تحالف ندى مسيرة تنظيمية اتحادية للوصول إلى كافة النساء – زهور المشرقي

 

تحالف ندى مسيرة تنظيمية اتحادية للوصول إلى كافة النساء

“تحاول عضوات تحالف ندى في كافة المناطق في شمال إفريقيا والشرق الأوسط،

التنسيق والعمل لفهم قضايا المرأة في كل بلد،

وتبادل التجارب والخبرات والاستفادة من بعضهم البعض،

ويسعى التحالف عبر الندوات التي يقيمها إلى تفكيك العديد من القضايا

وفضح التجاوزات التي تعيشها النساء في مختلف المناطق”

 

زهور المشرقي

عضوة سكرتاريا تحالف ندى

 

يسعى تحالف ندى النسوي إلى توسيع التشابك بين نساء شمال إفريقيا والشرق الأوسط في إطار رؤية تقدميّة ونظرة جديدة تتناسب مع أوضاع النساء في هذه المنطقة، سيّما وأنّ التجارب قد أثبتت أنّ الإشكاليات واحدة تتشارك فيها المرأة وتبدأ بالأبوية التي تسيطر على المجتمعات التي تعيش فيها.

مختلف الإشكاليات التي بان بالدليل أنّها موحّدة، يعتقد تحالف ندى أنّ حلّها لا يمكن أن يكون إلا بالتشابك والتشاركية، لذلك يُركّزُ في كل أعماله ونشاطاته على تشارك قصص النساء في المنطقة التي يٌغطيها، مؤمناً كتحالف أنّ الحلول لكلّ ما تعانيه النساء لن تنبع إلا منهن وأنّ الأنظمة الرأسمالية لن تعطي أيّ خطوات للمعالجة والإصلاح للنهوض بواقعهن. واقعياً لا يمكن لأيّ تنظيم نسوي أن يقوم محل الدولة والسلطة لتحسين واقع النساء لكنه قادر على تقديم الحلول والرؤى باعتبارها مبنية على واقع يقاومه وقد تكون ناجحة، فالتنظيمات على غرار ندى ووفق العمل الميداني والتنسيق مع النساء يعرف جيدًا الواقع المر وكيفية الخروج منه، النهوض بواقع المرأة في مناطقنا لن يكون بالتنظير، بل بالبحث وتشارك التجارب وعرضها على من يهمّه الأمر للإصلاح.

الواقع والأرقام والإحصائيات، في منطقتنا العربية تؤكد اليوم بأنّ “وضع النساء ليس جيداً”، خاصةً في تلك المناطق التي تعيش حروباً، على غرار غزة ولبنان وسوريا والسودان واليمن ولا ننسى وضع الإيرانيات الثائرات على السلطة من أجل حريتهن واللاتي أطلقن أصواتهن لتصل إلى كافة أنحاء العالم وتكسر حاجز الخوف والظلم والقهر، إنّه لجيد أن تثور المرأة من أجل حريتها وحقوقها وكم نحن بحاجة لشجاعة الراحلة “مهسا أميني – جينا أميني” وشجاعة نساء غزة والضفة الغربية  وصمود نساء بيروت المحاصرة والسودانيات وقوة نساء شمال وشرق الفرات، قوة خارقة لهذه النساء فهنّ يقاومن القتل والتهجير القسري والاعتقال التعسفي والاغتصاب لكن يصمدن في وجه العدو والأنظمة الأوتوقراطية التي تبني نفسها على أوجاع النساء وآلامهن. كلّ هذه المآسي الموجعة يحاول تحالف ندى إيصالها إلى الرأي العام وأوّلها للنساء ليفهمن واقعهن وكيف تعيش رفيقاتهن حتى يتضامنّ معاً ويكنّ صوتهنّ الذي يُكتم في بعض الأوقات، حيث يحاول التحالف بإمكانياته المحدودة القيام بدوره التوعوي سواءً عبر ندواته الفكرية التي ينظمها عن بعد أو حتى عبر الديجيتال بمشاركة فيديوهات تساند نساء المنطقة والعالم في محنهنّ المستمرة.

وعبر الندوات التي تؤسسها عادةً خبيرات يحاول التحالف أن يكون سنداً للمستضعفات لتفسير ما يعشنه للرأي العام وإيصاله، فمثلاً: كان (التحالف) سبّاقاً في فضح ما تعيشه المرأة السودانية من قبل مليشيات الدعم السريع من  نحو عام إلى اليوم ولاقت ندوة عقدها عبر الزووم ضجةً وتداولاً بعد الحديث بالأرقام والصور عمّا تكابده المرأة هناك من عنف مركب واغتصاب وقتل، وفضح التجاوزات التي ارتكبتها المليشيات، وبناءً على الندوة  كان هناك تفاعلٌ إعلاميٌّ واسعٌ، حيث أخرج الانتهاكات من بابها الضيق إلى العلن، وعلى الرغم من عدم تفاعل المجتمع الدولي لإيقاف تلك المجازر كما لم يتفاعل مع غزة إلا أنّ التأثير قد حصل، وهو ما يعمل من أجله منذ تأسيسه، فهو جاء لخدمة واقع النساء وتحسينه.

وتحاول عضوات تحالف ندى، اللاتي تتوزعن في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، التنسيق والعمل لفهم قضايا المرأة في كل بلد وبالتالي تبادل التجارب والخبرات والاستفادة من بعضهم البعض. حاول التحالف عبر أدواته تحقيق التشابك بين عضواته ومكونات المجتمع المدني في الدول التي ينشط فيها، وسعى عبر ندواته إلى تفكيك العديد من القضايا وفضح التجاوزات التي تعيشها النساء في مختلف المناطق، علاوة على تقديم الحلول القادرة على إخراجهنّ من واقعهنّ الصعب.

 

يعمل التحالف على توعية النساء وتقديم الدعم لهنّ معنوياً ونفسياً وتوجيههن

عبر التشبيك يحاول تحالف ندى التواصل والوصول إلى المنظمات الحقوقية والنسوية التي تتشارك معه في الأهداف والرؤى التقدمية، وهذا العام كانت له مشاركة فعالة في تونس ولبنان والمغرب وشمال سوريا وغيرهم سواءً في المظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية، مساندة لكل الأصوات النسوية الحرة. وبرغم محاولاته، لاقى التحالف كأي منظمة تعمل بإمكانيات محدودة صعوبات كبيرة على مستوى التمويل وتنظيم ندوات فيزيائية لا عبر الزووم، إضافة إلى العراقيل نتيجة توتر الأوضاع في المنطقة والحرب على غزة ولبنان، وهي عوامل تتأثر بها النساء ويتأثر بها التحالف الذي يحاول أن يكون صوتهن.

ولا يفوتنا أن نتطرق إلى موضوع مهم ألا وهو؛ فقدان العديد من الرفيقات في شمال وشرق سوريا، وتونس، ولبنان، وهو واقع مؤلم، أثر على استمرارية العمل. وكانت أبرز الإنتاجات التي تزامنت مع اليوم العالمي للمرأة، عقد الاجتماع السادس عشر لعضوات سكرتاريا تحالف ندى. وبناءً عليه، تم إصدار بيان باسم التحالف بهذه المناسبة، وتصوير فيديوهات من الدول كـ المغرب، والسودان، ولبنان، حول أوضاع النساء في المنطقة، ونشرها على موقعنا الرسمي وصفحة التحالف. كما تمّت المشاركة في عدد من الأنشطة الميدانية المنظمة في بعض البلدان مثل؛ تونس والعراق ولبنان وسوريا والمغرب وتركيا، كما تمّ عقد ورشة عمل إقليمية موسّعة، تحت عنوان “النضال النسائي المشترك هو ضمان الخروج من مرمى الحروب والإبادة”، شاركت فيها شخصيات جديدة مهمة إقليمياً وعالمياً من فلسطين، ومصر، والسودان واليمن وروجآفا.

وفي سياق التحضيرات للمؤتمر النسائي الثالث ومؤتمر تحالف ندى الأول، تمّت كتابة تقرير التحالف ما بين المؤتمرين من طرف اللجنة المتشكلة لهذا الغرض، والتي عقدت عدة اجتماعات لها في هذا السياق، كما تمّ عقد الاجتماعين السابع عشر والثامن عشر لعضوات السكرتاريا، بهدف النقاش حول مضمون التقرير ووضع الخطة المشتركة للتحالف.

وعقدت هيئة رئاسة تحالف ندى عدة اجتماعات لنفس الغرض، وبناءً عليه، عقدت اللّجنة التحضيرية للمؤتمر اجتماعَين مهمَّين، تم الإجماع فيهما على عدة أمور أهمها: أن يستمر المؤتمر ثلاثة أيام، بحيث يتم تخصيص يومَين من مؤتمر تحالف ندى للنقاشات المهمة حول المفاهيم النظرية والتحديات المشتركة والفرص الموجودة أمام نساء المنطقة (هذان اليومان هما عبارة عن المؤتمر النسائي الثالث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)، وتخصيص اليوم الثالث من المؤتمر للنقاشات التنظيمية المتعلقة بالتحالف للمصادقة على الوثائق الرئيسية للتحالف وتعديل الوثيقة الإطارية (وهي بمثابة العقد الاجتماعي للتحالف) وإجراء الانتخابات وغير ذلك؛ كتابة مسودة برنامج المؤتمر للنقاش حوله والمصادقة عليه، وذلك وفق المواضيع الرئيسية المطروحة في الاجتماع (الحرب العالمية الثالثة باعتبارها حرباً غير معلَنة ضد النساء؛ الإسلام السياسي باعتباره أداة حرب وسياسة معادية للنساء، تداعيات النظام الرأسمالي العالمي على البيئة والمناخ، ودور التحالف في مناهضة تلك السياسات؛ أهمية الدفاع النسائي عن النفس في وجه الانتهاكات والإبادات التي تتعرض لها النساء، معنى وأهمية الثورة النسائية في المنطقة، وكيفية الإفادة منها، والتوجهات الفكرية القديمة والجديدة للتيارات النسوية في العالم والمنطقة وموقع التحالف منها، الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية، ودور تحالف ندى فيها باعتباره ركيزتها الأساسية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا).

وعقد تحالفنا ندوات رقمية إقليمية ضمن إطار المواضيع المقترحة، لإشراك أكبر عدد من النساء الناشطات والخبيرات ضمن إطار التحضير للمؤتمر، وفي هذا السياق تمّ البدء بعقد ندوة الإسلام السياسي باعتباره أداة حرب وسياسة معادية للنساء، شاركت فيها خبيرة أخصائية في أمور الإرهاب والتطرف من مصر، بالإضافة إلى الرئيسة المشتركة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي من روجآفا، وحضرها عدد لافت من النساء، وكانت ندوة مثمرة. قرر تحالفنا العمل على المشاركة في المؤتمر الذي ستعقده هيئة الأمم المتحدة في نيويورك بأمريكا في شهر آذار 2025 بمناسبة الذكرى الثلاثين على انعقاد مؤتمر بكين 1995، والعمل على إعادة هيكلة التحالف، سواءً على صعيد الجمعية العمومية (العضوات الموجودات في كل بلد)، أو على صعيد لجنة الأمانة العامة(السكرتاريا)، وتقديم لوائح بأسماء الجمعيات النسائية المقترَحة لعضوية التحالف لدراسة أوضاعها والبتّ فيها من قِبَل السكرتاريا وهيئة الرئاسة.

 ونجدد الحديث أنّه رغم كل المحاولات، لم نستطع تهيئة الأرضية لعقد المؤتمر في بعض البلدان المقتَرَحة (الأردن، العراق، تونس) بسبب المستجدّات الأخيرة وتداعياتها على تلك البلدان، أو بسبب الصعوبة في استحصال الفيزا في بعضها الآخر (المغرب، الجزائر، مصر)، ومع ذلك، تستمر التحضيرات للمؤتمر ضمن الإطار المبيَّن أعلاه، مع متابعة المستجدات والأوضاع في بلدان المنطقة، إلى أن يتمّ حسم مكان وزمان انعقاده. من جانبٍ آخر، تم تسجيل مقطع فيديو باسم التحالف، وإرساله إلى التدريب المنعقد في أوروبا لعضوات الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية، كما تم عقد اجتماع مشترك بين عضوات سكرتاريا تحالف ندى وإدارة “شبكة النساء ينسجن المستقبل”، بغرض التعرف أكثر على مضمون وأبعاد مشروع الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية وكيفية لعب الدور الفاعل فيه. هذا وأصدر تحالف ندى العديد من البيانات، من أهمها البيان ضد حكم الإعدام الصادر بحق الناشطات في روجهلات، ولدعم النضال النسائي في أفغانستان وإيران وشنگال والسودان، كما ساهم تحالف ندى في حملة التواقيع لمناهضة مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، وكتبت عضواته مقالات وحوارات مع أغلب وكالاتنا حول حملة مناهضة الإعدام في إيران، بالإضافة إلى المشاركة في ندوة رقمية نظمتها منصة نساء إيران باللغة الإنجليزية حول الإعدامات في إيران.

 ومن عام إلى آخر يحاول التحالف تطوير آليات عمله، ويسعى إلى الوصول للمزيد من النساء في كل المناطق، وسيعمل في العام 2025 على توسيع نشاطاته في مختلف دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، واستقطاب النساء لخلق أساليب عمل جديدة ومستحدثة، وسيركز على عقد المؤتمر الذي سيكون نقلة نوعية في تاريخه وسيحدد إستراتيجية العمل للسنوات المقبلة.