النضال والمقاومة النسوية لعام 2024 ستكون شعلة الحرية لعام 2025 – نرجس إسماعيل
النضال والمقاومة النسوية لعام 2024
ستكون شعلة الحرية لعام 2025
“نحن كنساء سوريات أمام مرحلة مصيرية وأكثر حساسية من كافة المراحل الأخرى،
عام 2025 سيشهد الكثير من مقاومات المرأة،
ليس في سوريا فقط بل في كافة أصقاع العالم،
لن تتوقف فعاليات ونشاطات النساء،
وحتى الممارسات التي ترتكب بحق النساء السياسيات
لن تبقى دون صمود ومقاومة،
فعلى النساء القيام بالاحتجاجات المكثفة والشاملة
لكافة البلدان وبالأخص سوريا”
نرجس إسماعيل
توالت الكثير من الأحداث والمستجدات المسرعة في عام 2024. وكان التأثير البارز لنضالات المرأة في المطالبة بحقوقهن المشروعة المجتمعية. تحولت قضية المرأة إلى قضية مصيرية وحياتية بالنسبة لكافة الشعوب. التحديات والصعوبات الجمة لا تنحصر في هجمات دولة أو أي منظمة ضد المرأة، بل في القوى المهيمنة والحاوية للذهنية السلطوية والذكورية الأبوية والتي لها استراتيجيتها في إبادة ثقافة المرأة المناضلة والواعية والمتحررة.
شهد العالم انتفاضات ومقاومات ومواجهات ومطالبات عصرية للنساء في عام 2024. أرادت النساء أن تعبّرن عن هويتهن المجتمعية والمتحررة من خلال رفضهن لسياسة العنف والتعنيف، والشدة، والاستخفاف بطاقة المرأة ودورها التنظيمي الريادي في إدارة كافة أمور المجتمع وفي كافة المجالات. الإبادات التي مورست بحق النساء وفي الكثير من البلدان وعلى مرأى العالم كانت فظيعة ومرعبة، لن ننسى نساء وأطفال أفغانستان وفلسطين ولبنان والعراق وإيران وسوريا والكثير غيرها. لم تنحصر الإبادات فقط على إنهاء ثقافة المرأة المتحررة والباحثة عن حرية المجتمع والحياة المجتمعية، بل تعدتها إلى الإبادات الفيزيولوجية والنفسية والفكرية والاجتماعية أيضاً.
حتى وإن كانت القوى المهيمنة ما تزال في حلبة المصارعة وبكل أساليبها تحاول النيل من المرأة المكافحة والمقاومة والواعية، لكنّ المرأة وثورة المرأة اتخذت مكانتها الهامة والجادة في مواجهة تلك الأنظمة والذهنية. ليس من السهل القيام بالحماية والمواجهة ولكن الثورة الذهنية تتيح للمرأة وكافة نساء العالم الاتحاد وجمع الطاقات المجتمعية والكونية في سياق تنظيمي وجعله مظلة حامية للقيم المجتمعية الطبيعية للمجتمعات.
على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا واجهت المرأة الكثير من الصعوبات، فالاحتلال الجغرافي والتغيير الديمغرافي والإبادة الثقافية تم الاستمرار بها وبشكل ممنهج وخاصة من قبل الدولة التركية المحتلة، هدفها مرة أخرى هو النساء والأطفال وتفكيك الأسرة التي هي نواة المجتمع، والتعدي على القيم الاجتماعية التي تجمع الثقافة الاجتماعية وخصوصية أي مكون. فالنساء واجهن الكثير من التحديات، وقاومن بكل قواهن واتحدن تحت سقف تكاتف النساء لأجل بناء مجتمع ديمقراطي وشامل ويمثل الموزاييك الثقافي الأصيل لسوريا.
مع وجود النظام السوري سابقاً والمعروف بمركزيته وهرميته الدولتية البعيدة عن الحقوق الإنسانية وخاصة حقوق المرأة المشروعة، لم تتوقف المرأة ولو للحظة بالمطالبة بكامل حقوقها، بل عملت على نشر شعاع ثورتها التحررية، وشاركت في الكثير من الفعاليات التنظيمية، ومارست حقوقها في الساحة السياسية، وأوصلت صوتها إلى الساحة الدبلوماسية، وأثبتت جدارتها في الساحة العسكرية والحماية والدفاع المشروع.
وبعد سقوط النظام مسؤولياتنا كنساء باتت أكثر ثقلاً، وهذا لا يعني أنّ ثورة المرأة المتحررة ستتوقف، بل على العكس تماماً أصبحت المرحلة أكثر مصيرية وبات علينا الاستمرار في الكثير من المطالب وتوحيد الصف النسوي بكافة الطرق والأساليب الثورية. الفوضى العارمة الموجودة بعد سقوط النظام السوري لن يتمّ الخروج منها إلا إذا كانت النساء متكاتفات وجريئات في تنظيم المجتمع السوري. وهذه مسؤولية تاريخية وعصرية وتمثل قمة انتصارات القرن الحادي والعشرين كي تضع النساء بصمتهن التاريخية بانتصارهن في هذه المرحلة.
المجتمع السوري المعروف بطبيعته المتنوعة هو أرضية خامة لزرع الفكر الديمقراطي، الموحد، والمتكاتف، والحامي للقيم التاريخية العريقة. فالتكاتف يوحد الأهداف ويقوي روح المقاومة ضمن المجتمع. فالمرأة تملك هذه القوة الثورية في حماية المجتمع وإدارته وتوجيه المرحلة نحو تشكيل سوريا ديمقراطية جديدة. لن تكتمل حقيقة مصطلح “سوريا جديدة” دون نضال وتنظيم ثورة المرأة الشاملة. لذا يتطلب من كافة النساء السوريات التأكيد على المقاومة وعدم الرضوخ لأي ظرف تفرضه هذه الفوضى العارمة.
فالمرأة المنظمة هي المرأة المنتصرة في هذه المرحلة. الانتفاضة تبدأ من الثورة الفكرية التي لا تتقبل عبودية الأنظمة الإرهابية والاستبدادية والأساليب المجحفة بحق المرأة. حتى أنّ تشكيل أي دستور بدون إرادة المرأة لن يكون دستوراً عادلاً ومنصفاً بحق المرأة. فحين تضمن المرأة السورية حقوقها في الدستور السوري فإنها تضمن حقوق إنشاء سوريا جديدة ديمقراطية. هل من المعقول التحدث عن سوريا ديمقراطية والذهنية الموجودة لـ HTŞ لا تعترف بالمرأة ولا بحقوقها المشروعة؟
المعضلة هنا! من جانبٍ يتمّ التحدث عن بناء سوريا جديدة ديمقراطية، ومن ناحيةٍ أخرى يتمّ اضطهاد المرأة ومحو كافة القوانين لإنهاء دورها التنظيمي والريادي والسياسي والثقافي والدفاعي أيضاً. فالذهنية الذكورية والسلطوية – الأبوية بكافة الأساليب تطمح إلى إنهاء دور المرأة من كافة المكونات والثقافات. لذلك في عام 2025 علينا أن نكون على دراية تامة بتقييم كافة هذه التقربات واتخاذ التدابير اللازمة حيال هذه الذهنيات المعادية لثورة المرأة.
لذلك نحن كنساء أمام مرحلة مصيرية وأكثر حساسية من كافة المراحل الأخرى. عام 2025 سيشهد الكثير من مقاومات المرأة ليس في سوريا فحسب بل في كافة أصقاع العالم. لن تتوقف فعاليات ونشاطات النساء، وحتى الممارسات التي ترتكب بحق النساء السياسيات لن تبقى دون صمود ومقاومة. فعلى النساء القيام بالاحتجاجات المكثفة والشاملة لكافة البلدان، وعلى وجه الخصوص سوريا.
علينا نحن كنساء من كافة المكونات السورية ألا نسمح للنظام الأبوي بالسيطرة علينا وإبعاد النساء عن بعضهن البعض. على هذا الأساس فإنّ محور العدد الحادي عشر كامل وشامل في طرح بانوراما مقاومات ومنجزات الحركات والأحزاب والمنظمات والجمعيات والمبادرات والمؤسسات النسائية، وتحويل تلك الإنجازات إلى دافع نضال أكثر تكثيفاً، لتحقيق العدالة والديمقراطية وضمان حقوق المرأة المشروعة، نبارك عام 2025 بانتصارات نجاحات المرأة الواعية والمتحررة للوصول إلى بناء سوريا جديدة ديمقراطية.