المجالس والكومينات أساس هيكلية الإدارة الذاتية الديمقراطية – رمزية محمد

المجالس والكومينات أساس هيكلية الإدارة الذاتية الديمقراطية

“المرأة تحتاج وأينما كانت بأن تكون حامية قيمها

المجتمعية والكومينالية التي سُرقت منها.

المرأة هي المِظلة الأساسية للمجتمع والحياة،

بدونها لا نستطيع التحدث عن المعنى الحقيقي “للحياة، والحرية”.

 

رمزية محمد

 

 النظام الكونفدرالي يعتمد على مصطلحين أساسيين الأولى: الكومون والثانية: الكونفدراسيون. هذان المصطلحان هما الحجران الأساسيان والعمودان الرئيسيان لمفهوم الأمة الديمقراطية.

فالكومون نموذج لتنظيم مجتمعي يحتضن كافة شرائح ومكونات المجتمع وعن طريقها تدير نفسها بنفسها وتقوم بتأمين احتياجاتها دون الرجوع إلى أنظمة الدولة القومية الحاكمة المتسلطة، بل على العكس تعتمد على مبدأ الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية وتعيش حياة مجتمعية بإرادتها وهي شكل من أشكال الحياة البعيدة عن السلطة والحكم أو التحكم بالمجتمع وفرض القوانين والقرارات عليها.

ضمن نظام الكومين تستطيع العيش بإرادة حرة وكريمة، تستطيع الإدلاء برأيك في التمثيل وفي القرارات المتعلقة بالكومين وتوسيع نمط الحياة بالكومين أو الكومون وكذلك التفكير والمبادرة في خلق المشاريع لخدمة الكومين والشريحة المرتبطة بجغرافية الكومين. عندما تكون إرادة الفرد حراً في الكومين يستطيع خلق كل شيء لمصلحة الجماعة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، والتنظيمية، والفنية وأساس نجاح كل كومين هو الحماية الجوهرية وهي شكل من أشكال الحماية الذاتية وفيه يقوم كل فرد ضمن الكومين بواجب الحماية من البيت إلى الكومين وإلى الحي ثم القرية والبلدة والمدينة والكانتون، عندها سنصل إلى حماية كاملة للمنطقة بنشر فكر حرب الشعب الثورية الطوعية دون الاحتياج إلى قوة خارجية أو قوة وسلطة الدولة المركزية.

مثال: تجربة شعبنا في حماية نفسه بنفسه في ثورة روجآفا وشمال وشرق سوريا عن طريق لجان الحماية ضمن الكومين وتوسعها حتى وصلت إلى تشكيل قوتها الشعبية مثل الحماية الجوهرية وقوات حماية المرأة ypj وقوات حماية الشعب ypg، ومن ثم الوصول إلى قوة تمثل كافة مكونات المنطقة من كرد وعرب وسريان ضمن قوات سوريا الديمقراطية قسد.

من ناحية أخرى نستطيع القول إن كل الأفراد الذين يعيشون ضمن جغرافية الكومون لهم الحق في إبداء رأيهم في القرارات المتعلقة بحق الكومين وجغرافيتها لأجل البناء والتطوير، ولأن كل فرد يرى نفسه مسؤولاً أمام المصلحة العامة عندها نرى كيف أن الجميع يتحمل المسؤولية ويعمل بجد ونشاط ويكون خلاقاً في تأمين احتياجات السكان وجغرافية الكومين وإحياء الحياة الاجتماعية من ذاتها.

من هذا المنطلق نعلم أنه يجب على كل فردٍ حر في مجتمع حر يكون منظماً في الكومين وفي تنظيمه الخاص أو في حزبه أو في مؤسسته أو جمعيته على غرار ألا يبقى أي فرد من دون تنظيم، لكيلا يدخل في متاهة الحرب الخاصة وسياسة الدولة القومية في التحكم بالفرد والمجتمع والعمل على تفكيكه وصهره. حتى إنه يستطيع كل فرد أن يكون عضواً في أكثر من كومين تنظيمياً كان أو فنياً أو اقتصادياً، وهذه مسؤولية كلا الجنسين في الحماية الجوهرية لأنها أساس الحياة الحرة الكريمة، وعلى المرأة لعب الدور الفعال في هذه الناحية لأنها الفرد الأكثر تضرراً من أنظمة الدولة في التهميش ضمن العائلة والمجتمع المجردة من إرادتها وحريتها وهويتها …إلخ.

مكانة المرأة في نظام الأمة الديمقراطية

فالمرأة ضمن نظام الأمة الديمقراطية والمجتمع الكونفدرالي لعبت دوراً فعالاً منذ بداية الثورة في روجآقا شمال وشرق سوريا، كان لها دور منذ عصور التاريخ لكنها لم تدون في صفحات التاريخ فقط بقيت على ذكر الأمهات وتداولتهن الشفهية، وعبر ثقافات المنطقة عن طريق سرد الأغاني والقصائد والقصص لكن في نظام الأمة الديمقراطية كان لها الدور الأساسي في تشكيل الكومين بدءً من القرية وحتى أوسع نطاق في ثورة روجآقا في 2011.

المرأة التي قامت بتنظيم نفسها ضمن تنظيمها الخاص في حركتها أو حزبها إلى جانب تنظيمها العام وخاصة في الإدارة الذاتية الديمقراطية في مراكز القرار، والتمثيل كالرئاسة المشتركة لكافة المؤسسات والمجالس خاصة بعد تشكيل العقد الاجتماعي وتصديقه من قبل مجلس الشعوب الديمقراطي بالتمثيل المتساوي لكلا الجنسين النموذج الأول على مستوى العالم في تمثيل الديمقراطية.

نستطيع ذكر هذه الناحية أيضاً عند خروج النظام البعثي من مناطق روجآفا، حاولت كثير من الأيادي توجيه الشعب خاصة المرأة إلى مسار بعيد عن الثورة الديمقراطية المجتمعية، منها التنسيقيات المصطنعة من الجهات المعادية. ولكن تبني شعبنا والمرأة بالأخص بتمثيل إرادتها بنفسها في حماية مجتمعها ولعب دورها كريادية وقيادية لثورتها مستلهمة قوتها من فلسفة “المرأة، الحياة، الحرية” تطبيق هذه الإرادة في الكومين من القرية إلى الحي والمدينة إلى جانب الهجمات من كل الاتجاهات ونشر الكثير من سياسات القمع والتفكيك.

ثورة المرأة

 المرأة في هذه الثورة استطاعت تنظيم نفسها ومجتمعها عن طريق تشكيل الكومينات ولجان الكومينات التي ستقود سكانها عن طريقها من هذه اللجان لجنة الصحة التي تعتمد على حماية آهالي الكومين من الأمراض والآفات بالاعتماد على الوقاية والعلاج بالاعتماد على العلاج الطبيعي والاستشارة الطبية. كذلك لجان الاقتصاد لأجل إدارة آهالي الكومين نفسها بنفسها اقتصادياً بالاعتماد على تشكيل المشاريع من مكونات الكومين عن طريق الاقتصاد الكومينالي بمساهمة كل فرد ويكون مردود المشاريع لخدمة احتياجات سكان الكومين وخاصة النساء.

منذ أن نهبت المرأة من مكتسباتها قبل 5000 آلاف سنة ولم تستطع المرأة من دعم نفسها اقتصادياً ومن كافة النواحي ولكن عن طريق لجنة الاقتصاد يكون للمرأة إمكاناتها الاقتصادية الذاتية وبمساهمة كافة النساء في أي كومين يكون لها القدرة على التخطيط ووضع دراسة المشاريع بإمكانات وظروف وجغرافية الكومين وإعادة قدرة المرأة بإنشاء مشاريع تعتمد على الطبيعة والزراعة والحياة الطبيعية لتطوير الاقتصاد الكومينالي المجتمعي.

والأهم في كل كومين يكون للمرأة دوراً فعالا في الانضمام إلى كافة اللجان ولعب دورها في الرئاسة المشتركة للكومين والمجلس ومن ضمن اللجان أهمها الحماية الذاتية وكذلك لجان الشبيبة ولجان المرأة في الكومينات العامة ومنها لجان التدريب. كل كومين حسب جغرافيتها واحتياجاتها تقوم بتشكيل اللجان الخاصة بها.

الكومين الخلية الأساسية

وبالنسبة إلى دور المرأة في الكومينات ذكرتُ في البداية إن دور المرأة في تنظيم المجتمع مع بداية الثورة كانت خطوة مهمة وبناءة لأن المجتمع الذي لا تكون فيه المرأة منظمة لا يستطيع تنظيم نفسه ويكون ركيزة أساسية لأجل بناء حياة حرة وعادلة ويسودها المساواة والمحبة والتعاون.

ونستطيع ذكر أمثلة في مرحلة بداية الثورة وعند تحرير المدن من مآثر النظام كيف قام الشعب بتنظيم نفسه بنفسه بشكل ديمقراطي ويستطيع فيه المجتمع والمرأة حماية نفسهم ذاتياً، وذلك بالنضال والكفاح المستمر لمدة تزيد عن اثني عشر سنة دون توقف ودون الاستناد على أية قوة خارجية بل بالاستناد على نضال ومقاومة أبناء وبنات المنطقة.

بهذه الوسيلة تشكلت الكومينات والمجالس من أصغر خلية إلى أعلى خلية الكومين إلى مجلس الشعوب. وإذا تطرقنا إلى كيفية تشكيل الكومينات في بداية الثورة وقيام الهيئات المكلفة بجولاتها من القرى إلى المدن لنشر هذا المفهوم والتعريف بالكومين ودوره في تنظيم المجتمع، فقد تم مشاركة كافة المكونات من كل اللغات من الصغير إلى الكبير من الشبيبة إلى المرأة وبالروح التعاونية والكومينالية والاعتماد على القوة الجوهرية الذاتية.

 كانت لحظات في قمة النضال والحرية أن يدير وينظم المجتمع نفسه بنفسه، لخدمة جغرافية الكومين ولتأمين احتياجات حل مشاكله، والوقوف يداً بيد لمساندة بعضهم البعض ويكون لكل فرد فيها دور فعال، خاصة في حماية جغرافية الكومين وكافة المنطقة بشكل عام.

لقد رأينا كيف لعبت المرأة دورها وعلى كافة النساء لعب هذا الدور، عن طريق تنظيم نفسها ضمن تنظيمها الخاص بها، وهذا ما قاله القائد آبو: “يجب ألا يبقى أي فرد بدون تنظيم”، وسر نجاح مشروع الأمة الديمقراطية هو هذا المبدأ. كما أن المشاركة الفعالة في كافة المجالات من ناحية التدريب والانضمام إلى الفعاليات التنظيمية المعنية بالكومين وخاصة نشر التوعية والمعرفة عن تاريخ المرأة وقانون ومبادئ المرأة، لهي خطوة ثورية تارخية.

وفي مفهوم الإدارة الذاتية الديمقراطية التي تشكلت بكدح ونضال وريادة المرأة لثورة المرأة، جعل من ثورة المرأة ثورة مجتمعية ورفيعة المستوى، تهتدي بها كافة النساء والمجتمعات. وقد رأينا ذلك في روجهلات كردستان وإيران وكذلك في أفغانستان وأيضاً هندستان التي رفع فيها شعار فلسفة: “المرأة، الحياة، الحرية”.

يجب على المرأة المشاركة الفعالة في نظام الرئاسة المشتركة، وأن يكون لها الدور الريادي في نجاح هذا الموديل تكون صاحبة قرار وإرادة حرة وتستطيع إدارة الكومين وتطوير مستوى الكومين، من ناحية الحماية والناحية الاقتصادية والتنظيمية وتشجيع النساء على المشاركة الفعالة للوصول إلى مجتمع ديمقراطي حر. وأن تكون واثقة من نفسها كامرأة وتستطيع تمثيل هويتها كامرأة بين المجتمع وخاصة من ناحية الحماية الجوهرية أي الحماية الذاتية، من كافة الانتهاكات وأساليب العنف خاصة بتنظيم نفسها ضمن لجان الحماية الجوهرية.

وتنظيم الشعب في نشر حرب الشعب الثورية هذا يقع على عاتق المرأة بشكل خاص لأنها الأكثر تضرراً في مجتمع يسوده العادات والتقاليد، ويعيش أزمة حرب يعتمد العدو فيه على الحرب الخاصة. باستناد المرأة في تنظيم لجانها ضمن الكومينات لحماية جنسها ومجتمعها من جميع أشكال وأساليب الحرب الخاصة.

 الفيدراليات النسوية

اتحاد وتكاتف النساء ونشر الوعي والمعرفة وتطوير الذات على أسس الحماية الذاتية هي الهدف الأساسي للحماية، لذا على كل النساء أن تكن عضوات في لجان الحماية الجوهرية. وقد رأينا هذا الدور في المقاومة والنضال من قبل شعبنا في تحرير مناطقنا من براثن أكبر مجموعات إرهابية في ثورة المرأة وأهمها داعش الإرهابي الذي استهدف النساء بشكل خاص لكسر إرادتهن.

 لكن رأينا كيف قامت المناضلات والمقاومات أمثال: “آرين ميركان” في مقاومة كوباني “أفستا” في مقاومة العصرعفرين و”آفاشين” في مقاومة الجزيرة، و”زيلان عرب” في مقاومة سركانية والكثيرات اللواتي سطَرن بطولات المقاومة في الحماية. وكذلك مقاومة المدن مثال: “گولي سلمو” التي كانت أولى لجان الحماية في المدن والأحياء لحماية شعبها من بطش النظام، التي استشهدت على يد رجال النظام البعثي من عشيرة البگارة في مقاومة “الشيخ مقصود” أحد أحياء حلب في بداية الثورة.

نستطيع ذكر كثير من الأمثلة لمقاومة النساء خاصة الأمهات اللواتي قاومن حتى النهاية مع أولادهن لحماية قريتهن في هجومات داعش الإرهابي على كوباني سنة 2015، وفي هذه المقاومة منعن داعش من دخول القرية بإرادتهن الذاتية والإصرار على الحياة الحرة.

كذلك وقوف الأمهات والنساء إلى جانب أولادهن وبناتهن لتشكيل جدار الحماية أمام هجوم واحتلال العدو لمناطق روجآفا مثال: “فاطمة حجي” في مقاومة عفرين ويادي “عقيدة” في مقاومة سركانية اللاتي وصلن إلى مرتبة الشهادة لنشر نهج الحماية بأننا لن نقبل أية هجوم وتدخل غريب على مناطقنا.

وسنكون دائماً السند والدعم لقواتنا وأبنائنا في حماية مناطقنا، نستطيع تعداد العشرات من الكومينات التي كانت للمرأة الدور الفعال في حماية مجالسها وكوميناتها في القرى والبلدات والأحياء والمدن منها الخاصة بالمرأة في أغلب المدن والقرى نستطيع ذكرها في عامودة،  وقامشلو،  وديريك،  وتربسبية،  وكوباني،  وحلب، وعفرين،  وشهباء، في هذه الكومينات تقوم النساء بتنظيم نفسها على شكل لجان لحماية نفسها من ناحية الحماية، الصحة والوقاية بالأعشاب الطبيعية والتوعية الصحية، وكذلك تطوير اقتصادها الكومينالي المجتمعي ونشر التوعية والمعرفة عن طريق لجان التدريب، و أهمها لجنة الصلح والعدالة التي تقوم بها المرأة بحل مشاكلها العائلية  بالصلح والحكمة.

فالمرأة تحتاج وأينما كانت بأن تكون حامية لقيمها المجتمعية والكومينالية التي سُرقت منها. المرأة هي المظلة الأساسية للمجتمع والحياة، بدونها لا نستطيع التحدث عن المعنى الحقيقي “للحياة، والحرية”.