المرأة هي جوهر الحياة والحياة الحقيقية تكمن في الحرية
المرأة هي جوهر الحياة والحياة الحقيقية تكمن في الحرية
“المرأة والحياة يكملان بعضهما البعض،
المرأة تعني الحياة، ومن الحياة تكمن آفاق وجوهر وحقيقة المرأة”
أفين باشو
ما هي الحياة؟ قد يبدو هذا السؤال بسيطاً للغاية، ولكن معناها مرتبط بكينونة الإنسان الذي لا قيمة له، ما لم يفهم معنى الحياة. يعتبر معنى الحياة من أكثر الأمور حيرةً وتشويقاً ومعرفةً، معناه الصحيح، وحسب قناعتي هو (الصراع الحقيقي). ربّما بالنسبة للبعض؛ الحياة تشّمل وبصورة عامة السعادة وقيادة الحياة، وبالنسبة للبعض الآخر مرتبط بامتلاك المزيد من الثروة.
تدور قيمة الحياة بالنسبة للكثيرين حول ممارسة الحب والمشاعر وما إلى ذلك، وأيضاً قد يفكر العديد من الناس أو البعض منهم، يفكرون في طرح معنى والهدف الحقيقي للحياة، فهم يعتقدون أنهم متى يمتلكون الحياة؟ عندما يمتلكون براديغما فلسفية وثورية.
كثيرة من التيارات الموجودة ضمن المجتمع، والعديد منهم يجدون صعوبة في معرفة فلسفة الحياة المناسبة والصحيحة البعيدة عن المفاهيم المنحرفة ضد الحياة. المعادلة الصعبة هنا والتي يجب أن نقيّمها هي: إننا جميعاً نحتاج لمنظار فلسفي شخصي لرؤية الحياة الصحيحة والتعايش وفقاً لها.
تبدأ أهداف الحياة وفلسفتها بتطبيق قانون التحوّل والتغيير التدريجي. لأن فلسفة الحياة تُعتبر رؤية شاملة، أو الوصول إلى مبادئ الحياة، والغرض منها هو إحياء المقاييس والمعايير المجتمعية والإنسانية. وفي الحقيقة أنَ الحياة والإنسان مرتبطان على نحوٍ لا يمكن الفصل بينهما، والحياة تنتهي بمجرد انفصاله عن حقيقته المجتمعية، وصلة الوصل هذه بين الإنسان ومجتمعيّه يعطيه الهوية الكونية، بأنه وحتى إذا مات فيزيولوجياً ولكن العقل الاجتماعي يستمر، ولا تتوقف للحياة في جميع مجالاته.
المرأة تمتلك القدرة على القيام بأداء أدوار متعددة في الحياة الاجتماعية، وتؤدي دوراً فعالاً في عملية التنمية الاجتماعية، وذلك باعتبارها ليست نصف المجتمع فقط كما يقال بل هي شجرة الحياة، والعمود الفقري للمجتمع.
لكن القضية الأساسية والتي يجب الدخول في أعماقها، ألا وهي كيف يعطي الإنسان معنى لوجوده؟ في الحقيقة ومع الأسف، أنه وحتى الآن رغم أنَ التاريخ البشري وصل إلى القرن الحادي والعشرين، فإنه لم يعطِ للحياة معنىً كافياً. لأنه يعطي معنى لأفكاره وأقواله وأفعاله وتصرفاته مع الوقت. بمعنى آخر أن طريقة تفكيره، والكلام الذي يصدر عنه، والأفعال التي يقوم بها، كلّها تحددُ تصوّر الإنسان، وما يريده، وما يهدف إليه.
هذه العملية تحدد الغاية التي يضعها لنفسه، أو ما يمكن أن نسميها مجازاً لغايته في الحياة. لا سّيما في مجتمعات الشّرق الأوسط التي تتعرض فيها الحياة إلى مجازر يومية، وأضراراً ألحقتها الحداثة الرأسمالية على طبيعة الحياة ومعناها، محاولةً القضاء على فهم الحياة التي تعتبر فوق كلّ القيم. الفكر يعني الحياة، مثلما هدف الحياة هو المعرفة، ولأن المرأة هي الحياة، لن نقول (المرأة والحياة)، العكس هو الصحيح أي أن المرأة هي الحياة نفسها. فإن مساهمتها في الحياة الاجتماعية، تؤدي إلى إحداث التغيير الاجتماعي، والكومينالي (الجماعية)، وتسهم في تحقيق التقدم للمجتمع. المرأة تمتلك القدرة على القيام بأداء أدوار متعددة في الحياة الاجتماعية، وتؤدي دوراً فعالاً في عملية التنمية الاجتماعية، وذلك باعتبارها ليست نصف المجتمع فقط كما يقال بل هي شجرة الحياة، والعمود الفقري للمجتمع.
الأم الكردية مثال للمقاومة
كثيرةٌ هي النماذج والأمثلة الواقعية أمام العيان، فالأم الكردية التي تقاوم حتى هذه اللحظة صارت مثالاً بارزاً للبطولة والنضال والمقاومة، والبحث عن الحياة الحرة الكريمة، وتاريخنا الكردي مزخر بسير الأمهات اللواتي ضحيّنَ بكلّ ما يملكنَ لمقاومة العدوان، وتحملنَ الظلم والقهر والحرمان، لكنهنّ قاومنَ وبدأنَ بحماية مكاسب مجتمعهنَ. وأثبتنَ بأن الأمُ الكردية المعروفة بشخصيتها الاجتماعية هي الواعية الصادقة والمضحية بكل معنى الكلمة.
وحتى تنطلق في أداء دورها بدون أن تتعرض للعقبات، عليها أن تمتلك الوعي الكافي والضروري لأهمية دورها، وتعرف مدى تأثيرها في التنمية، ولا بّد لها أن تنطلق من النظرة السامية حتى تتعرف على حقوقها، وتسعى للمحافظة عليها. فعلى الجميع أن يبحث عن حقيقة الحياة، وفهم الحقيقة من خلال التعرف على جوهر المرأة.
فلسفة المرأة، الحياة، الحرية
إن الكثير من القضايا العالقة ضمن المجتمع تحتاج إلى الحلول الجذرية. بالطبع أن الحلول لا تأتي على سوية واحدة، بل تحتاج إلى التحليل التاريخي والاجتماعي والفلسفي للبحث عن أسباب حدوث هذه القضايا، حقيقةً لا نستطيع إعطاء معنىً كاملاً لفلسفة المرأة والحياة والحرية، تعريفاً بسيطاً، أو معاني لا تليق بحقيقة الحياة. قبل كل شيء المرأة والحياة والحرية ليست بكلمات عابرة، بل هي أساسيات الحياة التي في كثير من أمور الحياة التي تبغي إليها المجتمعات.
من غير الممكن أن نتحدث عن المرأة، بدون أن تكون تلك المرأة تمثل الحياة الصحيحة. ومن غير الممكن أن نتحدث عن الحياة بدون وجود الحرية الحقيقية. المعاني متكاملة تكاملاً قوياً، والمجتمعات المحرومة من منحهم التعريف الصحيح للمرأة والحياة والحرية، هي مجتمعات هشّة، ولا معنى لوجودها، ربما وجودها المادي أمام العيان ولكن جوهرياً هي بعيدة عن معانيها الصحيحة.
إن القائد عبدالله أوجلان قد طرح في الكثير من تقييماته التاريخية ومرافعاته الخمسة الأخيرة التي دونها في سجن إمرالي، حقيقة معنى الحياة بعمقها حيث قال:” نحن لن نستطيع تناول المرأة بشكل مفصل عن الحياة، فكلمة المرأة(JIN) تعني المرأة والحياة في نفس الوقت وهذا أمرٌ صحيح ولكن انظروا إلى حالتها الآن فقد زرع مسيرة حياتها بالأشواك والمآسي والهموم، وكل أشكال الدناءة والسقوط ترتكب في حقها، ويستخدمونها في إطار مادي فقط ولازالوا يقومون بهذا، حتى في قسم الإعلانات التجارية البسيطة يستخدمون جسد المرأة. وكما قلت فإن هدفي هو جعل المرأة قابلةً لأن تكون مصدر للحياة وتحيا بحرية، وقد كان طموحي الأول والأخير أن أكمل لوحة حرية المرأة بإيصالها لأعلى المستويات القيادية إن كانت في الساحات العسكرية والسياسية ورياديةً ضمن المجتمع. ركزت على هذا الموضوع منذ أمد بعيد، وكان أملي كبير في حدوث تطورات مهمة. وحتى الآن وأنا في أمرالي مازلت رفيق الدرب للمرأة الحرة والتواقة للحرية حتى أن المسافة بيننا تكون بعيدة ولكن الحقيقة وطموحنا نحو الوصول إلى حياة صحيحة وامرأة حرة ستكون مستمرة حتى النهاية. لأنني أثق بتلك الطاقة الحياتية المخفية في طبيعة المرأة. وأنا ذاك الفنان الذي يرسم من خلال تلك الطاقة لوحة الحياة البهية للجميع”.
المرأة” تعني الحياة
نحن كنساء كوننا جزء لا يتجزأ عن الحياة، فلا نستطيع أن نقول المرأة نصف المجتمع، فعندما نقول “المرأة” فتعني الحياة، ولا ينبغي اعتبار المرأة كمادة أو سلعة فقط، وإنما تعتبر شخصية فعالة وموهوبة بالفطرة وطموحة بحياةٍ خالية من المشاكل، ودائماً ما تسعى نحو هدفها.
باستطاعتنا أن نذكر أنه في بداية ثورة شمال وشرق سوريا تحديداً في روجآفا، قامت المرأة المناضلة بمطالبة حقوق جميع النساء، اللواتي تتعرضن لشتى أشكال العنف والظلم التي تقام بحقهن، من خلال عقد مؤتمرات وفتح مؤسسات نسوية، وإدارة مراكز حماية حقوقهن، لتكون هذه المؤسسات ملجأً لجميع النساء اللواتي عشن تحت سيط مجتمع مبني على العادات والتقاليد والذهنية المتصدية، مثل مؤتمر ستار ودار المرأة وغيرها من المؤسسات، لتكون قوة مانحة وأكبر داعم للمرأة، والتي ساهمت في فتح المجال أمامهن لتتعرف على حقيقتها المكبوتة وحريتها المنشودة. ومن خلال المرأة تبقى الحياة محافظة على جوهرها الطبيعي. فالمرأة هي جوهر الحياة، وفي الحياة الحقيقية تكمن في الحرية، وما يجمع بين المرأة والحياة تكاملٌ حيوي، لأنهما تكملان بعضهما بعضاً، فالمرأة هي الحياة، ومن الحياة تكمن آفاق حقيقة المرأة. دوماً سنقول: ” المرأة، الحياة، الحرية “.