حزب سوريا المستقبل وبصمة المرأة المناضلة – كوثر دوكو

حزب سوريا المستقبل وبصمة المرأة المناضلة

“مشروع التّشاركيّة بين المرأة والرّجل

 هو الضّمان لبناء مجتمع ديمقراطي مستدام،

يجمع بين كافة النساء السوريات،

المرأة أساس بناء سوريا جديدة ديمقراطية”

 

 

كوثر دوكو

الرّئيسة المشتركة لحزب سوريا المستقبل

 

لطالما كانت المرأة السّورية ركيزة أساسية في المجتمع، تلعب دوراً محوريّاً في حياة العائلات والمجتمعات. ومع تصاعد الأزمات السياسيّة والصّراعات المسلحة التي اجتاحت البلاد خلال العقد الماضي، وجدت النّساء أنفسهن في مواجهة تحدّيات هائلة. ورغم هذه الصّعوبات، أثبتت المرأة السّورية قدرتها على الصّمود والمشاركة الفعّالة في عمليات إعادة البناء والتّغيير المجتمعي، خاصة في شمال وشرق سوريا، حيث تسعى المجتمعات إلى تحقيق نظام ديمقراطي وتعزيز دور المرأة في الشّأن العام. برز دور المرأة في حزب سوريا المستقبل كجزء من الجّهود المستمرّة لتعزيز مشاركتها في المجالات السّياسية والتنظيميّة والثقافيّة والاجتماعيّة. يسعى الحزب إلى تقديم نموذج جديد يرتكز على تمكين النساء بهدف بناء مجتمع أكثر عدالة ومساواة، خاصةً في ظل التحديات الرّاهنة.

 تعقيدات الهيمنة الذكوريّة والاستبداد السّياسي

إنّ قضية المرأة في سوريا ليست مجرّد تحدٍّ اجتماعي بسيط؛ بل هي مسألة مركّبة نتيجة لنظام سلطوي قائم على هياكل اجتماعية قبلية ودينية ذات نزعة ذكورية. هذه البنية تُهمّش المرأة وتجعل دورها ثانوياً، وكأنّها مجرد عنصر استهلاكي لا يساهم في صنع القرار. ترسّخت هذه الذهنية نتيجة القمع والاستبداد المستمرين لعقود طويلة، مما جعل المرأة السّورية ضحية مضاعفة في ظل أنظمة قائمة على تهميش النساء وإقصائهن. كانت أولى أشكال القمع في المجتمع السوري تتمثل في تهميش دور المرأة وإقصائها من الشأن العام، حيث تم استبعادها عن المشاركة في السياسة والاقتصاد. بُنيت هياكل السلطة بحيث تكون المرأة خارج دائرة التأثير، مما جعلها مواطنة مضطهدة لا حقوق سياسية لها. في السّياق الاجتماعي، تبقى المرأة تحت رحمة عادات القبيلة والفكر الذكوري وسلطة رجال الدين المتطرفين الذين يستغلون الدين كوسيلة لقمع النساء وتشويه صورتهن الإنسانية.

مع اندلاع الحرب السّورية تفاقمت معاناة المرأة بشكل كبير نتيجة تصاعد الخطاب الطائفي والقبلي، ممّا أدى إلى ظهور تنظيمات إرهابية مثل “داعش”، “جبهة النصرة” و”إخوان المسلمين”. هذه التنظيمات مارست أشد أنواع القمع ضد النساء، حيث فرضت قيوداً صارمة على حريتهنَّ، وجعلتهنَّ يعشنَ حالة إبادة حقيقية في ظل إرهاب مستمر. في المناطق التي كانت تحت سيطرة “داعش”، كانت المرأة مستهدفة بشكل همجي، حيث كان يتم فرض عادات وتقاليد بالية تمنعها من الخروج للعمل أو التعليم، بل وحتى من ممارسة أبسط حقوقها الإنسانيّة. بعد تحرير الرّقة من قبضة التّنظيم وبفضل جهود وحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية تحوّلت هذه المدينة من بئرٍ للقمع، إلى تشكيل نظام خاص بالمرأة وأن تكون فعالة ضمن المؤسسات. ونرى الآن أيضاً ما تزال المرأة في المناطق التي تسيطر عليها المرتزقة المدعومة من قبل تركيا تعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقها، حيث يُستخدم القمع ضد المرأة كأداة لإخضاع المجتمع وترهيبه، مما يجعل المرأة السّورية تواجه صعوبات جمة.

ثورة روجآفا والإدارة الذاتيّة في شمال وشرق سوريا

في مواجهة هذا القمع المتواصل، برزت ثورة روجآفا كمشروع تحرري أعاد تعريف دور المرأة في سوريا. تمحور هذا المشروع حول فلسفة المفكر عبد الله أوجلان، الذي يؤمن بأن حرية المرأة هي انعكاس لحرية المجتمع بأسره. هذه الفلسفة تقوم على فكرة أنّ تطور الشعوب يقاس بمدى حريّة النساء، وأنّ الحياة القائمة على المساواة والتشاركيّة بين الرجل والمرأة هي السّبيل لتحقيق مجتمع حر ومنتج.

من خلال مشروع الإدارة الذّاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا أصبحت النساء جزءاً لا يتجزأ من مراكز صنع القرار، حيث يشغلن مناصب قيادية في المجالس التنفيذية والبلديات. لقد أثبت حزب سوريا المستقبل من خلال دعمه لهذا المشروع أنّ المرأة ليست عنصر مهمّش في المجتمع، بل شريكة فاعلة في قيادته. وخلال مؤتمر المرأة الذي عُقد مؤخراً، تم التأكيد على أنّ النضال من أجل تمكين المرأة ليس خياراً، بل ضرورة لبناء سوريا جديدة ديمقراطية قائمة على المساواة والشراكة بين الجنسين.

 تعزيز دور المرأة وبناء مجتمع ديمقراطي

وباستقبالنا لعام 2025، وضع حزب سوريا المستقبل مجموعة من الأهداف الاستراتيجية لتعزيز دور المرأة في الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويسعى الحزب لتحقيق ما يلي:

  • – زيادة تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار: من خلال تعزيز دورهنّ في المناصب القيادية، مثل الرئاسات المشتركة للمجالس التنفيذية.
  • – تعزيز التعليم والتدريب: تنظيم برامج تدريبية مكثّفة لرفع وعي المرأة وتطوير مهاراتها القيادية.
  • – مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية: إطلاق مبادرات لتمكين النساء اقتصادياً وتوفير فرص عمل للنساء اللواتي تأثرن بالحرب.
  • – تعزيز ثقافة المساواة: من خلال حملات توعوية تهدف إلى تغيير الفكر المجتمعي التقليدي الذي يعيق مشاركة المرأة.

تحالفات سياسية جديدة

في 27 /آذار/ 2024 وخلال المؤتمر الرابع لحزب سوريا المستقبل تم اتخاذ الحزب قراراً مهماً وهو اعتماد نظام الرئاسة المشتركة ليتماشى أكثر مع فلسفة وسياسة الإدارة الذاتية الديمقراطية، ويُعتَبَر بذلك قفزة نوعية في السياسة السورية، كون حزب سوريا المستقبل يعتبر واحداً من أكبر الأحزاب الجماهيرية السورية، وإقدامه على هذه الخطوة في اعتماده على نظام الرئاسة المشتركة، كانت رسالة لكلّ العاملين في الشأن العام السياسي والثقافي والفكري بأنّ الهيمنة الذكورية لدى الرجل أيضاً عليه التخلص منها والرجوع إلى طبيعته الإنسانية، فتلك الذهنية تنهي شخصية الرجل أيضاً على أن يلعب دوره الطليعي والريادي في إدارة المجتمع.

نحن أمام مرحلة مهمة وهي مرحلة التشارك بين الرجل والمرأة في صناعة وصياغة السياسة، هذه هي الصياغة التي تمهد لظهور مفهوم ووعي جديد وهو الفرد الحر الذي يحترم نضال المرأة ويراها شريك مهم في الإدارة. وهذا ليس بقرار سهل في ظل الصراع الدائر على جغرافيا الوعي السوري، لذلك في إطار جهود حزب سوريا المستقبل لتعزيز دور المرأة سعى الحزب من خلال التحالف مع مجموعة من الأحزاب السورية ضمن مظلة مجلس سوريا الديمقراطية إلى كسر الصورة النمطية عن المرأة، وخاصة في الساحة السياسية. يهدف الحزب إلى تعديل دستور سوريا المستقبل بحيث يفتح آفاقاً جديدة للنساء، ويطمح إلى أن يكون أول حزب سياسي سوري يطرح فكرة تمكين المرأة لتولي مناصب رفيعة المستوى، مثل منصب رئيس الحكومة أو حتى رئيس الجمهورية. لماذا تبقى هذه المناصب حكراً على الرجال بينما أثبتت المرأة السورية قدرتها على العطاء في مختلف المجالات؟ فالمرأة السورية هي من بنت المجتمع وتحملت أصعب الظروف، واليوم حان الوقت لمنحها دوراً رياديّاً في بناء البلاد وقيادتها. يسعى حزب سوريا المستقبل جاهداً لتعديل القوانين وبناء دساتير تفتح الطريق للنساء لتكون في موقع القيادة، مما سيجعل سوريا أول بلد في المنطقة تترأسه امرأة. هذا الطموح ليس مجرد حلم، بل هو هدف يعمل الحزب بجد لتحقيقه، وقد بدأت أولى خطوات هذا المشروع بالفعل في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية حيث تشغل النساء مناصب قيادية.

المرأة شريك حقيقي في بناء مستقبل سوريا

أثبتت المرأة السورية أنّها قادرة على تجاوز الصعوبات وتحقيق إنجازات ملموسة في مختلف المجالات. من خلال دورها الفاعل في حزب سوريا المستقبل ومشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، لم تعد المرأة عنصراً مهمشاً في المجتمع، بل أصبحت شريكة أساسية في بناء مستقبل سوريا الجديدة والديمقراطية. إنّ هذا النهج الجديد القائم على المساواة بين الجنسين يُسهِم في كسر القيود التي فرضتها الأنظمة الدكتاتورية والمجتمعات التقليدية على المرأة.

إنّ المشروع القائم على التشاركيّة بين المرأة والرجل هو الضّمان لبناء مجتمع ديمقراطي مستدام، حيث تكون المرأة عنصراً أساسياً في التنمية والتطوير. من خلال هذا النهج، يمكننا كسر قيود الاستبداد والمضي قدماً نحو مستقبلٍ أكثر إشراقاً لجميع السوريين، مع التأكيد على أن المرأة ستكون في صدارة القيادة في سوريا الجديدة.