اتحاد المرأة الأرمنيّة.. أصالة.. تراث.. نضال دؤوب – أريف قصابيان

اتحاد المرأة الأرمنيّة.. أصالة.. تراث.. نضال دؤوب

استراتيجيةُ المرأة الأرمنية عميقةٌ جداً،

 تهدفُ إلى وضع الخطط المناسبة من أجل إنهاء الحروب الخاصّة

التي تتوالى على المرأة جيلاً بعد جيل،

 وإطفاء الحروب المشتعلة التي ترأسها العادات والتقاليد”

 

 

أريف قصابيان

رئاسة المجلس الاجتماعي الأرمني العام – إقليم شمال وشرق سوريا

 

لعبت المرأة دوراً محورياً في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة، وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في كافة المجالات والأصعدة ضمن المجتمعات. فالتاريخ مليء بتاريخ الحضارات العريقة التي كانت المرأة تشكل فيها الجزء المهم من المجتمع، والحفريات على الصخور في أعلى قمم الجبال أكبر شاهد على ذلك، ولا ننسى بأن المرأة وبشكل دائم يعود تاريخها إلى المجتمع الطبيعي الذي كان يعتبر المرأة “الإلهة”.

المرأة الأرمنية بشكل خاص هي مقدسة لدى جميع الأرمن وبأناملها الرفيعة كانت تنسج من خيوط الحرير ثياباً ومن النمنم الناعم تطريزاً، فهي التي تتحدى جميع الصعوبات. كما لعبت المرأة الأرمنية دوراً كبيراً في مجال الثقافة والفن والدبكات الفلكلورية الأرمنية. وكانت المرأة الأرمنية تشتهر بزيها الأرمني كما كان لها دور في العزف على آلة “الدودوك” والعزف على آلة القانون أيضاً. ويعد الرقص الأرمني من التراث الثقافي، فقد كان من أقدم وأغنى وأكثر الفنون تنوعاً في الشرق. وتوجد في المناطق العليا في أرمينيا لوحات صخرية لمشاهد الرقص الريفي وكانت هذه الرقصات مصحوبة بأنواع معينة من الأغاني والآلات الموسيقية. صممت المرأة الأرمنية الفساتين من الحرير الأبيض المطرز بخيوط ذهبية، حيث كان هذا الزي طبق الأصل عن ميدالية أكتشفها علماء الآثار في “توراك كال” بالقرب من بحيرة “ڤان”، والتي كانت موجودة منذ حوالي ثلاثة آلاف عام.  أما ملابس النساء الأرمنيات فتميزت بألوان زاهية وتصميم زخرفي غني. كان الهيكل في القص مشابهاً لهيكل أرمينيا الشرقية وكان الاختلاف الوحيد هو أن القميص كان مخيطاً من نسيج قطني أبيض.

ارتدت النساء الأرمنيات في أرمينيا الغربية فستاناً متأرجحاً وعلى الرأس انتاري في المناسبات الرسمية وكذلك في موسم البرد، وهذا الفستان كان ملوناً بالألوان العريقة مثل: الخمري – الأرجواني – الأزرق. والأقمشة كانت من الحرير والصوف المطرز بخطوط فضية أو ذهبية. فالملابس اليومية كانت مصنوعة من قماش أزرق داكن. يُبرز غطاء الرأس النسائي جمال المرأة حيث يوضع عليه سلاسل فضية أو ذهبية وهو على شكل طربوش، وعند الزواج ترتدي قبعة حمراء اللون بخيوط حريرية، يستكمل زي المرأة الأرمنية بالعديد من المجوهرات كـ القلائد – والأساور – والخواتم، مع حزام مطلي بالفضة أو الذهب. من جانب آخر تهتم المرأة الأرمنية بالمطبخ الأرمني فتظهر ثقافتها من خلال خبز “الافاش” وجميع أنواع الفواكه المجففة والطهي وصنع المشروب الأرمني من عصير العنب والذي يسمى “العنبرية”.

تعمل المرأة الأرمنية في الاتحاد في كافة المجالات ضمن لجان تعمل على توعية المرأة وإظهار ثقافتها داخل مراكزهم وخارجها، وأيضاً تستطيع اتخاذ قرارات وإعطاء آراء في جميع المجالات، ومن الجانب التنظيمي نظمت المرأة الأرمنية ذاتها ضمن الاتحاد. هذا ما يجعل المرأة تقف بوجه دول معادية لصوت ومكانة المرأة. ومن جانب آخر فإن نظرة الرجل للمرأة على أنها العاملة والمربية للأطفال فقط، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماماً، فالمرأة تنظم ذاتها سياسياً وفكرياً وثقافياً واجتماعياً.

للمرأة الأرمنية أهمية كبيرة في الاتحاد، فهي تقوم بالعديد من الأعمال أهمها؛ إعطاء الدورات التدريبية، والفكرية والسياسية. وأيضاً تقوم بتقديم الإرشادات في القرى لتوعية المرأة، ولها دور في العروض المسرحية والدبكات الفلكلورية لإيصال الثقافة بشكل أوضح وأسرع إلى الأجيال القادمة. نستطيع القول بأنه في عام 2024 انضمت الكثير من النساء لدورات خاصة بتعليم فنون الحماية والدفاع، وشاركن في الجبهات الأمامية. وجود اتحاد المرأة الأرمنية مهم جداً لحماية حقوق المرأة وخاصة المرأة الأرمنية.

استمرت المرأة الأرمنية في نضالها لكسر الأنظمة الرأسمالية ومن أجل توحيد صفوف المرأة في النضال ذاته، كما كان لها الدور الفعال في مناهضة العنف ضد المرأة، وشاركت أيضاً في المهرجانات الخاصة بالمرأة لتجسيد ثقافتها على أرض المسرح، ومن جهة أخرى في المهرجانات الثقافية والدولية كالتي نُظمت في مقاطعة الرقة. ونثرت المرأة الأرمنية ثقافتها عن طريق بعض الطقوس وأنواع الرقص والحنا وكيف يتم زفاف المرأة الأرمنية ومن ثم مشاركتها في مهرجان تل براك مهرجان الأمة الديمقراطية، وظهرت المرأة الأرمنية باتحادها المتمكن من إحياء المطبخ الأرمني في شمال وشرق سوريا، وأيضاً المشروبات الأرمنية العريقة، وعملت على التدريبات من أجل إحياء اللغة الأرمنية لأن نشر اللغة هو من أهم أعمال المرأة الأرمنية لتسترجع لغتها الأصلية.

تطوير المرأة الأرمنية جاء من خلال المؤتمر الثاني تحت شعار: “المساواة، الحياة، الحرية، ونضال المرأة الأرمنية”. وانخرطت المرأة الأرمنية في الحركات النسوية داخل سوريا وخارجها، وإيمانها بنظام الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب دليل على ذلك. كما كانت المرأة الأرمنية ضمن اللجنة التحضيرية للعقد الاجتماعي، ولديها أيضاً بصمة في “مبادرة نون”، وتركيزها على أوضاع المرأة في الشرق الأوسط من خلال إصدار بيانات بخصوصهم. أهم أعمال المرأة الأرمنية حماية المرأة الشابة من الزواج القاصر، لأن ذلك يعتبر جريمة بحقها.

مكتسبات ومنجزات الاتحاد

بالمستطاع القول بأن تأسيس اتحاد المرأة الأرمنية كان الهدف الأساسي منه هو إنهاء الذهنية السلطوية على المرأة، وأن المرأة لها الدور الأساسي ضمن المجتمع والساحة السياسية والعسكرية. ولها القدرة على الاعتماد على الإرادة الحرة.تأسيس اتحاد المرأة الأرمنية في تاريخ 30/8/2022 كان من أهم الإنجازات للمؤتمر التأسيسي، حيث سعى إلى تحقيق أهداف جميع النساء الأرمنيات، لقد شهد هذا المؤتمر المباركات من جميع النساء اللواتي يدعون للحرية والمؤمنات بالحلول السياسية. فالتأسيس كان يدل وبكل قوة على أن المرأة الأرمنية: “لا تموت بل تبذر كالرمان من جديد” من شدة خصوبتها شُبهت بـ “الرمان”

 ويعد عام 1915 عام الإبادات والمجازر على الأرمن والمرأة الأرمنية بشكل خاص. ظهر ذلك جلياً من خلال العنف الممارس على جسد المرأة الأرمنية وفكرها. وتشتت المرأة الأرمنية هو السبب الأساسي في انصهارها   وابتعادها عن ثقافتها لأعوام. التاريخ يعيد ذاته بذات العدوان في مناطق شمال وشرق سوريا لأن الدولة العثمانية الطورانية طوّرت سلالتها الدموية بسفك الدماء، والمرأة اليوم تحارب الفكر الدموي بكل إرادة وقوة وانتفاضة.

طوّرت المرأة الأرمنية ذاتها في شمال وشرق سوريا لصد الهجمات، وذلك لأن لديها ثأراً عميقاً مع الدولة التركية المحتلة التي قامت بتشتيت المرأة وطمس هويتها وجعلها ترتدي ملابس غير زيها وتتحدث لغة غير لغتها، هذا ما جعل المرأة الأرمنية تحمل سلاحها بوجه العدو الطوراني. كما أنها تدافع عن جمهورية أرتساخ حتى وهي موجودة بشمال وشرق سوريا، لأن العدوان على النساء في جمهورية أرتساخ لايزال مستمراً حتى الآن.

لاقت النساء صعوبات جمة، لأن الدمار كان شاملاً من قبل الدولة الطورانية المعادية لفكر وثورة المرأة. والجمهورية الإيرانية التي ترتدي ثوب الدين والتي تستهدف المرأة الواعية أكثر من قبل. المرأة الأرمنية ككافة النساء عانت من تلك الأساليب، ولكنها قامت بالثورة الفكرية وأشعلت نار الثورة وقامت بالإنجازات العظيمة في تنظيم ذاتها.

أهداف المرأة كثيرة وعديدة من أهمها وأبرزها:

– التوعية المستمرة من أجل تشكيل جيش نسائي مثقف سياسي واعي ليس فقط لعام 2025 بل سيكون مسار المرأة.

– النقاش والحوار المستمر من أجل الوصول إلى الهدف الأساسي الذي هو الاعتراف بالقضية الأرمنية.

– الدعم والمساندة لجميع النساء وبالأخص المرأة الأرمنية لاسترجاع حقوقها المسلوبة بسبب الانصهار.

– العمل على حقوق المرأة الأرمنية بين جميع الدول والمكونات وإظهار هويتها ووجودها.

– العلاقات مع الدول الخارجية التي تعترف بالقضية الأرمنية لمحاسبة مرتكبي الجرائم بحقها.

– العمل مع جميع النساء والحركات النسوية في الداخل والخارج لمنع الاحتلالات والإبادات.

– فتح دورات تدريبية للمساهمة في المشاريع الصغيرة.

– حماية المرأة من العنف بأشكاله.

– حفاظ المرأة الأرمنية على الهوية الثقافية وتعزيز تراثها.

– تفعيل دور المرأة الشابة من أجل تكريس طاقات الشابات ودمجهن في الحياة التدريبية والسياسية.

استراتيجية اتحاد المرأة الأرمنية

استراتيجية المرأة الأرمنية عميقة جداً، تهدف إلى وضع الخطط المناسبة من أجل إنهاء الحروب الخاصة التي تتوالى على المرأة جيلاً بعد جيل، وإطفاء الحروب المشتعلة التي ترأسها العادات والتقاليد، وتغيير منظور أن المرأة هي العنصر الضعيف الذي لا يتحرك إلا أن يأذن لها الرجل. ومن أهم خطتها الاستراتيجية هي علاقاتها التي تدل على المساندة والإسناد لجميع النساء.

  • تمكين المرأة: وتعزيز التعليم والتدريب لتحسين فرص العمل والمشاركة الاجتماعية.
  • التمثيل السياسي: تشجيع النساء على المشاركة في الساحة السياسية لزيادة عدد المناصب القيادية.
  • الدعم الاجتماعي: إنشاء شبكات دعم للنساء عن طريق التدريب والمنظمات غير الحكومية.
  • حماية الحقوق: تحمي حقوق المرأة وتضمن المساواة بين الجنسين.
  • تطوير استراتيجيات المرأة: لمكافحة العنف الممارس ضد المرأة، وحفظ كرامتها، وتأمين الحياة الكريمة لها.