الحرب الدفاعية وأحجار الزاوية – شيرين رشيد
الحرب الدفاعية وأحجار الزاوية
“إنّ دور المرأة مهمٌ جداً سواءً كانت صغيرة تحملُ حجراً،
أم عجوزة ترفعُ يديها للدعاء.
فكلُّ واحدةٍ في مجالها تستطيعُ أن تغيّر مسار الطريق
رأساً على عقب، سواءً كانت عسكرية أم عاملة
أم ربة منزل، فكلُّ واحدةٍ قادرة على حمل السلاح
الذي يناسبها وتتسلح به مدافعةً عن قيم ومبادئ مجتمعها وذاتها”
شيرين رشيد
الإنسان القديم الذي اعتمد العيش ضمن مجتمعه لحماية ذاته من الكوارث الطبيعية والبشرية، أبعدته الأنظمة الحاكمة الدكتاتورية كلَّ البعد عن حماية مجتمعه وحتى من حماية نفسه، فالحروب التي تعاش اليوم هي حروبٌ ضروسه ودموية، يُستعملُ فيها أفتك وأشّد أنواع الأسلحة دماراً، هذه الأنظمة التي باتت تخزّن أموالاً طائلة في بنوكها الدولية عبّر افتعال الحروب الدموية المستمرة، لتبيع أكبر قدرٍ ممكن من الأسلحة. في وقتٍ كانت فيه البشرية تحارب لأجل تأمين مأكلها وغذائها دون التعدّي على حدود الطبيعة والمجتمعات الأخرى، دفعه الجشع والطمع للمحاربة من أجل إقامة مستوطناتٍ ومُستعمراتٍ دون أن تراعي حدوداً أخلاقية أو إنسانية، هذه الحروب التي باتت ظاهرة يومية لا مفر من مشاهدتها بشكلٍ يومي على قنوات الإعلام الدولية والعالمية، نشاهدُ في كلِّ لحظة طفلاً أو امرأةً ضحية هذه الحروب القذرة، حروبٌ ضدّ المجتمعات وليست ضد الدول. ففي القرون الوسطى كانت الحروب بين الدول والإمبراطوريات خارج إطار حدودها إلى أن تجاوزت هذه الحروب كلَّ المفاهيم لتدور رحاها داخل القرى والمدن.
راح الملايين من البشر ضحايا هذه الحروب فإلى الآن لم تقدّر عدد الضحايا الذين لم يموتوا قتلاً بالرصاص، بالإضافة إلى مليارات الدولارات الناتجة عن دمار البنية التحتية والفوقية. كلُّ هذه الخسائر المادية والبشرية دفع بالرجل الماكر إلى استبدال آلية الحرب المُكلِفة بآليةٍ أخرى أقلُّ تكلفةً من الحربين المحدودة والشاملة بينما الأكثر ضرراً على المجتمعات والشعوب الأصيلة، إنّها الحرب الخاصة وهي من الحروب الأكثر تأثيراً لأنّها لا تعرف الحدود الطبيعية والمصطنعة ولا نطاق لها في تنفيذ أجنداتها، فكلُّ ما تحتاج إليه هي آلة الإعلام بوسائله المتنوعة التي اجتاحت حياة المجتمعات بأدق تفاصيلها وبات كبتُ جماحه أمراً مستحيلاً إلا إذا تسلح الفرد والمجتمع بسلاحٍ أيديولوجيّ قويٍّ وراسخ. إنّ هذه الحرب من أخطر الحروب وأبشعها لأنّها تتسللُ كاللص إلى حياة المجتمعات وتغرز سمومها في عروق تلك المجتمعات الفقيرة أيديولوجياً وجعلها حقل تجارب دون أيّ رحمةٍ أو رادعٍ إلهي أو وجدانيّ أخلاقي.
حرب طويلة الأمد
كلُّ هذه الحروب دفعت بالشعوب والمناضلين في القرنين الأخيرين إلى حروبٍ طويلة الأمد أو ما تُعرفُ بالحرب الشعبية الطويلة، حربٌ تعتمد على إرادة ومدى إيمان الشعب بقوته وحبّه لأرضه، وهي استراتيجية عسكرية وضع أساسها ودعائمها الأساسية الزعيم الصيني ماو تسي تونغ. وقد تم استخدام مبادئها للمرة الأولى في الحرب الأهلية في الصين بين القوميين والشيوعيين. إنّ استراتيجية الحرب الشعبية الثورية تعني في جزء كبير منها أن يقوم الشعب والمجتمع بريادة المرأة الحرة والشباب الواعي والمنظم ببناء الذهنية التشاركية المقاومة، وإرادتها الحرة والسلوك الرافض للاستسلام والخنوع والعبودية، عبر قيام المجتمع بتوعية وتنظيم وتدريب نفسه وفق أيديولوجيةٍ وفكرٍ حر وتدريب كافة أبنائه وعلى مختلف أعمارهم وأوضاعهم، للقيام بدور الحماية والدفاع الذاتي وسحق الأعداء المهاجمين وتأمين متطلبات ذلك. دون الاعتماد والثقة بالآخرين.
ويتضمن الحرب الشعبية الثورية آليات الدفاع الذاتي للمجتمع والشعب بكافة أنواعه وهي تعني أن يكون المجتمع والشعب مع قواته الدفاعية الذاتية ” العسكرية والأمنية والجوهرية” في آلية وهيكل عمل متكامل ومتوازن ومناسب لكافة الظروف والتداعيات وبمهمات واضحة مدربة عليها، بحيث يقوم كل إنسان في المجتمع ومهما كان وضعه بوظيفته الأساسية الدفاعية وهي الحماية للوصول إلى الحياة الحرة الكريمة. استراتيجية الحرب الشعبية الثورية وخصائصها التكتيكية والأيديولوجية من (التدريب والتنظيم والوطنية والحرب الجبهوية بالإضافة إلى عمل الاستخباراتي والتوعية الصحية واللوازم العسكرية واللوجستيكية) تتطلب قيادة واعية ومبادرة وشجاعة ومنظمة وفعلية حقيقية على أرض الواقع علاوة على علاقات داخلية وخارجية والتموضع الصحيح في محيطها. حرب كوبا بقيادة تشي گيفارا وحربُ فييتنام بقيادة “هوشي من” من الأمثلة البارزة. فقد حوّل الشعب في جنوب فييتنام مسار النضال والمقاومة بالحكمة والروح الثورية العالية تحت القيادة الصحيحة، إلى جبهةٍ للتحرير الوطني وفتح معركةٍ ضدّ العدو بحيث لم يستطع فيه الغزاة الأمريكيين من خطو خطوةٍ واحدة إلى الأمام رغم العدد الهائل للعدو الغاصب واستخدامهم لأبشع أنواع الأسلحة الكيماوية. فقد ساهمت جميع شرائح المجتمع (نساءً وأطفالاً) بأسلحتهم اليدوية البسيطة الفتاكة بإرادتهم وإصرارهم على التشبث بالوطن والحصول على الحرية والاستقلال بالنصر المؤزر.
أما في الشرق الأوسط فقد ظهرت في الآونة الأخيرة بما يُعرف ” بثورات الربيع العربي” والذي تحوّل مع تصارع الأنظمة والأحزاب الحاكمة إلى ” ثورات ربيع الشعوب” بحيث خرج عن إطار الأمة العربية أو العروبية لتشمل كامل الشرق الأوسط، بدءاً من تونس إلى مصر لتتحول إلى حروبٍ أهلية في ليبيا واليمن وسوريا منذُّ بداية عام 2011م لتستمر هذه الثورات والحروب إلى أن وصلت إيران، والتي مازالت نيرانها مشتعلة إلى وقتنا الحالي دون تحول هذه الأنظمة حتى الآن إلى أنظمةٍ أكثر ديمقراطيةً واشتراكية. استعادت كردستان الحياة والثقافة التي سُرقت منها وسُلبت عن طريق ثورةٍ أيديولوجية كونية بقيادة مناضل القرن الحالي القائد الأممي عبد الله أوجلان الذي رسخ مفهوم الحرب الشعبية الثورية، وأكد على أنّه لا يمكن حماية الوجود والهوية إلا عبر استراتيجية الحرب الشعبية الثورية. فأخرج إلى التاريخ عبر بوابة الأمة الديمقراطية شخصياتٍ فذّة ومناضلة شباناً وشابات، هذه الشخصيات التي وقفت في وجه الأنظمة الامبريالية الرجعية والدينية المتطرفة، هذه الأنظمة التي لم تكن يوماً إلا قصاباً تلبس ثوب الديمقراطية المزيف ليكون الشعبُ دائماً هدفاً لسكينه الحادة ومقصلته التي أعدمت الكثير، وأحرقت مناضلين ومناضلاتٍ في سبيل نيل الحرية لشعبهم المظلوم، لسجونهم ومعتقلاتهم التي مازالت ترزح بالآلاف من الثوريين والمقاومين. فلم يكن أمام حركة حرية كردستان إلا أن تكون استمراراً للحركات التحررية الوطنية التاريخية، فبدأت بكفاحها الثوري متمثلاً بالمظاهرات والاحتجاجات الشعبية ردّاً على اعتقال الرفاق في انقلاب 12 أيلول والذي كان طعماً لطمس الثورة الجماهيرية في تلك الأثناء.
المرأة وريادية النهضة
تحوّلت المرأة من أداةٍ لمرافقة الجيوش المحاربة في ساحات الحرب إلى شخصياتٍ ترفعُ صوتها عالياً بعد عصر الظلمات في أوروبا، الذي سرعان ما كُتِم ببعض القوانين والأحكام تسمح لها بنافذةٍ للإطلالة منها، ولكنّها كانت غير كافية للخلاص من العبودية المترسخة لآلاف السنين كما في أحداث الثورة الروسية الاشتراكية، وهذا ما كان واضحاً في قصصهم ورواياتهم أمثال رواية (الأم) لمكسيم غوركي الذي يعبّر في روايته هذه عن مدى دور الأمهات في الثورات والحروب. بينما في حرب فييتنام فقد قامت النساء مع الأطفال والعجائز بحمل السلاح مع الرجل وقمنَّ بصنع الفخاخ والألغام اليدوية والأسلحة الشوكية، عملنّ على مراقبة أماكن العدو لساعاتٍ طويلة وهنَّ يشغلنّ أنفسهنّ بأعمالٍ مختلفة، أما الفتيات الصغيرات ذوات الأربع عشر عاماً حملنَّ السلاح وقتلنّ الكثير من الجنود الأمريكيين، لكن هذا كلهُ لم يُنظم أو يُطور في تنظيمٍ خاصٍ بهنَّ؛ بل بقي مندمجاً ضمن نطاق العام معروفاً بالحرب الشعبية الثورية في فييتنام. لتكون حركة حرية كردستان هي المثال الأقوى والأكثر ترسيخاً لمفهوم الحرب الشعبية الثورية من خلال تنظيم نفسها ضمن الشعب ومن الشعب ومشاركة الشعب أو المجتمع من كافة أجزاء كردستان في رفع وتيرة النضال ضمن الحرب الشعبية الثورية. وتكون فيها المرأة مهما كان عمرها العماد الرئيسي لها وحجر الأساس في بنائها فتكون بذلك أكثر تمييزاً وفعالية من الحركات التحررية الأخرى.
المرأة الكردية
المرأة الكردية كانت لها بصمتها المميزة والمعبّرة عبر تاريخٍ نضالي طويل والدور الفعال والمنتج في الثورات الكردية بدءاً من بسه، وظريفة إلى الشهيدة سارة “ساكينه جانسيز” أول امرأةٍ مناضلة أخذت مكانها في صفوف الحزب وكان لها تأثير على كافة النساء اللواتي قررنّ السير على خطاها. كان لاستشهادها مع رفيقاتها صدىً قوي ووقعاً مؤلماً على الشعب، فخرج الجماهير في جميع أرجاء كردستان وأوروبا إلى الساحات وعبّروا عن سخطهم واستيائهم مطالبين بمعاقبة المجرمين. كما سطّرت الشهيدات مثل “بيريتان وزيلان” أرق الكلمات وأكثرها عنفواناً في قلوب البشرية ضمن حركة حرية المرأة الكردستانية، والتي تنظم نفسها تحت رايتها وتشكّل أيديولوجيتها الخاصة بها وفق المبادئ الخمسة المبنية على الفكر الحر والإرادة القوية، وتسعى من خلاله لكتابة تاريخها مرة أخرى. ولكن هذه المرة بقلمها وليس بقلم السلطة والدولة، فتعيدَ الشهيدة “بريفان – بنفش آگال” باستشهادها الحياة والروح إلى شعبٍ كان في سباتٍ عميق يئنُ ويعاني تحت وطأة الإبادة الثقافية والموت البطيء، وحركت مشاعر الشعب وبثت فيهم روح النضال والمقاومة فخرج للاستنكار والتظاهر على استشهادها على يد العدو الفاشي عشرات الآلاف من المدنيين في جميع أرجاء جزيرة بوطان. كما كانت الشهيدة والفنانة “مزگين – غربت آيدن” ومازالت مثالاً للفنانة الثورية والتي رفعت من معنويات شعبها وأثارت فيهم شعور الغيّرة على الكرد وكردستان، فدافعت عن شعبها ووطنها بالسلاح والغناء، ثابرت إلى جانبهم النساء المُدرّبات اللواتي عملنّ كمراسلات بين الأعضاء، فالأم الكردية كانت تسافر من مدينة إلى مدينة لنقل رسالة شفوية أو كتابية، بالإضافة إلى التدريب العسكري والصحي وكنّ دائماً في الخطوط الأمامية من المظاهرات والانتفاضات الشعبية كأمهات السلام.
تتبرّعم هذه الثورة في إحدى أجزاء كردستان وتطبّق على أرض الواقع بين أفراد المجتمع فيكون ملكاً للشعب من خلال ثورة روجآفا، الثورة التي انبثقت من رحم حركة حرية المرأة الكردستانية لتشمل النساء العربيات والآشوريات والأخريات. وُلدت مع ثورات ربيع الشعوب ثورة روجآفا والتي تُعرف بثورة المرأة في 19 تموز عام 2012م وبدأت معها الشرارة الأولى لترسيخ فكرة خلق حياة حرّة بعيدة عن العبودية والاستغلال عن طريق استراتيجية الحرب الشعبية الثورية التي بدأت في 15 آذار عام 2011م، فأضفت طابعاً جوهرياً على الثورة التي تحتلُ فيها المرأة الجزء الأكبر بالساحات السياسية والدبلوماسية، فكنَّ من أولى النساء اللواتي يدخلنّ البيت الأبيض بزيهنّ العسكري باسم وحدات حماية المرأة، الذراع الأيمن لحركة حرية المرأة الكردستانية في روجآفا تمثلت بمبادئها ورسخت أيديولوجيتها النابعة من فكر وفلسفة المفكر عبد الله أوجلان وكلّ ذلك من خلال اتخاذ مبدأ الدفاع المشروع مبدأً أساسياً للدفاع عن الذات، من هنا بدأ مفهوم الدفاع عن الشعب ودفاع الشعب بنفسه عن نفسه من خلال تنظيم نفسه في كافة مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتخلص من التبعية والاستسلام.
فمقاومة حي الشيخ المقصود أكبرُ دليلٍ على مدى نجاح استراتيجية الحرب الشعبية الثورية ودور المرأة في الوصول إلى النصر المؤزر، ليتكلل هذا النصر مرة أخرى في أكبر نضالٍ عرفته البشرية وهي القتال ضدّ أكبر تنظيمٍ إرهابي في العالم وهو تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، والذي تكبد الكثير من الخسائر في حربه مع قوات حماية الشعب وقوات حماية المرأة التي سطرت أروع الانتصارات ضدّ هذا التنظيم الإرهابي في مدينة السلام كوباني. أما مقاومة مدينة عفرين وتل أبيض وسري كانيه والتي ناضل شعبها إلى الرمق الأخير، فقد كانت النساء جنباً إلى جنب في الخنادق والساحات وعلى الخطوط الأمامية للجبهات والتي راح ضحيتها الكثير من النساء اللبوات من أمثال الشهيدة فاطمة حجي سليمان التي استشهدت بالمظاهرات على الحدود التركية. فمدينة عفرين من خلال الحرب الشعبية الثورية ناضلت وقاومت لمدة 58 يوماً ضد ثاني جيش بالعالم، سعى أهلها بريادة المرأة العاملة والمثقفة إلى حفر الخنادق وإعداد المؤن وبناء السواتر الترابية، إلى جانب التظاهرات اليومية بأعدادٍ هائلة تنديداً ورفضاً للهجوم على المدينة، إلى جانب المقاتلات اللواتي حملنّ السلاح وكنّ قنبلة نووية في صدر العدو من أمثال الشهيدة أفيستا وبارين، هذه المقاومة التي مازالت مستمرة في مخيمات النزوح القسري وتعمل وفق استراتيجية الحرب الشعبية الثورية منذُّ سبع سنوات لطرد الاحتلال واستعادة الأرض.
الركيزة الأساسية هي المرأة
انطلاقاً من هنا؛ فإنّ دور المرأة مهمٌ جداً سواءً كانت صغيرة تحملُ حجراً أم عجوزة ترفعُ يديها للدعاء. فكلُّ واحدةٍ في مجالها تستطيعُ أن تغير مسار الطريق رأساً على عقب سواءً كانت عسكرية أم عاملة أم ربة منزل. فكلُّ واحدةٍ قادرة على حمل السلاح الذي يناسبها وتتسلح به مدافعةً عن قيم ومبادئ مجتمعها وذاتها، فالعاملة في مؤسسات الإدارة الذاتية لها دورٌ كبير في التحلي بأخلاق وثقافة الأمة الديمقراطية وبذلك تكون مثالاً وقدوة في مؤسساتها. بالإضافة إلى البحث والتحليل في ماضيها لمعرفة تاريخها لتستطيع الدفاع بكلِّ ثقةٍ عن رفيقتها الأم والابنة والزميلة والجارة في أصعب الظروف وتواجه الحرب الخاصة بأسلوبٍ مقنع وجميل، تعمل على رفع المعنويات وتدعو في كلِّ أحاديثها إلى النضال والتشبث بالأرض والوطن قد تصل حد الاستشهاد في سبيل الوطن والأرض من أمثال الشهيدة هفرين خلف.
بينما المرأة التي تعمل في المنزل هي أيضاً يقع على عاتقها مسؤولية لا تقلُّ عن مسؤولية المرأة العاملة، فهي أيضاً تقوم بتربية جيلٍ كاملٍ من المجتمع بين يديها، لذا فعملية تدريب الذات من أهم العمليات لإنشاء (عائلة ديمقراطية) جيلٍ أخلاقي وسياسي، جيلٍ مرتبطٍ بثقافته ومجتمعه، يكبر وينمو دون أن يتأثر كثيراً بالحرب الخاصة وتدرّب معهم مجتمعاً كاملاً على أفكار العصرانية الديمقراطية والحرب الشعبية الثورية. وتشجعهم على البقاء بجانب أرضهم المحتلة من قبل الدولة الغاصبة وتسعى بإمكانياتها البسيطة إلى ترسيخ مفهوم الدفاع عن الذات في البيت والشارع، وأخذ مكانتها المناسبة في الكومين والمجلس ولجانها أثناء الحرب وفي السلم. إنّ هذا بحدِّ ذاته يقوّي الشخصية ويكسبها معنوياتٍ عالية. للكومينات والمجالس دورٌ مهمٌ في الحرب الشعبية الثورية فهي تعمل كخلية النحل ضمن المجتمع، بحيث يكون لكلِّ شخصٍ في الكومين دوره ووظيفته في الحفاظ على حياة المجتمع الذي يساهم فيه الكل حسب قدراته في ظروف الحرب والسلم. وللمجالس أيضاً دورٌ مشابه ولكن بشكلٍ أوسع وأشمل بحيث يتقاسم مع الشعب قراراته واقتراحاته التي تساهم في تطوير المجتمع وحمايته من أيّ خطرٍ مُحدق. وكلما خرجت المرأة من بيتها لتشارك في الانتفاضات السلمية سيتم التخلص من السجون والحدود التي تلف عقولنا ووجداننا.