكن النساء من تنظيم أنفسهن في الكفاح من أجل الحرية، فلن يتمكن من حماية أنفسهن من قوى العدوان وإنقاذ البشرية.
المرأة والمجتمع الذي كل لحظة فيه ضد الحقيقة، يجب أن ينظم حياته كلها وفق القانون. فالتنظيم والنضال واجب أكثر من الانتخابات. لكن من بعض جوانب التقصير أن النساء والمجتمع لا ينظمن أنفسهن وفق حرب الشعب الثورية في وضع يائس كهذا، أن لم تنظم حياتك على أساس حرب الشعب وثورته، ستبقى في مواجهة المذبحة والإبادة والدمار.
المرأة والأسرة المنظمة
وينبغي تنظيم الحياة الأسرية للرجال والنساء على أساس هذه الشروط. أو أن تكون من قيادات حرب الشعب الثورية. أن نضال المرأة ضد السلطات الحاكمة له إرث تاريخي، كان يثير الخوف والذعر لدى هذه السلطات، وبالأخص بعد بناء حركة تحرر المرأة الكردستانية، الذي تم إعلانه كيوم مقدس للدفاع عن حقوق المرأة والإنسانية في كافة أنحاء العالم.
أعلنت المرأة هذا اليوم بعد أن نظمت نفسها حسب فلسفة القائد آبو واتخذت من فلسفته أيديولوجيا لحمل السلاح في ساحات النضال. في يومنا هذا أصبحت حركة تحرر المرأة الكردستانية موضع ثقة جميع الشعوب والقوة المناضلة لأجل الحرية. بعد إعلان هذه الحركة بدأت النساء بالتوجه إلى صفوفها وأصبحن عاشقات للحرية. وسطرت المرأة من خلال هذه الحركة ملاحم بطولية في كافة المراحل وتاريخ تأسيسها.
رائدات الحركة التحررية
لقد كانت النساء في هذه الحركة من رواد مراحل التوجهات التاريخية والعسكرية والسياسية. في شمال وشرق سوريا، ومع الصراع في سوريا الذي بدء عام 2011 وحتى الآن، وفي عامي 2015 و2018 في شمال كردستان، وفي اعلى جبال كردستان، كانت بطولة YJA-Star في حرب الكريلا، التي كانت استمرار بطولاتها منذ عام 1985، أظهرت قوتها في قيادة حرب الشعب الثورية. قادة مثل: سارة، بيريتان هيفي، زيلان، جيان أردم، فيان سوران، دلال آمد، أفين گوي، روكن تشوليك، روجين گودا، أرجين آمد، روكن هوسر، زيريان دينيز، شيفين تشوليك وآلاف النساء الرقياديات. حتى في السنوات الأخيرة من تاريخنا، عندما لا تزال أمثالهن موجودات مع تزايد الحرب في الساحات السياسية والعسكرية.
إن دور YJA-Star وHPG مهم جدًا وحاسم في حرب الشعب الثورية. كان العدو دائماً يحاول الفصل بين الشعب وقوات الدفاع الشعبي منذ سنوات. من خلال محاصرة المقاتلين في الجبال وأن يستمر بالظلم والاستبداد ضد الشعب في المدن والبلدات والقرى. لكن الشعب الكردي اعتنى بأبنائه تحت كل الظروف والصعوبات والسياسات وألتف الشعب حول أبنائه وبناته من خلال استراتيجية حرب الشعب الثورية.
ضد الإبادة الجماعية ونظام الحداثة الرأسمالي الذي يدمر معنى الحياة يومًا بعد يوم، أصبح نموذج القائد آبو في الأمة الديمقراطية كمصدراً للحياة والمرأة الحرة. لذلك يرى النظام الدكتاتوري أن النموذج البيئي والديمقراطي والحرية للقيادة خطراً عليه وعلى سلطته. لذلك في مسيرة الحرية يجب معرفة العنصر ألا وهو الدفاع عن النفس، ويجب الوقوف في وجه الهجمات والسياسات التي تستهدف حياة المرأة من كل جانب، وتنظيمها في ساحات القتال والصراعات.
ويجب على الشعب الكردي التركيز على مسألة الحاجة للدفاع عن النفس مراراً وتكراراً. وخاصة على أساس نظري؛ من YAJK إلى YJA-Star، في طور التحول إلى جيش، بمعنى الدفاع عن النفس وكفاح حركة التحرر يقدم لنا مثالًا مهمًا للغاية في ذلك.
وعلى أساس أيديولوجية تحرير المرأة وعلى محور الوعي ومعرفة الاختلاف في الجنس والعدل والمساواة بين الرجل والمرأة، فإن النضال هو خلق ذاتي بالمعنى الأيديولوجي والاجتماعي. خلقت أيديولوجية تحرير المرأة، التي تعبر عن إعادة بناء المجتمع من خلال حرية المرأة.
وخاصة المبادئ الأساسية لأيديولوجية تحرير المرأة والوطنية وتنظيم قوة الفكر والإرادة وقوة النضال إلى جانب الجماليات الأخلاقية التي ينبغي الاهتمام بها. ومن خلال تبادل تجاربهن مع نساء العالم، تستطيع النساء الكرديات تعزيز إنشاء تحالف نسائي فيدرالي مبني على الحوارات الديمقراطية التي تديرها المرأة بذاتها تجاه سياسة الكراهية المتبعة ضدها.
إن ما سيحدد طبيعة وتطور القرن الحادي والعشرين هو مقاومة وتنظيم ونجاح النضال من أجل حرية المرأة. وعلى الرغم من أن الدولة التركية عضو في حلف شمال الأطلسي، إلا أنها ضعيفة في مواجهة تكتيكات حرب الكريلا وأصبحت عاجزة.
إن حرب الشعب الثورية ليست مجرد استراتيجية حرب، بل هي نضال عام لصالح جميع شرائح ومكونات المجتمعات. ومن القرى إلى المدن والسهول، يجب على كل فرد في المجتمع أن يكون واعيًا للحقيقة، ويجب أن يرتقي إلى مستوى دوره في سياق هذه الحرب.
إن حرب الشعب الثورية هي عمل اجتماعي طويل الأمد، لذا من المهم أن يتم تنظيم جميع مرتكزات الأمة الديمقراطية في الانسجام والتوازن في هذا السياق.