القضية الفلسطينية والكردية قضيتان ذات الشبه – سعاد دياب عبد الرحمن
القضية الفلسطينية والكردية قضيتان ذات الشبه وللمرأة دور فعال في احيائها
“إن الثورة ولدت من رحم الأمهات اللواتي
يؤمنَ بالحق وأن تحرير الأوطان
لن يمر بدون دفعهن ثمن التحرير، حيث الأم الحرة
هي من تربي أبناءها على حب الوطن”
سعاد دياب عبد الرحمن
ناشطة اجتماعية وحقوقية ومنسقة ائتلافات وشبكات تعنى بحقوق المرأة والطفل على الصعيد الوطني في لبنان وعلى الصعيد الداخلي الفلسطيني |
التاريخ الكردي يشهد عملية التحرر على مدى عصور. فأول من حمل راية تحرير فلسطين هو القائد صلاح الدين الأيوبي الكردي. فهذا الوعي موجود عند الكثير من الشعبين الفلسطيني والكردي والمعظم يعلم أن الشعبين يمتلكان الثقافة والتراث والحق في تقرير المصير وعودة الحق لأصحابه. والكثير أيضاً يعلم بأنهم يمتلكون ثقافة وتراث ولغة تنتمي إلى جذور فلسطين وجذور إقليم كردستان.
دور المرأة في تكريس هذا المفهوم يطبق على أرض الواقع فمن فجرت قضية حي الشيخ جراح هي امرأة كردية مقتنعة بأن الحق بالجذور والواقع هي متجذرة بعقول الشعبين الكردي والفلسطيني، وأوجه الشبه أيضاً بالنساء المناضلات الفلسطينيات والكرديات من خلال تقديمهن فلذة أكبادهن قربان شهادة من أجل الحرية وتقرير المصير.
وهذا ما شاهدْتُهُ بعيني عندما كنتُ في عفرين إبان الحرب التركية على مدينة عفرين، رأيتُ العدد الكبير من الشهداء الذين دافعوا عن حقهم ورأيت دموع أمهاتهم الثكالى وأيضاً رأيتُ التفاعل الكردي الكبير مع القضية الفلسطينية. عندما ألقيتُ كلمتي باسم فلسطين لقد كبر قلبي وأحسستُ بأننا نملك نفس المعاناة وبأن الانتماء للأرض يستحق منا التضحية والمقاومة وننظم أنفسنا لأجلها.
شاهدتُ أيضاً الوعي العميق للقضية الفلسطينية من قبل الشعب الكردي من خلال الهتافات لأجل حرية الشعب الفلسطيني ومن خلال ذرف دموع المسنين تفاعلاً مع كلمتي الفلسطينية. هذه الحقائق الواقعية وأمام العيان ما جعلني أعي بأن الشعبين أحياء ولديهم الثقافة الكافية والمعرفة لما يحاك لأوطاننا، وبأن القضية الفلسطينية والكردية ما زالت حية، وبأنه لا يموت حق وراءه مطالب، وأن أملنا كبير في الأجيال القادمة لتحرير فلسطين وكردستان.
من الواقع الذي عشناه وما زلنا نعيشه في مناطقنا كنساء ما زال الاستهداف من أولويات العدو الصهيوني من خلال الإبادة الجماعية على النساء والأطفال بالدرجة الأولى، حيث ارتكاب المجازر اليومية منذ عام 1948حتي يومنا هذا ومحاولته طمس الحقيقة والكذب على المجتمع الدولي بأنه صاحب الحق.
الكل الآن يعرف من هم أصحاب الحق من كل الشعوب الحرة في العالم والكل أصبح يعرف مدى إجرام هذا العدو الحاقد المحتل والذي حاول وما زال يحاول طمس الهوية والثقافة والتراث. فاقت جرائمه كل الحدود الإنسانية باستخدامه الأدوات الوحشية المجرمة من قتل وتدمير واعتقالات واغتصاب المعتقلين والمعتقلات في السجون الإسرائيلية واستخدام النساء والأطفال دروع بشرية واغتصاب النساء أمام أعين ذويهم واخر هذه الأعمال الإجرامية هو اغتصاب امرأة حاملة بشهرها الخامس أمام عيني زوجها، وقتل طفلين توأمين عمرهم 4 أيام مع أفراد عائلتهم. حدوث هذه المآسي والمحافل الدولية لا تحرك ساكناً. نعم إنها التضحيات الحقيقية للمرأة الفلسطينية التي تنجب أولادها للدفاع عن فلسطين والتي تستشهد من أجل فلسطين وتُعتقل وتُغتصب من أجل فلسطين. نعم هذا ما حصل ويحصل منذ 1948.
إن الحدود الجغرافية المتلاصقة لمنطقتنا أصبحت مهددة جميعها من خلال مخططات هذا العدو الذي بنى ويبني أطماعه على أن دولة إسرائيل من النهر للبحر، وأن التوسع الاستيطاني للاحتلال الإسرائيلي يفوق كل التصورات من خلال أساليب سياسته والتي هي سياسة فرق تسد، ولكن الوعي والمعرفة والإدراك لهذه المخططات ليست خافية على الشعب الفلسطيني، فالكثير من مؤامراته قد أُحبطت بفعل التصدي لها بالمقاومة والفكر والإيمان بالحقيقة المطلقة.
إن الثورة ولدت من رحم الأمهات اللواتي يؤمنَ بالحق وأن تحرير الأوطان لن يمر بدون دفعهن ثمن التحرير، حيث الأم الحرة هي من تربي أبناءها على حب الوطن وأيضاً من تعلم في المدارس والجامعات حب الوطن ومن تشفي من الجراح في المستشفيات ومن تُعتقل وتلد أطفالها على المعابر والحواجز الإسرائيلية، هي من هُجَرت من أرضها إلى أماكن اللجوء في المخيمات الفلسطينية حاملة معها من فلسطين حب الوطن وأورثته لأجيال حتى يومنا هذا.
إن المرأة الفلسطينية والكردية ولدنَ من رحم الحرائر وحملنا القضية والإيمان بالحق والمقاومة والتحرير. نعم هذا ما تعلمتُه أنا من أمي وأبي حول فلسطين، حيث ولدتُ في لبنان ولكن تربيت أنا وأخوتي على حب فلسطين وعلى أن فلسطين ستتحرر وأنه لا بد من العودة لأنها كانت تسمى فلسطين وما زالت تسمى فلسطين وستبقى فلسطين.
نعم أمي وأبي هما شاهدان حيَان عما جرى في عام 1948مثلهم مثل الكثير من الآباء والأمهات اللذين حملنَ أمانة حب فلسطين والمقاومة والتحرير. وهذا ما شاهدته أنا عندما قمتُ بزيارتي إلى عفرين إبان احتلال تركيا لعفرين. رأيت المناضلين والمناضلات أصحاب الحق رأيت الشهداء والأمهات الصابرات رأيت التفاعل الكبير مع قضيتنا الفلسطينية وهذا يعبر عن مدى الفهم والوعي والإدراك عند الشعوب الحرة من خلال تجسيدهم التضامن اللا محدود لأصحاب الحق.
عاش نضال ومقاومة الشعوب لأجل الحرية والديمقراطية
تعيش المرأة المتضامنة مع حقوق كافة النساء