المرأة أساس تطوير الاقتصاد الاجتماعي
المرأة أساس تطوير الاقتصاد الاجتماعي
” أساس أي نضال هو الإرادة والعمل التعاوني
كي يكون للمرأة دورها الريادي في تطوير الاقتصاد المجتمعي”
كولي مراد علي
يقول القائد الأممي عبد الله أوجلان: “إذا لم تتحرر المرأة لن يتحرر المجتمع”، من هذا المنطلق يمكننا أن ندرك مدى أهمية تحرر المرأة من كل النواحي، لأنها أساس المجتمع والحجر الأساسي لبناء المجتمع، والمرأة لن تتحرر من تقاليد المجتمع البالية والذهنية الذكورية والأعراف التي كبلتها منذ مئات السنين إلا وأن لم تتحلى بالذهنية التحررية لأيديولوجية المرأة.
فالأقوال التي تتردد على أذهاننا دائماً مثل /أنتِ قاصرة، أنتِ ربة البيت فقط، ومهمتك الإنجاب فقط …الخ.
لا ننكر هنا؛ انحطاط هذه التقاربات، بل تعتبر من أدنى التقاربات. إن النظرية الصحيحة هي إنه: للمرأة القدرة على الوصول إلى درجة القدسية، وأن تربي وتنشئ جيلاً على الفهم والأخلاق، وتهيئ لهم البنية التحتية السليمة للقيام بدور إيجابي في المجتمع، والسعي لعمل كل ما هو نافع ويخدم مصلحة الوطن، وإلى جانب هذا علينا أن ننسى بأن الطاقة المجتمعية لدى المرأة إن لم تكن فكرية واجتماعية ومتحلية بثقافة المرأة – الأم لن تكون ناجحة في تكوين المجتمع الحر.
مهمتها لا تقتصر على إنجاب الأطفال والقيام بأعمال المنزل، وننوه هنا إلى دور المرأة في الاقتصاد كوننا كلجنة اقتصاد مؤتمر ستار نهتم بأمور المرأة من الناحية الاقتصادية. نرى أن أساس تطور الاقتصاد هي المرأة، وطبعاً لا نعني الاقتصاد الفردي أو الرأسمالي أو المادي بل نقصد الاقتصاد الاجتماعي الكومنيالي.
المرأة والاقتصاد
كما ننوه بداية إلى التقسيم العملي المحدد للمرأة والرجل في المجتمع أي المرأة لأجل البيت والرجل لأجل إدارة الشؤون الخارجية لمسنا الأثر السلبي لهذه المفاهيم على فكر المرأة، وخوفها من الانخراط في العمل الاقتصادي. ففي بعض الأحيان كانت المرأة ترى أن الاقتصاد والعمل في هذا المجال شيء غريب عنها، ولا يمت لها بصلة، وفي بعض الأحيان كان الخوف والقلق بادياً على المرأة، حيث كانت تفكر بالخسارة أولاً، وردة فعل الرجل (الزوج) حيال هذه الخسارة.
عدم النجاح في عمل ما مسموح للرجل، ذنب يستحق العقاب بالنسبة للمرأة حتى إن هذه المفاهيم المغلوطة تؤثر بشكل تلقائي على تربية الأبناء. منذ الصغر يتم إعداد الولد ليكون الأمر والمتحكم بالأمور الخارجية، ويتم إعداد البنت لتصبح ربة منزل عندما تكبر، وكل هذه المفاهيم إشارات استفهام تستدعي التوقف عندها، وتحليلها بشكل عميق، والجواب الشافي نجده في كتب القائد عبد الله أوجلان.
معنى الاقتصاد
إذا تطرقنا إلى دور المرأة في المجال الاقتصادي لابد من شرح مضمون كلمة الاقتصاد /اكو-نو موس/، والتي تعني في اليونانية قانون المنزل (قواعد ارتزاق وإعاشة المنزل)، وهو عمل المرأة. فالاقتصاد هو عمل المرأة والاقتصادي هو الذي يقوم بهذا العمل، لذا فإن الاقتصاد يمثل المرأة على هذا الأساس يمكن القول إن كافة التعاريف القائمة بشأن مصطلح الناموس حتى الآن هي تعاريف خاطئة لأنها تعني معرفة الذات، ومعرفة الذات تأتي من الحكمة والوعي والإدراك…
على النساء أولاً معرفة تاريخيهن، وعليهن معرفة النيوليتك والسوسيولوجيا والاقتصاد والفلسفة. بهذا الشكل ستصلن إلى معرفة ذواتهن. فالطبيعة والمرأة ضمن اتحاد متناغم، والقسم الأكبر من وسائل الإنتاج المادي من اختراع المرأة، وثقافة المأكل والملبس تحمل طابعها أيضاً. عندما تم الانتقال من الكهوف إلى الحياة في الريف، وأدت بالنباتات والحيوانات إلى ثقافة الزراعة والتدجين والتأهيل، تم صنع الأواني الفخارية بدءاً من أعوام 6000 قبل الميلاد تقريباً.
المرأة منبع الاقتصاد
حيث تسمو المرأة الأم في هذه الثقافة إلى ثقافة (الأم – الإلهة)، ويعزى سبب ألوهية المرأة في تلك الحقبة إلى القوة التي تمتعت بها في الميادين الخمسة الهامة للحقيقة، وأدائها دوراً رئيسياً في تطوير الزراعة والاقتصاد المنزلي، فقد ظهر الاقتصاد مع نشوء العوائل الزراعية الأولى بالتمحور حول المرأة، والاحتفاظ بالغلال وتخزينها، ولو بنطاق محدود بالإضافة إلى إمكانية التخزين في المستودعات هذا الادخار لم يكن لأجل التجارة أو السوق (كما يحدث الآن بغية الاحتكار والاستغلال) بل كان لأجل العائلة، وهذا هو الاقتصاد الإنساني الطابع الحقيقي الجوهر.
أداء المرأة دورها في مركز الاقتصاد أمر مفهوم، لأنها تنجب الأطفال وتغذيهم، فإن كانت لا تفقه شؤون الاقتصاد فمن عساه يفقه. لهذا السبب تحول الاقتصاد إلى مجموعة من القضايا الإشكالية لدى خروج المرأة منه في تاريخ المدنية عموماً، وفي الحداثة الرأسمالية خصوصاً يقول القائد عبد الله أوجلان: “الرأسمالية هي عدوة المرأة التي هي المكون والمنبع الأساسي للاقتصاد”، وبذلك ومع بداية ثورة روجآفا، تمَّ تشكيل لجنة خاصة بالاقتصاد ضمن تنظيم مؤتمر ستار حيث بدأت هذه اللجنة بأعمالها بشكل فعلي 2015، فالقائد يقول: “على المرأة أن تطور عن الكومنيات الاقتصادية وبنائها”.
على هذا الاساس تم التركيز بشكل رئيسي في عمل اقتصاد المرأة على بناء الكوبراتيفات بدءاً من كوبراتيفات زراعية صغيرة، ووصولاً إلى كوبراتيفات كبيرة تضم عشرات النساء هذه الكوبراتيفات، والتي كنا نلاقي صعوبة في تشكيلها وإيصال مفهومها للنساء لكن بفضل التدريبات والزيارات والحوار والنقاش، أصبح هناك إقبال كبير على الانضمام للجمعيات. ساهمت في إحياء الحياة التشاركية، والتي كانت مصابة بالجمود وبث روح التعاون وتوطيد الصداقة والمحبة بين أعضاء الجمعيات إلى جانب تقوية شخصية المرأة وإرادتها، والبحث عن ذاتها وكل ما كان مسلوباً منها.
في ظلّ الحداثة الرأسمالية، حتى وصلت بعض أعضاء الكوبراتيفات إلى درجة من التقدم وتطوير الذات، فأصبحن إداريات في لجان اقتصاد المرأة، وعمل اقتصاد المرأة بعيد عن الرأسمالية والربح المادي، بل نسعى لبناء مجتمع اقتصادي أيكولوجي لأن عمل الاقتصاد جزء من علم المرأة، والمحافظة على البيئة أهم أهداف هذا العلم.
الزراعة أساس الاقتصاد
العمل الزراعي من أولى أولوياتنا لأن الزراعة هي أساس الاقتصاد، وبلادنا بالمجمل تعتبر أرض زراعية حيث نمتلك مساحة 45ألف دونم موزعة في كافة مناطق شمال وشرق سوريا ماعدا حلب ومنبج حيث لا توجد في هذه المناطق أرض زراعية تابعة للحبة اقتصاد مؤتمر ستار، ويتم زراعة هذه الأراضي بكافة أنواع الحبوب /قمح – شعير- ذرة…./ بالإضافة إلى البقوليات عدس – حمص – كزبرة/.
بالإضافة إلى مشاريع زراعة الخضار، التي يتم فيها زراعة كافة أنواع الخضار إلى جانب مالا يقل عن 16ألف شجرة، وتأخذ تربية المواشي مكاناً كبيراً في جدول أعمالنا، حيث توجد ثلاث قطعان غنم موزعة في تربسبيه – كوباني – الرقة / ويبلغ عددها 1500 رأس، ومسمكة لتربية السمك، وهناك العديد من المشاريع التجارية والصناعية كمعمل لارا للحلويات، ومعمل للمياه المعدنية، ومعمل صناعة أكياس، وورشات خياطة وجمعيات لصنع المونة والكونسروة وأفران ومشاريع تنور صغيرة لعمل الخبز، وهناك أيضاً محلات لبيع المواد الغذائية وفي المدارس والأسواق ومحلات لبيع الملابس النسائية.
يمكننا القول أن لجنة اقتصاد مؤتمر ستار خطت خطوة لابأس بها في مجال الاقتصاد، وفتحت الطريق أمام الكثير من النساء للاعتماد على أنفسهن، وتأمين فرص عمل لعدد لابأس به من النساء، وأصبح لهن رصيد جيد من المشاريع لكن هذا غير كاف طبعاً. فالمرأة إن لم تكن مستقلة اقتصادياً لن تصل إلى حريتها بشكل تام. لذلك أدعو كل امرأة في شمال وشرق سورية، وجميع النساء في العالم إلى بناء اقتصادها الخاص بها، وقطع الطريق أمام الرجل لنهب اقتصادها وكدحها. أساس بناء أي مشروع أو عمل تكمن في الإرادة، والإرادة القوية تصنع المعجزات، وبالعمل التعاوني نستطيع تلبية حاجات المجتمع من الناحية الاقتصادية، وإنجاز العمل بالشكل المطلوب، وكما قال القائد: “ما لا تستطيع إنجازه بمفردك يمكنك إنجازه بشكل جماعي”.
العمل الجماعي أساس النجاح والمرأة لها الدور الفاعل في هذا العمل، وتعتمد فيه على التشاركية والروح الجماعية، لأنها اعتادت أن تشارك عائلتها لتوفير كافة المتطلبات الأساسية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية الضرورية لاستمرارية الحياة.
على المرأة التخلص من الصعوبات التي تقف في وجهها، كي تبني مجتمع سليم وصحيح. وتحافظ على الاقتصاد وتطوره، تعتبر بحد ذاتها ثورة، وحضور شخصيتها وتأثيرها على المجتمع، لأنها هي التي تبلور الاقتصاد سواء كان على الفرد أو المجتمع، وتجمعهم على الترابط الوثيق فيما بينهم، لها تأثيرها البالغ على حياة الأفراد ضمن المجتمع فهي التي تعلم الأفراد المشاركة وتقبل الآراء والعمل الجماعي.