إقليم شمال وشرق سوريا وتجربة الرئاسة المشتركة – سما بكداش
إقليم شمال وشرق سوريا
وتجربة الرئاسة المشتركة
“الرئاسة المشتركة
ليست مجرد نظام يساوي بين المرأة والرجل،
إنما هو نموذج جديد للحياة النِدِيّة الحرة”
سما بكداش
إن قضية المرأة والمشاركة الفاعلة لها تُعتبر من أكثر القضايا التي يتم نقاشها عالمياً في الآونة الأخيرة من كافة الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحقوقية، وضرورة مشاركتها السياسية حاضرة بزخم على لسان أغلب دول وحكومات النظام الرأسمالي، وأصبح وجودها في الساحة العملية والسياسية مرتبط بالحريات العامة ومن مقومات الديمقراطية في المجتمعات.
مؤخراً تم تصنيف مشاركة المرأة في السياسة ضمن أهداف التنمية المستدامة التي وُضعت للألفية الجديدة، وهذه الأهداف تعرف أنها بغاية رفع مستوى الحالة المعيشية للمجتمعات لتحقيق الرفاه للجميع، ورغم ذلك؛ لا يزال واقع المرأة غني جداً بالعنف لعدة أسباب، منها متعلق بالطبيعة الاجتماعية بحكم الأعراف المتوارثة، ومنها سياسية تتعلق بالقوانين والأنظمة في ظل النظام الهرمي الطبقي، أي ضمن الدولة.
إن الاستخدام الزائد للمواضيع التي تخص المرأة في سياسات هذه الدول هو بهدف إعطاء صورة عنها بأنها دول ديمقراطية، ولكن لا تزال الممارسة العملية تقليدية جداً ولا تلبي طموحات المرأة في الحرية والمساواة وهي مناقضة لجوهر وحقيقة المرأة، ودليل ذلك هي الظروف التي تعيشها المرأة اليوم؛ فهي أصبحت تعيش في أحلك الظروف وأعسرها ويطبق عليها أشد درجات القمع والاستغلال جسدياً مع استغلال كدحها، وذلك بناءً على الواقع المعاش للنساء، في كافة مناطق الشرق الأوسط وإفريقيا، والذي يتسم بمظاهر الاستغلال المزدوج للنساء، وتراجعات خطيرة على مستوى المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال حقوق النساء عبر مئات السنوات بسبب حالة عدم الاستقرار والأزمات التي يعيشها العالم خاصة في العقود الأخيرة، ولطالما حاولت القوى الاستبدادية والدينية المتطرفة إفراغ نضالات النساء من محتواها الحقيقي عبر تأسيس جمعيات وتكتلات نسائية تتبنى الفكر الليبرالي والإسلاموي المتطرف.
إن الأبعاد التاريخية لقضية عبودية المرأة تثبت عدم جدوى المواقف والطرق التقليدية لحلها والتي تقدمها الأنظمة الرأسمالية على نطاق واسع. اليوم الحالة الواقعية لأبعاد القضية تثبت أنها بحاجة لبذل جهود فكرية عظيمة وتوحيد نضال مشترك من قبل المرأة للقيام بثورة جذرية حقيقية لتغيير هذه الذهنية والمفاهيم المتوارثة منذ آلاف السنين في المجتمع ونحتاج إلى إعادة ترتيب وتنظيم العلاقات بين الجنسين وتحليل عميق للوصول إلى أصل المعضلة، وطرح البديل الذي يستند إلى الحقائق التاريخية والإنسانية لمنطقة الشرق الأوسط.
فقد حلل المفكر عبد الله أوجلان هذا المفهوم في مرافعته الثالثة سوسيولوجيا الحرية حيث قال:
“الاختلاف الجنسي أو البيولوجي ليس سبباً في أي معضلة”. وكما أكد وثبت بعض النقاط الأساسية وطرح أفكاره وقال:
“كافة الكائنات الحية الموجودة في الكون تتواجد بشكل ثنائي (ذكر وأنثى) سواء كانت هذه الكائنات نباتاً أو حيواناً أو إنساناً وحتى الذرات الموجودة في الكون تتواجد بشكل ثنائي، طبعاً هذه الثنائيات اشتراكها وتكاملها يكون السبب في خلق الوجود والتكوين، إذاً لا يمكن تأمين الوجود خارج إطار الثنائيات، والثنائيات بطبيعة الحال دائماً ميالة إلى النشوء المختلف؛ مثلاً شرح (في الكهرباء آلية تَشَكُل الطاقة الكهربائية يكون عن طريق تفاعل القطب الموجب والسالب) إضافة إلى أنه عندما نريد البحث عن برهان فيما يتعلق بالذكاء الكوني المطلق فالمقدور البحث عنه أساساً ضمن ميول هذه الثنائية، ومن الضروري أن تكون الثنائيات مختلفة فاذا تماثلت الثنائيات لن يتحقق الوجود.
من المحال أن يكون الاختلاف الجنسي بمفرده سبباً لأية معضلة اجتماعية، مثلما لا يتم تناول كل ذلك لأي كائن حي في الكون على أنها معضلة، كذلك يجب التناول في الثنائية الموجودة عند الإنسان أيضاً، ولكن على العكس نرى بان تناول الثنائية عند الإنسان الذي يمتلك موهبة العقل يكون مختلف جداً، ولا يتم التناول بهذا المفهوم حيث أن النظر إلى المرأة كجنس بشري له فوارقه البيولوجية يتصدر أحد العوامل الأساسية فيما يخص الواقع الاجتماعي. أي أن الاختلاف البيولوجي للمرأة أصبح اليوم وعبر آلاف السنوات إحدى أكبر المعضِلات الأساسية في المجتمع، وأن الرؤية الرجولية والسلطوية قد خلعت عليها مسحة من الحصانة لذلك فإن تحطيم العمى المعني حول المرأة أصبح أشبه بتحطيم الذرة“.
لمحة تاريخية عن الرئاسة المشتركة
حتى وأن نظام الرئاسة المشتركة ليست بالمرة الاولى التي يتم طرحها، فالكثير من الدول مثل أمريكا اللاتينية وألمانيا اتخذوا هذا النظام كتجربة ديمقراطية بالنسبة لهم، ولكن المعضلة العويصة هي أنه رغم هذه التسمية ولكن المرأة بقيت كما هي، أي شكلية في رئاستها ولا تملك الاستقلالية في قراراتها.
فأدرج نظام الرئاسة المشتركة ولأول مرة على جدول أعمال القائد الأممي عبد الله أوجلان في سجن إمرالي 2004 من خلال الإشارة إلى تطبيق نظام الرئاسة المشتركة في الحزب، انطلاقاً من مبدأ؛ “إن لم تتحقق الديمقراطية داخل الحزب؛ فإن السياسة لن تكون ديمقراطية، وإن لم تكن السياسة ديمقراطية فإن المجتمع لن يكون ديمقراطياً”. وفي نهاية عام 2010، في مرافعته الخامسة باسم (القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية)، طرح القائد عبد الله أوجلان موضوع الحياة النِدِيّة الحرة التي تعمل على ترسيخ وتطوير نظام الرئاسة المشتركة.
إن مراحل النضال الطويلة كانت كفيلة لتشكيل أرضية للوصول إلى مرحلة الرئاسة المشتركة، طبعاً هناك نضال كبير ومراحل تحليلية طويلة اعتمدها القائد بدءاً من (تحليل تاريخ المرأة – تحليل حقيقة المرأة والعائلة – كيف نعيش – تشكيل حزب المرأة – تجيش المرأة – نسبة الترشح 40% – علم المرأة جنولوجي … إلى أن وصل إلى أطروحة (الرئاسة المشتركة)، التي كانت بمثابة ثورة فكرية وتغيير ذهني بالنسبة للمجتمع الكردي حيث تم تحقيق تغير كبير في النسيج الاجتماعي الكردي وخاصة بالنسبة للعلاقات الاجتماعية بين المرأة والرجل.
إضافة إلى ذلك طرح القائد العديد من النظريات، منها نظرية أيديولوجية حرية المرأة التي كانت بداية جديدة من أجل التحقق من الأيديولوجيات الموجودة، وهذه الأيديولوجية التي وضعت مبادئ الحياة التي ستعمل المرأة على خلقها ونسجها فتتخلص المرأة من التفكير وفق فكر الرجل والعمل وفق توجهاته، كذلك نظرية الانقطاع عن الرجل بهدف العمل من أجل تجاوز أسس الرجولة التقليدية والرجعية التي تحولت إلى بلاء على رأس البشرية. لذا يؤكد القائد على أهمية البحث في علاقة الذهنية الرجولية المشيدة مع الذهنية السلطوية الذكورية؛ ومع مفهوم العنف واستعباد المرأة واستغلال كدحها.
في الشرق الأوسط طُبِّقَ نظام الرئاسة المشتركة لأول مرة من قبل (الحركة التحررية الوطنية الكردستانية)، وبمحتواه الجوهري الصحيح في أجزاء كردستان الأربعة، ومع انطلاقة ثورة روجآفا وإقليم شمال وشرق سوريا تبنى تنظيم “مؤتمر ستار” فكر القائد وطُبِّقَ هذا المبدأ أول مرة عام 2012 في حزب الاتحاد الديمقراطي PYD في مؤتمره الخامس ابتداء من رئاسة الحزب إلى كافة التنظيمات الحزبية في القاعدة، وبعدها طبق في حركة المجتمع الديمقراطي TV DEM والبلديات، وقد تم تطبيق هذا النظام في جميع مفاصل الإدارة الذاتية الديمقراطية عام 2016، ابتداءً من أصغر خلية وهي الكومين والوصول إلى مجالس البلدات، ومن مجالس النواحي والمقاطعات إلى المجالس التنفيذية في شمال وشرق سوريا.
نظام الرئاسة المشتركة في الإدارة الذاتية الديمقراطية
برز منهج الرئاسة المشتركة، كـ منهج جديد للإدارة في الشرق الأوسط، في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا بفكر وفلسفة القائد عبد أوجلان وقيادة المرأة الكردية ونضالها الطويل، وأصبح هذا النموذج له تأثير على أرض الواقع ولقي صدىً على مستوى العالم عبر تطبيقه في المئات من المؤسسات والتنظيمات في كل من كردستان (شمال وشرق سوريا، وتركيا، وبعض التنظيمات في أوروبا)، وبعث منهج الرئاسة المشتركة أو الإدارة المشتركة روحاً جديدة في جسد الأنظمة، هو نموذج جديد للإدارة مغاير من حيث الاسم والجوهر للصورة السائدة في العالم العربي والشرق الأوسطي وحتى الغربي.
حيث ساعد هذا الأسلوب من الإدارة في الابتعاد عن نُظم الإدارة المركزية المحملة بالذهنية الذكورية، وأصبح هذا الأسلوب الدعامة والمرتكز الأساسي في بناء مجتمع ديمقراطي متكامل، وبكلمة أخرى في بناء الأمة الديمقراطية التي تستند إلى الوحدة في التنوع والاختلاف.
الرئاسة المشتركة ليست مجرد نظام يساوي بين الرجل والمرأة، إنما هو نموذج جديد للحياة الحرة النِدِيّة؛ أي أن الرجل والمرأة ينظمون نفسهما ويناضلون ضد العبودية لضمان وجودهما وهويتهما وتقوية الروح الجماعية والتقاسم والمساندة والمشاركة.
إن التي أعطت الروح لنظام الإدارة الذاتية الديمقراطية هي المرأة، فالمرأة هي بمثابة الجسد الأكثر حيوية ونشاطاً لقوة التغيير والتحويل في شتى الصّعُد سواء كان على المستوى الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي من خلال تنظيمها لنفسها في المجتمع؛ فالمرأة هي الإرادة السياسية والاجتماعية، وهي الشريان الحيوي الذي زوَّدَ جسد الإدارة الذاتية بالأوكسجين، فمجتمعية المرأة وجوهرها مقياس رئيسي للمجتمعية العامة.
الهدف من نظام الرئاسة المشتركة
إن تطوير المجتمع الديمقراطي يتحقق بذهنية ديمقراطية، فدمقرطة السياسة والمجتمع ممكنة بتطور سياسة تستند إلى الإرادة وتنظيم جوهري لكل من الرجل والمرأة، وبهذا المعنى سيصبح نظام الرئاسة المشتركة ميداناً يُمَكنُ كل من المرأة والرجل واكتساب الإرادة والتنظيم والمعرفة الديمقراطية.
ولأن الأساس التاريخي والاجتماعي لهذا النظام راسخ ومتين، وبقدر ما هي قوة مضادة للنظام السلطوي والتعصب الجنسوي، فهي بالقدر ذاته قوة بناءة في الأمة الديمقراطية وصاحبة دور أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، لقد أصبح من الواضح للعيان أنه إذا لم تأخذ المرأة مكانتها المبنية على أساس الحرية والمساواة في أي نظام كان، فإن هذا النظام لا يصبح ديمقراطياً، والتجارب التي تمت معايشتها في العالم أثبتت ذلك.
ومن أهم أهدافها الأساسية:
1 – نظام الرئاسة المشتركة يحقق الديمقراطية التي تجعل الجنسين المرأة والرجل على قدم المساواة، فالتكافل والديمقراطية تزيل السلطة لصالح الإدارة وتعزز مفهوم الديمقراطية الأفقية المجتمعية وهذا بدوره يؤدي الى مجتمع حُر وأمَّة ديمقراطية، لأن الشرط الأولي للتحول الديمقراطي والإيكولوجي في المجتمع هو القيام من خلال نظام الرئاسة المشتركة بخطوات في هذا المجال وإعادة تصحيح كل العلاقات التي تم تحريفها عبر التاريخ “علاقة الإنسان مع الطبيعة علاقة المرأة والرجل وعلاقة الإنسان مع الإنسان”.
2 – يهدف إلى العدالة والمشاركة والتمثيل المتساوي للحد من السلطوية ويشترط ألَّا يكون شكلياً، فالمفهوم ليس تقاسم الوظائف، إنما هو نظام له أساس أيديولوجي وتاريخي واجتماعي وثقافي يبدأ من الأسفل “أصغر خلية” في المجتمع إلى أعلى إدارة.
3 – نظام الرئاسة المشتركة يهدف إلى تفعيل إرادة المرأة وإظهار طاقتها ومشاركتها في ميدان السياسة ومراكز صنع القرار كما في ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، واستطاعت ممارسة السياسة والدبلوماسية بفعالية وكانت صوت شعبها في العديد من المحافل الدولية وفتحت الكثير من الأبواب بوعيها من خلال إعادة اكتساب دورها الحقيقي.
4 – هذا النظام يناضل ضد أنانية الفرد والمفهوم الدولتي. ويطور مفهوم الديمقراطية الراديكالية، ويرى أن المرأة والرجل كيانان أساسيان لابد منهما لبناء المجتمع.
5 – الرئاسة المشتركة يعني أن المرأة والرجل ينظمان أنفسهم ضد العبودية لضمان وجودهم وهويتهم واحتياجاتهم وتقوية الروح الكومينالية والتقاسم المشترك والمساندة معاً والحياة التشاركية.
6 – من خلال التجربة العملية في نظام الرئاسة المشتركة أثبتت المرأة كيانها ووجودها عن طريق مشاركتها الفعالة بإرادتها في العمل، وهذا يعود إلى طبيعة المرأة، فالمرأة بحكم طبيعتها هي العنصر الفاعل في المجتمع لذلك وجودها في هذا النظام يحقق الديمقراطية والمساواة في المجتمع.
7 – يعتبر نظام الرئاسة المشتركة من الساحات التي تكسب الوعي الجوهري والإرادة الراسخة وقوة التنظيم في شخصية المرأة والمجتمع، فمثلما هو متعارف عليه منبع جميع الممارسات غير العادلة بين المجتمع هو سرقة جهد المرأة، لأن مصطلح المساواة العام لا يحقق المساواة للمرأة بشكل أكيد ومباشر، وإذا لم تتخطَى التمييز الجنسي ولم يتحقق حرية المرأة والمجتمع لا نستطيع الحديث عن المساواة الاجتماعية.
الرئاسة المشتركة بين النظرية والتطبيق
تبين من خلال التجربة العملية إن نظام الرئاسة المشتركة تجربة ناجحة، وأن وجود المرأة في أي مكان وأينما وُجدت فالمرأة تترك أثراً، فهي المبادرة والمسامحة والمصححة للمسار، والجهد الذي تبذله النساء يترجم بشكل أفضل بنظام الرئاسة المشتركة فهو قادر على تمثيل وترجمة إرادة المرأة، ولأن المرأة في هذا النظام عملت بفعالية على إشراك كل فرد في المجتمع وحفزت الرجال والنساء على العمل بفعالية أكبر فقد تم اعتماده من قبل العديد من الأحزاب في إقليم شمال شرق سوريا، مثل حزب الخضر الديمقراطي، وحزب الاتحاد السرياني واليوم ستة أحزاب فعالة في إقليم شمال وشرق سوريا تعتمد نظام الرئاسة المشتركة.
بالطبع منذ عام 2012 يطبق مفهوم الرئاسة المشتركة في أغلب الاحزاب والتنظيمات، ويعتبر مبدأً أساسياً في العقد الاجتماعي لمناطق إقليم شمال وشرق سوريا، كما أن نظام الرئاسة المشتركة لقيَ صدىً كبيراً على مستوى الشرق الأوسط والعالم كنموذج جديد للإدارة يعبر عن الديمقراطية الفعلية لمشاركة المرأة في أماكن صنع القرار وفي كافة الهياكل والمجالس المشكلة في الإدارة ونظام الرئاسة المشتركة، وكان سبباً أساسياً في لعب الإدارة الذاتية الديمقراطية دوراً ريادياً في إصلاح المجتمع وخلق ثورة حقيقية في المجالات كافة وبين مختلف الشرائح والمكونات، ولا يمكن تطبيق أي نظام إداري ديمقراطي يعادل هذا النظام، وأضفى وجود ودور المرأة في الإدارة الذاتية الديمقراطية تميزاً على النظام الإداري الديمقراطي وخاصة فيما يتعلق بنظام الرئاسة المشتركة.
هذا النظام الذي أشادت به العديد من الدول والأنظمة المختلفة على مستوى العالم، واعتبره الكثير بأنه أنجح نظام إداري يمكن أن يقود مجتمعه نحو الديمقراطية، ونرى ذلك من خلال اللقاءات مع كافة الوفود التي تزور المنطقة والتي يتم اللقاء معهم في الخارج.
فنظام الرئاسة المشتركة لها اهمية بارزة ومنها:
– نظام الرئاسة المشتركة يعتبر واحداً من أهم المكتسبات المحققة في ثورة روجآفا وشمال سوريا، هذه الثورة التي توجت باسم المرأة هناك العديد من المنظمات والأحزاب السياسية التي تحاول الاستفادة من هذه التجربة لإمكانية تطبيقها ضمن مؤسساتهم.
لقد تعرضنا في بداية تطبيق هذا النظام إلى صعوبات مثل عدم تقبل المجتمع وكذلك عدم تقبل الرجل للمرأة التي معه في العمل بالأخص للمرأة التي كانت أقوى منه معرفةً وتنظيماً، وأحياناً كانت تظهر بعض المشكلات بين الرئاسة ويتسبب بظهور بعض التكتلات ضمن العمل، ولكن بعد مرور سنوات ونتيجة الدورات التدريبية والاكاديميات والتجربة؛ خفت الصعوبات بشكل كبير، ورغم ذلك لا نقول بأن هذا النظام طُبِّقَ بشكل تام، لكن ما نزال نخوض النضال في هذا الطريق لأن تغيير الذهنية المتوارثة منذ ألوف السنوات يتطلب وقتاً وجهداً ونضالاً من أجل تطبيق هذا المفهوم كمنهج أساسي في الإدارة وفي الحياة أيضاً، وذلك من خلال الأكاديميات والمحاضرات والدورات التدريبة وورش العمل إضافة إلى إقامة دورات خاصة بالرجل تعطيها النساء والنقد والنقد الذاتي بهدف تخطي النواقص التي تظهر من خلال الممارسة، أي أننا ما زلنا (رغم نضال كل هذه السنوات) نعاني من الصعوبات خلال الممارسة العملية نتيجة الذهنية المتوارثة من قبل كل من الرجل والمرأة أيضاً بحيث يبقى أحياناً شكلياً، ومن هذه الصعوبات:
ــ أحياناً يكون نظام الرئاسة المشتركة شكلاً خالياً من جوهره الحقيقي في كثير من الأماكن، ويتم النظر إليه بأنه يعني مشاركة الرجل والمرأة في نفس المهام، وهذه رؤية غير صحيحة. فنظام الرئاسة المشتركة يعني وصول كل من الرجل والمرأة لعتبة الحرية. الرئاسة المشتركة تعني تقاسم المسؤوليات والتعاون، وأخذ إرادة الطرفان بعين الاعتبار وهذا يتطلب منا أن نفهم تاريخ نضال المرأة الطويل من أجل الحرية. وإن لم نفهم تاريخ حرية المرأة فنظام الرئاسة المشتركة لن يفهم ويجب أن يكون هذا النضال مشترك من قبل كل من الرجل والمرأة من أجل خلق ثورة ذهنية حقيقية.
ما يتطلب من الرجل أن يتخلص من مفهومه في رؤيته الدونية للمرأة، والمرأة يجب أن تناضل لكي تتخلص من المفهوم المفروض عليها منذ آلاف السنين، ويجب معرفة أن الهدف من نظام الرئاسة المشتركة ليس وصول المرأة إلى مستوى الرجل إنما تعني دمقرطة السياسة وهي التي تمنح القوة والإرادة للمرأة والرجل أيضاً.
ــ مفهوم التعصب الجنسي مازالت موجودة، من خلال ممارسة الرئيس المشترك (الرجل) في فرض رأيه ورؤيته على أن رأيه هو الأصح، “في أماكن كثيرة يتقدم الرجل على حساب المرأة ويظهر تأثير وثقل الرجل أكثر. وفي بعض المناطق الأخرى لا يزال الرجال غير مستعدين لتقاسم مسؤولية العمل المشترك مع المرأة وبالأخص عندما يكون نضال المرأة ضعيفاً وأساليب الإقناع التي تنبع من التجربة والمستوى الثقافي والأيديولوجية غير كافية، لذا علينا أن نقف نحن النساء بشكل منظم ونناضل بعزيمة أكبر؛ لأن أحد المعايير الأساسية من أجل ضمان وتطوير حرية المرأة والرجل هي مسؤولية المرأة الأكثر. يجب على المرأة أن تعمل على رفع مستواها الأيديولوجي، وعليها ألَا تقبل نهائياً بأن تكون في المرتبة الثانية، وألا تقبل هذه الأساليب وألا تنسى دورها في هذا النظام، ويجب ألا تفكر المرأة بأن الرجل سيعمل أفضل منها.
بشكل عام يتطلب المزيد من الدورات التدريبية والتنسيق ورفع المستوى الأيديولوجي من أجل الفهم الصحيح لهذا الفكر، واستيعاب تحرر المرأة والديمقراطية الأفقية كذلك يتطلب التدريب الشخصي والذاتي وممارسة الفكر الأيديولوجي وليس حفظه فقط.
الاحترام المتبادل بين الطرفين واستيعاب الأخطاء الشخصية والتسامح معها وعدم تصعيد الأخطاء، كذلك يجب أن يكون هناك حوار ونقاش دائم واستخدام أسلوب النقد البناء.
بمقدورنا القول بان الرئاسة المشتركة هي تجربة إدارية تمنع السلطة والتفرد في الرأي، وتتيح الفرصة لتقليص والحد من القرارات الخاطئة كما تؤدي إلى مرونة في العمل الإداري، ونستطيع القول بأن الرئاسة المشتركة هي الطريق الأرجح للإدارة سواءً ضمن المؤسسات والأحزاب أو غير ذلك.
طبعاً الرئاسة المشتركة ليس أول نموذج في العالم ولكن لأول مرة يطبق بشكل جوهري والذي يهدف إلى إظهار جوهر المرأة وحقيقتها، وكلنا نعلم أن الهدف من نظام الرئاسة مشتركة مهم جداً ونجاحه مهم جداً فالحياة تسير وفق جدلية ثنائية، وإقصاء أي طرف يعني شلل الطرف الآخر، فالمرأة هي الطاقة التي تتدفق بالحياة، وهي التي سوف تقوم بتغيير الذهنية والتحرر من التعصب والعادات والتقاليد البالية، فالمرأة هي التي تبعث الجمال وتعطي رونقاً للحياة.
حين يقيّم رفيق المرأة المفكر عبد الله أوجلان بقوله: “كلي ثقة بـ عدالة المرأة”.
فنحن كنساء قد وضعنا هذه المسؤولية التاريخية على عاتقنا، وبالثقة التي اكتسبناها من قيادتنا سنكون قادرات على المشاركة بلوننا وسنطبق مهمة الرئاسة المشتركة التاريخية، وسنعمل بعدالة وضمير ولن نقف صامتات حيال النواقص، وسنكون مثالاً للإرادة الحرة والفكر الثاقب والسياسة الرصينة في فعالياتنا ونشاطاتنا وسنجسد ثقافة المرأة، وهكذا سنعاهد مجتمعنا على المضي بـ فلسفة الحياة النِدِيِة الحرة، وسنضمن النجاح.
فنحن كنساء قد وضعنا هذه المسؤولية التاريخية على عاتقنا، وبالثقة التي اكتسبناها من قيادتنا سنكون قادرات على المشاركة بلوننا وسنطبق مهمة الرئاسة المشتركة التاريخية، وسنعمل بعدالة وضمير ولن نقف صامتات حيال النواقص، وسنكون مثالاً للإرادة الحرة والفكر الثاقب والسياسة الرصينة في فعالياتنا ونشاطاتنا وسنجسد ثقافة المرأة، وهكذا سنعاهد مجتمعنا على المضي بـ فلسفة الحياة النِدِيِة الحرة، وسنضمن النجاح.