حرب الشعب الثورية أهم المحاور الحياتية والاجتماعية والشعبية لإيصال الشعوب إلى مبتغاها – نرجس إسماعيل
حرب الشعب الثورية أهم المحاور الحياتية والاجتماعية والشعبية لإيصال الشعوب إلى مبتغاها
“الحماية لا تعني القضاء على الآخر أو إنهاء المقابل،
هي تكامل الوجود المعنوي والجسدي للإنسان والمجتمع.
وتحت اسم الحماية القيام بالفوضى والانقسامات
يُخلق أكبر الكوارث والشروخات الكبيرة في النسق المجتمعي”
نرجس إسماعيل
القوانين الكونية الطبيعية الموجودة في السيرورة المجتمعية، تفرض على المجتمع البشري دراستها والولوج في نسق تطبيقها العملي وحمايتها والتوازن مع تلك القوانين. تلك القوانين لا تعتبر قانوناً ذو مسار مستقيم، بل هي حلزونية الوجود، بدونها لن يكون للكينونة أي معنى. الحماية – الدفاع الذاتي من أكثر القوانين الطبيعية، ووجودها حق مشروع. فلدى الطبيعة الحيوانية ردود الأفعال الحسية والغريزية الطبيعية للحماية، فهي تواجه المخاطر الطبيعية وتحمي نفسها، وتتحلى بغريزة الحماية لاستمرار وجودها. حتى النباتات تملك مقاييس طبيعية لحماية تكوينها وتتأقلم مع كافة المناخات.
المعادلة الديالكتيكية الطبيعية تكمن في مفهوم الحماية. تتعدا الحماية إلى كافة المسارات والنطاقات الواسعة. الحماية الجوهرية، والذاتية، والفكرية، والجغرافية …الخ القضية الأساسية هنا؛ هي كيفية الالتزام بمفهوم الحماية المجتمعية. القرن الحادي والعشرين يمر بالكثير من النزاعات والاشتباكات والحروب الضروسة وباستخدام كافة الأسلحة الفتّاكة تحت ذريعة حماية مصالحهم إن كانوا دولة أو مجموعة …الخ، ونتيجة تلك الحروب هي الدمار والويلات وإنهاء حياة الكثير من البشر. هذا يعني بأن مفهوم “الحماية” قد انحرف من مساره الطبيعي والكوني وتحوّل إلى وسيلة استغلال وظلم واستبداد وتطبيق قانون ” النفي نفي”.
السؤال العصري هو: لماذا يتوجه الإنسان إلى ممارسة العنف والشدة وكافة وسائل الحروب كي يصل إلى مبتغاه؟ طبيعة الإنسان متحاورة وله القدرة على التفكير والسؤال والجواب وحل كافة المعضلات من خلال امتلاكه التفكير الفعل – رد الفعل/ الإحساس – إعطاء وتغيير/، فإذاً هذه المقاييس لا تتلاءم مع الطبيعة الإنسانية والبشرية، ومنحرفة المسار للاستمرار بالطبيعة المجتمعية.
فكما تحدّث المفكر عبد الله أوجلان عن “نظرية الوردة”، بالفعل فحتى الزهرة لها قوانينها الطبيعية كي تحمي نفسها ولها أشواكها. ينبغي عدم التفكير في وجود أي شيء بالحياة بدون حماية، فعندما يتم تعزيز الدفاع الذاتي حينها يتم شرعنة الجهود قانونياً، إن كان من جانبها الاقتصادي والدبلوماسي والاجتماعي …الخ، فمن غير الممكن التحدث عن حماية بلا قوانين ومقاييس أو لنقل أصول. فالحماية لا يعني القضاء على الآخر أو إنهاء المقابل، الحماية الذاتية هي تكامل الوجود المعنوي والجسدي للإنسان والمجتمع. تحت اسم الحماية يتم القيام بالفوضى والانقسامات وهذا يخلق أكبر الكوارث والشروخات الكبيرة في النسق المجتمعي. ونتيجة لذلك يتأذى المجتمع بأكمله والمرأة والأطفال خاصة.
وقبل كل شيء المرأة تحتاج أكثر للحماية الذاتية، فهي تمثّل الحياة وتدير المجتمع. لكنها حتى الآن تتعرض للكثير من الاعتداءات اللاإنسانية من القتل والاغتصاب والانتحار. بدون الأجواء الديمقراطية ضمن المجتمع لا معنى لوجود أي هيكلية جسدية فقط، ومع الأسف الآن وبسبب الحروب نرى بأن الوجود الجسدي أيضاً يتعرض للكثير من الهجومات. فكافة الكائنات تحتاج لثلاثة ركائز أساسية مثل: الغذاء والحماية والتكاثر. ولكل واحدة منها قوانينها المشروعة وحتى البشر أيضاً.
نجد الكثير من الشعوب المظلومة والتي تتعرض للكثير من الحروب والهجومات هي الشعوب الغير محمية، من ناحية لا تملك قوة عسكرية قوية ومتزامنة تحميها، ومن ناحية أخرى لا تملك قوة التنظيم بأن تجهز كافة الفئات المجتمعية وبشكل فكري وسياسي واجتماعي حسب الدفاع الذاتي المشروع. لا يمكننا أن نتخيل أي مجتمع إن كان بأن يبقى بدون قوة حماية؛ حماية القيم، حماية المبادئ، حماية كافة المكونات والمجموعات والإثنيات. نظام الحداثة الرأسمالية لن ينتظر أي رحمة من الشعوب، بل نظام يحيا على الشعوب الضعيفة والباقية بدون حماية.
الاتحاد المتين ضمن كافة فئات المجتمع يخلق منه قوة حماية موحدة، ضد كافة الهجمات الجغرافية والإبادات الثقافية. نظام الدولة لن يكون بتلك القدرة على حماية المجتمع ويكون الصاحب الوفي للشعب، على العكس في أي ظرف طارئ ستحمي مصالحها والفئة البيروقراطية والمتطفلين معها لا غير. ستتوجه إلى حماية نظامها فقط حتى وإن تطلب الأمر فإن الدولة ستقتل أولادها كي تبقى على قدمٍ وساقٍ.
من هنا؛ تأتي الأهمية المرحلية والكبرى لكافة شعوب المنطقة باتخاذ حرب الشعب الثورية أساساً له. ليس الشعب الكردي فقط معرّضٌ للكثير من الهجومات، بل كافة شعوب الشرق الأوسط. فهي تحتاج أكثر من أي مرحلة أخرى للاتحاد والتوازن والتوافق في كافة الأمور معاً، والبدء بالتقيد بمبدأ حرب الشعب الثورية. إن مرحلة الثورات لم تنتهي ولن تنتهي إذا حللّنا مفهوم الثورة على أساس التغيير والتكامل والبناء. الثورة الأكثر حاجةً هي الثورة الذهنية، وبعد ذلك يأتي الدور الأساسي لثورة الحماية.
للمرأة الطليعية والريادية والقيادية والمناضلة الدور البارز في حماية كافة المكتسبات التي تم استردادها بجهود عظيمة. فالأم تبدأ من تنظيم الأسرة وتصبح مظلة تحوي كافة أطياف المجتمع.
على هذا الأساس فمحور العدد العاشر “حرب الشعب الثورية” لهو من أهم المحاور الحياتية والاجتماعية والشعبية لإيصال الشعوب إلى مبتغاها. كافة الشعوب والمرأة بالذات تستحق الحرية والعيش بأمان وسلام واستقرار وديمقراطية، ولكن بدون القيام بالحرب الشعب الثورية من غير الممكن الوصول لذروة مقاييس الحماية المجتمعية. فالإبادات الثقافية والجغرافية مازالت مستمرة على الشعوب المقاومة وأمام العيان. الشعوب المقاومة ستحمي وجودها، والشعوب الغير مقاومة ستبقى تحت أقدام الظلم والحروب القذرة.
فالحياة المجتمعية لن تنعم باي امان وسلام أو حياة تعايش مشتركة بدون حماية قيمها الإنسانية والتحلي بالهيكلية الدفاعية دوماً. بالنتيجة المجتمع البشري سيحمي وجوده الفيزيولوجي والمعنوي، حتى وان امتلك الإنسان كافة الأسلحة الفتاحة والقنابل الأكثير فتكاً في العالم، ينبغي امتلاك السلاح الاقوى ألا وهو الحفاظ على مجتمعيته وسيرورة طبيعته المجتمعية.
نظام الإبادات الممنهجة وبشكل ناعم لن يتوقف ولن يكون رحيماً مع بني جلدته، الاستراتيجيات الاساسية هي المصالح المادية فوق كافة الاعتبارات الإنسانية. ويعتبر هذه الذهنية أكبر كارثة فكرية واجتماعية لدى اغلب القوى الموجودة.
وإذا تحدثنا عن القوات العالمية القوية الموجودة! فلتكن موجودة على أساس التكون بين المقاييس الإنسانية والمجتمعية كي تحافظ على كافة التفاصيل التي بدونها لا وجودة للكينونة الاجتماعية. هنا حرب الشعب الثورية دواء لنجاح الشعوب.
لذلك عزيزتي القارئة وعزيزي القارئ محور العدد العاشر ذو منعطف تاريخي ويحتاج لقراءة عميقة وثاقبة. قبل الماء والهواء نحتاج للحماية الذاتية المجتمعية. فحرب الشعب الثورية هي فلسفة الشعوب نحو التحرر والتعايش المشترك وسط ثقافات متنوعة وحياة بهية. لنرفع من وتيرة المقاومة العصرية، ونكون لائقين بالمجتمع الإنساني.