براديغما المفكر عبد الله أوجلان ونظام الرئاسة المشتركة – أمنة خضرو
براديغما المفكر عبد الله أوجلان ونظام الرئاسة المشتركة
“الرئاسة المشتركة
هي مشاركة الشعب في إدارة شؤونه
السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل مباشر“
أمنة خضرو
دور المرأة عبر تسلسل الحضارات في التاريخ:
برز تهميش دور المرأة وإقصاءها في ممارسة حقوقها التي دوّنتها سطور التاريخ. ففي العصر النيولوتي كانت المرأة في مناخ المجتمعات ما قبل نشوء الأنظمة الدولتية السلطوية بجمع الثمار في الوقت الذي كان وظيفة الرجل هي الصيد، ومن هناك اكتشفت المرأة عملية البذور والحصول على نتاج وغذاء أكثر، فزاد ارتباطها بالأرض، كما أنها كانت القوة الأساسية في تكوين المجتمعية، وأصبحت إلى جانب كونها “مانحة الحياة” مصدراً للخصوبة والنماء و”إلهة” وربة في كل الحضارات القديمة، من نينهورساغ –عشتار- ستار- ايزيس وفينوس.. وغيرهن”.
حيث كانت المجتمعات آنذاك متساوية، ولم يكن هناك هيمنة لجنس على آخر بالمعنى الذي استقر في الأذهان والسلوك بتلك المرحلة التي عرفت بمرحلة “العصر الأمومي” التي استمرت ما يقارب 98% من عمر البشرية، كما تراجع دور المرأة بعد أن سرقها الرجل من قيمها بفرضه النظام الأبوي السلطوي تدريجياً بعد سحب بساط القيم الكونية، حيث انتقلت البشرية إلى نظام جديد وأصبح الرجل القوة المهيمنة، ووضع قبضته على كل مجالات القوة.
العصر الجاهلي: تم دفنها بمجرد أنها أنثى، وكانت هذه الجريمة تعرف بـ “وأد البنات” اعتقاداً بأن إنجاب البنات يجلب العار للآباء، حيث كانت المرأة تجلس فوق حفرة محفورة أثناء الولادة فإن كانت المولودة أنثى، رمتها وردمتها بالتراب، وإن لم تُردم بالتراب أهانوها بتكليفها وإرسالها الى البادية لرعي الإبل بسن مبكر.
الأساطير البابلية: فقد بدأت الخليقة من زواج الإله ” آبسو” من ” تيامات”، لتتكرر القصة حين ينتصر الإله “مردوخ”، فيُشّطر تيامات إلى نصفين، يشكل السماء منتصفها العلوي والأرض من نصفها السفلي. وفي دواوين الحضارة البابلية أغرقت على يد أنظمة السلطة الذكورية.
أمّا الأنظمة التي ساقتها الحضارة الآشورية، فقد تم فرض الحجاب على كل النساء وفرض قوانين صارمة تجبرها على ارتداء الحجاب، ولا يجوز أن تتزوج إلا بعد إعلان ارتداء الحجاب.
وما نصت أحكام الإغريق بحرمان المرأة من كل الحقوق الاجتماعية كـ التعلم والتعليم وممارسة هوايتها الثقافية وحرمانها من حقها بالإرث، وكانوا يعتبرونها ناقصة العقل.
وفي دواوين الحضارة الرومانية، حصلت المرأة الرومانية إلى حدًّ ما على بعض من حقوقها تحت ولاية والدها أو زوجها.
وما تنقلته الحضارة الفرعونية، كانت المرأة مشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية متساوية مع الرجل ولها الدور الأبرز في تلك الحقبة.
وفي الأساطير السومرية بدأ الخلق من الإلهة كانت هي أول الموجودات “إينانا ” وأنجبت إلاهيين هما: “آن” الذي يمثل السماء، و”كي” الذي يمثل الأرض، ومن زواجهما يولد “آنليل”.
أمّا ما تداولته الحضارة الصينية واليونانية ومناطق الشرق الأدنى سلبت جميع حقوقها الحياتية في ظل النظام الأبوي واعتبرتها مخلوقاً من الدرجة الثانية أو أدنى، كما كانت تلقب بعد الزواج بـ (فو) أي المرأة الخاضعة.
وفي تاريخ الحضارة الهندية ليس لها أي حق وكانت تعتبر غنيمة في الحروب وتقدم كـ أضحية للآلهة ونصّت الشرائع الهندوسية: (ليس الصبر المقدر والريح، والموت والجحيم والسّم والأفاعي والنار أسوأ من المرأة)، وكانت تحرق نفسها بعد موت زوجها.
وفي تاريخ الحضارة الفارسية، كان” زرداشت ” قد أعطى فسحة لبعض الحقوق كاختيار الزوج وحقها في طلب الطلاق وحقها في استملاك العقارات، وأنْ تكون صاحبة شأن بإدارة أملاك زوجها، وانتهت صلاحية هذه الحقوق بعد موت” زرداشت” حيث أصبحت المرأة منبوذة، محتقرة، محاربة من الذهنية الذكورية كالأب، الأخ، العم، الخال، وفرض عليها عدم مواجهة الرجال وإلزامها ارتداء الحجاب.
وفي سجل الحضارة اليهودية، اعتبرت المرأة أصل الفتنة والنجاسة والشر المطلق، ونسبت لها تهمة خروج سيدنا آدم من الجنة، أقصيت من حقها بالميراث إن كان لها أخ واحد وإن لم يكن، ففرض عليها الزواج.
أمّا طيّات الحضارة المسيحية، حيث قال بولس: (لتصمت نساءكم في الكنائس، لأنه ليس مأذوناً لهن في الكلام بل أمرن إنْ يخضعن للطاعة، هكذا تآمر الشريعة، فإن أردن أن يكتسبن أي معلومة فليتساءلن رجالهن في المنزل، لأنه من المعيب للمرأة أنْ تتكلم في الكنيسة). وقال أيضاً بولس: (اسمح للمرأة أن تعلم ولا أنْ تغتصب السلطة من “الرجل”، ولا تتسلط، وعليها أن تبقى صامتة، لأنّ آدم خُلقَ أولاً وثم حواء، ولم يكن آدم هو الذي انخدع بل المرأة انخدعت، فوقعت في المعصية)، مع العلم أنّ سيّدنا عيسى أعطى كلّ الحق للمرأة إلا أنّه نهاها عن المعصية.
أمّا في النظرة الإسلامية تذكّر المرأة بعد سيدنا آدم حواء التي شاركت انطلاقة الحياة البشرية بينهما، حمل الدين الإسلامي شرائع وأحكام انصفت المرأة نوعاً ما بمنحها الحقوق التي حرمت منها مثل المساواة في العبادات والتشريعات وحق التعلم والعمل والميراث. ومن وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام أوصى بحسن معاملة البنات قائلاً: (استوصوا بالنساء خيراً)، ونصّ الإسلام واصفاً بأن الجنة تحت أقدام الأمهات، وقد جاء في القر آن الكريم آيات عديدة توصي بحسن معاملة النساء منها سورة كاملة عن النساء، وأوّل من آمن بعد الرسول عليه السلام هي السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
أمّا من الناحية العملية في ظل الدين الإسلامي فقد تمّ تهميش دور المرأة نوعاً ما حسب هيمنة الرجل عليها، حيث تم اعتبارها إنساناً من الدرجة الثانية، وكان هناك حرص شديد غير مبرر على منع المرأة مشاركتها في الأمور القيادية بفرض أحكام غير منطقية عليها لإخضاعها وإبعادها عن مراكز القرار كالرجل، واعتبارها جنس ضعيف غير مؤهل لأداء وظائف الرجال. وبرزت بقوالب خدمة الأسرة، الإنجاب، أداء الأعمال المنزلية حسب مشيئة الرجل، واستمرت هذه النظرية الدونية على سيرورة المجتمعات الإسلامية الشرق أوسطية كاملة حسب كل منطقة ولها عاداتها وتقاليدها التي تحوّلت إلى أحكام أمر واقع.
نجد في كل الأساطير التاريخية لدى أغلب الحضارات اليونانية والفرعونية تطبيق الثنائية المشتركة كما أنّ الأديان الإبراهيمية لم تبتعد عن التشاركية.
حيث أنّه في كلّ أنماط الحياة تمّ إقصاء المرأة من حيث العقل، وفرض الحجر على آلية التفكير والإبداع. بطبيعة الحال سيؤثر ذلك على تراجع في كفاءاتها بلا شك، وهذا السلوك الغير عادل طبق على الرجال والنساء بالقدر نفسه، حيث تم تعزيز السلوك السلطوي الذكوري المطلق لدى الرجل وتعزيز صفة المرأة الخنوعة العبدة المنحنية لحكم النظام الذكوري البحت.
لذلك يجب رفع مستوى الوعي وإدراج أنماط جديدة بتطبيق العدالة في المجتمع رجالاً ونساء نحو مجتمع أكثر مساواة وانفتاح، ولا بدّ من إعادة النظر في القوانين والدساتير التي نصتها الأنظمة الحالية لتنال المرأة كامل حقوقها وأداء واجباتها لتكتمل موازين الطبيعة الكونية بخلق منظومة أساسها بناء مجتمع سليم فكرياً وثقافياً واجتماعياً وأخلاقياً وسياسياً بكل صفاته.
فكل ما هو موجود في الكون قائم على بنية حتمية بين التآلف والاندماج بقطب الوجود “الذّكر – الأنثى”، وهو المناخ الطبيعي الذي تفرضه آلية الكون االبيولوجية، لاستمرارية البشرية، كما أن بنية الحياة الاجتماعية متكاملة مع دور الجنسين بعيداً عن النزاع المتوارث الذي كبّدهما خسائر فادحة وطبيعة المجتمعات الجنسوية مبنية على الذكر والأنثى، لا يمكن استثناء أحد الأطراف ولا يمكن لجنس واحد بالاستمرار في الحياة، ولا يمكن لجسد واحد أن يسير بقدم واحدة، ولا يمكن للطير أن يحلق بجناح واحد، والحياة تآلف ثنائي الأصل ما بين الأرض و السماء بمعناها الأسطوري، أي المرأة والرجل بمعناها الواقعي.
حيث يعود تاريخ التشاركية والإدارة إلى عصور قديمة بمصطلحه الجديد “الرئاسة المشتركة”، وهي مبنية على فكرة أساسية تتمثل بثنائية الحياة وتكاملها بين الرجل والمرأة رغم أنّ تلك الحالة السياسية والإدارية التي كانت تعاش بمناخ غير مرتب له بشكل مسيس بل كان فطري الجانب وتطوعي.
فالفكرة كانت موجودة في الحضارات والثقافات الأخرى، إنّما كان يمارس بشكل جنيني وتلقائي، إلا أنّ القائد والمفكر عبد الله أوجلان أعاد صياغة مفهوم أسلوب الحياة بطرح نظام الرئاسة المشتركة، وأضاف عليها أبعاداً وقيماً جديدة لتتماشى مع نمط العصر، وربطها بعدة قضايا أساسية وجوهرية، وتصب في تقدم الشعوب ووصولها الى نظام اجتماعي عادل يحقق أصولية تحقيق العدل والمساواة بالسمات الحقيقية.
نظام تطبيق الرئاسة المشتركة:
الحركة التحررية الوطنية الكردستانية هي أول من طبقت مفهوم الرئاسة المشتركة قيد التطبيق العملي في عام 2005 والعديد من مؤسسات والتنظيمات في جنوب كردستان وشمال كردستان، ومع انطلاقة ثورة روجآفا تم تطبيق نظام الرئاسة المشتركة بكافة المؤسسات والمجالس والكومينات التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية.
عملت الإدارة الذاتية الديمقراطية على طرح رؤى وأفكار حول تحرر المرأة ومحاولة إشراكها في جميع الأعمال السياسية والإدارية التابعة لها، حيث تم إدراج نظام الرئاسة المشتركة في العقد الاجتماعي كمبدأ أساسي لها حيث ورد كما يلي؛ ” تعتمد الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا نظام الرئاسة المشتركة في كافة المجالات السياسية والاجتماعية وغيرها، وتعتبرها مبدأ أساسي في التمثيل المتساوي بين الجنسين، وتساهم في التنظيم وتكريس النظام الكونفدرالي الديمقراطي للمرأة ككيان خاص بها.
وكذلك ورد في المواد 74 – 95 حيث تم تطبيق نظام الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي أقَرّ النظام في مؤتمره الخامس عام 2012، كما كانت هناك أربع رئيسات لهيئات الإدارات في الإدارة الذاتية الديمقراطية في الجزيرة والتي تم إعلانها في عام 2014م، وفي عام 2016 تبنت الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا نظام الرئاسة المشتركة بشكل رسمي، وأصبح نظاماً معمولاً به، بدءاً من الكومينات وصولاً إلى الرئاسة العامة لكافة المؤسسات المرتبطة بكافة الإدارات الذاتية العسكرية منها والمدنية.
واستحدثت مؤسسات ومنظمات نسائية جديدة مثل “مؤتمر ستار” الذي يعطي أهمية كبرى لتحرر المرأة، إضافة لطرح فكرة الأمة الديمقراطية المستنبطة من أفكار القائد عبد الله أوجلان، حيث طرح القائد مفهوم الرئاسة المشتركة من خلال فلسفته السياسية ورؤيته للحل الديمقراطي ضمن مشروع الإدارة الذاتية والأمة الديمقراطية، وهو الرائد في تطوير وإغناء مفهوم الرئاسة المشتركة وقدم رؤية سياسية متكاملة حولها في معتقله رغم أنه طرح المفهوم قبل أسره، ولكنّه أكمل المشروع في المعتقل لاحقاً.
وخطّت المرأة خطوات هامة في كافة المجالات، وبرزت بدورها التنظيمي، والعسكري، والسياسي، والدبلوماسي، والاقتصادي، والاجتماعي، وأصبحت مثالاً تقتدى به كل نساء العالم.
مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ساهم في النهوض بدور المرأة في المجتمع نحو التطور والتقدم. حيث يُعتبر هذا المشروع الديمقراطي الأول من نوعه في العالم، لأنه ساهم بدعم جميع أفراد المجتمع والمرأة، في الوصول لحقوقهم بحرية، ويمثل الحياة التشاركية الحرة لكافة المكونات المتعايشة في المنطقة، ويعتمد في مضمونه على نهج وبراديغما الأمة الديمقراطية، الإيكولوجية وحرية المرأة، وهو نموذج لنظام جديد ومتطور مناقض لنظام الدولة المركزية.
فنظام الرئاسة المشتركة المطبق في مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية هو تجسيد واقعي لمشاركة المرأة في كل مفاصل الإدارة بعد تهميشها وحرمانها من حقوقها لفترة طويلة.
فنظام الرئاسة المشتركة مهم جداً للمرأة، وكذلك للرجل، لأن الدول المهيمنة جعلت من الرجل أيضاً بدون إرادة، وهذا النظام سيجعل من كليهما صاحب إرادة في اتخاذ القرارات، فهو ضمان لحريتهما وبالتالي تقوية روح المبادرة والمشاركة والمساندة لديهما، وترسيخ السياسة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي إنهاء السلطة والأنانية، وكذلك التخلص من العبودية.
فالدولة والسلطة لا تنتجان سوى العبودية والحروب والعنف والاستغلال والاحتلال والفقر، والكثير من القضايا التي تفاقمت في يومنا هذا، وكل ذلك للتحكم بالمجتمعات حسب مصالحهم السلطوية.
نظام الرئاسة المشتركة هو البديل للحضارة الدولتية السلطوية، وضمان الحضارة الديمقراطية هو سياسة الحضارة الديمقراطية، وبقدر انضمام المرأة للسياسة وبقوتها التنظيمية ستصبح ديمقراطية، وكلما صارت السياسة ديمقراطية فالمجتمع أيضاً يصبح ديمقراطياً.
حسب رؤية القائد فإنّ الرئاسة المشتركة هي مشاركة الشعب في إدارة شؤونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل مباشر، وأنّ الشعب هو الجهة المسؤولة والأساسية في اتخاذ القرارات وتحديد مصيره وفق مبدأ ومفهوم الديمقراطية الشعبية، وإنّ جميع الفئات الاجتماعية، وخاصة المرأة يجب أنْ يكون لها دوراً متساوياً في مركز اتخاذ القرارات وتشكيل السياسات، ويكون تمثيل كل الفئات المجتمعية، وركّز بشكلٍ خاص على دور المرأة بنحو متساو وعادل.
إنّ هذا النظام يعتبر نجاحاً للإدارة الذاتية الديمقراطية، فهو نظام حضاري ميّز مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية عن باقي المناطق في سوريا، والتي ساد معظمها حكم ديني متطرف. العديد من التنظيمات النسوية على مستوى المنطقة أو في كثير من البلدان المجاورة أصبحت ترى في هذه التجربة الجديدة تجربة فريدة تستحق الوقوف عندها والاستفادة منها.
وبعد النجاح والتقدم الذي حققه نموذج نظام الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية الديمقراطية وأصبح ركيزة أساسية في جميع الإدارات الذاتية والإدارات المدنية والعسكرية في جميع مناطق شمال وشرق سوريا، أصبح يشكل خطراً على الأنظمة التي تزعم الديمقراطية، وهناك العديد من الدول المعادية للمنطقة كالدولة التركية تسعى بكافة الأساليب إلى إلغاء نظام الرئاسة المشتركة بهدف إعادة ذهنية نظام الدولة القومية الممثل بالذهنية الذكورية السلطوية، ونشره من جديد للضغط على إرادة الشعوب الحرة والعيش المشترك، وتسعى للقضاء على تنظيم المرأة الحرة ونظام الإدارة الذاتية الديمقراطية التي تتخذ من الرئاسة المشتركة أساساً لها.
من جانبٍ آخر أظهر نظام الرئاسة المشتركة مدى الضعف لدى الرجل ذاته بتغييب دور المرأة في مجالات العمل والسياسة والإدارة، وبرزت معه مدى حاجة الرجل للمرأة كرفيقة وزميلة تسانده في تقاسم المسؤولية وتقديم الحلول الواقعية حسب كل قضية ومشكلة التي تعترض النضال والعمل، أي نظام الرئاسة المشتركة يخرج من النظام البطرياركي أي الأبوي الذي تم فرضه عبر الدين والأنظمة الذكورية التسلطية، وفي ذات الوقت يترك خلفه انطباعات الرأسمالية الحديثة التي لا تزال تستخدم المرأة كديكور وسلعة دون أن تكون الفاعلة الحقيقية وصاحبة دور رئيسي في اتخاذ القرارات الاستراتيجية والأكثر دقة وحساسية، فيبقى تمثيل المرأة ضمن النظام الرأسمالي صورياً وشكلياً دون أنْ يعمد إلى اعتبارها شريكة كما عرّفها القائد أوجلان.
يمكن أنْ تلتقي المرأة مع جوهرها من خلال تجاوز بناء نظام كونفدرالي لها ولجميع أبناء جنسها، فقد أصبح لديها قوة وتنظيم وفرصة سانحة للاستفادة منها في النضال من أجل تحررهن، لدرجة يمكنها أنْ تؤدي بنساء الشرق الأوسط والمجتمع إلى الحرية والديمقراطية وتبني حياة حرة كريمة تليق بها وبمجتمعها.
وكما يقول القائد أوجلان: “يشكل الشرق الأوسط المنطقة التي شهدت أقوى ثقافة الإلهة – الربة، بقدر ما تعرفت على حضارة عبودية المرأة الغائرة في الأعماق. لذا من الضروري أن تفسح هذه المنطقة حيزاً لمسيرة عظيمة لصالح المرأة، بتحقيقها الانكسار الجنسي الثالث الأكبر بما يليق بتاريخها العريق، فالسقوط الكبير ينم عن نهوض عظيم. بناء عليه، لو عشنا كما المؤمنين بدين الإلهة الأنثى الجديد، فسنبلغ الأمومة المقدسة، وأنوثة العشق المستحقة”.