العائلة والذهنية الديمقراطية
العائلة والذهنية الديمقراطية
“إن المرأة بذاتها
هي التي ستعيد التاريخ إلى مساره الصحيح،
وسنرتقي معاً نحو تكوين عائلة ديمقراطية وحرة”
زينب قنبر
المجتمع الإنساني ذو ذهنية وعقيدة، ولا يمكن وجوده دون هذين المفهومين اللذين مهدا لاكتساب المشاعر الإنسانية الأولى والحب تجاه بعضهما البعض، والتي مهدت للعلاقات المشتركة مع مرور الزمن. تعتبر الأسرة تنظيماً رسمياً في مجتمع الاستقرار البشري الأول، وهي تتكون من رجل وامرأة وأطفال، يرتبطون مع بعضهم وفق قوانين وعادات وتقاليد منظمة لاستمرارها، كحق السكن الآمن والصحة والتعلم، وواجبات العمل والدفاع والحفاظ على القيم والتراث ونقلها عبر الأجيال.
هذا يعني أن الأسرة هي أهم خلية اجتماعية يتكون منها بنية المجتمع، والتي تمثل الطبيعة الثانية (إن حَسُنت حَسُن المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله)، ففي كنفها يتعلم الإنسان أفضل إبداعاته، فتتوحد الأسرة بأبنائها بمقومات روحانية مستلهمة من الطبيعة، من سكن القلب، واطمئنان النفس، وتضفي على أبنائها خصائصها ووظيفتها. هذا يعني أن الرجل والمرأة هما الأساس في بناء النظام العائلي، ويشكلان معاً تكاملاً في وجه الطبيعة، ولهما دور في كل مراحل التنمية المجتمعية، وبهذا يتطلب أن تكون العلاقة بين الجنسين علاقة تشاركية نديّة، بعيدة عن أي سلطة وتملك.
واقع الأسرة
إذا أردنا التعمق في تحليل واقع الأسرة والعائلة في وقتنا الراهن المتواكبة مع ثورة التقنية، والانفتاح الشامل والترويج لثقافة الاستهلاك، التي تنتجها الرأسمالية البعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية السامية، علينا بالبحث أولاً عن كيفية تشكل الأسرة والعائلة، والمراحل التي مرت بها، لتحليل مفهوم ومسار الحياة التي أدت لظاهرة المفاهيم الخاطئة التي نعيشها بشكل عام ضمن مجتمعنا، لنستطيع الوصول لحقيقة وجوهر الأسباب الرئيسية لتأسيس العائلة، التي تهدف في جوهرها إلى بناء حياة مجتمعية صحيحة. كون الأسرة هي نواة المجتمع، وهي البوصلة الأساسية نحو التقدم والبناء الاجتماعي والحضاري.
الحياة التي بدأت بالكلان (الذي يتراوح أفراده بين ٢٠ إلى ٣٠ شخص) كانت أقرب إلى العائلة الأمومية، رغم أنها لم توصف بذلك. حينها كانت الحياة مفعمة بروح المحبة والقيم الأخلاقية التي أبدعتها المرأة، بتناغمها مع الطبيعة (الأم – الإلهة) واعتُبرت المؤسسة الطبيعية الأولى المتمايزة على شكل عائلة، واستمرت لمدة طويلة من الزمن، أي بنسبة 98% من تاريخ البشرية. فالكلان هو العائلة المتمحورة حول الأم – الإلهة، بحكم إنجابها للأطفال وإعالتها لهم، وبالمقابل لم يكن الطفل يعرف غير أمه التي ولدته، أي أن الأبوة لم تكن معروفة ومفهومة (لم يُعرف دور الرجل في الإنجاب) بل عُرف لاحقاً بمراقبة الرجل للحيوان وتساقط المطر (مني + المطر = الولادة والإنبات).
الكلان والجماعة
في مجموعات الكلان والجماعة تتماشى الحياة مع مفهوم إما الكل أو اللا شيء، ونمط الحياة كانت خالية من السيطرة والهرمية. الحياة هنا تعتمد على المأكل والمأوى والتكاثر، وتطورت هذه المرحلة باكتشاف الزراعة، والانتقال من حياة التنقل والكهوف إلى الاستقرار وبناء القرى. في هذه المرحلة كان دور المرأة واضحاً، واستمر زمناً طويلاً، فحافظت على دورها وأهميتها وقدسيتها، حيث استمرت بالإبداع، والملاحظة، الاكتشاف، الحكمة، والعلم، وهي منبع الأخلاق والقيم. وهنا اتسمت الحياة بالتشاركية، وارتقت بها ضمن حدود ساهمت بها المرأة.
مع تعميم الزواج الرسمي الذي تزامن مع مرحلة الاستقرار وتطور الزراعة، وانتقال الرجل من الصيد إلى الرعي، بدأ الزواج الأحادي، الذي يعني ارتباط بين الرجل والمرأة والعلاقة الجنسية بينهما معترفٌ بها ضمن المجتمع. ولها هدفين: (التكاثر والمتعة) تحت غطاء وطقوس اجتماعية دينية.
تنوع العصور
تزامنت هذه المرحلة مع اكتشاف المعادن (العصر الحجري) والتطور الحاصل في الإنتاج، هنا تمًّ التطور على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، ونشأت فكرة الملكية الفردية. بدأ الانقلاب البطرياركي (الأبوي) على البطرياركي (الأمومي) وتحولت المرأة لأول مستعمرة في التاريخ، حيث خضعت للتحكم بجنسها بشكل كامل، وتشريع قوانين حمورابي. وأصبح نمط الحياة من العائلة الأمومية عائلة أبوية، ومن الحياة التشاركية إلى حياة التملك والسيطرة. هنا كان الانتقال من المجتمع الطبيعي الأمومي إلى المجتمع الهرمي الطبقي، عبر سطوة الرجل على كافة نواحي الحياة.
على ضوء ذلك تأسست وتكرست الأرضية لذهنية التوسع عن طريق الحروب، مما أدى إلى التمايز الطبقي والجنسوي، نجم عنه تفرد ضمن المجتمع من كافة النواحي، وتمركزت السلطة في الفرد والسلالة بكافة صفاتها ومسمياتها (الملكية، الإمبراطورية، الأمة…الخ)، وبدأت عبودية المرأة خلال تاريخ المجتمعات الهرمية والطبقية، مع تطور الذهنية الذكورية المنبثقة من ثقافة الصيد والمكر، برفض وإنكار ماءات المرأة (104).
هنا بدأ الرجل بالاستغلال والتحكم بالطبيعة، التي تمثل مكان ومنبع الخير والجمال، الحب، والتسامح، والعدالة الناجمة بالتناغم مع الطبيعة. كل هذا ليكسب القوة والهيمنة التي شُرعت بقوانين حمورابي، وبهذا تمَّ التصديق رسمياً على عبودية المرأة قانونياً وبشكل رسمي. حيث وضعت أحكام مجحفة بحقها تحت أسم حماية الأسرة (هذه القوانين حرمتها من حقها في المواطنة لاحقاً)، وانحصر دورها بالإنجاب والعناية بالأطفال، وتدبير الشؤون المنزلية (كوظيفة بيولوجية)، وانعكس واقع المرأة بشكل مباشر على واقع الأسرة والمجتمع، وملكية الرجل للمرأة وبالعائلة، والنسب للأب (الأطفال والأم).
عبودية المرأة
هنا تحولت المرأة إلى سلعة تباع وتُشرى، ويحق للرجل التصرف بها حسبما يشاء. وتمَّ تأسس نظام عبودية المرأة، والهيمنة المطلقة، بكل أشكالها عبر التاريخ، قاسمها المشترك الهيمنة الذكورية وسلطة الدولة، وبات واضحاً شكل العائلة الأبوية بهيمنة الرجل على المرأة، فهو الأقوى وله حق التملك، وبثَّ ترسيخ ثقافة بأن المرأة ضعيفة جسدياً وعقلياً (ضلع قاصر). ومن ثم خضعت المرأة لحاكمية الأب والزوج والأخ، وتعيش لدى بعض الشعوب حتى وقتنا الراهن كملكية خاصة تورث مع الإرث.
ومن خلال ما ذكرته؛ نجد أن الأسرة التي ساهمت في تأسيس المجتمعية كنواة أكثر تأثيراً، تحولت إلى أداة تسخر ذهنية العبودية والتملك والاستغلال والسيطرة. هذه الذهنية والثقافة المفروضة ومع الزمن قبلت بها المرأة ورضخت لها، وظهرت فوارق حتى بين النساء ضمن طبقات المجتمع ظهرت نساء الطبقة الارستقراطية ونساء الطبقة الفقيرة. وبهذا تفاقمت الهيمنة والتشتت الأسري، وازداد تدني وضع المرأة يوماً بعد يوم، وأُقصيت عن دورها الطبيعي كحق لها.
هيمنة الرأسمالية
بظهور الرأسمالية والدولة القومية فيما بعد، وبإجراء أي مقارنة نرى أن هيمنة الرجل والاقتصاد متشابهة مع هيمنته في الجانب الاجتماعي. ولتمتين الرأسمالية لهيمنتها وضعت المرأة في خدمتها من خلال مخططات هادفة (الفن – الإعلام –الرياضة – العلم – السياسة – الجامعات ومراكز الجنس واللهو وغيرها)، وحتى عمل المرأة بات مبنياً وفق الكسب والربح، هذا بالإضافة لدورها في المنزل (عاملة بلا أجر). هنا تحولت المرأة والعائلة لملكية تامة خاضعة لهيمنة النظام الرأسمالي.
وبعد ما تمَّ سرده وبشكل مكثف نجد أن المرأة الحالية، وضمن التخبط التاريخي ما بين التقديس والتدنيس، خضعت لثقافات متعددة ومتنوعة، وترسخت لديها قناعات وطقوس فأصبحت خاضعة لقدرها وتقبلته كثقافة، وابتعدت كلَّ البعد عن الجوهر الحقيقي المتواجد في كينونتها بأنها هي الحياة، بل أصبحت سلعة للتسويق. بالتالي تحولت المجتمعات لسرطان خطر على الجنس البشري والطبيعة، وتدهورت العائلة، والعائلة الحالية باتت تعيش الغربة والاغتراب ضمن المنزل، وبالتالي ابتعدت المجتمعات عن بعضها وخلفت الحروب والفتن على مبدأ سياسة (فرّق تسد).
لطالما عرفنا المعنى وتوصلنا لعمق الانحدار الاجتماعي. يمكننا طرح بعض الأسئلة التي يمكن بها وفيها تصحيح المسار ونمط الحياة الاجتماعية، ليكون تحليلنا ضمن أجوبة صائبة لإيجاد الحل، بالبحث عن الطرق والأساليب ضمن الممكن والصحيح، وما أود طرحه هو:
– كيف نستطيع التغلب على الذهنية الذكورية التي ترسخت لدى المرأة وأصبحت تعيشها ضمن حياتها، حتى أنها تعتبرها كثقافة طبيعية، دون ان تدرك بأن آلة الإنجاب تحولت لمصدر تقليد وترسيخ لثقافة الهيمنة؟
– ماذا يترتب على المرأة لمناهضة السلطة والوصول للعائلة النموذجية الديمقراطية؟
– كيف يمكن إعادة إحياء دور المرأة الريادي ومن أين نبدأ وماذا علينا أن نفعله؟
وبمعنى أخر؛ أين تتواجد الحلول لإرجاع الأمان للمجتمعات؟
إرجاع الأمان للمجتمعات
حقيقة أريد القول إننا ومنذ بداية ثورة 2011 مررنا بالكثير من التجارب العظيمة. فالمرأة في شمال وشرق سوريا، أصبحت ترد على هذه الأسئلة وتضع الحلول لقضايا المجتمع والوطن، واستطاعت أن تعطي المعنى الحقيقي للسير نحو الحرية والقيم المجتمعية. من خلال ما ذكرته يظهر واضحاً أن الأسرة التي بنيت على استملاك المرأة شكلت الأرضية لفكرة الملكية الأولى، ومن ثم تمت عبودية الرجل أيضاً، وبالتالي أصبحت من أولى وأهم الشبكات التي تزود الهيمنة ورأس المال، واعتبرت صمّام الأمان للنظام القائم.
من ناحية أخرى نرى أن الأسرة ليست مؤسسة اجتماعية يمكن تجاوزها، ولكن بالإمكان الإطراء والتحول عليها، وذلك لإرجاع الأمان للمجتمعات. هنا علينا بالبحث عن الحل، والتعريف الصحيح للمصطلحات كالحرية والعدالة والمساواة، ونقد العائلة الحالية التي خرجت فيه المرأة من جوهرها وقيمها وثقافتها المجتمعية المتواجدة في كينونتها، وترسخت بدلاً عنها ثقافات مختلفة ومفهوم خاطئ خاصة للحرية، فالواقع المتدني للعائلة ضمن مجتمعنا، والذي أظهر فيه واقع الأسرة والمجتمع، للأسف هو ما يأخذ بالمجتمعات إلى الهاوية، مع العلم أن واقع المرأة المأسوي يتشابه في كلّ بلدان العالم، ولكنه قد يختلف بالشكل فقط.
مفهوم الجمال الروحي والمعرفي
لقد تغير مفهوم الجمال الروحي والمعرفي إلى جمال الشكل، وبذلك أصبحت المرأة والأسرة أكبر مروج لرأس مال الشركات، وتحول مفهوم الحرية لفوضى، وانحلال ثقافي، وحرية بالمظهر الخارجي، فأصبحت المرأة كصورة مجردة من الروح، وعودة المرأة لجوهرها الطبيعي، بضميرها وأخلاقها، هي من أهم الحلول التي بها ننقذ الأسرة والمجتمعات. ولإطراء التحول على الأسرة ينبغي التخلي عن مزاعم ملكية المرأة والأطفال المتوارثة عن الهرمية، وألا ترتبط العلاقات الزوجية برأس المال والسلطة، وعلى المرأة أن تعي نفسها، وجنسها، وعلاقتها الزوجية لتخطي المقاربة الغرائزية بأنها استمرار للجنس، بل عليها السعي بين الجنسين على أساس فلسفة الحياة الحرة، المرتبطة بالمجتمع الأخلاقي والسياسي، وحينها سيطرأ تحول الأسرة على هذا المسار، وتصبح الأساس في المجتمع الديمقراطي المناهض للحداثة الرأسمالية.
يجب أن يُبنى الزواج على القبول والتراضي ليكون زواجاً طبيعياً، حينها ستندحر مخططات الملكية والاستملاك، لتترسخ بدلاً عنها ثقافة العدالة والمساواة والحرية، بعيداً عن العبودية والتملك، لتحل الأسرة الديمقراطية الواعية بدلاً من تلك التي تأسست على الجهل والتملك، حينها سيكون الاحترام المتبادل بين الجنسين والأسرة والمجتمع، لأن دمقرطة المجتمع تبدأ من دمقرطة العائلة، وبذلك سيكون إعادة هيكلية المجتمع الديمقراطي. وللمرأة عبر التاريخ نضالات متتالية رغم كل ممارسات العنف بحقها.
ثورة تغيير الذهنية الذكورية
في مرحلتنا هذه نرى أن المرأة السورية، وخاصة في شمال وشرق سوريا تعيش ثورة المرأة، ثورة تغيير الذهنية لكلا الجنسين، لأن المرأة التي تستمد قوتها من فلسفة الحياة الحرة، وبوعي باتت تدرك ذاتها، ومجتمعها، وتاريخ السلطة. هذا لم يكن بالأمر السهل، إلا أنها بدأت بخطوات جريئة، وواضحة وبوعي كامل لِما يقع على عاتقها لإنقاذ جنسها وشريكها وأسرتها ومجتمعها، وبالتالي الطبيعة من مخاطر العولمة والحداثة الرأسمالية.
حيث بدأت تتصالح مع جنسها والطبيعة لتعود الحياة لمسارها الطبيعي، وليتم الانتصار يتطلب من المرأة تحديات كبيرة، وأن تأخذ دورها في تحمل المسؤولية التاريخية على كافة الأصعدة بما فيها الاقتصادية، والإدارية، والسياسية، والمجتمعية، والثقافية، أي أن المرأة بكافة أدوارها من أم وأخت وزوجة وابنة ومقاتلة ومناضلة ومكافحة وعاملة عليها التحلي بالمعرفة والوعي، لتأخذ مكانتها المستحقة في التعلم والعمل معاً. وأن يكون الزواج والإنجاب والتنقل والعمل ضمن حقوقها، وألّا تكون مشروطة بموافقة الرجل، بالإضافة أن تضمن المرأة السورية حقها بقوانين في إطار المواطنة السورية، وتصادق حقوقها بقوانين ضمن الدستور.
ينبغي على المرأة العمل في مجال التحرر الجنسوي، والذي هو من أصعب المهام الثورية، كونه يحتاج لتنوير ذهني وكدح وحب إنساني، وحكمة وقبول استحالة تواجد الجنسين في حالة غياب الحرية وضبط الغريزة الجنسية، وتحلي المرأة بالقوة والمعرفة، حينها يمكن للرجل أن يتحدث عن الحب والجمال في أجواء الحرية والمساواة والسلام، فمن لم يكن لا يكون حراً ولن يكون جميلاً، فالحرية الحقيقية هي التي تبنى على العدالة الاجتماعية.
لذا؛ يترتب على المرأة وضمن مسؤوليتها أن تؤسس مؤسساتها الخاصة بها، وتحدد أهدافها كونها ليست مجرد جسد، بل هي نواة الحياة البعيدة عن الضعف، وتتسم بالذكاء اللا منقطع (الذكاء العاطفي) عن الحياة، وهذا يجعلها بأن يكون سلوكها متوازن مع الطبيعة.
أيديولوجية المرأة
كما عليها التسلح بأيدولوجية المرأة الحرة الخاصة بها، لتعزيز قدراتها الذهنية إزاء الرجل، والتخلص من العواطف الضعيفة، وأن تشارك في الميدان السياسي الذي يُعتبر من أهم المجالات، كونه إثبات لها في صراعها ضد الذهنية الدولتية والكيانات السياسية لبناء الديمقراطية، والشعور بعمق التفاهم الثنائي (ثنائية الحياة)، أي أن كلاهما يتمم الآخر، لتعميق التشاركية، كل جنس بخصائصه وصفاته كرجل وكامرأة، التشارك الذي هدفه استمرارية الحياة والحفاظ عليها، كلٌ حسب أسلوبه مع احترام خصائص وأسلوب الآخر، وامتلاك الجرأة للتوازن مع طبيعة المرأة، حول الثغرات الخاطئة، ومدى الخطر الذي يحدق بالعائلة والمجتمع، وكيفية إيجاد الحلول الجذرية.
المرأة مرآة المجتمع
كما على المرأة توحيد مواقفها وردود أفعالها أمام أي استهدافِ سلبي يجري بحق المرأة، وكذلك توحيد الطاقات من أجل ولأجل المرأة في كل مكان. فالمرأة هي مرآة المجتمع التي تعكسه بإيجابيات وسلبياته وليكن هدفنا تخطي هذه السلبيات بطرح إبداعات تنهض من واقع المرأة، للوصول إلى مجتمع حر بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
على المرأة أن تعي بأن التي ستحرر المرأة هي المرأة بذاتها، وبالتالي ستعيد العائلة لوضعها الطبيعي الديمقراطي، وستحرر المجتمع، لأن الحياة التشاركية التي تبدأ من العائلة ستنطلق ضمن مؤسسات اجتماعية، هدفها التوعية بين الجنسين وتهيئة أرضية لها. ويمكننا القول بأن الوجود الطبيعي للمرأة، له منزلة محورية في بناء العائلة والمجتمع الديمقراطي الحر، وصولاً للعصرانية الديمقراطية.
يمكنني القول؛ أن جمال الطبيعة والمرأة لا يتجزأن ولا ينفصلان بل يكملان بعضهما البعض، وأن المرأة الحرة المدركة لذاتها تلعب دوراً تنويرياً تربوياً على مستوى عالي وراقي، كمسؤولية أخلاقية، سياسية، ايكولوجية، نابعة من طبيعتها التي تجنح لنبذ العنف، وتُعيد ألوهيتها بحلّة جديدة، وأكثر رغبةً في التعرف على ذاتها، وطبيعتها، وتلعب دوراً هاماً كأم، وتغرس في أطفالها ثقافتها العريقة، لتنشئ الفرد الذي يعي دور الإنسان في إبداع القيم، وتأسيس حضارة ديمقراطية.
وأعتقد إن هذا لن يحدث دون الاهتمام في البدء بالأنشطة والأُطر الإصلاحية، النظرية، والندّية في العلاقات بين أفراد المجتمع ككل، بالرغم من تفاوت الأعمار، والأجناس، والألوان، والبيئة المؤسسة لذلك. ونعيد التاريخ إلى مساره الطبيعي، الكامنة في الذات والموضوع، ونرتقي معاً نحو أسرة وعائلة ديمقراطية.