الفن ذاك الروح الذي يحمل ريشتي كي أرسم المرأة وجمالها – الفنانة التشكيلية: سيماف حسن خليل
الفن ذاك الروح الذي يحمل ريشتي كي أرسم المرأة وجمالها
“مسيرة الفن والرسم ليست بالسهلة
ولكنني رغم كافة الظروف أرسم وسأرسم
حتى وإن رحلت الألوان والفرشاة،
الفن هي الأنثى ذات الطاقة الإيجابية
والحياتية وبدونها لن نجد للوجود أية معنى”
الفنانة التشكيلية: سيماف حسن خليل
وُلِدتُ عام 2007 في مدينة الحسكة، وبقيتُ في باشوري كردستان لمدةِ ستةِ سنوات، ثُم عدتُ إلى بلدي حينئذٍ كنتُ ذات اثنا عشر عام أي كنتُ في الصف السادس الابتدائي. حقيقةً أشعرُ أنني خلقتُ لكِي أصبح رسامة وفنانة أبدعُ في التخطيط والتلوين على اللوحات والدفاتر.
فإذا أتينا بالسبب الرئيسي لانجذابي لفن الرسم سأقول لكم؛ إن ذلك كان بِسببِ والِدتي الّتي ألهمتني بمعظم موضوعات رسوماتي وزرعت في نفسي حُبّ الرسم بِحُكمِ أنها كانت تدرسُ معهد الفنون فكانت رسوماتِها تأسِرُني وتأخذُ بالي وانتباهي. إذ أنني بدأتُ بالتخطيط ومحاولة الرسم مثلها في سنِ العاشرة دون أي كلل أو ملل.
كانَت الطرف المُساعد لي وكانَت تشجعني على هذه الهِواية إلى جانب والِدي الّذي لَم يُقصّر أبداً بِإحضارِ الأدوات لي وكان ذلك حقاً أكثر حافزاً قوي بالنسبة لي. بدأتُ رويداً رويداً بالبدء بالتخطيط ومُحاولة رسم الشخصيات الكرتونية وبعضاً مِن المشاهد الطبيعية، فكنتُ أخلقُ خيالاً جميلاً جِداً حيال الأمر، لأظهر ذلك عبر الفن والتلوين وكانَ ذلك سبباً وجيهاً على تطوري في الرسم.
أتذكر ذات يوم في الصفِ الرابع عندما كان لدينا حُصص الرسم الّذي لَم يَكُن مِن اهتمامات الطُلاب سواي أنا، حيث كنتُ أركز رِفقة معلمتي وكُلّما كانَت تُطالُبنا بِرسمِ لوحة جميلة كنتُ أنا أول من أندفِع وأتحمس لِلرسم خلاف لزُملائي وزميلاتي، هذه التقربات من طرفي أثارت انتباه أساتِذتي الّذين لاحظوا موهِبتي إذ أن معلمتي تعجّبت وانبهرت بِرسوماتي وتحسيني في التدقيق وتخطيط الألوان.
وسُرعان ما أعلمت الإدارة حيالي، فطلبَ المُدير الخلوق بِكُلِّ تواضعٍ أن أرسمُ لهُ لوحة وذلك بث الحماس في مشاعري. بدأتُ بِرسمِ تلك اللوحة بِكُلِّ حُبِّ وسعادة وبالطبع كان ذلك بِمساعدة والِدتي الحَبيبة، إذ كانت الرَسمة عِبارة عن الفصول الأربعة بِشكلٍ لطيف لِلغاية وعندما سلمتُها لِلمُدير اندهشَ كثيراً بِرسمتي المُتقنة ورُغم سني الصغير، لِذا قررَ أن يُعلقها كزينة في غُرفةِ الإدارة.
هذا التقدير والاحترام الذ
ي قدّمه أو عبّره المدير تجاهي كان سبباً كافياً لِمحاولتي في تطوير رسوماتي. بدأتُ بِالمُشاركة في مُسابقات الرسم بِكُلِّ شجاعة وثِقة فكانوا يمدحون رَسوماتي وذلك لَم يزدني سِوى الثقة فوق الثقة. آنذاك استمريت هكذا حتّى عدتُ إلى مدينتي وزادت عزيمتي في الازدهار. فبدأتُ بالانضمام إلى المراكز التعليمية إلى حين أن داهمتنا موجة مرض “الكورونا” الّتي أثرَت على المُجتمع وعلى البلد كامِلةً سواءً مِن الناحية الاقتصادية أو النفسية.
في ذلك الحين كنتُ أنا أنغِلقُ على نفسي في غُرفتي أُكثفُ مِن أعمالي ورسوماتي وذلك كان سببهُ شغفي وحُبّي الشَدِيد لِلرسم، حتّى انتهت أزمة الكورونا فاستأنفت تعليمي للرسم في المراكز وبِفضلِ تعليمي في المنزل ومُحاولات معلمتي العزيزة “جاندا عبد” الّتي سعيت لأجل تعليمي جميع أساليب الرسم والخامات قد زادت موهِبتي رُقياً وانتعاشاً، بِفضلِها وبالمناسبة أقدمُ كامل شُكري وامتِناني لها فلولاها ما كنتُ سأشارِكُ في معرضِ الفن سنة 2022 ، إذ شاركتُ لِأولِ مرة في حياتي بِثمانية لوحات بِخامةِ الرصاص وكأول مُشاركة لي كان ذلك فخراً عظيماً لي كدتُ أن أحُلقُ عالياً لِكُثرةِ السعادة.
بالرُغمِ من أن أعمالي كانَت تقتصر على التعبير عن الطبيعة الصامِتة ورسم شخصيات واقِعية (portray) إلا أن ذلك كان شيئاً فخماً لِلغاية بالنسبة لي. والشيء المؤثر حيال رسمي للشخصيات إنني كبداية وكأول شخصية رسمتُها كانت المرحومة جدتي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، فقد كان سبب اختياري لَها بأن صورتها وحِلتّها وهيئتها عبرَت وصفاً مِثالياً ودقيقاً جداً عن المرأة الكردية الأصيلة، ناهيك عن ملامِحها الخلابة الّتي ألهمتني على رسِمها بِكُلِّ شغف فكنتُ مُستمتِعة لِلغاية بأول تجرِبة لي في رسم الشخصيات الواقعية.
هكذا حصدَت الرسمة
على الكثير مِن الإعجاب والاهتمام كون موقعها كان يكمنُ في الواجِهة مُتاحة أمام أنظار الجميع ولِكُثرة اندهاشهم بالرسمة حصلتُ على الكثير من الاطراء والمدائح، وأيضاً حصلتُ على أول مقابلة لي بِفضلِ تلك اللوحة فلَم أتوقف عند ذلك الحد. جاهدتُ أكثر كي أكثف مِن رسوماتي لِلشخصيات الّتي حازَت على كامل شغفي وبدأت أتعلق بالرسمِ أكثر حتّى قررتُ أن أطور مِن ذلك الحد وبدأتُ بِخامة جديدة والّتي هي الألوان الزيتية.
لقد استمريت بالعملِ عليها لِشهور بِداية مِن رسمِ الطَبيعة الصامِتة الّتي حاولتُ بِها بِشكلٍ واقعي جداً وأظهرها بِصورة طبيعية لِلغاية حتّى وصلتُ إلى مستوى مُرضياً جداً، فاستطعتُ أن أُشارك في معرضٍ آخر وضعتُ بِها أول لوحاتي الزيتية. كان المعرض باسمِ “ثورة المرأة تزدهرُ بالفن” وهذا المعرض كان على مستوى مقاطعة الجزيرة إذ أنهم طلبوا أن نبدعُ بإظهار المرأة المُقاتِلة والمثابرة بالريشة الفنية وكانَت لوحتي تحتوي على امرأة منتصِرة وقوية جالِسة على الجبال الشامِخة، ترفرفُ بِجانِبها رايةُ YPJ وهذا مختصر لِجُملة “وحدات حماية المرأة” فكانت تُعبر عن مدى قوة المرأة الّتي تستطيعُ أن تُشارك بأي معركة أو حروب مهما كانت دون أي خشية وخوف ذلك كان بمثابة تقدم وازدهار زائد لي، إنني بالرُغمَ مِن بدايتي في الخامة الزيتية استطعت جذب الكثير من الاهتمام وتعرفتُ على الكثير من الفنانين والفنانات.
إنني بدأت بالمُشاركة أكثر في المعارض وزادت خبرتي الفنية وتطورت موهبتي أكثر، حتّى أنني بدأتُ بالرسمِ أكثر عن أهمية المرأة ومكانتها في المُجتمع وإظهار المرأة بِطريقة فنية مثالية تبين مثابرتها. فقد رسمتُ أيضاً لوحات تُعبر عن الثورة وعن أحوالِ مُجتم
عِنا، عن صعوباتهم في كيفية العيش في هذه الأحوال المضطِربة وعن مُثابرتهم لإكمال العيش والتمسك بوطنهم.
حقيقةً أنا مُمتنة لِلغاية لِعائلتي كأعمامي وأخوالي وخالاتي الّذين يقطنون خارج البلد كونهم كانوا الداعم الأقوى لي، فبالرُغمِ مِن عدم وجود أي أدوات ومعدات الرسم مثل الفرشاة، الألوان الزيتية، الأقلام، اللوحات والدفاتر كانوا يحاولون بقدرِ الإمكان أن يمنحوها لي فقط في سبيل أن أُتابع وأطور مِن هِوايتي وبالطبع يعودُ الفضل الأكبر لِوالِدي العزيز الّذي ساعدني في صنعِ اللوحات وتأسيسها وإحضار الأقمشة المُناسِبة، حقاً أقدمُ شكراً مُميزاً جداً لهُ.
وبالرغم مِن استخدامي لِجميع الخامات، أكثر خامة كنتُ أستخدمها وأشعرُ بالراحة باستعمالها كانَت خامة الرصاص، لأنني كنتُ قادِرة على خلقِ تفاصيل عميقة وكثيفة بشكلٍ دقيقٍ لِلغاية استطعتُ بِها إرسال رِسالتي بِكُلِّ وضوحِ وسلاسة عبر رسمي وحتّى إنني بدأتُ بإنشاء عمل خاص بي خلال الرسم والتخطيط؛ إذ أنني بدأتُ بِتأسيسِ حساب على منصةِ الإنستغرام بِحُكمِ شُهرة التطبيق وقُدرتي على نشرِ أعمالي مِن خلالها بِكُلِّ سلاسة، حينها بدأتُ بِاستقبالِ طلبات رسم البورتريه.
في بدايتي كانَت الطلبات بالكاد تأتني لَكْن بِسببِ إصراري بدأتُ بِنشرِ عدةِ رسومات “بورتريه” قمتُ بِرسِمها وكنتُ نشِطة كثيراً على الحساب حتّى رويداً رويداً أصبح حسابي أكثر شهرة، وبالطبع ذلك يعود بِسببِ دعمِ أصدقائي لفني وموهبتي الأنثوية.
حقيقةً هذا العمل يروقُ لي لِلغاية ويشعُرني بالفخرِ والسعادة لِكوني بِهذا العمر الصغير بدأتُ بالاعتماد على نفسي والعمل بشكل مستمر وتضحية جسمية، وهذه أحد الأسباب أنني أستمتعُ كثيراً بِرسمِ البورتريه إذ أنني أضعُ كُلّ مشاعري الإيجابية على وجه كل لوحة.
بالرُغمِ مِن الضغوطات الّتي أمرُ بِها حالياً بِسببِ دراستي بِحُكمِ إنني طالبة بكلوريا في فرعِ علمي أرغبُ بالاجتهاد والتفوق في هذا العام الدراسي؛ لِذلك أواجهُ الكثير مِن العَقبات والوقت الغير الكافي ل
إنجاز كُلِّ مهماتي إلا أنني أحاول بِكُلِّ جوارحي أن أُنسق بين دراستي وفني.
كما أنني ممتنة لوالدي ووالدتي على تفهمهما لِظروفي ووقوفهما بِجانبي يدعمانني دائِماً ولا يُقصّران بِأي شيء سواءً مِن الناحية المادية أو المعنوية، وأيضاً أشكر أصدقائي على مساندتهم الدائِمة لي وكلماتهم المُحفزة الّتي تخلقُ أثراً عميقاً وإيجابياً لِلغاية داخل قلبي ومج
دداً أشكرُ معلمتي الفنانة المُتألِقة “جاندا عبد” وصديقي الفنان المُبدع “محمد حسن” لمساعدتهم لي وملاحظاتهم الّتي ساهمَت كثيراً بِتطويرِ رسمي وأعمالي.
أحاول دوماً أن أرسم المرأة كما هي، لأنها الحياة وتحمل كل معاني الحياة. من المعيب ألا نرسم المرأة بمعنى “الحياة”. أطمح دوماً أن أرسم جمال المرأة وخصلاتها السامية. هي نهر دفاق رغم كافة الظروف الصعبة التي تمر بها الإنسانية.