المرأة والثّقافة وعلاقتهما بالنهضة المجتمعيّة وحماية الهويّة الوطنيّة – هيئة التحرير

 

المرأة والثّقافة وعلاقتهما بالنهضة المجتمعيّة وحماية الهويّة الوطنيّة

 

هيئة التحرير

يتفاوت تعريف الثقافة من مجتمعٍ لآخر، فالثّقافة ليست مجموعة من العادات والتقاليد، بل هي الطريقة التي يُفكّر ويتصرف بها الأفراد والمجتمعات، وتَشمل مجموعة من القيم والمعتقدات والممارسات التي تُميّز كلّ مجتمعٍ عن غيره، في هذا العدد نُسلّط الضوء على مفاهيم ومعنى ثقافة المرأة الأم وتطورها.

رغم أنّ المرأة تعرّضت لـضغوطات عديدة -متمثّلة بالعادات والتقاليد- من قبل مجتمع ذكوري يُشرّع ظُلمه منذ الأزل، إلا أنّها استطاعت كسر القوقعة التي كانت تقيّدها بإيمانها وإرادتها الصلبة، وتمكّنت من لعب دورٍ كبيرٍ في تشكيل الثقافة انطلاقاً من كونها الأم والحاضنة الأولى للقيم والمرجعيات، فضلاً عن دورها البارز في الحفاظ على الهوية الوطنية، إذ تُعدّ الناقل الرئيسي للثقافة من جيل إلى آخر. تبدأ هذه المسؤولية في الأسرة، حيث تُعلّم الأطفال اللغة، العادات، التقاليد، وتعتَمد بشكلٍ كبيرٍ على القيم التي تغرسها في أبناءها منذ الصغر، مما يؤدي إلى تعزيز الروابط المجتمعية، كما أنّها الحامية الأولى للغة الأم، والمساهِمة في غرس شعور الانتماء الوطني.

إلى جانب ذلك، تُظهر المرأة دوراً فعالاً في المجالات الثقافية والفنية، إذ تُعبر من خلال الأدب، الموسيقى، والفن عن الهوية الوطنية بطريقة تَحفظ التراث من الاندثار وتَعرِضه للعالم بأسره. لذلك يمكننا القول بأنّ الأزمنة تتوالى وتبقى المرأةُ محافظةً على ثقافتها ببراعة.

العدد الثاني عشر حافلٌ بالإنجازات التي حققتها المرأة في تعزيز الموروث الثقافي، سواء عبر عملها أو من خلال مواقفها الريادية في المشاريع التنموية، حيث تُعدّ المرأة محوراً أساسياً من محاور التنمية الثقافية في المجتمع، وذلك لأنّها تمتلك المقومات الفكرية والإبداعية التي تستطيع من خلالها التعبير عن سبُل الحياة والقضايا التي تشغلها، الأمر الذي أدى إلى حفاظها على الهوية الثقافية واللغة والتاريخ.

لذلك تُعتبر الهوية الثقافية للمرأة نموذج ثقافي بحت، وموروث يخرج من منبع الثوابت التاريخية والطبيعية والبشرية والثقافية ويتطوّر عبر الأزمنة المختلفة. أردنا في هذا العدد إحداث تغيير حقيقي على أرض الواقع وإظهار ترتيب اجتماعي وثقافي يكون فيه مدى الإمكانية البشرية متاحاً للمرأة كما هو متاحٌ للرجل، وذلك عن طريق مشاركتها في إنتاج الثقافة كفرد ناشط وفاعل، وأن تساهم في تجديدها.

نتمنى أن يكون محور العدد الثاني عشر وسيلةً لجميع النساء للإيمان بقدراتهن والمساهمة في تنمية مجتمعاتهن مع الحفاظ على التراث الثقافي، من هنا نؤكّد أنّ بصمة المرأة الثقافية ستبقى مطبوعة على ذاكرة الأجيال وستقودهم إلى بناء مجتمعات متحررة.