نضال ومقاومة المرأة أساس التحديات الموجودة – أيتان فرهاد
نضال ومقاومة المرأة أساس التحديات الموجودة
“نحن نساء إقليم شمال وشرق سوريا
الكرديات والأرمنيات والعربيات والآشوريات والسريانيات
والشركسيات والأيزيديات وكافة المكونات،
المؤمنات بفلسفة حرية المرأة
واثقات بقدراتنا بأننا قادرات
على تخطي كل الأزمات والتحديات التي ستواجهنا”
أيتان فرهاد
على مسرح التاريخ الاجتماعي تلعب السياسة دورها بشكل كبير، وفي بعض الأحيان قد تلعب دوراً ريادياً يخدم الشعوب لتحديد حق المصير، وفي بعض الأحيان تصبح في خدمة المصالح الخاصة والفردية والحكومية والسلطوية.
فالسياسة هي؛ “فن الإدارة والإبداع”، ولكن وعبر مسيرة التاريخ أصبحت السياسة بيد السلطة الحاكمة والأنظمة الدولية وحتى القوانين وإن كانت قوانين نظرية وتنادي بحقوق الإنسان فهي لا تخدم إلا مصالح الأنظمة الاستبدادية. تم انحراف مفهوم السياسة المجتمعية بشكل كبير بحيث تم تعريفها على أنها فن المكر والخداع.
الحراك السياسي الذي يخدم المصلحة العامة ولأجل أهداف الشعوب الديمقراطية، وكوننا نعيش في ظروف عصيبة وأزمات كبيرة تحارب فكرة الشعوب المطالبة بالديمقراطية، فكل الصراعات الساخنة والباردة وعلى مر التاريخ هي صراعات دموية خلقها النظام الرأسمالي من أجل خدمة القطاع التجاري، لأنه ما زالت الصراعات العالمية مستمرة ضمن بوادر الحرب العالمية الثالثة.
ومن أهم ركائزها الحرب بالوكالة ومحاولة فرض الهيمنة الرأسمالية والوصول إلى عالم متعدد الأقطاب مع تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية لبعض الدول كـ الصين. التي أصبحت المنافس الأقوى لأمريكا في أسواق التصريف ومنابع الثروات الباطنية خاصة في مناطق الشرق الأوسط ودولها، والتي عملت الدول الكبرى على إشعال الحروب في هذه الدول للتدخل في شؤونها الداخلية ولإعادة تقسيمها والسيطرة عليها.
وبنفس الوقت تقاسم مناطق النفوذ ورسم خارطة “الهيمنة الجديدة” بدءً من حرب العراق ثم ما يسمى الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ولبنان، ولن يكون آخرها حرب السودان وحرب إسرائيل وحماس وترافق ذلك مع عمل كل من هذه القوى الكبرى على إزالة الآخر من خلال محاولة إغراقها بمستنقعات الحروب واستنزاف قواها والحرب الروسية الأوكرانية أكبر دليل على ذلك.
وتدخل دولة الاحتلال التركي في أذربيجان وسوريا وليبيا وأخيراً تهديدها بالتدخل في القضية الفلسطينية وأيضاً محاولة جر الصين لمستنقع تايوان، والاتفاق الأخير الذي عُقد بين روسيا وكوريا الشمالية الذي ينص على تقديم الدعم العسكري الفوري في حالة الحرب للدفاع عن النفس والذي يشكل تهديداً للأمن العالمي، يخلق عدم التوازن الاجتماعي وإنهاء الأمان والاستقرار.
كل هذه الأمور هي لزيادة الأزمات العالمية عموماً وضرب الاستقرار في الشرق الأوسط خصوصا لخدمة وضمان استمرار هيمنة النظام الرأسمالي العالمي على مقدرات الشعوب وعلى الصعيدين الإقليمي والمحلي. تتداخل الأحداث في هذه الفترة بسبب التقاربات والمجريات السياسية المتسارعة للدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري، وخاصة سعي روسيا لإبرام اتفاق وصلح بين نظام دمشق والدولة التركية، ومحاولة جر إيران إلى حرب عسكرية مباشرة من خلال استهداف قياداتها والفصائل المدعومة من قبلها كـ حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين.
ومعها اغتيال إسماعيل هنية في إيران، واستمرار استهداف قادة إيرانيين في سوريا التي تشهد أزمة داخلية منذ أكثر من 13 عاماً، والتي تصنف من أكبر وأبشع الأزمات والحروب الداخلية لما جرى فيها من أعمال قمع ووحشية من قبل سلطة دمشق. فمنذ بداية الثورة في 2011 جوبهت مطالب الثوار بالضربات العسكرية، حيث كان الحراك الشعبي سلمياً بالكامل، وينادون للحصول على الحقوق المشروعة والأمان الاجتماعي وتحسين الظروف المعيشية وإنهاء الصراعات الداخلية، والقضاء على المرتزقة المتطفلين على ثروات وخيرات البلد بشكل عام. وهذا كان يعني بالكامل أنه سوريا تحتاج لتغيير النظام الكلاسيكي المستبد على الشعب.
فالذهنية الديكتاتورية المتسلطة لحزب البعث وقياداته التي رفضت هذه المطالب أدخلت البلاد في أزمة كبرى أدت إلى تدخل دول كانت تتربص وتنتظر الفرصة المناسبة للتدخل كـ إيران لتحقيق هدفها بالهلال الشيعي، ودولة الاحتلال التركي التي تحلم إلى اليوم بتحقيق “ميثاقها الملي” وتحقيق حلم الطورانية العثمانية الجديدة بإعادة أمجاد الإمبراطورية.
حيث قامت الدولة المحتلة التركية ومنذ بداية الأزمة بدعم فصائل المعارضة لإسقاط النظام، ثم حولت هذه الفصائل إلى مرتزقة يعملون حسب أجنداتها وأهدافها ومصالحها، وهذا أدى إلى انحراف مفهوم الثورة الشعبية عن مسارها. وأيضاً ساهمت هذه الدولة بفتح حدودها للمتطرفين والإرهابيين من جميع دول العالم ليدخلوا إلى سوريا وينضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي الذي كانت تُؤَمن له الحماية والدعم.
والدليل البارز هو اغتيال جميع أمراء وخلفاء داعش المزعومين بعد دحر هذا التنظيم على يد قوات سوريا الديمقراطية والقضاء عليه، فتخفى أمراء وخلفاء هذا التنظيم ووجدوا المكان الملائم والمناسب لهم في مناطق سيطرة الفصائل المدعومة من قبل تركيا والذين تم تصفيتهم واغتيالهم من قبل التحالف الدولي وبدعم من استخبارات قوات سوريا الديمقراطية.
ولم تكتفي دولة الاحتلال التركي بهذا التدخل بل تدخلت عسكرياً أيضاً في سوريا واحتلت الكثير من المدن بحجة محاربة الإرهاب الذي كانت هي دائماً داعمة له، فدخلت إلى مناطق شمال غرب سوريا كـ إدلب وحلب وريفها، واحتلت عفرين وهجّرت أبناء الشعب الكردي من مناطقهم وأنشأت الكثير من الوحدات السكنية وأحدثت تغيير ديموغرافي سكاني على الحدود.
وأيضاً احتلت سري كانيه وتل أبيض ولم تكتفي بذلك فقط، بل لم تترك فرصة لها لشق وحدة الصف الكردي والتي أعاقت أغلب الحوارات بين أبناء هذا المكون من خلال الأحزاب السياسية والتي منعت قادة بعض الأحزاب مثل أنكسي من إجراء مفاوضات وتصالح لتوحيد الصف الكردي.
حيث أن الطورانية التركية تَعتبر الشعب الكردي من ألد أعدائها والذي طالما حاولت هي وباقي الدول والأنظمة القوموية في سوريا والعراق وإيران إبادة هذا المكون وصهره في ثقافات وقوميات هذه الدول للقضاء عليه وإفنائه في خضم هذه المشاكل.
من خلال هذه الأزمات في سوريا استطاعت مكونات وشعوب شمال وشرق سوريا المستلهمين من نظام مفهوم أخوة الشعوب والتعايش المشترك والوقوف صفاً واحداً في وجه المشاريع التقسيمية والراديكالية الإسلاموية المدعومة من قبل تركيا والأنظمة الديكتاتورية، وقاموا بالدفاع عن مناطقهم بمبدأ الدفاع المشروع وأسسوا قوات سوريا الديمقراطية المتشكلة من العديد من مكونات المجتمع السوري. ومنهم؛ العربي والكردي والآشوري والسرياني والتركماني والأرمني…الخ. وشكلوا قوات سوريا الديمقراطية التي دحرت أعتى وأقوى تنظيم إرهابي (داعش) ثم قامت بتأسيس وتنظيم المجتمعات بدءً من تشكيل الكومينات والمجالس والمؤسسات والدوائر وتشكيل الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا.
وهنا وفي هذه المرحلة، مرحلة الضياع السياسي وانحراف البوصلة عن مسارها، ولدت فكرة إنشاء وتأسيس حزب سوريا المستقبل ليكون جواباً لهذه المرحلة، كون العداء ليس فقط من قبل الدولة التركية بل والنظام السوري الذي يستمر في إعاقة الحوار السوري السوري بهجماته على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا وخاصة العمل على مبدأ (فرق تسد)، والفتنة التي لا طالما النظام السوري وأعوانه يتبعونها على شعوب المنطقة فنرى بأن هجماته على دير الزور في شهر آب ومحاولة نشر الخوف والرعب والترهيب بين الأهالي تقوم بقصفها العشوائي وارتكابها المجازر دون تردد.
إن هذا الشعب الذي عانى ومازال يعاني من آتون الحرب القائمة على البلاد منذ 13 عشر عام لذا تكاتف الشعوب بين صفوف الحزب ليكون الحزب الذي يستطيع قياده سفينة النجاة لسوريا من خلال نظامه الداخلي وأهدافه ومبادئه وبرنامجه السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي المتكامل لتحقيق متطلبات الشعوب في سوريا.
وإن الشعب في إقليم شمال وشرق سوريا الذي انتهج الخط الثالث وقام بثورة جديدة أثبتت أن الشعب الموجود قوي وعبّر عن ذاته من خلال هذه الثورة، أي ثورة 19 تموز وهي ثورة سوريا الديمقراطية، وثورة الشرق الأوسط الديمقراطي والكونفدرالي.
روجآفا كانت في حالة ثورة مستمرة، نتيجة مقاوماتها للسياسات والمشاريع العنصرية التي كانت تتعرض لها، ضد السياسات المتبعة من قبل النظام الاستبدادي القمعي البعثي ورد فعل للواقع المعاش لأكثر من خمسين عاماً، مطالبين بالحرية والكرامة وتحقيق الديمقراطية في البلاد، حيث تعرض الشعب الكردي للكثير من المظالم وإنكار لحقوقه الوطنية المشروعة.
وأيضاً طُبقت بحقه سياسات إقصائية مرعبة تمثلت بمشاريع عنيفة ممنهجة أهمها: مشروع الحزام العربي، ومشروع لا إنساني آخر هو مشروع الإحصاء الاستثنائي والذي تم جرد أكثر من مائة ألف من الكرد من جنسيتهم السورية، ورغم أن الكرد والمكونات الأخرى التي رفضت هذه المشاريع ورفضت سياسات الأنظمة المستبدة في سوريا، والتي زُجت في السجون حتى امتلأت وفاضت. السياسة المستبدة كانت مطبقة على كل السوريين وعلى الكرد بشكل مزدوج، والكرد حاولوا مع الشركاء الآخرين من أجل قضية الحرية في سوريا التي تحولت إلى سجن كبير البحث عن الخلاص والحلول ولكن بدون فائدة.
وانتفاضة 12 آذار 2004م، كانت أولى مشاهد الرفض الحقيقية للاستبداد وبالتأكيد كانت أحد المساهمات النوعية في التأسيس للحراك الثوري السوري عام 2011م، فقضية الحرية والعقل الجمعي هما معياري التحول والتغيير في سوريا، ومشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية حققت حتى هذه اللحظة مسألة متقدمة من التمثيل السياسي ولكل المكونات في شمال وشرق سوريا، وهي ترفض الاستعلاء القومي والنظر إلى مسألة التحرر المجتمعي من وجهة نظرة الفئوية القومية والتسلط القومي الواحد.
كما كان لفكر القائد عبد الله أوجلان، الذي أمضى فترة طويلة في سوريا وصلت إلى قرابة 20 سنة، أثرٌ كبير على أبناء روجآفا، تأثير الفلسفة الأوجلانية جعل أبناءها أكثر قدرة على فهم واستيعاب الثورة والمرحلة، فبدأ الشعب بتنظيم نفسه عبر بناء المؤسسات والاعتماد على ذاته، بعيداً عن النظام البعثي وقوى المعارضة المرتبطة بالخارج، واتّبع سياسة الخطّ الثالث بقيادة حركة المجتمع الديمقراطي.
ومن خلال دراسة واقع المنطقة والحالة الشعبية المتنوعة والنسيج الاجتماعي التاريخي وكذلك دراسة عقلية الأنظمة الحاكمة في المنطقة كان لابد من سياسة وفلسفة صحيحة ألا وهي النهج الثالث الذي هو خط الاعتماد على الطاقة الموجودة لدى شعوب هذه المنطقة من كرد وعرب وسريان وأرمن وشيشان وآشوريين والابتعاد عن التعصب القوموي والديني الطائفي، بل الاعتماد على وحدة إرادة كافة المكونات بالتضامن والتكاتف، وتنظيمها من كافة النواحي وجميع الجوانب الاجتماعية والخدمية والأمنية، وتحقيق أرضية جيدة للحماية من كافة الهجمات والخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر وخاصة بعد ظهور المجموعات الراديكالية المتطرفة والإرهابية. وتحرير هذه المناطق التي تأسست فيها المؤسسات بإخراج النظام البعثي منها، وكان من ثمرة هذا النضال الصحيح؛ ثورة روجآفا وشمال وشرق سوريا والتي انطلقت في ١٩ تموز عام 2012 في مدينة كوباني، وانتشرت آثارها في كافة مناطق الشمال السوري.
ولإنجاحِ أي ثورةٍ لا بد من وجود نظام حماية ذاتية ومنظومة دفاعية متكاملة تحمي الشعب وتحافظ على أمنه واستقراره، لذا بدأت وحدات حماية الشعب تنظيم نفسها بشكل سريّ. وفي19 تموز عام2012م، تم الإعلان عن تأسيسها رسمياً كقوة عسكرية لروجآفا، ولعبت هذه القوات الدور الطليعي في مقاومة كوباني مع الشعب، وبعد تحرير مقاطعة كوباني، بدأت سلسلة تحرير العديد من المدن في الجزيرة وعفرين، كما وشاركت وحدات حماية الشعب في حماية قضاء شنگال، بعد هروب البيشمركة منها، وأنقذت عشرات الألاف من الكرد الأيزيديين، بعد أن أنشأت ممراً آمناً لهم ونقلتهم إلى روجآفا.
وكذلك أولى ما ابتدأت بها ثورة 19 تموز هي إعادة تنظيم المرأة وتدريبها وتعريفها لهويتها ودورها الحقيقي في البناء المجتمعي، سواء في مجال الدفاع المشروع وتأسيس المنجز التاريخي وحدات حماية المرأة ودورها التاريخي في الدفاع عن روجآفا كواجب من واجباتها، وأيضاً المتعلق بتأسيس عشرات المؤسسات التي تعنى بشؤون المرأة في مجالات السياسة والثقافة والمجتمع. والعقد الاجتماعي الذي تشكل وفقه الإدارة الذاتية الديمقراطية يضمن حقوق المرأة ويضمن نسب تمثيلها في الحياة السياسية والإدارية، واستطاعت ومن بداية الثورة أن تحدث تغييراً ملحوظاً وملموساً في مشاركتها في كافة المجالات و في صياغة القرارات، والتسلح بأيديولوجية تحرر المرأة، وحماية نفسها ضد كافة الهجمات الأيديولوجية للذهنية الذكورية المهيمنة، وكتابة تاريخها من جديد، وأصبحت مثالاً تقتدي به كل نساء العالم، وما الفلسفة التي شعارها “المرأة – الحياة – الحرية ” إلا دليل صارخ بأن الثورة التي تكون فيها المرأة ريادية مصيرها الحتمي ستكون النصر.
كما كانت من أهداف الثورة خلق تنظيم شبابي لتطوير السياسة الديمقراطية وترسيخ مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ولكل المكونات، وضمان مشاركة نوعية لها في الإدارة المتشكلة، وهيئة الشباب والرياضة كانت من أبرز هذه الإنجازات من أجل القيام بدورهم الطليعي في المجتمع.
كما إن لثورة 19 تموز أسباب ودواعي اقتصادية أيضاً، إحدى الخصال المميزة في الثورة الاجتماعية هو إنشاء اقتصاد تشاركي تحرري يقوم على التنسيق بين اتحادات أفقية ولامركزية للتعاونيات الزراعية والصناعية، وهذا ينشأ عبر عملية نزع وإزالة المشاريع المطبقة الواسعة على مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية، ورفض النظر إليها أنها مناطق نائية.
فمثل هذه الثورة محال ألا تنطلق إلى كل دول الجوار وإلى العالم أجمع فهذه الثورة التي عبرت المرأة من خلالها عن أفكار القائد عبد الله أوجلان والقيام بتطبيقه بين فئات المجتمع ليتحول المجتمع من الذهنية الذكورية إلى مجتمع أخلاقي سياسي بالدرجة الأولى.
شرارة الثورة التي بدأت في إيران أشعلت العالم برمته، فالسياسة القمعية التي تتبعها إيران على شعبها من الاستبداد والتسلط جعل الشعب في ضغط شديد مما آثار غضب الشعب الذي يرى مشروع الإدارة الذاتية في روجآفا وممارسة المرأة حقوقها في إدارة منطقتها والتعبير عن ذاتها، لهو مشروع حضاري ويتناسب مع كافة الحلول المرحلية.
فسلطة إيران التي لا تزال تمارس القمع من خلال إصدار أحكام الإعدام بحق الشعب المطالب بالحرية وقمع أراء المرأة والشباب التي تهدف إلى إبراز طموحاتهم بعيداً عن السلطة والاعتقالات التعسفية التي طالت الحقوقيين والحقوقيات والإعلاميين والإعلاميات وبالذات المناضلات والناشطات النسويات مثل؛ بخشان عزيزي التي تم أصدر حكم الإعدام عليها في 24 تموز 2024. وشريفة محمدي أيضاً قبل الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الإيرانية بيوم واحد. ووريشه مرادي أيضاً تم اتخاذ قرار الإعدام بحقهن، وحتى الآن وريشة مرادي هي في سجن (إيفين) اعتقلوها يوم الاحد 4/آب في الفرع 15 من محكمة الثورة الإسلامية في طهران. لأنها نشرت نص تناولت دفاعها ورفضها حضور الجلسة الثانية للمحكمة، وذلك احتجاجاً على حكم الإعدام الصادر بحق الناشطتين شريفة محمدي وبخشان عزيزي.
هذه الثورة التي قامت بقياده المرأة وبصوت المرأة المطالبة بحقوقها المشروعة والرسمية وبتهافت واحد إلقاء فلسفة: “المرأة، الحياة، الحرية”، التي أثرت صداها على المستوى العالمي، وخاصة بعد استشهاد جينا أميني على يد السلطات الإيرانية.
أبرزت المرأة في هذه الانتفاضة كل قوتها المكبوتة وأعلنت أنه “لا حياة بدون المرأة” رغم كل الأعمال الإجرامية التي ترتكب بحقهن من قبل السلطة. فإن نهج الدولة الإيرانية المعادية للنساء جعلتها تظهر للعالم اجمع من خلال فضح جرائمهم في هذه الانتفاضة ودعم المرأة ضد هيمنة الذهنية الذكورية.
فالمرأة التي لها إيمان بالحرية لن تخضع أبداً للذل والإهانة، ولن تعود لسابق عهدها تابعة للرجل، فإن شمس الحرية سطعت ووهجها انبثق إلى كل النساء بدءً من نساء روجآفا إلى روجهلاتي كردستان – شرقي كردستان – ونساء إيران – إلى العالم أجمع واليوم نرى وأمام العيان كيف أن المرأة الهندية تصرخ بأعلى صوتها تنادي بفلسفة المرأة – الحياة – الحرية. فالمرأة التي تتعرف على تاريخها الأصيل، يستحيل أن تحيا في العبودية.
نحن نساء شمال وشرق سوريا من: كرديات وأرمنيات وعربيات وآشوريات وكافة المكونات، المؤمنات بفلسفة حرية المرأة وبأنفسنا، بأننا قادرات على تخطي كل الأزمات والتحديات التي تواجهنا، وإننا نحافظ على مكتسبات ثورتنا مساندين كل نساء العالم.
والفكر الذي جعل عقولنا نيّراً هو فكر القائد عبد الله أوجلان رفيق المرأة الذي وقف بجانبها في كل المجالات. فالفكر الذي يُبنى على القيم والمجتمع الأخلاقي لابد أن يصل إلى أهدافه وتكوين بيئة ديمقراطية وحوارية قادرة على تربية أجيال حقيقية وجديرة بروح الثورة، التي ضحى الكثيرون لأجل الاتحاد تحت مظلة الكونفدرالية الديمقراطية.