لكلّ حقبةٍ أبطالُها والنساءُ بطلاتُ القرن الحادي والعشرين – الإعلامية أمل محمد
لكلّ حقبةٍ أبطالُها والنساءُ بطلاتُ القرن الحادي والعشرين
“المرأةُ في القرن الواحدِ والعشرين أثبتت وجودها وكينونتها،
حيث بَنَت مجتمعاً نموذجيّاً يتمتّع بالقوّة وأساليب الحماية،
كما واكبتْ كافةَ المراحلِ وتداركتْ العقبات بقوّتها النّابعة من طبيعتها الأم
وإرادتها القادرة على الاحتواء دون تمييز بين أيّ فئةٍ في المجتمع“
الإعلامية أمل محمد
لكلّ ثورةٍ أبطالها، ويتصدّر العظماء الذين يسطّرون تاريخ تلك الثورة أولى صفحاته. في مرحلة النظام الأمومي كانت المرأة إلهة الحقبة، حيث بنت مجتمعاً نموذجيّاً يتمتع بالقوة وأساليب الحماية، وخطوة بخطوة أصبحت النساء بطلات تلك المرحلة، إذ كنّ يواكبن كافة المراحل ويتداركنَ العقبات ويواجهن أصعبها بقوتهنّ النابعة من طبيعتهن، و بقوة الأم الجامعة للشمل وإرادتهن القادرة على الاحتواء دون تمييز بين أي فئة في المجتمع وبهذه الروح كانت المرأة تقود تلك المرحلة، ولكن في تلك الحقبة وما تلاها من مراحل تاريخية تمّ تهميش دور المرأة ومحوه من صفحات التاريخ المدوّن، وأُطلِق على مرحلة النظام الأمومي أي حقبة الإلهة الأم ما لا يمثّل حقيقتها، فضلاً عن نعتها “بالساحرة والمشعوذة” وتسميات مشاهبة.
يصفُ المفكر عبد الله أوجلان تلك المرحلة بالقول “بمرحلة النظام الأمومي كانت المرأة في أوج قوتها، ولكن مع إدخال المرأة للزقورات (للمعابد) في العصر السومري سعت الذهنية الذكورية لكسرها والنيل من قوتها”، ورغم ذلك قادت المرأة نضالاً طويلاً ولم تتراجع خطوةً عن نضالها، والأحداث التي نشهد عليها اليوم هي استمرارٌ لذلك النضال، بينما الذهنية الذكورية تحاربها المرأة بكافة الأشكال كي تعطيها شكلاً يتوافق مع تلك الذهنية الذكورية، أي أن تكون المرأة تمثّل الأنوثة بشكلها بينما بجوهرٍ ومحتوى ذكوري، ولكن بقوة المرأة الآلهة انتفضت بوجه النظام الأبوي.
حركة التحرر الكردستانية والآفاق التي فتحتها للمرأة
مع تأسيس حركة التحرر الكردستانية بقيادة القائد عبد الله أوجلان شُبِّهَ ظهور الحركة التحررية بالعشبة التي تنمو تحت صخرةٍ كبيرة، أي أنّه رغم ضغط الذهنية الذكورية إلا أنّ هذه الحركة نهضت بريادة المرأة، ومن أبرز شخصيات هذه الحركة المناضلة ساكينة جانسيز، فثورات النساء عبر التاريخ جميعها لم تحقق أهدافها، حيث تبيّن أنّه مهما كانت المرأة صاحبة قوة سينتهي بها المطاف إلى المنزل، ومهما شاركت بالثورات ولعبت دوراً محورياً في إنجاحها سيكون المصير ذاته، ولكن ما ميّز نضال المرأة في الحركة التحررية الكردستانية هو أنّها غيّرت من مسار الثورات التي لم تنل المرأة منها حقوقها.
المناضلة ساكينة جانسيز كانت متزوجة وعلى الرغم من ذلك لم تبقَ أسيرة العادات والتقاليد، فعندما عرفت وأبصرت فلسفة الحياة الحرة سارت نحوها وتبيّن بأنّ مشاعر الحرية لا يمكن تقييدها، في وقت كانت تسعى فيه الذكورية لخنق المرأة وكبت حريتها، فرغم تعرّضها للاعتقال في السجون التركية لكنّ مواقفها في السجن بيّنت روح الحرية التي تطغى عليها، وكذلك جمالية الروح الرفاقية التي كانت تسود علاقتها مع رفاقها، وهذه الثورة التي تسير حالياً هي على نهجها وخطاها.
كذلك المناضلة بسي أنوش، التي استطاعت أن تكون نموذجاً لشخصيّة المرأة المناضلة بارتباطها بالفكر التحرري والنضال النسوي، وذلك خلال فترة وجيزة من تعرفها وانضمامها للحركة التحررية، بينما الشهيدة مزكين والتي كانت أولى قياديات النساء في هذه الحركة ضحّت بروحها وهي تبرز قوة المرأة وتنظيمها بالتدريب، والعشرات أمثالها كالشهيدة برجم وزين ومزكين وسورخين ودلال اللواتي بنضالهن أكملن صرخة الحرية الغاضبة بوجه الذهنية الأبوية.
بالتالي؛ فالقوّة الرياديّة للمرأة التي أوصلت الثامن من آذار إلى معناه الحقيقي، هي حركة المرأة الحرّة التي تشكّلت ضمن حركة التحرّر الكردستانية، وتحليل المفكر عبد الله أوجلان الذي يقول “إنّ حريّة المرأة هي الركيزة الأساسية لنضالنا التحرري”، يوضّح أنّ الحريّة يمكن نيلها من خلال رفع وتيرة النضال والمقاومة ضدّ الحياة الخاضعة للهيمنة والعقليّة الذكوريّة.
واقع بلدان الشرق الأوسط والشكليات التي يتباهون بها
المفكر عبد الله أوجلان يصف القرن الحادي والعشرين على أنّه قرن حرية المرأة؛ يا ترى لماذا يصف المفكر أوجلان القرن بهذا الشكل؟ ومن هنّ رياديات وقياديات هذا القرن؟ وكيف سترمم المرأة بعد تعرضها للانكسار في العصر السومري؟
الذهنية الذكورية كما ذكرتها آنفاً تسعى لإفراغ المرأة من مضمونها وإبقائها قوقعة فارغة، هذه الذهنية تدّعي بأنّها مع فكرة أن تأخذ المرأة دورها ومكانها في كافة المجالات، ولكن في الحقيقة حتى عندما توجد المرأة في تلك المجالات تكون مسلوبة الإرادة ولا تمثّل فكرها وإرادتها بل تصبح مرآة تعكس ذهنية الرجل، ولنذكر اليمن مثالاً على ذلك؛ فالكثير من النساء منخرطات في عمليات السلام لإيقاف الحرب ولكن جميعهن نتاج فكر ذكوري لأنّهن يفكرن بمنطق ومنظور الذكورية، رغم أنّ السلام ونشره من سمات المرأة ولكن الذهنية الذكورية أثّرت على جوهر النساء اللواتي يفكّرن ويتحركن بالذهنية الذكورية، فحتى كتائب الحماية التي شكّلتها اليمنيات باسم كتائب الزينبيات فرضت عليهن الغطاء الأسود، فكيف لقوةٍ وجيشٍ يعرب عن موقفه وتمرّده تحت قيود السّواد؟
والنموذج الآخر نساء السودان؛ فغضبهن وتعطشهن للحرية بارز في ردّة فعلهن، لأنّ التجاوز بات يمسّ جسد المرأة بتعنيفها والاعتداء عليها، ولتحافظ النساء على حالتهن النفسية من العنف تبقى قوتهن خلف تلك الحالة النفسية، ورغم إرادة المرأة التي تبرز في مشاركتها بالعمليات السياسية لإيقاف الحرب لكنّها تفتقد لقوة الحل كما ذكرنا بسبب تعرّضها للتهديدات والتجاوزات. استطاعت النساء السودانيات تشكيل قوة عسكرية لحماية أنفسهن، وخلال بيانٍ ألقينهُ أكدنَ أنّ تنظيمهن هو من أجل حماية النساء وليس من أجل الهجوم على أحد رغم إصرار الكثير من الجهات على إدخالهن للحرب وهذا كان موقفاً قوياً من السودانيات. لكن رغم ذلك فإنّ الذهنية الذكورية تحجب دورهن فلا هي تحميهم ولاهي تعطيهم الفرصة لحماية أنفسهم، فقد فُرِض عليهن الغطاء واللباس الأسود من قبل تلك الذهنية.
أمّا عن ليبيا التي سمحت للنساء أن يصبحن قاضيات، ففي الحقيقة تنصيب المرأة كقاضية هو فقط تنصيب شكلي وليس جوهري فهي لا تحكم بإرادتها كامرأة ولا بقوانين تنصف المرأة، وفي تونس قضية عبير موسي مثالٌ حيٌّ أمام أعيننا، سُجِنت لأنّها رشّحت نفسها لرئاسة الدولة بدلاً من قيس سعيّد، ورغم إضرابها عن الطعام احتجاجاً على انتهاك حقوقها واعتقالها دون وجه حق، إلا أنّها لا تزال مسجونة دون أن يعار لقضيتها الاهتمام. أمّا في المغرب فعندما تودّ المرأة عقد اجتماعٍ يجب عليها الاستئذان من الدولة وأخذ موافقتها، وذلك بعد الاطلاع على بنود الاجتماع ومخرجاته و الانتهاء منه، كما أنّ التشريعات القانونية لا تكفِ لتمكين المرأة، إذ لا بدّ من وجود سياسات اجتماعية واقتصادية وثقافية تضع الإصبع على مكامن الخلل في المجتمع للحدّ من الأفكار الذكورية التي تجعل من المرأة مواطنة من الدرجة الثانية وتقصيها من التمثيل الحقيقي والمشاركة الفعليّة، بسبب عدم ثقة المجتمع والأحزاب وصنّاع القرار بكفاءتها ومؤهلاتها لتولي مناصب القيادة.
في الجزائر لا توجد مساحة لحرية التعبير، ومصر من البلدان التي تدّعي الحرية إلا أنّ واقع الحال ليس كذلك، فهناك قتل واغتصاب وتحرّش وانتحار بشكل شبه يومي ذلك لأنّ القوانين الموجودة منبثقة من الفكر الذكوري. حتى في غزّة أكثر من تضرر من هذه الحرب ودفع ثمنها هما المرأة والطفل رغم أنّ المرأة تتطلع دائماً للسلام، بينما الرجال الذين كانوا سبباً في اندلاع هذه الحرب وكانوا ضمن صفوف حركة حماس كانوا يحتمون بالخنادق والأنفاق، تاركين النساء والأطفال في العراء تحت القصف وبين ركام الحرب ومخيمات النزوح، ناهيك عن اللواتي فقدن حياتهن في تلك المعارك، ومع الدّمار الذي خلّفته الحرب في غزّة لا توجد حتى الآن جمعية نسائية تمدّ يد العون لهن، كما هو الحال في لبنان أيضاً حيث عانت المرأة من ويلات الحروب والنزاعات في المنطقة وكادت أن تكون الفئة الأكثر تضحية على مرّ السنوات، ولكن بعد كل محنة، كانت تُكتَب قصة نجاح أو نهوض بطلتها امرأة.
في الكثير من البلدان يناقش قانون الأحوال الشخصية، والعراق مثال حي على ذلك ، فقانون تزويج الفتاة في سن صغير يعتبر جريمة بحق الطفولة وأمام ذلك يجب أن تكون هناك ردود فعل قوية، لأنّ الذهنية الذكورية اتحدت لتزويج الفتاة في السنة التاسعة من عمرها، ورغم التضامن النسائي إلا أنّ هناك تعنتاً من قبل السلطة الذكورية.
سوريا ما بين الفكر الجهادي وثورة المرأة
أمّا سوريا وخصوصاً في المرحلة الأخيرة بعد سقوط نظام الأسد واستلام أحمد الشرع (الجولاني) للحكم، كيف ستكون الأوضاع ونحن نعلم جيداً توجُّه هذا الرجل ضدّ الفكر التحرري للمرأة، فعندما يكون الفكر الجهادي في الصدارة حينها لن يكون هناك وجود لكيان المرأة، وبحكمهم لسوريا يفرضون صعوبات وتعقيدات في رسم مستقبل البلاد.
بدأت هذه التعقيدات تظهر منذ الأيام الأولى من استلام هيئة تحرير الشام للسلطة، فبدأت الدعوة للحجاب في الشوارع، وفرض الصيام من خلال إصدار قانون يعاقب المفطرين، كما تمّ تقسيم أماكن جلوس الرجال والنساء في الباصات، وطال التهميش مكونات سوريا سواء في مؤتمر الحوار الوطني الذي لم يضم أي لون مختلف عن هيئة تحرير الشام، ثمّ لجنة صياغة الدستور، ليأتي الإعلان الدستوري محطّماً لآمال السوريين في وضع نظام مدني يحترم الحقوق والحريات والمرأة، وتعيين امرأة واحدة في الحكومة المؤقتة في مشهد يعيد للأذهان ما فعله النظام السابق مع وضع عدد من النساء في مناصب لتجميل صورته، ولكن هؤلاء النساء لم يكونوا إلا أدواتٍ لتجميل اللوحة التي يحاولون رسمها لإرضاء المجتمع الدولي، وليست عن قناعة منهم بأهمية دور المرأة في سوريا المستقبل.
بهذه الذهنية الإلغائية لا يمكن لسوريا أن تنهض من جديد فالوجوه بعد 14 عام من الحرب تغيّرت لكن الأفعال لم تتغير والحل هو بتغيير الذهنية، النظام السابق كان يستخدم أسلوب التخوين ضدّ كل من ينتقده واليوم تعمل السلطة في دمشق بنفس الذهنية وترتكب الانتهاكات بحق السوريين مما يجعل البلاد أمام خطر كبير.
حقيقة فكر وفلسفة المفكر عبد الله أوجلان يمكن اتخاذها كأساس لنضال المرأة، فشرق كردستان وشمالها بشعار المرأة-الحياة-الحرية توسعت ثورتها، وهذا يبين أّنّ نضال المرأة الكردية يكبر بفلسفة المفكر عبد الله أوجلان ويتجدد، ومسيرة مقاتلات الكريلا YJA- STATفي جبال كردستان وحزب حرية المرأة الكردستانية PAJK هو إصرار للسير في درب الحرية، وقرارٌ لا عودة منه. يمثّل شعار المرأة- الحياة- الحرية الإرث المشترك لجميع النساء المقاومات انطلاقاً من روزا إلى سارا، كما أنّه يمثّل صيغة أسلوب كتابة تاريخ المرأة الحرّة المناضلة ضدّ نظام الهيمنة الذكورية.
ثورة روج آفا أيضاً هي نتاج تضحية العشرات من رفيقاتنا الشهيدات والآلاف من المقاتلات اللواتي رسمن هذه الثورة بتمردهن وكفاحهن وباتت ترسيخاً لفلسفة القائد عبد الله أوجلان، ونساء إقليم شمال وشرق سوريا اتخذن الإلهام من المناضلات كـ بسي، وزريفة، واتخذن الشهيدة بريتان التي لم تعرف الاستلام قدوة لهن في محاربة داعش، وروح الفدائية زيلان تحلّت بها آرين وأفيستا ونفذتا علميات فدائية بوجه تنظيم داعش والاحتلال، والكثيرات غيرهن اللواتي عرفن ثورة روج آفا كالشهيدة ريحان ويسرى اللواتي ناضلن لترسيخ مفهوم الرئاسة المشتركة، والسياسية هفرين خلف التي عرفت بدعوتها للسلام والتآخي.
تحوّلت هذه الثّورة العظيمة بقيادة المرأة المنظّمة إلى تجربة فريدة من نوعها وهامّة في التغيير والتحوّل الديمقراطي، حيث انتفضت المرأة في شمال وشرق سوريا في وجه الظلم والاستبداد وبادرت إلى تنظيم نفسها بنفسها، وذلك من خلال تأسيس المنظّمات النسائيّة والانخراط في العمل السياسي والعسكري والمجتمعي والاقتصادي والفني والثقافي، إضافةً لإحداث تغييرات جذريّة في الحال القانوني للمرأة من خلال سنِّ قوانين المرأة، مما أدى إلى تقدّم الوعي في المجتمع.
محاربة داعش وقطعُ اليد التي تُشرعن الاعتداء على النساء
مرحلة محاربة داعش التي كانت مفصليّة في تاريخ روج آفا والتي قادتها مقاتلات وحدات حماية المرأة، كان مقاتلو داعش يخشون فيها أن يُقتلوا على يد امرأة، ذلك نتيجة فكرهم ومفهومهم بأنّ من يُقتل على يد امرأة لا يدخل الجنة، لذا كانوا يصرخون ويأمرون بقتل المقاتلات أولاً، لكنّ نار الحرية التي كانت مشتعلة في قلوبهن من مبدأ حماية النساء من طغيان داعش لم تكن تسمح للخوف بمعرفة الطريق إليهن. بعد ما تمّ بيع الأيزيديات في سوق النخاسة اتخذن قراراً بإنهاء داعش والحدّ من التجاوزات والانتهاكات على جسد المرأة، فهذه الثورة في روج آفا لم تكن بالأمر السهل، فنحن نرى اليوم كيف أنّ المرأة باتت هدفاً لهجمات الاحتلال التركي والشهيدة هفرين خلف والقياديتان في وحدات حماية المرأة جيان تولهلدان وسوسن بيرهات اللواتي خضن حرباً في وجه داعش أمثلة حيّة على ذلك. النساء اللواتي هددن داعش بأنّ اليد التي تُمدّ على المرأة ستُقطع أصبحن جميعهن هدفاً للاحتلال، بينما الصحفيات اللواتي أصبحن صوتاً للنساء ونقلن حقيقة هذه الثورة للعالم استُهدِفن بطائرات الاحتلال والصحفية جيان بلكين خير دليل، وكان الاستهداف الأخير للسياسية منيجة حيدر التي استشهدت بغارة تركية أثناء مقاومتها على سد تشرين أيضاً تأكيداً على أنّ الذهنية الذكورية السلطوية تتعمد استهداف النساء.
وهذا يُبيّن مدى ارتباط النساء بالأرض والوطن فهنّ مستعدّات للشهادة في كل زمان وكل مكان على أرضهن ولا التخلي عن شبرٍ من ترابه، ومقاومة سد تشرين مثالٌ حي على ذلك، فحتى الطاعنات في السن كنّ يتوجهن بعكازاتهن إلى السّد لحماية الماء والكهرباء، كما هو حال الفلسطينيات في غزة خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس ورفض محاولات التهجير إلى مصر والأردن.
ثورة روج آفا وتجربة المرأة الفريدة
وكما ذكرتُ آنفاً أنّه في جميع بلدان الشرق الأوسط هناك إقصاء لإرادة المرأة بينما في إقليم شمال وشرق سوريا تتمتع المرأة بكوتا بنسبة 50 بالمئة، فحتى الوفود الأوربية التي تزور الإقليم تشيد بتجربة النساء الناجحة، ونظام الرئاسة المشتركة الذي يسود في هيكلية الإدارة الذاتية، وكذلك الوحدات العسكرية للنساء والتي تُعتبر الأولى في الشرق الأوسط من حيث تمتّعها بإرادة وخصوصية كاملة متجاوزة بذلك الذهنية الذكورية. انتصارات عظيمة تضاف لخانة إنجازات النساء، المرأة في هذا القرن قد أثبتت وجودها و كينونتها أولاً في كل العالم وثانياً التجييش والتحزب هما الأساس للمرأة الكردية، وكذلك تأسيس جمعيات ومؤسسات نسوية في كل الدول لدعم قضية حرية المرأة، والمبدأ الثالث الهام هو الرئاسة المشتركة التي تتمتع بها المرأة الكردية في كردستان بالأخص شمال كردستان وإقليم شمال وشرق سوريا وهو النموذج الأساسي لهذا القرن والحياة التشاركية، ونحن مدينات للمفكر عبد الله أوجلان الذي منحنا هذه الآفاق لنصل إلى ما نحن عليه.
ندرك جيداً بأنّ تركيا تخشى من إرادة المرأة التي تسطّر تاريخ هذا القرن دون أن تنتظر من أحد كتابة تاريخها، وعلى ذلك تستهدفها دون تردد لأنّ الدولة التركية تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى بسط الهيمنة الذكورية على المنطقة والنساء خصوصاً، ويقول المفكر عبد الله أوجلان “أنّ تاريخ عبودية المرأة لم يكتب بينما تاريخ حرية المرأة ينتظر التدوين”، وبدورنا نكتب اليوم تاريخ هذا القرن، فجميع النساء في جميع أنحاء العالم يتحدن رغم كل الظروف والحدود الجغرافية، فعندما تتعرض امرأة من غزة لأي انتهاك تتضامن معها النساء من مختلف البلدان، والأمر كذلك بالنسبة لمصر فعندما يتم الاعتداء عليها تساندها النساء من بلدان أخرى، فحتى لو بقي التضامن في إطار الكلام أيضاً هذا يعني أنّ هناك حركة تضامنية، وهذا أفضل من لا شيء، ولذلك يمكننا التأكيد على أنّ هذا القرن هو قرن حرية المرأة، وباتت هناك جهود حثيثة لتوحيد صفوف النساء عبر تشكيل جبهة نسائية من قبل الحركات والتنظيمات والمؤسسات الحقوقية الخاصة بالمرأة.
ونحن على يقين أنّ هذا القرن سيكون قرن حرية المرأة والحياة التشاركية والديمقراطية، ليس للمرأة الكردية فقط بل لجميع النساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعالم أجمع.