تنظيم كونكرا ستار والإصرار على لمّ شمل المرأة في المهجر – فائزة أسعد
تنظيم كونكرا ستار والإصرار على لمّ شمل المرأة في المهجر
“إنّ الأهداف الاستراتيجية للمرأة الكرديّة بفضل تنظيم كونكرا ستار،
والإصرار على لمّ شمل المرأة في المهجر،
وتجربة المرأة في الالتفاف حول قضيّة الشّعب الكردي عامة وقضية المرأة خاصّة،
أصبحت هي القاعدة والركيزة للمرأة الكرديّة”
فائزة أسعد
عضوة الإدارة في كونكرا ستار – برلين
في مرحلة المجتمع الطبيعي الدور الكامل كان للمرأة – الأم. فالأم، هي مصدر للخصوبة والتكاثر. وظهرت قداسة الأم – الإلهة لأنها عبرت عن البركة والعطاء والأمومة وروحها الكومينالية واحتضانها لكافة أفراد المجموعة، كان لها دورها الإداري الطبيعي المهم، فقد كانت تقوم بمهام الأمومة وتربية الأطفال ومساندة الرجل وتحمي المجموعة، وتكتشف الاكتشافات الجديدة، وتصنع منها المواد الطبيعية، وتقوم بالزراعة وتربية الحيوانات أيضاً.المرأة كانت مصدر العطاء ويتم تقديسها أي بمعنى الإلهة – الأم. فكانت تشرع القوانين وتنظم الأسرة وتشارك في إدارة الدولة وتقسيم الأرزاق بين الناس، لقد عانت المرأة العربية من سوء المعاملة والاضطهاد والظلم والنظرة الدونية من طرف الرجل. وفي الحضارة البابلية أيضاً كانت منبوذة تتعرض للاحتقار، وكانت المرأة مظلومة.
وفي الحضارة الآشورية كانت بمثابة مُلكٍ للرجل يحرمها من حقوقها، وتُنفذ أوامر الرجل دون أي اعتراض، وعلى الرغم من ذلك فقد حكمت المرأة إلى جانب زوجها مدة طويلة. مثال سميراميس، وكان هناك الكثير من النساء اللواتي كُنَ يتمتعن بالحكمة. وبعد أن أصبح المجتمع أبوياً – بطرياركياً تغيّر دور المرأة من مجتمع إلى آخر وحسب الديانات السائدة في ذلك الوقت، فقد كانت هناك شرائع وقوانين تحد من حرية المرأة ولم يكن لها أي دور إيجابي في المجتمع.
إن منظمة مؤتمر ستار – أوروبا تعد من المنظمات النسائية في أوروبا، حيث تعمل على تنظيم المرأة في كافة المجالات الحياتية. وكونكرا ستار تعتبر صمام الأمان للمرأة في مساعدتها في تنظيم نفسها والاعتماد على ذاتها والحفاظ على هويتها كامرأة تكافح ضد المفاهيم الاستبدادية والسلطوية التي تتعرض لها. لقد شاركت بجدارة وفي كافة المسيرات على مستوى الدول الأوروبية حفاظاً على دورها في المجتمع رغم الظروف الصعبة التي تتعرض لها وتعمل من أجل حريتها وحرية كافة النساء اللاتي تتعرضن للعنف من طرف الذهنية الذكورية والمجتمع بعاداته وتقاليده البالية التي تقف سداً في وجه تحرر المرأة من قيود العبودية والاستغلال.
إن منظمة مؤتمر ستار تقوم بتطوير المرأة من أجل جعلها تعتمد على ذاتها في كافة المجالات الاجتماعية والفكرية والسياسية وتفعيل دورها في بناء مجتمع حضاري. ونرى بأن المرأة أثبتت للعالم مدى جديتها في المجالات العملية في الحياة السياسية والاجتماعية، والعسكرية، والثقافية. رغم الصعوبات أثبتت مدى جديتها للحفاظ على هويتها كامرأة مناضلة ومكافحة من أجل حريتها واستقلاليتها. ورغم تعرضها للاعتقال في عهد النظام، لم تتوانَ المرأة عن القيام بعملها ضمن صفوف مؤتمر كونكرا ستار. لقد قدمت المرأة تضحيات كثيرة في ظروف هذه الحرب التي مرت وتمر بها البلاد، وحتى الآن تعمل على تطوير الذات والحفاظ على هويتها ومساعدة المرأة في الحياة الصعبة والظروف القاسية.
والمرأة تحمي الثقافة واللغة والعادات والتقاليد المختلفة التي تربت عليها في مجتمعها وتعمل على تخطي الصعوبات التي تمر بها في أوروبا وبلدها الذي يمر بدوره بصعوبات جمة، أولها الهجوم البربري التركي على هذه المناطق وضرب وتدمير البنية التحتية وكافة المنشآة الإنسانية والخدمية التي يستفيد منها الشعب من مشافي ومشاريع المياه والكهرباء. هذا يعني أنها تهاجم على كافة المنشأة الحيوية التي من حق الشعب التمتع بها، والهجومات غير الحقوقية على الشعب الأعزل هو جريمة بحق الإنسانية وخطر على حياة المدنيين الأبرياء.
إن إرهاب الفاشية واستهدافها لهذه المرافق وقتلها للأبرياء من شيوخ ونساء وأطفال، هو جريمة حرب يحاسب عليها في القانون الدولي وتشكل خطراً على حياة السكان الذين يعيشون في المنطقة والنازحين إليها من الداخل السوري. يعني هناك موت وقتل وتشريد للشعب جراء هذا الهجوم اللاإنساني والآلة الحربية غير المتكافئة، وتدمير للبنية التحتية، والمرأة هي الأكثر تضرراً في مثل هذه الظروف من حيث تدمير المستلزمات الحياتية ونقص في الموارد التي يستفيد منها أبناء المنطقة والتهجير القسري الذي يتعرض له الشعب.
بشكل عام المرأة المهجرة تتعرض للكثير من الصعوبات والمشاكل في الحياة اليومية. فالمرأة كانت تعيش في أرضها وبين أهلها والأقارب ضمن مجتمع يتمتع بثقافة معينة ولغة وتقاليد وعادات، وفي أوروبا بشكل عام تتعرض إلى الكثير من التناقض مع ذاتها ومع الظروف التي بدأت تعيشها من تفكك أسري وعائلي وصعوبة اللغة والثقافة، وأما العادات فهي بعيدة كل البعد عن عاداتها وثقافة مجتمعها، وحتى حالة الطقس والطبيعة التي تؤثر سلباً على نفسية المرأة، والظروف التي كانت تعيشها في بلدها والمسافات بين الأهل والأقارب من الصعب أن تمر بسهولة، كما وأنها تعاني من التحديات وأوضاع جمة بين مرارة النزوح والتهجير القسري. فالحرب قذرة تجتاح أحلامنا وأمنياتنا وتقسم المجتمع وتشتت الطبيعة المجتمعية، وهدفها الأساسي إضعاف حقيقة المرأة التي هي رائدة المجتمع.
إن الأهداف الاستراتيجية للمرأة الكردية بفضل تنظيم كونكرا ستار والإصرار على لم شمل المرأة في المهجر أصبحت هي القاعدة والركيزة للمرأة الكردية، وتطوير المرأة من حيث التعايش في المهجر وتجربة المرأة في الالتفاف حول قضية الشعب الكردي عامة وقضية المرأة خاصة، وتقوية إرادة المرأة والعمل على ضمان حقوق المرأة وكفاحها من أجل بناء مجتمع ديمقراطي ونضالها في حماية هويتها كامرأة. رغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها المرأة في المهجر كونكرا ستار هي الركيزة الأساسية في حياة المرأة الكردية وهي السبيل إلى تطوير المرأة ثقافياً والمساواة بين حقوق المرأة والرجل، وتفعيل دورها في تشكيل أرضية مناسبة لها في العمل على إيجاد الحلول المناسبة لمشكلاتها في أوروبا، وتهيئة الظروف لها لتعيش كما كانت تعيش في بلدها الأم. كونكرا ستار تعمل على بناء حياة تنظيمية متطورة وبإمكان المرأة التأقلم مع الحياة الجديدة التي تعيشها في أوروبا وخوض معركة الحياة.
فضمن مجتمع جديد يناضل تنظيم كونكرا ستار وخاصة في عام 2024 لإزالة الاضطهاد الجنسوي والعنف ضد المرأة. وهذا ما قام به تنظيم مؤتمر ستار في أوروبا، فقام بتنظيم المرأة وبفعاليات جمة في صفوفه بأن تكون عضوة فعالة في المجتمع. وكما شاركت المرأة في مؤتمر ستار في كافة المسيرات في أنحاء أوروبا من أجل الوقوف والتنديد بالهجمات المحتلة التركية على روجآفا، وعلى شعبنا الأعزل. وقامت بالاعتصامات من أجل كسر قيود العزلة المفروضة على المفكر عبد الله أوجلان السجين السياسي والمفكر الذي يعمل من أجل تحرير كافة الشعوب المضطهدة، الممارسات التي تقوم بها الحكومة التركية لكسر إرادة الشعب الكردي في شخص المفكرعبد الله أوجلان. وشارك في الاعتصامات الآلاف من أبناء الشعب الكردي في ألمانيا وشاركت المرأة الكردية من مؤتمر ستار وأصدقاء الشعب الكردي من كافة الأعراق والأجناس غير الكردية.
كما قام تنظيم مؤتمر ستار في عام 2024 بدورات تدريبية في مؤسسة “أوتا امارا” وتدريب النساء على كافة المستويات وكانت المشاركات من كافة أنحاء أوروبا رغم الصعوبات التي تحد من حركة المرأة، ورغم المسافات الشاسعة إلا أنها أنهت الدورة بنجاح من الناحية الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية وما تمر بها منطقة الشرق الأوسط وخاصة روجآفا وما تمر به المرأة. نحن كعضوات تنظيم مؤتمر ستار سوف نكون سائرات على خطا شهيداتنا وشهدائنا العظماء. وسيكون عام 2025 بالنسبة لكافة نشاطاتنا النسوية مستندة على روح المقاومة وتوعية المرأة المغتربة.
ونحن كمنظمة كونكرا ستار سنرفع من وتيرة نضالنا في عام 2025 فهدفنا الأساسي هي ان ننظم المرأة الكردية أينما تكون، حتى وان تكون الظروف الحالية صعبة. نحن مقتنعون كل القناعة أنه بدون وجود المرأة الواعية والمنتظمة، من غير الممكن التحدث عن المجتمع الواعي والمتحرر ذهنياً. تحرر المجتمعات تبدأ من تحرر المرأة الفكرية والاجتماعية وفي كافة المجالات. عام 2025 سيكون حافلاً بالتحديات والانتصارات الجسمية. فالمرأة هي نواة المجتمع، وهي التي تنظم الأسرة والمجتمع بشكل كامل.