عضوة الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف لـ آفاق المرأة

 

عضوة الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف لـ آفاق المرأة

 

الرئاسة المشتركة هي ركيزة أساسية في نظام الأمة الديمقراطية،

وهذه الركيزة سببها الأساسي هو أن نظام الأمة الديمقراطية

يعطي حقوق جميع المكونات، والفئات، والأديان، والمعتقدات الاجتماعية حقها،

ويتم المقاربة من جميع الهويات بشكل متساوي

 

 

إعداد الحوار: لافا إسماعيل

 

1 – بعد الترحيب. نظام الرئاسة المشتركة له أهمية قصوى في تشكيل الكثير من المفاهيم الديمقراطية ضمن المجتمع، كيف تقيمون هذا النظام ضمن نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية؟ ولماذا يشكل نظام الرئاسة المشتركة خطراً على الدول التي تدعي الديمقراطية؟ وما الأسباب الحقيقية وراء ذلك؟

  • تحياتنا الطيبة وكل الاحترام لمجلتنا آفاق المرأة على تقديمها الوعي المجتمعي للمرأة أولاً وللمجتمع كافة. بالطبع نظام الرئاسة المشتركة ضمن الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا يعود إلى مبدأ المساواة بين الجنسين، فمجتمعنا هو مجتمع ذكوري والرجل هو الحاكم والرئيس في البيت والمؤسسات وضمن هيكيلية الدولة، وأيضاً في كافة مجالات الحياة. فالقرارات تكون دائماً فردية وبصمة الرجل فقط. بالطبع هذا يؤدي إلى خلق قضايا ومشاكل كثيرة من الناحية الحياتية أو العملية لأن ذهنية الرجل هي ذهنية تسلطية – مركزية، لا تفتح المجال أمام الرأي الآخر، طبعاً هذا يؤدي إلى أن تكون جميع القرارات غير موضوعية وعلمية.

لذلك نظام الرئاسة المشتركة، يضمن العمل الجماعي ولا يمكن لأي رجل في نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية أن يقوم بالإقرار أو البت في أي شيء دون أن يعود إلى الرئيسة المشتركة معه ألا وهي المرأة. فالمبدأ الأساسي في هذا النظام هو الوصول إلى طِراز العمل الجماعي وأيضاً أخذ آراء المرأة بعين الاعتبار ومشاركتها بشكل فعال في مراحل اتخاذ القرارات المصيرية ونقاش كافة المواضيع والقضايا التي يتم عرضها على مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية.

في الحقيقة هذا النظام يرسخ من حالة المساواة والديمقراطية والنظام التشاركي الواسع من قِبل المرأة، وأيضاً يفتح المجال بأن يكون هناك رؤى مختلفة وألا يكون هناك فقط رؤية متسلطة ورؤية تقوم بإدارة الأمور حسب أهوائها/ئهم. بالطبع هذا يُعتبر إنجاز تاريخي بالنسبة لـ حركة المرأة ونضالها، لأنه لا يوجد أي نموذج في العالم يعتمد على مفهوم أو نظام (الرئاسة المشتركة) في هيكلية النظام الإداري. وهذا نتيجة النضال الدؤوب لسنوات عديدة من قِبل النساء والتضحيات الكبيرة.

بما أن دول العالم جميعاً تعتمد على النظام الذكوري والرجال هم الذين يحكمون الأمور، فتطور نظام الرئاسة المشتركة في شمال وشرق سوريا يؤدي إلى أن تتأثر تلك الأنظمة أيضاً بهذا النموذج المتوافق مع الطبيعة المجتمعية وبين الجنسين أيضاً. هنا، أريد القول بأن أي إنجاز بالنسبة للنساء في أي منطقة أو دولة يؤثر إيجاباً على المناطق الأخرى ويُحفز النساء بأن يقمن بالعمل والتنظيم وطرح هذه النماذج في بلدانهم من أجل تطبيقها وتغير مجتمعاتهم. وأيضاً يُحفز النساء على النضال المستمر للوصول إلى المستوى الواعي والرقي المتحضر ضمن المجتمع.

طبعاً هناك خوف شديد من قبل الدول والسلطات الأخرى، من أن يتم تقديم النساء في تلك الأوطان لنموذج الرئاسة المشتركة، والخوف الأكبر هو أن تقوم المرأة بمطالبة حقوقها المشروعة ضمن هذا النموذج. وهذا يؤدي إلى أن يقوموا بمناهضة نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا ويجدونها خطراً على أنظمتهم الذكورية، الفردية والأوتوقراطية المتسلطة في مجتمعاتهم والعالم. لهذا السبب يقومون بقدر الإمكان بالتعتيم على هذا النموذج أو حتى تهميشه وإقصائه، وفرض كل أنواع الحصار والطوق عليه كي لا يتمكن من التأثير على أنظمة البلدان الأخرى، ولا تتأثر النساء من هذا النموذج ولا يتم أخذه كـ مثال يحتذى به.

2 – يؤكد القائد عبد الله أوجلان في أطروحاته الأخيرة بأن نظام الرئاسة المشتركة يحقق العدل والأمان للجنسين، كيف يمكن تحقيق ذلك في المجتمع وما هي السبل إلى ذلك؟ وما النهج الذي اتبعه من أجل تطبيق ذلك في الحياة العملية وكافة مجالات الحياة الأخرى؟

  • بالطبع هذا السؤال مهم جداً وعلينا التركيز على فهمها وبشكل صحيح. أستطيع القول بأن القائد عبد الله أوجلان في جميع أطروحاته وكتاباته، يؤكد على أهمية وتطبيق نظام الرئاسة المشتركة من أجل خلق المساواة بين الجنسين. ويعود سبب ذلك إلى تهميش دور المرأة في الأسرة وكافة المؤسسات الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية والسياسية والعسكرية. فعدم مشاركة المرأة هو أمر مناهض لمبدأ الديمقراطية والحياة التشاركية الواسعة، لأن هناك ممارسات ممنهجة من قِبل الرجل لتهميش دور المرأة وإقصائها، فالتركيز على هذه النقاط هو معيار أساسي لتطبيق الديمقراطية.

بقدر ما المرأة تكون مشاركة في مراكز صنع القرار، يكون لها تأثير كبير على كسر السلطة الذكورية الموجودة في المجتمع. بالطبع تطبيق نظام الرئاسة المشتركة في كل مجالات الحياة، ليس بالأمر السهل خاصةً في ظل النظام الذكوري الذي نعيش فيه، وهذا النظام يؤثر على القوالب الذهنية الموجودة في المجتمع. مثلاً؛ مفردات المناهج الموجودة في الوقت الحالي كلها تخدم النظام الذكوري وأيضاً السلطة الذكورية في المجتمع.

لأجل تطبيق هذا النظام في جميع مجالات الحياة، باعتقادي هناك حاجة للتغيير الذهني الموجود والعمل على تطوير التربية الاجتماعية وتغيير المناهج الموجودة، وأيضاً هناك حاجة للتوعية الاجتماعية والسياسية والفكرية بشكل عميق، من أجل أن نتمكن من تجاوز الوضع الحالي وتحقيق الرئاسة المشتركة في جميع المجالات.

يمكننا القول بأننا في شمال وشرق سوريا مازلنا في بداية المسيرة النضالية، بالرغم من أننا حققنا خطوات وإنجازات مهمة ولكن مازال الرجل هو الحاكم والرئيس في الأسرة، وأيضاً مازال هناك احتكار في المجال السياسي من قبل الرجل.

ففي الوقت الحالي يوجد عمل من أجل التحقيق والتطوير في هذا المجال، ولكن لا يمكننا أن نقول بأنه في الوقت الحالي تحول إلى حالة ثقافية وأنها سادت على كل المفاصل والعلاقات المجتمعية. إذاً، من أجل تحقيق هذا الشيء، نحن بحاجة إلى وعي اجتماعي، وسياسي، وديمقراطي، وأيضاً نحتاج للأكاديميات والمدارس والمعاهد التعليمية التي ستقوم بالاهتمام اليومي بهذا الشيء، كي يتم تغيير المجتمع مع الزمن وتتحول حالة المشاركة الفعالة من قِبل المرأة إلى حالة طبيعية ويومية.

3 – نظام الرئاسة المشتركة حق مشروع للمرأة ولا يمكن سلبه منها؟ هنا السؤال الأهم؛ برأيكم ما الدور الذي يقع على عاتق المرأة بذاتها من أجل الحصول على حقها في هذا المجال؟ طبعاً من كافة النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية… الخ؟

  • بالطبع نظام الرئاسة المشتركة من حق المرأة، بما أن المرأة هي النواة التي تعتمد عليه بنية المجتمع. فإذاً للمرأة دور مهم جداً في الحياة اليومية، وبقدر ما تكون هناك مشاركة من قِبل المرأة في الحياة اليومية الاجتماعية، تكون القرارات صائبة وأيضاً تكون الحياة طبيعية أكثر.

ولكن برأيي، المهم هنا؛ مشاركة المرأة إذا لم تكن علمية وتحررية ولم تعتمد على أسس تحررية جديدة، فلن يكون هناك فرق بين مشاركتها ومشاركة أي رجل آخر. لذلك من المهم جداً أن تكون مشاركة المرأة بخصوصية نوعية تؤثر على القرارات بشكل إيجابي وموضعي. لهذا السبب فإن تحرر ووعي المرأة من الناحية الفكرية والديمقراطية مهم جداً من أجل أن يكون لمشاركتها دور فعال ومستمر.

فكما نعلم بأن هناك الكثير من النساء في العالم، أصبحن رئيسات في دولهم، ورئيسات وزراء. لهذا يمكن أن يكون هناك الكثير من النساء تقدن المؤسسات والمعامل والمصانع. ولكن هذه النساء أدوارهن لا تختلف عن دور الرجل مثل مارغريت تاتشر، أنغيلا ميركل، تانسو جيلر وغيرهن من النساء. بما أن تلك النساء لا يملكن فكراً بديلاً غير فكر الرجل، فيتصرفن مثل الرجل، هذا يعني بأن مشاركة النساء أو وجودهن في مراكز صنع القرار لوحدها لا تكفي. وإنما هناك حاجة لرؤية نسائية ورؤية جديدة متحررة وديمقراطية بحيث تميز المرأة عن الرجل في كافة المسائل، هذا مهم جداً. لذلك يجب أن تكون للمرأة رؤية علمية وجديدة وهذا ما نحن نؤكد عليه في علم المرأة (الجنولوجيا). لأن علم المرأة هو علم بديل ورؤية بديلة لكافة القضايا.

فبقدر ما تتعمق النساء في علم المرأة، تكون قد حصلت على بدائل جديدة آفاق جديدة بالنسبة لكافة المواضيع، سواء إن كان بالنسبة للمسائل التربوية، والاقتصادية، والاجتماعية والسياسية …والخ فلا يمكننا الادعاء بأن المرأة التي تحافظ أو تحمي القوالب الفكرية لدى الرجل مثل التعصب الديني والقومي والمذهبي والجنسوي، سيكون لها دور إيجابي، لأن الرجل هو الذي يقوم بطرح هذه المفاهيم وهم متمسكون بهذه الذهنية ويعملون على تطبيقها.

لهذا فإن مشاركة النساء بنفس الأفكار والقوالب الذهنية الدوغمائية، لن يكسب المجتمع شيئاً جديداً. وحتى هذه المشاركة ستصبح عبئاً مع الزمن مثل النظام الرجولي الموجود في الوقت الحالي. لذلك من باب الأهمية أرى بأنه يجب أن تكون رؤية النساء للأمور رؤية بديلة وجديدة ومتحررة، وديمقراطية، وبيئية ويجب عليها أن تعتمد دائماً على رؤية إنسانية ومناهضة للقوالب الذهنية الدوغمائية التي تشكلت من قِبل الرجل في الفترات التاريخية الماضية.

4 ـ كثيرة هي الأوساط العالمية تتساءل عن كيفية تأثير حضور المرأة ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا، وخاصة وفي المناصب العسكرية؟ وكيف قدمت نموذجاً سائداً على مستوى الشرق الأوسط والغرب؟ وما أهمية الدور الذي لعبته المرأة لتحقيق نظام الرئاسة المشتركة؟

  • بالطبع لحضور المرأة دور إيجابي في كافة الساحات، وباعتقادي ولو أننا لا زلنا في بداية الطريق لكن جلوس المرأة لجانب الرجل لوحده كـ بداية يكفي لأن يتم كسر الكثير من القوالب التي كانت موجودة في مجتمعنا. فدائماً الرجل هو الذي يكون الرئيس وهو الذي يكون في القمة دوماً والمرأة هي التي تكون التابعة للرجل وتكون الأدنى في كل شيء.

عندما تجلس المرأة إلى جانب الرجل كـ رئيسة مشتركة، هذا حتى من ناحية المظهر يمكن أن نقول بأنها تؤدي إلى كسر الكثير من القوالب التي عودونا عليها. لكن طبعاً وبشكل جوهري إذا قيمنا الموضوع من جانب المرأة، لها تأثير مهم على عدم تفرد الرجل في القرارات. وأيضاً يؤثر بشكل كبير على الإدارة الذاتية الديمقراطية بشكل عام من ناحية إطفاء طابع جماعي على كل الأعمال.

حتى هذا يغلق المجال أمام الكثير من أنواع الفساد والتشتت المجتمعي، لأنه لا يحق لشخص واحد بأن يوقع على أي ورقة دون أن يعود إلى مشاورة الرئيسة المشتركة معه. هذا بالإضافة إلى أنه كان له دور إيجابي بخصوص مشاركة تمثيل المكونات. المرأة عندما تشارك بهذا الشكل، لا يتم التفرد حتى بالسلطة من قِبل مكون فقط، فعندما تكون المرأة عربية يكون الرجل كردي أو سرياني. ومن ناحية تمثيل المكونات أيضاً، الرئاسة المشتركة أحياناً تخلق التوازن بالنسبة لجميع المكونات والأديان والمعتقدات.

نظام الرئاسة المشتركة يؤدي إلى سد كافة الفراغات في المجتمع، لأنه أحياناً وحسب حالات المرض (أخذ إيجازه مرضية)، أو تقسيم العمل الذي يتم، إذا كانت الرئاسة لشخص واحد فهذا يخلق الفراغ. لكن وجود المرأة أو نظام الرئاسة المشتركة لا يخلق فراغاً في العمل، فكل هذه الأمور إيجابية. بالطبع النقطة الأساسية هي أنه يتم اتخاذ هذه القرارات بشكل جماعي ويتم منع أو تجنب اتخاذ القرارات الفردية المركزية.

أما تأثير هذا الشيء على العالم العربي أو الأوروبي والشرق الأوسط، باعتقادي الوضع الموجود في شمال وشرق سوريا يؤثر بشكل ما على الدول الأخرى. وثورة “المرأة، الحياة، الحرية” أيضاً أدت إلى تطورات في السعودية، بالإضافة إلى محاولات الكثير من الدول ولو شكلياً، قاموا بخلق مؤسسات عسكرية بالنسبة للمرأة. كل هذه الأمور هي ناتجة عن النضال الذي خاضته النساء في إقليم شمال وشرق سوريا. المرأة في مناطقنا قامت بالكثير من الإنجازات، هذه الإنجازات مع الأسف لم يتم انعكاسها بالشكل المطلوب على العالم العربي والأوروبي والشرق الأوسطي وذلك نتيجة السياسات الممنهجة والتعتيم الإعلامي الذي يتم ممارسته على مناطقنا، لأن الأنظمة الذكورية وكما قلت سابقاً بأنها متخلفة ولا تريد أن يتم انعكاس الحالة لدينا على وضع المرأة في الدول الأخرى.

لذلك لا يمكننا أن نقول بأنه التأثير بالشكل المطلوب، لكن ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا أثر على الأدب العالمي والفن والسينما وأثر على الثقافة العالمية وهذا أمر مهم جداً، وأيضاً أثر على الرؤية السياسية في الشرق الأوسط. خاصةً ثورة النساء في إيران هذا كان بمثابة زلزال مؤثر بخصوص المرأة وقوتها وأيضاً قدرتها على تغيير الواقع السياسي. لأول مرة يتم قيام النساء بالمظاهرات والمسيرات الاحتجاجية في الشارع، ليس من أجل قضية وطنية، أو قضية عامة، ولكن ولأول مرة يتم المطالبة بحقوقهن المشروعة وحريتهن الطبيعية، لإنجاز تاريخي.

يمكننا القول؛ بأن هذه المحاولات لن تصل إلى النجاح المطلوب، ولكن بالنهاية لها تأثير كبير على العالم أجمع. وهذا يعود إلى النضال والتضحيات التي قدمناها في ثورة 19 تموز ألا وهي ثورة المرأة الواعية والمتحررة في إقليم شمال وشرق سوريا، وبدوره يؤثر بشكل إيجابي على بحث النساء عن الحرية في المناطق الأخرى أيضاً.

5 – الرئاسة المشتركة تجسيد واقعي وحقيقي وشكل ملموس لمشاركة المرأة في مفاصل الإدارة. إذاً ما هي أهدافها الرئيسية؟ وما هي الصعوبات التي تواجه نظام الرئاسة المشتركة؟ وما السبيل لمواجهة هذه الصعوبات والعوائق؟

  • مزايا الرئاسة المشتركة وأهدافها هو نظام ديمقراطي، وتحرري، وتشاركي يوجد فيه الجماعية، وبالطبع يمنع الرجل من التفرد في صنع الحياة والقرارات. وهدفها الأساسي هو الوصول إلى مجتمع تحرري وديمقراطي وأيضاً مجتمع يحقق الحرية والمساواة للجنسين، ويحقق للمرأة حقوقها في جميع المجالات. طبعاً هو من أحد مقاييس المساواة، لا أقول بأنه مقياس المساواة بشكل كامل لكن هو أحد المقاييس الأساسية والمساواة بين الجنسين.

بقدر ما هو إحدى مقياس المساواة بين الجنسين، أيضاً هو وسيلة لتحقيق المساواة بين الجنسين. برأيي تحقيق نظام الرئاسة المشتركة في القرن الحادي والعشرين، سيكون له بصمة على العصر الذي نعيش فيه. فالعصور الأخرى والتي مدتها منذ 5000 سنة، الرجل هو الذي كان يحكم على كل شيء، جميع السياسات والحروب والأنظمة كانت تدار من قِبل الرجل. لكن هذا الإنجاز يؤدي إلى انكسار النظام الذكوري والرجولي وأيضاً فتح شرخ في هذا النظام ويفتح الطريق أمام مرحلة جديدة ألا وهي المرحلة التي تتم إدارة الشؤون الاجتماعية والاقتصادية بشكل ديمقراطي وتشاركي بين الجنسين. 

6 – الرئاسة المشتركة والإنجازات التي حققتها المرأة من خلالها في مناطق شمال وشرق سوريا ويمكن هنا التذكير بالعديد من الشخصيات النسائية التي لعبت الدور في هذا المجال أمثال الشهيدة هفرين خلف ويسرى درويش والكثير من الشهيدات. كيف تسلطون الأضواء على نضالهن في هذا المجال؟

  • قبل كل شيء أنحني إجلالاً وإكراماً على ذكراهن. من خلال نضالهن خطونا الكثير من الخطوات التاريخية والهامة. في الحقيقة الرئاسة المشتركة في إقليم شمال وشرق سوريا، في البداية كانت مختصرة على بعض الأحزاب أو المؤسسات الموجودة، ولكن في الوقت الراهن وبعد التصديق على العقد الاجتماعي، ستكون الرئاسة المشتركة موجودة في جميع المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية، ومن المهم جداً القول بأن الكثير من الأحزاب في البداية كان حزب الاتحاد الديمقراطي وحركة المجتمع الديمقراطي يتبنون الرئاسة المشتركة ولكن بعدها بدأت الكثير من الأحزاب تتبنى هذا النظام وبالطبع هذا أمراً إيجابي وإنجازاً بالنسبة للمرأة. أما بالنسبة لبعض الأحزاب ونضال النساء، والتضحيات التي قدمتها النساء في إقليم شمال وشرق سوريا رسخت تلك الفكرة بأنه؛ “المرأة جديرة بأن تلعب دورها الرئاسي والريادي والطليعي”.

استشهدت الكثير من الرفيقات اللواتي قُدن هذه المرحلة، مثل الرفيقة الشهيدة هفرين خلف الأمين العام لحزب سوريا المستقبل، لعبت دوراً مهماً جداً في ترسيخ الرؤية الإيجابية بالنسبة للمرأة. مشاركتها الفعالة ونضالها وأيضاً الصفات التي كانت تمتلكها من حيث الإبداع الفكري والخطاب التي كانت توجهه للمجتمع، كل هذا أثر ملموس على المجتمع. بالإضافة إلى الكثير من الرفيقات مثل الشهيدة زينب صاروخان، يسرى درويش وريحان شويش … والكثيرات لعبن دوراً مهماً وأساسياً في ترسيخ هذه الرؤية، واستشهادهن أكد بأنه نحن مستعدين أن نضحي من أجل تحقيق الحرية وترسيخ الحالة الثورية التي قمنا بتحقيقها في الفترة الماضية. تلك الرفيقات كان لهن دور مهم جداً في تطوير الرؤية التحررية للمجتمع بآفاق المرأة الواعية.

7 – يُنظر إلى نظام الرئاسة المشتركة على أنه العمود الفقري في نظام الأمة الديمقراطية. ويتحقق من خلالها مفهوم المساواة والعدالة والديمقراطية، وتصبح أرضية خصبة لبناء حياة تشاركية كومينالية، والنضال من أجل بناء مجتمع حر وديمقراطي وبيئي بقيادة المرأة. إذاً كيف يمكن تحقيق كل ذلك في الوقت الحالي؟ حيث الحروب والاحتلالات الجغرافية والديمغرافية والصراعات المدمرة من حول العالم؟ وتتعرض المرأة لإبادة يومية وإعدامات ومجازر حقيقية؟

  • بالطبع هذا السؤال يطرح نفسه دوماً، سؤال مهم جداً ويحتاج للكثير من الأجوبة. لم تكن في البداية نظرة إيجابية حتى إن كان هناك مقاربات متخلفة وذكورية من الرئاسة المشتركة، وحتى كان هناك من يدعي بأن هذا النظام هو نظام فاشل وسيؤدي إلى أزمات في الإدارة لأن كل شخص يتمسك برؤيته وهذا يؤدي إلى صعوبة اتخاذ القرارات وما إلى هنالك أو البعض كان يقول بأنه لا يوجد حاجة لنظام الرئاسة المشتركة النساء لوحدهن فقط بإمكانهن أن يقمن بدور الرئاسة ولا حاجة لرئيسين. وأيضاً كان هناك إصرار بهذا الخصوص من قبل بعض الشخصيات والفئات، ولكن مع الوقت تم تغيير هذه الرؤية في المجتمع. لا يمكننا أن نقول بأننا حققنا التغيير الجذري الكامل من ناحية النظرة الدونية أو الذكورية للمرأة. باعتقادي هناك تطور واضح في رؤية المجتمع وحتى بإمكاننا أن نقول بأن الدور الفعال والمشاركة الفعالة لكافة النساء والدور الإيجابي لهن، أدى إلى أن يتوجه المجتمع في محاورة الكثير من المسائل مع الرئاسة المشتركة (المرأة)، لأن المجتمع رأى بأن المرأة جدية وصادقة ووفية في عملها وإدارتها للأمور، وحتى إنها نزيهة أكثر من الرجل.

هنا عندما نقول (الرجل) فإنه أيضاً إنسان ولكنه تعرض للكثير من التشويهات الفكرية والنفسية والجسدية، وهذه الذهنية تؤثر على طراز عمله وطريقة تعامله مع المرأة والمجتمع. فالرجال لهم احتكاك كبير مع المال والسلطة، من أجل تحقيق الربح الأكثر في جميع المجالات، يقومون بتقديم التنازلات والتساوي مع الفكر الذكوري.

أما المرأة بما أنها لم تحتك في الأعوام الماضية بـ (المال – الربح – التجارة) بقدر الرجل، فهي بقيت نزيهة في عملها أكثر. فنسبة الفساد لدى النساء في نظام الرئاسة المشتركة هو أقل بكثير من نسبة الفساد لدى الرجال، هذه الخصلة لدى المرأة جعلها ذو وقفة إيجابية ومتمكنة من إدارة الأمور وكفؤة في عملها ورؤياها التنظيمية لكافة القضايا.

طبعاً الرئاسة المشتركة هي ركيزة أساسية في نظام الأمة الديمقراطية، وهذه الركيزة سببها الأساسي هو أن   نظام الأمة الديمقراطية يعطي حقوق جميع المكونات، والفئات، والأديان، والمعتقدات الاجتماعية حقها، ويتم المقاربة من جميع الهويات بشكل متساوي.

لذلك الأمة الديمقراطية تنظر إلى قضية المرأة أيضاً بأنها قضية أساسية ويجب أن يتم معالجتها بشكل ديمقراطي وأن يتم منح المرأة الحرية وحقوقها المشروعة بحيث أن تكون متساوية مع الرجل. بالنسبة لكيفية تطبيق هذا الشيء وكيفية قيام المرأة بتحقيق هذه الركيزة في الحياة العملية في ظل الحروب والصراعات المدمرة حول العالم.

8 – حسب تقييماتكم ما هي الركيزة الأساسية التي يجب الاعتماد عليها لأجل تطبيق أو الوصول إلى نظام الرئاسة المشتركة ضمن المجتمع؟

  • المرأة مثل أي أمة أخرى، المرأة تُعتبر (أمة) بما أنها في جميع أنحاء العالم تعاني من نفس المعاناة والآلام والمقاربات السياسية وأيضاً يتم الإجحاف بحقها في كل مكان، فهناك قواسم مشتركة بين كل النساء في العالم. لذلك المرأة كـ أمة تتعرض اليوم للكثير من الإبادات والعنف والقتل والابتزاز والاغتصاب. فالحركات النسوية يجب أن تعمل وتناضل وتستمر في بذل الجهود الكبيرة من أجل إنقاذ المرأة من الواقع الحالي.

عندما نقول بأن الأمة الديمقراطية تعتمد على نظام الرئاسة المشتركة هذا لا يعني بأننا انتهينا من فترة عبودية المرأة والانتهاء من سلطة الرجل لكن هذه مسألة صراع ونضال وستأخذ وقتاً طويلاً، لأنه يتم تطبيقه تماماً في الحياة اليومية وبين العائلة والمجتمع عموماً. وبالطبع مهم جداً أن يكون هناك أولاً استراتيجية نسوية وبالإضافة إلى أن يكون هناك فكر وبراديغما تعتمد عليها منظمات ومؤسسات المرأة وتتوحد وتلتف حولها بحيث تتمكن من النجاح في نضالها ضد النظام الرجولي والذكوري، هذا بالإضافة إلى أن المرأة يجب أن تعمل في التنظيمات والتعاون مع المنظمات الأخرى في المجتمع مثل المنظمات البيئية، والإنسانية والمدنية.

تعاون الحركات النسائية والوصول إلى عمل مشترك مع هذه التنظيمات أمر مهم جداً من أجل التمكن من مواجهة النظام الذكوري والحداثة الرأسمالية الذي يقودها الرجل. لذلك أولاً هناك حاجة إلى فكر ونظرية وتنظيم قوي واستراتيجية عمل وبرنامج واضح وأهداف واضحة.

من أجل أن نخوض هذه الحرب مثل حرب حرية الجنسين يجب أن يتم وضع كل هذه المراحل بعين الاعتبار والعمل عليها، لأننا كالمجتمع الحالي مازلنا تحت وطأة تأثيرات النظام الرجولي، فهناك حاجة ماسة وتاريخية للقيام والاستمرار بالنضال المكثف والجبار، والمرأة وصلت لذاك المستوى فهي حتى الآن تقود ثورة 19 تموز لأجل بناء المجتمع الديمقراطي والمتحرر والواعي. لي كل الثقة بأن المرأة قادرة على إيصال مجتمعها والعالم أجمع نحو الأفضل والأجمل وإدارة عادلة ومساوية في كافة الأمور.