آفاق الأمة الديمقراطية ودور المرأة

آفاق الأمة الديمقراطية ودور المرأة

“كي تكون المرأة صاحبة هوية

عليها العودة لجوهرها التاريخي،

 وأن تكتسب ذهنية نظام الأمة الديمقراطية”

وليدة بوطي

الأمة الديمقراطية: هو المفهوم الذي أصبح بمثابة الروح للشعوب والشرائح المجتمعية التي عانت من كوارث ومآسي الأنظمة السلطوية الاستبدادية عبر المراحل التاريخية التي مرت بها.

كمصطلح؛ الأمة الديمقراطية، هو جمع ما بين مفهومي “الأمة – الديمقراطية”، حيث يشمل المعنى الصحيح لكلمة “الأمة”، أي؛ هي المظلة الأساسية لـ الشعوب والأقوام التي تكون لها مصالح مشتركة وروابط تربط هذه الأقوام والشعوب معاً، روابط مشتركة (دينية، اجتماعية، ثقافية، جغرافية)، ولكي تكون الأمة (ذاتية – بمعنى تملك خصوصيتها المتنوعة الخاصة بها)، أي؛ كينونة مجتمعية، وتكون الأمة ديمقراطية تحكم نفسها بنفسها (الاعتماد على قوتها المجتمعية)، البعيدة عن مفهوم السلطة والقيود الطبقية، والمجرّدة من مفهوم الدولتية والغير محدودة بحدود سياسية، إنما تربطهم علاقات ثقافية وتراثية واجتماعية وتعايش تاريخي مشترك. والمرأة تمثل الشريحة الأساسية لتطوير واستمرارية هذه البنية المجتمعية.

التمدّن

إن ظاهرة التمدّن المليئة بالسلطوية، جعلت من المرأة والمجتمع والعائلة والأطفال والحياة الاجتماعية أسيرة بين جدران نظام سلطوي، بعيدة عن طبيعتها المجتمعية وبعيدة عن ممارسة حقوقها المجتمعية الطبيعية. وجعلها تبتعد عن العائلة والمجتمع، فظاهرة التمدن والمدنية التي تأسست على خلفية المجتمع الزراعي والقرية وتم التركيز على العلاقات التجارية والسوق والاستيراد والتصدير والاحتكارات أيضاً، حولت المجتمع إلى حشد من العبيد المجردين من هوياتهم وقدراتهم الطبيعية، فاتخذت بذلك حالة تناقض مع العلاقة التكافلية المبنية على المجتمع الطبيعي وبالتالي أثرت سلباً على المرأة والعائلة، وسببت الكوارث والحروب على البيئة والطبيعة والمجتمعات على حد سواء.

الحداثة الرأسمالية

الحداثة الرأسمالية التي تعد من أخطر الكوارث على المرأة والعائلة؛ لأنها تهتم بالجانب المادي فقط، وليس الفكري والأيديولوجي والثقافي الاجتماعي، واستخدمت المرأة كسلعة وملك للنظام السلطوي. وإذا ما قارنا بين مفهوم التمدّن والمدنية ومفهوم الأمة الديمقراطية, فإن التجربة العملية لثقافة الأمة الديمقراطية والتي تم تطبيقها على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا، تمثل الروح والإرادة الحرة لدى الأفراد، والمتجسدة في نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية.

 حيث تمت ممارستها خلال سنوات الثورة ومنذ 2011 ، ومع الميراث التنظيمي لتأسيس النظام الديمقراطي الذي استند إلى فكر وأيديولوجية حرية المرأة، التي تمثل حرية المجتمع والتي تستند إلى الأخلاقيات الاجتماعية للمجتمع الطبيعي المتمثلة في علاقات الصداقة مع المحيط المجتمعي والانسجام مع الطبيعة والبيئة.

 وهي بحد ذاتها تستند إلى مبدأ التنوع والتعددية من خلال تنظيم جميع الشرائح المجتمعية بكافة مكوناتها الاجتماعية والثقافية والمذهبية والدينية والعرقية بما فيها المرأة والشبيبة والأطفال، وتناضل ضد مفهوم هيمنة الدول القومية التي تستند إلى (الفكر الواحد، اللون الواحد، اللغة الواحدة، الثقافة الواحدة، والقومية الواحدة)، التي سببت الدمار والحروب للشعوب المتعايشة مع بعضها البعض.

إن المدنية تزداد فيها ظاهرة الطبقات والتحكم الأحادي الجانب، وتتقلص فيها العلاقات والروابط المجتمعية. أما الأمة الديمقراطية لها آفاق وأبعاد في جميع الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعدالة والمساواة بين الرجل والمرأة.

الأمة الديمقراطية يكون فيها المجتمع ديمقراطي أخلاقي أيكولوجي متناغم مع الطبيعة والبيئة، والعلاقة بين الرجل والمرأة على أساس المساواة، وتكون القواسم المشتركة بين جميع الكيانات الموجودة فيها هي العيش المشترك.

مشاركة المرأة

 إن مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية بكل جوانبها على نهج الأمة الديمقراطية هي عودة طبيعية لجوهرها الحقيقي، ويتم ذلك من خلال تنظيمها الخاص وبشكل فعّال. من خلال تحليل تنظيم المرأة (تنظيم مؤتمر ستار -كونگرا ستار – Kongra Star)، وكفاحه ونضاله وبالاستناد إلى تحليلات المفكر عبد الله أوجلان تم التأكيد على حقيقة تعرض جنس المرأة للاستعمار الجنسي تاريخياً واجتماعياً, وخلقت الأرضية المناسبة لأجل تحرير المرأة, واعتبرت التحرر الجنسوي مبدأً أولياً للتحرر الاجتماعي ومنح المرأة مكانةً واسعة، للانضمام إلى صفوف النضال والمجالات التنظيمية المجتمعية.

قدّم المفكر والقائد عبد الله أوجلان، ولأول مرة في تاريخ كردستان والشرق الأوسط، تحليلات موسعة وعميقة بصدد قضية المرأة – علم المرأة – ثقافة المرأة – المرأة والعائلة – المرأة والعائلة الديمقراطية – المرأة والتنظيم المجتمعي …الخ  ونمط العلاقات والحياة القائمة وتناول ثورة الحرية كقاعدة أيديولوجية وكنشاط فلسفي وركيزة هامة.

 كما أكد القائد عبد الله أوجلان:

“أن المرأة الأكثر جمالاً هي المرأة التي تعيش بحرية أكبر, بالنسبة ليّ حرية المرأة أهم من أي شيء آخر, لأن الارتباط بين المرأة المضطهدة والرجل السلطوي لا قيمة له, كما أنه لا يوجد شيء أجمل وأثمن من الارتباط بين امرأة حرة ورجل تحرر من السلطوية بالكامل”.

وكما أشاد القائد  أوجلان إلى أن نثق بأنفسنا وقال:

 “الحرية والمساواة تتحقق بحل قضية المرأة, ولهذا فإن ثورتي هي ثورة المرأة”.

 علينا التوضيح بأن ميراث النضال والكفاح الذي استمر منذ  50 عاماَ من قبل النساء الكرديات وانضمام الكثير من النساء من مختلف القوميات، وبعد مسيرة طويلة من العمل والكفاح لسنوات طويلة، وقبل اندلاع ثورة 2011 ، كانت منظمة وجاهزة للإعلان عن ثورتها الحقيقية, ألا وهي ( ثورة الأمة الديمقراطية هي ثورة المرأة).

تنظيم مؤتمر ستار

تنظيم مؤتمر ستار الذي بدأ باتحاد مجموعة من النساء باسم “اتحاد ستار” في عام 2005 ليكون الانطلاقة الأولى لـ حركة نسوية على مستوى روجآفا ومن ثم شمال وشرق سوريا، لتصل إلى مستوى لعبت دورها في بناء الإدارة الذاتية وأصبحت المرأة ريادية وتأخذ مكانها ضمن جميع الهياكل التنظيمية في نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا، وتصل إلى مراكز صنع القرار من خلال نظام الرئاسة المشتركة، وقدمت تضحيات كبيرة لإنجاح هذا المشروع.

هذا النهج الذي أعطى للمرأة دوراً فعالاً وفتح أمامها آفاقاً كبيرة؛ لتكوين شخصيتها التي كانت ضائعة في طيات النظام الأبوي السلطوي، وفتح لها آفاقاً من المعرفة لتتعرف على تاريخها الذي لم يدوّن، وجوهرها الذي كان منحصراً ضمن نظام بعيد عن حقيقتها التاريخية، ولتعود إلى طبيعتها المجتمعية انتهجت نهج الأمة الديمقراطية.

التجربة العملية للمرأة في سنوات الثورة (ثورة 19 تموز) وما قبلها، ومن خلال مشاركتها الفعّالة في تنظيم النساء في المجتمع، هي تجربة فريدة تضاف إلى المسيرة النضالية التي بدأتها ضد نظام العبودية الذي فرض عليها تحت مسميات عديدة، الدين، العرف، العقلية العشائرية، العادات والتقاليد، وحالة الضياع التي عاشتها عبر التاريخ.

منذ بداية الحراك الشعبي في سوريا؛ أخذت المرأة مكانها في هذا الحراك وعلى كافة الأصعدة والمستويات، ولأنها؛ كانت تملك الأرضية التنظيمية قبل الثورة، ومن خلال تنظيمها الموجود، انخرطت منذ اليوم الأول لثورة روجآفا شمال وشرق سوريا في هذا الحراك، فوسعت تنظيمها ضمن أبعاد الأمة الديمقراطية.

فهي بدأت من نظامها التحتي أي (الكومينات)، التي هي أصغر وحدة مجتمعية تضم مجموعة من الأفراد الأحرار من الجنسين في جغرافية مشتركة تأخذ المرأة فيها دورها، ممثلة عن نساء الكومين وفي المجالس أي الهيكلية الإدارية للإدارة الذاتية الديمقراطية، من القرية والنواحي والمناطق، وصولاً إلى تنظيم المقاطعات (كانتون) والإقليم، وليكون تنظيماً اجتماعياً استند في تنظيمه على المجالس واللجان ومنظمات المجتمع المدني والتعاونيات.

ومن أجل تأمين احتياجات المجتمع في ظل الديمقراطية بعيدة عن الاحتكار لوسائل الإنتاج، وليتسم بسمته الأساسية وهي سيادة الملكية الجماعية والعمل الجماعي التشاركي، ضمن شروط محددة وذلك من خلال الاقتصاد الكومينالي. فدور المرأة هام كي تأسس مجتمع متعاون ومتساوي ومتوازن في ما بينهم وبناء الاقتصاد الاجتماعي الديمقراطي.

ومن الركائز الأساسية للأمة الديمقراطية (الأكاديميات)، التي تشكل الحجر الأساسي لبناء مجتمع ديمقراطي سياسي أخلاقي، وله الدور الأهم في توعية المجتمع، لمعرفة ذاته، وتغيير الذهنية السلطوية المكتسبة من النظام السلطوي الذكوري.

الأمة الديمقراطية

تعتمد الأمة الديمقراطية على القوة الديناميكية الأساسية في المجتمع، وهي المرأة والشبيبة، وما ميّز ثورة إقليم شمال وشرق سوريا عن باقي الثورات، هي قيام المرأة بعدة ثورات على نهج الأمة الديمقراطية ضمن ثورة واحدة، وعبر تنظيمها الخاص الذي يستند إلى فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان وأيديولوجية تحرير المرأة، واستناداً على الإرادة الحرة للمرأة التي تمثلها ضمن تنظيمها الخاص، وكضمان لحقوقها الكفيلة بتحررها من القيود التي كبلتها لآلاف السنين.

حيث عكست بحالة من الوعي السياسي والاجتماعي، وبتضامن نساء من جميع المكونات الموجودة من كرديات وعربيات وإيزيديات وسريانيات وآشوريات وكلدانيات وأرمنيات وتركمانيات وشركسيات …الخ وشكّل قوة التغيير في الحالة الموجودة في المجتمع إلى حد ما، مما أثر على العالم أجمع وحققت إنجازات كبيرة أبهرت العالم بها.

كان للمرأة دوراً بارزاً في تطبيق مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية التي تستند على فكر الأمة الديمقراطية، والتي تتخذ من التعايش المشترك بين كافة الشعوب والقوميات والمذاهب والأعراق أساساً له، والتمثيل المتساوي بين الجنسين والذي يمثل روح الشراكة في العمل، وتطبيقاً لمبدأ الرئاسة المشتركة من أصغر وحدة وهي الكومين وصولاً إلى أعلى المستويات في الإدارة، في نموذج مغاير للصورة النمطية السائدة في أسلوب الإدارة المركزية (الدولتية)، النابعة من الذهنية السلطوية الذكورية ولمنع التفرد في اتخاذ القرارات. التشاركية الإدارية تعني وصول المرأة والرجل معاً إلى مستوى الحرية والديمقراطية والعمل المشترك ضد كافة المفاهيم الرجعية والتخلص من جميع أشكال العبودية والتسلط وتحقيق الحرية لكلا الجنسين.

ضمن هذا النظام الديمقراطي وجدت المرأة نفسها مسؤولة عن تطوير استراتيجيات سياسية، وعملت على عقد تحالفات واتفاقيات مع تنظيمات نسوية؛ لتعزيز السياسة الديمقراطية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. الإرادة القوية التي تحلت بها المرأة، منحتها شخصية مستقلة سياسياً تستطيع الدفاع عن ذاتها وحماية حقوقها، ولتحقيق الاقتصاد الكومينالي تأخذ المرأة على عاتقها العمل لتطوير الاقتصاد المجتمعي على أساس الجمعيات التعاونية، وتطوير الكدح والجهد والتوزيع العادل بعيداً عن الاحتكار والاستغلال ومرتكزات الحداثة الرأسمالية، التي تعتمد على الصناعوية والرأسمال المالي.

 كلما استطاعت المرأة أن تكون قائمة بذاتها ولذاتها وتخرج نفسها من كونها تابعة ومملوكة، كلما كان مفهوم الامة الديمقراطية قريب من المجتمع المحيط وفق مرتكزات الحداثة الديمقراطية التي تعتمد على الصناعة الايكولوجية والاقتصاد الكومينالية.

 كما لعبت المرأة دوراً مهماً لتطبيق مفهوم العدالة الاجتماعية، وحل قضايا الأسرة والمجتمع وحل مشاكلها بشكل عادل، بالاستناد على المبادئ الأخلاقية في العدالة والمساواة لبناء العائلة الديمقراطية وفق الحياة التشاركية، وذلك من خلال لِجان الصلح بعيداً عن المحاكم، فكان قانون الأسرة من الإنجازات التي حققتها (ثورة المرأة) في الأمة الديمقراطية، والتي كانت جواباً ضد مفهوم التمييز الجنسي الذي يعتبر من رواسب النظام السلطوي الذكوري، وتحقيقاً لمبدأ المساواة وحماية المرأة من الاعتداءات، والحفاظ على حياتها من حالات القتل والعنف الممارس ضدها.

شكّلت المرأة ضمن تنظيمها الخاص؛ منظومة دفاعية تتمثل في قوات الحماية الجوهرية الخاص بالمرأة، وضد مفاهيم العبودية والاستغلال ومفهوم الملكية السلطوية التي تتحكم بالمرأة تحت مسميات مختلفة مثل؛ مفهوم الشرف المكرّس في النظام الأبوي المتحكم بالمرأة إلى درجة إنهاء حياتها، والذي حول المجتمع إلى مستعمرة للسلطة الأبوية في شخص المرأة. ومن جانب آخر أسست قوات حماية للمرأة في نظام وحدات حماية المرأة YPJ، وقوى الأمن الداخلي للمرأة، لتكون قوة الحماية ضد كافة أشكال الحرب والهجمات الأيديولوجية مثل؛ الحروب النفسية والتشويه والتضليل بأساليب قاسية من مجازر وحروب، ومحاولات كسر الإرادة والقوة الموجودة في المجتمع في شخص المرأة.

حيث تم توثيقها من الناحية الحقوقية والقانونية في العقد الاجتماعي المادة 111 كما يلي:

وحدات حماية المرأة:

1 – الدفاع الذاتي حق للمرأة وواجب عليها، ولها الحق في تنظيم نفسها ضمن تشكيلاته.

2 – وحدات حماية المرأة هي قوات الدفاع المشروع عن المرأة والمجتمع وتنظم نفسها بشكل خاص ضمن قوات سوريا الديمقراطية.

 ولمواجهة تهديدات الدول القومية؛ كانت لوحدات حماية المرأة وقوى الأمن الداخلي للمرأة في المنظومة الدفاعية، الدور الأهم في ترسيخ الأمة الديمقراطية، من خلال الانخراط في هذه المنظومة من جميع المكونات والقوميات والإثنيات الموجودة داخل الأمة الديمقراطية.

من أجل تطوير الفكر التحرري للمرأة ضد الصورة النمطية التي رسمها النظام السلطوي الذكوري ونظام الحداثة الرأسمالية؛ فإن منظور الأمة الديمقراطية للحماية ليس فقط حمل السلاح، إنما التعبئة الفكرية من أجل الحماية ضد كافة أشكال الحرب الخاصة على  المرأة.

دور إعلام المرأة في نظام الأمة الديمقراطية

ولكي يصل صوت المرأة في هذه الانطلاقة التاريخية، وطرح قضايا المرأة إلى العالم الخارجي، كان للمرأة دور كبير في البعد الإعلامي في الأمة الديمقراطية في ظل المتغيرات التكنولوجية، فقد أحدثت ثورة في مجال الإعلام، وعملت على مناصرة المرأة وطرح قضاياها من أجل الحل، وطرح مفاهيم المساواة والعدالة والحرية والواقع الاجتماعي الذي تعاني منه ضمن المجتمع، من خلال وضع استراتيجيات في المجال الإعلامي، لتجاوز المفاهيم الرجعية التي تحط من شأن المرأة، وإعطاء الصورة الحقيقية للمرأة بجوهرها الطبيعي، بعيداً عن السياسات العدائية التي يكنها النظام الدولتي السلطوي.

المرأة روح الأمة الديمقراطية

ولكي تكون المرأة صاحبة هوية وجوهر حقيقي والعودة لجوهرها التاريخي؛ عليها أن تكتسب روح الأمة الديمقراطية، وأن تمتلك آفاقاً واسعة تتناسب مع آفاق الأمة الديمقراطية، والكفاح من أجل بناء عائلة ديمقراطية ذات معنى وجوهر مفعم بالروح والعدالة والمساواة، وأن تكون ذات قوة وإرادة حرة؛ يتطلب منها أن تكون ذات فكر تحرري وسياسة ديمقراطية، وأن تعزز مبدأ الرئاسة المشتركة في سياستها.

عندما نطرح نظام (الرئاسة المشتركة)، لا يقصد به المساواة بين الرجل والمرأة فقط، إنما تقاسم المهام  والمسؤوليات، والتعاون في ما بين الجنسين وبين المرأة والمرأة/ والرجل والرجل أيضاً. بمعنى أصح؛ احترام المرأة علاقتها مع الرجل وعدم استصغار جنسها.

لذلك؛ من أجل الوصول بالمرأة والرجل والمجتمع معاً إلى حياة تسودها العدالة والمساواة، ويتم من خلالها استيعاب الحقيقة المجتمعية الأخلاقية السياسية، والدعم المتبادل بين الجنسين، على مبدأ التكافؤ والتكافل الاجتماعي، فالمسؤوليات أمامنا كبيرة في مواجهة التحديات التي تعترض سبيل حرية المرأة.

 لازالت العقلية المتحجرة موجودة في البنية المجتمعية، ولازالت المرأة تُقتل وتُعنف، ولا زالت العادات والتقاليد تعيق عملية التغيير الذهني في المجتمع،  وتحط من شأن المرأة وتعيق تطورها في بعض الأماكن، وهذا يضعنا أمام مهام كبيرة لتجاوز هذه الآلام والمآسي، والتي هي بلاء على المجتمع، فقد قدّمنا تضحيات كبيرة من أجل قضية المرأة، ولازلنا نقدم، من أجل بناء مجتمع ديمقراطي بكل مكوناته وشرائحه المجتمعية، وعندما نتوصل إلى الحقيقة التاريخية لمجتمعنا، وقتها نكون قد رسخنا مفهوم الأمة الديمقراطية بمضمونها الجوهري والتي توحي بامتلاكنا للإرادة الحرة.