الحياة النِديِّة الحرة … الذكاء العاطفي – الذكاء التحليلي
الحياة النِديِّة الحرة … الذكاء العاطفي – الذكاء التحليلي
“من آفاق المرأة إلى حرية المرأة،
ستكون اللغة التشاركية أكثر تأثيراً
لخوض وقيادة عصر يحمل فلسفة الحياة النِديِّة الحرة”
هيزل أنگين
لنا في التاريخ حقائق، والحقائق تنمو بالذكاء والعقل، بالمعرفة والمقاومة، بالفشل والنصر، بكل الخطوات والملاحظات يتكون فيها معنى وقيمة الوجود، ولكن اللوحة عندما تكون ناقصة علينا البدء بالبحث عن الحقائق المخفية، أو التي تمت إخفائها. نبدأ بالبحث والتساؤل ونصبح أمام الواقع للجانب الآخر للحقيقة، ونسعى للوصول إلى الجواب والبحث للعثور على النصف الآخر للوحة الناقصة.
تبدأ مسيرة الإنسان بالتحرر الذهني والتعرف على الحقائق. يحتاج لتعريف الحقائق، لأن الثورة الذهنية أعظم مسيرة للخلود على درب الحياة النِديِّة الحرة. وهنا الإنسان مع الوصول إلى لغة الحياة، يترك وراءه صفحات تاريخية، لأن المقاومة تمثل أعلى مستويات العقل والسمو على مسرح المجتمعات، ومن خلالها تكونت أمجاد الأمم، وبدأت المسيرة في تاريخ البشرية؛ أولاً: برسم الماضي ونحتها على الجدران، وهنا بالذات الإنسان اكتسب قوة العقل المجتمعي وترسيخ الأفكار، وكانت تمثل به الأمل في الاكتشافات والتصعيد والتنوير على درب المجتمعات.
وعبر هذا الصراع تكونت بذرة “نواة” العقل الاجتماعي ووصلت إلى ذهنيات لتجعل الحقائق دائماً هدف للإنسان والأمل غاية الحياة، بدلاً من تمثيل وحماية الحقائق بكل معنى الكلمة.
باختصار: لأجل إعطاء الجواب لهذا السؤال: علينا أولاً البحث للوصول إلى فك عقدة الحقائق ونكون نحن الجواب؟ ونكون نحن من يكتب ذلك الجواب، وليس من يقرأ الجواب؟
لأننا دائماً كوننا من الذين يقرؤون ويتبعون العقول ونقبل بالمثل لتلك الحقائق، لأننا الأمل في الواقع الراهنة، علينا الخلاص من القيود في عقولنا، القيود في عواطفنا، القيود في الإرادة والثقة والقرار، القيود في الروح. علينا محاربة القيود في ذهنيتنا، وفي كل حياتنا الذي جعلت الإنسانية مجردة من الواقع الأخلاقي والسياسي. أهمية دور المجتمعات وحتى كلمة (التشاركية) وصلت إلى وضع لا محل له من الإعراب في ذهنية المجتمعات وهي واضحة في علاقة المرأة والرجل، وفي علاقة الفرد – المجتمع، وكذلك الأمر في علاقة المجتمع – الطبيعة.
الذكاء العاطفي والتحليلي
إذا كانت العواطف تمثل نواة بناء الحياة المتناغمة، إذاً المعرفة والوعي جزء لا يتجزأ من تكوين العواطف، وهنا يمكننا القول بأن التشاركية أولى خطوات التكوين في نمو الكون والطبيعة والإنسان لتعبر عن ذاتها الحرة. وهنا نصل إلى نتيجة، بأن المجتمع من ولادة الطبيعة، والطبيعة من المقاومة والتطور التدريجي للكون أنشأت نفسها وبدون شك مسيرة المجتمعات التي كانت شاقة للغاية ولغة الممارسة فيها كانت عميقة جداً، وإصرار الحياة فيها كانت قوية لأبعد الحدود.
والكون بحد ذاته عنوان لتحريك القوة في المادة وانفجارها إلى الطاقة في الطبيعة ولها أبعاد وتحمل في داخلها الصراع والتفاؤل والتشارك في لغة التحرير والتغيير والتحول وبها حلت “سر الوجود”.
الإصرار في الوجود هو الإصرار في استمرارية الحياة، ومن هنا يأتي قيمة ودور الذكاء العاطفي والتحليلي في حياة البشر بشكل عام. تكونت عبر روح واحد وتقدمت تدريجياً، نعم حيث تحرير الكون لذاتها، تعطينا آفاق بأن الكون بحد ذاته يمثل التكوين.
وأنا على قناعة: بأن الذكاءين العاطفي والتحليلي لا ينفصلان عن بعضهما البعض، لأن لكليهما وجود تعريف وتعبير خاص ولكن مرتبطة ببعضها البعض. وحقيقة المجتمع ذو طابع يمثل العواطف والأحاسيس والتعبير، ويمثل الفكر والإرادة والقرار. ولكن الخطأ هنا: أحياناً نرى كل شيء من حولنا مجرد مادة بلا روح، ولكن هذا بحد ذاته صدمة.
ومن هذا المنطلق علينا إعطاء التفسير الجديد لدور الذكاء العاطفي والذكاء التحليلي وذلك على الشكل التالي:
- الذكاء يمثل خلود الروح لدى الإنسان
- العواطف تمثل قوة الإدراك
- التحليل يعطي قوة الرؤية والإستيعاب في نمو المعرفة
- من خلال وحدة الذكاء والعواطف والتحليل يتكون أسطورة الحياة. وهنا تصبح التشاركية ذو تأثير وذو معنى في نمط العقل الاجتماعي. علينا إعادة التعريفات الجديدة في المسار الذهني للإنسان وما فيها المجتمع حيث مصطلحات لها أهمية وقيمة في حياتنا، وعلينا الوقوف عليها بدقة.
اللغة التشاركية
على سبيل المثال: ما هو الذكاء – العلم – العاطفية – التشاركية – التحليلي؟
الحياة النِديّة الحرة وما شابه، وسر كل هذه الكلمات تنبع من اللغة التشاركية. وإنها ليست بكلمات عفوية إنما لها أبعاد تاريخية وذو جذور لا يمكن تحريفها وإزالتها بسهولة، لأنها تمثل القيم المقدسة في الحياة البشرية ولا يمكن قبولها كما هي في عصرنا، لأنها انحُرفت وخرجت عن جوهرها، ونستطيع القول الحقائق تكوينية أكثر مما تكون تركيبية.
ومن هذا المنطلق علينا فهم الحقائق والأجوبة على كل سؤال في حياتنا ولماذا؟ لأن النظريات العصرية ومع طمس الحقائق أوصلت المعايير إلى تعريفات منحرفة بمعنى الكلمة وباتت تخدم الذهنيات السلطوية والهيمنة العالمية حيث وصلت إلى درجة وصف العواطف كـ مادة يتم الاستفادة منها بطريقة لا أخلاقية، والمعرفة أصبحت وسيلة التحكم.
حيث المرأة أخذت حصتها من العواطف المجردة من الأخلاق والسياسة. والرجل أصبح المعرفة على حافة الهاوية، لذلك
دور الرجل والمرأة عبر الحياة التشاركية تمثل لغة الإبادة والعنف وخالي من القيم، وأصبح الواقع يعود إلى فصل المرأة من الحياة والقيم وحتى عن تمثيل دورها ووجودها كـ إنسانة، وأصبح الرجل في قوله وعمله وجوهره خالي من الحقائق، وعلينا إعادة الحقائق إلى الحياة من خلال تحررها عند المرأة والرجل معاً، وخاصةً يجب إزالة القناع عن حقيقة الرجولة المزيفة وانفصالها عن القيم، ويتطلب العمل والنضال الدؤوب للوصول للنتيجة المرجوة.
والآن سؤالنا هنا:
كم ثورة قامت ولفظت بكلمة التشاركية؟ كم ثورة قامت لأجل تحرير المجتمع الأخلاقي – السياسي؟ طبعاً الجواب عندكم. لهذا نقول تواجدت المقاومة والبطولة دائماً لأجل الحياة النِديّة الحرة، ولكن لم تستطع وضع الحلول الجذرية باسم التشاركية لأنها دائماً استندت على الذهنية الذكورية السلطوية في طليعة الأسرة والمجتمع ولا سيما في علاقة الرجل والمرأة.
ولذلك عندما نتطرق إلى موضوع (أهمية الذكاء العاطفي والتحليلي)، سنجد إنها ذو أبعاد ولها جذور وقطعت أشواطاً كبيرة إلى يومنا هذا. بدون شك، عاشت لحظات وصراعات قوية لم تبقى كما كانت ولكن سؤالنا هنا بالذات؛ هل عاشت تلك المراحل بشكل سليم من الناحية الذهنية أم انحرفت باسم الإنسانية؟ هل كانت الجواب لقضايا المجتمع والحياة؟ أم عمقت من الأزمات؟ هل مثلت روح التشاركية بين الرجل والمرأة أم أخفت هوية المرأة؟ هل حررت وأسست مؤسسة الزواج لخدمة التشاركية؟ أم أنها أخذتها مع ذهنية التمُلك؟ وهل يمكننا الاستناد على تلك المبادئ في عصرنا هذا؟
الوعي والمعرفة
إذاً لماذا نحن بحاجة للمعرفة؟ وهنا الجهود التي بذلها المفكر والقائد عبد الله أوجلان، وخاصةً في عنونة العصر ألا وهي “القرن الواحد والعشرين سيصبح قرن المرأة الحرة”. طبعاً الأجوبة تحمل في داخلها شعار ساحر ألا وهو “المرأة، الحياة، الحرية”، وبالاعتماد على آفاق المرأة سوف نصل إلى الجواب الصحيح إلى كيفية إتقان الوعي التاريخي لدور المرأة والرجل في كسب الذهنية التشاركية وعبر محاربة التعصب الجنسوي، التي تعتمد على نفي المرأة والمجتمع والطبيعة والكون عبر التسلط والخروج من مبادئ الحياة التشاركية والمقاييس الأخلاقية والسياسية.
ومع توقيت القرن ولغة العصر الذي نحن فيها: سنجد بأن هنالك مهام تاريخية تقع على عاتقنا وخاصةً في تحليل الحقائق على جذورها الفكرية والأخلاقية والسياسية (لأننا أعظم جواب لسؤالنا)، عندما نرى هذه الحقائق سوف نناضل لأجل تحريرها وستكون بالنسبة لنا امتحان في كسب الحياة النِديّة الحرة، وذلك عبر وحدة الذكاء العاطفي والتحليلي معاً، وفي التحرير من كل الذهنيات الجنسوية باسم الحياة المجتمعية، وهذا هو المفتاح لفتح باب مسيرة نهج الحياة التشاركية الحرة.
التغيير الذهني
والجانب المهم هو التعبير الذهني الذي يمثل معنى الوجود المجتمعي وهنا بالذات سوف نصل إلى الجواب الكامل لسؤالنا: لأن المعنى للإدراك العلمي لدى الإنسان سيدعو الإنسان إلى رؤية الحقائق وسوف نصل إلى النتيجة المرجوة.
حيث بدون التحرير الذهني لا يمكننا رفع الحواجز في سياسة الحياة التشاركية. وفي هذا القرن نرى أن مسألة الحياة وقضايا المرأة والرجل وصلت إلى درجة الإفلاس عبر النظام الحاكم وأصبحت المجتمعات تحت قيادة تتحكم بالإنسانية بقانونها اللاأخلاقي والتي لا تعترف بمعنى الإنسان، والإنسان أكبر ضحية لهذه الذهنيات التي تخدم الهيمنة على حساب جسد البشرية المؤدي إلى مشروعية السلطة والمُلكية التي تخدم الرؤية الجنسوية والعلموية وبها تضع الحياة التشاركية الجديدة تحت عنوان: (التغيير – التطور – المقياس).
السياسات السلطوية تقوم بإفراغ (الحياة)، وتعمل باسم الدين والثقافة والاقتصاد والسياسة لتشويه عقول المجتمعات وتحويلها إلى كوارث إنسانية وكلها لا تخدم أي مستقبل أو أي جهة من حياتنا، ويتطلب تدريب المجتمع لامتلاك سلاح الوعي والمعرفة التاريخية لأجل الوصول إلى تحرير الإنسان، وإعادة التعريفات الجديدة لمؤسسة الأسرة وبها العودة إلى زرع وتجسيد المساواة لعلاقة الرجل والمرأة وذلك بتقوية نهج التشاركية ومنها الوصول إلى التوازن في دور الذكاء العاطفي والتحليلي ودمجها ببعضها البعض، وذلك عبر الإتقان في الأسلوب ونسق الحقيقة.
علينا رفع العوائق والحواجز وخاصةً في مفاهيم “المُلكية” و “الناموس” و “الحرية”. ومرتبط بذلك إن كان النصر للقرن “الواحد والعشرين” سيكون باسم وعنوان المرأة.
إذاً من آفاق المرأة إلى حرية المرأة ستكون اللغة التشاركية أكثر تأثيراً لخوض وقيادة عصر يحمل طابع الحياة النِديِّة وينشروها من خلال الدور المشترك بين الذكاء العاطفي والتحليلي معاً كما يكون دور المرأة والرجل معاً في الحياة الحرة النبيلة.
وهذا كله ستكون على أسس الحداثة الديمقراطية كـ بديلة للحداثة الرأسمالية فحسب، وهنا بالذات سنضع الحلول الجذرية لسؤالنا وسوف نصل إلى الحياة التشاركية الحرة.
وستبقى فلسفة المرأة
الحياة
الحرية
مستمرة إلى ان تتحرر كافة نساء العالم.