العلاقة بين الحركات النسوية ومفهوم السلطة

 

العلاقة بين الحركات النسوية ومفهوم السلطة

“حركة تحرر المرأة الكردستانية

سعت بالدرجة الأولى على تجيش المرأة

وأثبتت أن المرأة قادرة على حمل السلاح

والتقدم فكرياً وسياسياً وفلسفياً”

نزيفة محمد خلو

 

النسوية هي نظرية اجتماعية وسياسية تهدف وتطمح إلى تغيير الطريقة التي تنظر بها المجتمعات إلى النساء كأفراد في المجتمعات. وهي فلسفة تحاول الكشف عن السمات الذكورية للمجتمعات المختلفة، أي تلك المجتمعات التي تظهر فيها الهيمنة التقليدية للذكور على الإناث.

تضم هذه الفلسفة في طياتها مجموعات متنوعة من الحركات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والجنسية، هدفهم المشترك والأساسي هو الكفاح لتحرير المرأة وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، والقضاء على كافة أشكال التمييز القائم على أساس الجنس.

فالعقل يُعد الأداة المشتركة لجميع البشر. حرية الفرد هي أحد الأهداف الأساسية للحركات النسوية، ومن الحركات النسوية: الفلسفية والليبرالية والاشتراكية والنسوية ما بعد الاستعمار والنسوية السوداء وحركة تحرير المرأة الكردستانية.

الفامينية

 فالحركات الفامينية كل منها على حدا طالبت بالمساواة بين المرأة والرجل، فحققت نتائج ليست قليلة على هذا الصدد ولكن لم تكن كافية بما فيه الكفاية، بينما حركة تحرر المرأة الكردستانية طالبت أيضاً بتحرر المرأة على كافة الأصعدة ولاقت نجاحاً عظيم سطره التاريخ وسيُسطر في المستقبل.

فالمتتبع لتاريخ الحركات والمؤسسات النسوية يجد أن جذورها بدأت في القرن التاسع عشر في إنجلترا ثم امتدت حتى وصلت إلى فرنسا والولايات المتحدة. نحن بحاجة إلى ثورة والمقصود هنا “ثورة فكرية إيجابية” تساند وتدعم المرأة وتطيح بالعادات السيئة التي قوضت من حرية المرأة، فلا يخفى على الجميع وأد الفتيات في العصر الجاهلي خوفاً من العار، وختان الإناث، وغيرها الكثير والكثير من الوساوس الخبيثة التي غزت عقول الرجال سواء كان أب أو أخ أو زوج.

فنحن نؤمن وبشدة بمقولة القائد عبد الله أوجلان:

“أن تحرر المرأة يعني تحرر المجتمع”. فالمرأة بالنسبة له هي مفتاح الحياة، ففكر القائد عبد الله أوجلان جاء لإحياء المرأة وإخراجها من الظلام لترى نفسها قيادية في جميع مجالات الحياة. ثمة من يقول إن المرأة هي نصف المجتمع، ولكني أرى أن المرأة هي كل المجتمع لأنها هي التي تربى النصف الآخر من المجتمع وتنشئه، وعلى عاتقها تقع تلك المسؤولية؛ فالمرأة هي كل المجتمع وليست نصفه، ورغم هذا، فقد عاشت المرأة الكردستانية على مدار عهود طويلة لم تنل حقوقها بالقدر الكافي، بل عانت تلك المرأة عبر العصور، من الظلم والجور والاضطهاد بسبب هيمنة المجتمع الذكوري والعقلية الذكورية التي طغت على أفكارها وجعلتها مجرد آلة.

انتفاضة المرأة

 فكلما حاولت المرأة الانتفاضة في وجه هذه العقلية والعادات والتقاليد البالية هيمنتْ السلطة الذكورية عليها، بيد أن الكردستانية ناضلت عبر التاريخ ضد العنف والعنصرية، وقدمت للتاريخ أجمل صور البطولات، فمنهن من كن من الأسر الحاكمة، وكن ينفقن على الناس والعجزة والمساكين، ويُوقفن على المدارس، ويجلبن الأطباء والصيادلة ليصنعوا أدوية وعقاقير ويوزعنها على الضعفاء والمرضى. فدافعت وبكل جدارة عن شخصيتها الإنسانية والقومية.

ونستطيع أن نذكر بعض الأمثلة من حيث نضالها ومرور مسيرتها، فسطرت في التاريخ حروفاً من النور الساطع كالشهيدة ساكينة جانسيز، ليلى قاسم، بيريتان، شيلان … الخ

 من الشهيدات العظيمات اللواتي أفنوا أرواحهن من أجل حرية المرأة والمجتمع، أفنوا أرواحهن لأنهن على دراية كاملة وتامة أن المرأة تتعرض للعنف في كل يوم ودقيقة ولحظة، فكن هن طريق النجاة لجميع النساء بأرواحهن وداماءهن الطاهرة كن شعلة النور الأولى للمرأة بطريق التحرر.

فقد كان للمرأة الكردستانية دور كبير في الأحداث التي حدثت في سوريا والمجتمع الكردي كونها جزءًا لا يتجزأ منه، وشاركت بجانب أخواتها الثائرات ضد الظلم. ونادت بالحرية بصورة عفويّة، لأنها كسرت قيود العادات والتقاليد والأعراف، وكانت تُعانى الاضطهاد والتجاهل، وهدمت جدار الخوف، اثبتت نفسها بنظام الرئاسة المشتركة على أكمل وجه، فأخذت بتنظيم المجتمع والعمل بكافة المجالات.

المرأة الكردستانية

وها هن النساء الآن بفكر حركة تحرر المرأة الكردستانية اثبتن للعالم انهن اداريات وقياديات وعالمات على شؤون المجتمع، فهي قوة التغيير في المجتمع حملت رسالة إنسانية في تغيير المفاهيم المجتمعية تجاهها من خلال انتفاضتها لتحقيق العدل والمساواة بين كافة أبناء الشعب بغض النظر عن القومية او الطائفية…الخ

على أساس القيم الأخلاقية والإنسانية للشعوب ونجحت في هذه الخطوات الجبارة من خلال التطبيق على أرض الواقع الذي لاقى ردوداً إيجابية تجاه التغيير والتنظيم. واستطاعت أن تؤثر على المجتمع الذي تعتبر هي بدورها من أساسيات تكوينه وتطوره ولأنها مربية الأجيال وصانعة الحضارة فيجب الاهتمام بهذا النوع من التغيير بناء على فلسفة وفكر القائد الأممي عبد الله أوجلان، الذي أنار للمرأة طريقها نحو الحق والحقيقة والعدل والمساواة من خلال التركيز على أهمية دورها والتعريف به منذ تكوين البشرية إلى يومنا الراهن.

 فمن هذا المنطلق يجب على النساء أن تحمل هذه الراية وأن تقف في وجه كافة أنواع الظلم والقهر الذي تتعرض له من خلال العمل والنضال، والتسلح بالعلم والمعرفة بشكل أكبر للحفاظ على ما حققته من مكتسبات، وإنجازات خلال الفترات الماضية وأن تقف في وجه كل من يريد أن يكسر من إرادتها الحرة.

 الحركات النسوية تعتبر مقاومة للسلطات ولا ترتبط بينهما أدنى علاقة، فهذا الصراع قائم على مدى آلاف السنين بين النساء والسلطة، فعلى سبيل المثال حركة تحرر المرأة الكردستانية ناضلت وقاومت ضد الذهنية السلطوية منذ بداية تأسيسها ومازالت تقاوم حتى يومنا الراهن.

 استطاعت أن تبرهن للعالم بأجمعه أن المرأة قادرة وكانت الناقد للحركات النسوية كـ الحركة الفامينية لأنها لم تستطع أن تنظم نفسها بما فيه الكفاية ولم تعمل على تجييش المرأة.

 فعلى هذا الأساس بقي نقص كبير جداً بالنسبة لانتصار الحركات الفامينية على عكس حركة تحرر المرأة الكردستانية التي سعت بالدرجة الأولى على تجيش المرأة. وأثبتت أن المرأة قادرة على حمل السلاح ومواجهة أعدائها وجهاً لوجه إضافة إلى مواجهة أعدائها فكرياً وسياسياً وفلسفياً.

من هنا ومن غير المتناقض وحسب قناعاتي بأن الحركات النسوية مهما كانت تنادي بحرية المرأة والمجتمع فإنها تحتاج لأيديولوجية ثورية ومجتمعية تكون بالمستطاع تغيير المرأة أولاً وبعدها الرجل وكافة المجتمع. فالحركات النسوية الناجحة هي البعيدة عن الذهنية السلطوية، بل مجتمعية بكل معنى الكلمة. وتجربتنا أمام العيان، رغم أننا في بداية المسير ولكننا على يقين بأننا وصلنا لتلك القدرة على إيصال المرأة إلى المستوى الواعي والثقافي والاجتماعي وأن تحيا بطبيعتها.

حتى ضمن هذه التجربة ما زلنا نتخبط في بعض الأخطاء والنواقص، ولكننا كـ نساء نحتاج أكثر من أي وقت مضى للخوض في غمار المفاهيم التحررية وأن نحرر فكرنا من قيود العبودية والسلطوية التي لا تمس طبيعة المرأة أبداً.

لي كل الثقة بأن الثورة الأساسية لكافة الحركات النسوية تبدأ من الثورة الذهنية والمعرفية.