فوزة يوسف عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي لـ آفاق المرأة

فوزة يوسف عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي 

لـ  آفاق المرأة

“المرأة التي تنشأ في عائلة ديمقراطية،

 يمكنها ان تصبح رائدة في كل المجالات.

فالمرأة التي تنشأ في بيئة متحررة

يمكنها ان تلعب دور قيادي وريادي في عملية البناء المجتمعي”

 

إعداد الحوار: فايزة خلف

 

1 – بعد الترحيب. العائلة بصفتها المؤسسة الأساسية والدائمة، حسب تقييماتكم العائلة مبنية على أي اسس ومبادئ واحتياجات؟ وكيف يمكننا القيام بإعطاء التعريف الصحيح للعائلة الحالية؟

نشكر مجلتنا آفاق المرأة على جهودها لأجل إيصال الوعي العميق لكافة النساء والمجتمع. بالطبع محور العدد الثاني قيم جداً ويستحق التوقف عليه بجدية. لأننا نحتاج الى التوعية التاريخية والاجتماعية التامة بصدد هذا المحور. قبل كل شيء؛ العائلة تعتبر من المؤسسات الاجتماعية القديمة في التاريخ البشري، يعود السبب الرئيسي لنشأة هذه المؤسسة هو غريزة البقاء، والتكاثر والاستمرارية. لقد مرت العائلة بأشكال كثيرة خلال التاريخ لن أتطرق إليها بشكل واسع، لكن من الواضح جداً ان الانتقال من العائلة الأمومية الى العائلة الأبوية أحدثت تغييراً كبيراً في العلاقات بين الأب والأم والأولاد.

الانتقال الى النظام الذكوري قبل آلاف السنين أدى الى علاقة تسلطية من قبل الرجل على المرأة. في الوقت التي كانت المرأة آلهة، قيادية، تضع القواعد الاجتماعية وأساس الاقتصاد في العائلة وعالمة وحكيمة في فترة المجتمع الطبيعي، تحولت الى عبدة وجارية، سبية، غنيمة، اداة للمتعة وزوجة مطيعة. هذا التحول أدى إلى أزمة بنيوية دائمة في العلاقات العائلية والازمة استمرت الى وقتنا الراهن. بالإضافة الى ما ذكرناه فأن نظام الحداثة الرأسمالية الذي يعتبر ذروة النظام الذكوري وضع العائلة في أزمة أعمق، انهيار النظم الأخلاقية والجمالية في الوقت الراهن أدى الى فراغ معنوي كبير، مما يؤدي الى خلق علاقات تعتمد فقط على الأسس المادية، إن الانفصال المروع الذي حدث بين الذكاء العاطفي والذكاء التحليلي لدى الرجل، أدى إلى نتائج فظيعة بالنسبة للعلاقة بين الجنسين.

حيث يتحكم الرجل بكل ما هو عائد للمرأة وتتحول المرأة إلى آلة ودعابة بيد الرجل. علاقة العبد والسيد الموجودة في العائلة لا تنحصر بين الرجل والمرأة بل تسود كل العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. فتتشكل كل النظم حول هذا النظام الذي يفتك بكل ما هو أخلاقي وجمالي ومعنوي وبثقافة الحرية بشكل عام. لذلك ان نظرية القائد والمفكر عبد الله أوجلان التي تقول “انحطاط المرأة وسقوط المرأة تسبب في سقوط كل قيم المجتمع” هي نظرية صحيحة، لأن المرأة هي التي تربي الأجيال وتنشأ الإنسان، فإذا تم الحط من شأنها لا يمكن الحديث عن مجتمع راقي ومتحرر.

2 – ما هي الذهنية التي تعتمد عليها الأسرة الحالية؟ وفي تاريخ المجتمعات العائلية، ما هي المراحل التي مرت بها الأسرة؟ وكيف تم تعريف مؤسسة الأسرة من حيث المنظار العقائدي والديني والفلسفي والقداسة والأفكار السائدة؟

العائلة الحالية هي دولة صغيرة يديرها الرجل، الرجل هو رئيس البيت وهو الشرطة وهو القانون، فهو القاصي والداني، لأن النظام السياسي الموجود هو نظام ذكوري فإنه بطبيعة الحال يتيح للرجل امتيازات كثيرة، كيف أن الرجل في الدولة يدير البلاد بشكل ديكتاتوري أوتوقراطي فالرجل في البيت يقوم بنفس الشيء ولكن كنموذج مصغر.

 لقد مرت العائلة بعدة مراحل في التاريخ،  فالعائلة في المجتمع الطبيعي كانت تعتمد في علاقاتها على المساواة و الاحترام المتبادل بين الجنسين وكان هناك دور كبير للمرأة في جميع الأمور، في حين وبعد أن انتقل المجتمع الى النظام الأبوي حصل  تغيير كبير، ففي النظام العبودي والإقطاعي والرأسمالي كان هناك تشابه كبير مع بعض الخصوصيات، النقطة المشتركة بين كل هذه الأنظمة السياسية والاجتماعية هو تمركز السلطة بيد الرجل، واقصاء المرأة، لقد كان هناك اختلاف  في الأساليب ولكن في الجوهر لم يتغير شيء كان هناك علاقة اللامساواة الدائمة بين الجنسين. هذا وبالطبع الدين والفلسفة أيضاً كان له تأثير حيث شكلوا الأيديولوجية التي اعتمد عليها النظام الذكوري. كانت نظرة الفلاسفة دونية للمرأة وهذا ما يمكن أن نراه وبشكل جيد في فلسفة أفلاطون حيث يقصي النساء والعبيد ويضعهم خارج المدينة الفاضلة الذي كان يهدف لبنائها، كذلك أرسطو كانت نظرته للمرأة (ذكوريّة) والمرأة حسب تقييمه إنسان معاق.

 كذلك الأديان السماوية كانت لها مقاربات عدة لقضية المرأة، فالديانة اليهودية تحط من شأن المرأة وتعتبر جسد  المرأة عورة وعيب وإثم، و في الديانة المسيحية المرأة هي ذو قيمة لأنها أم المسيح، وفي الإسلام فهي ذو قيمة لأنها أم ولكن غير متساوية مع الرجل في الوراثة، وأباح تعدد الزوجات وشهادة امرأتين برجل وغيرها من المقاربات، الجدير بالذكر ان الديانة او الفلسفة الزرادشتية كانت متميزة عن المعتقدات الاخرى فهي كانت منصفة مع المرأة أكثر من غيرها من المعتقدات حيث قدست المرأة ودورها ولم يكن هناك أوامر او آيات او طقوس تدعو الى عدم المساواة بين الجنسين.

3 – من هنا؛ نأتي بأهمية هذا السؤال، الا وهو: ضمن في مؤسسة العائلة، كيف تم إبراز مفاهيم الملكية على جسد المرأة؟

نعم التملك كانت النقطة الأساسية التي اعتمدت من  قبل النظام الذكوري، فالمرأة والأولاد هم ملك الرجل، يمكن أن يتحكم بهم كيفما يشاء، بعد أن تتزوج المرأة مع  الرجل، فإن عقد الزواج وحسب الدساتير الجائرة بحق المرأة تمنح للرجل صلاحيات كثيرة للتحكم بالمرأة، إطاعة الزوجة للزوج هو أمر إلهي ولا يمكن تحديه، المرأة التي تخرج عن الطاعة هي فاسقة ويجب معاقبتها، فالمرأة هي شرف الرجل وعندما تقوم المرأة بأي خطأ فإن الرجل له الحق بمعاقبتها، حتى عقوبة الموت باسم (جريمة الشرف) مباحة للرجل، حيث يتم إعفاء مرتكب الجريمة تحت ذريعة أنه قام بالدفاع عن شرفه. المرأة في المجتمعات الذكورية لها دور وهي إشباع الرجل جنسيا وإنجاب الأطفال لتحقيق الاستمرارية لنسل الرجل، وخدمته اليومية في المنزل كجارية، فهي وحسب الدور الذي منحه لها المجتمع لا حول ولا قوة لها وهي ظل الرجل ليس إلا. ولأن القوانين والأعراف الاجتماعية والنظام السياسي كلها متشكلة وفق الرجل فإن المرأة إما أن تقبل الواقع أو تتحول الى مشعوذة وساحرة وفاسقة وكافرة فيتم معاقبتها اجتماعيا وقانونيا.

4 – برأيكم؛ هل العائلة الحالية القائمة على الذهنية الجنسوية، فتحت الطريق أمام فوضى عارمة ضمن المجتمع بشكل عام وبالنسبة للمرأة بشكل خاص؟

 طبعاً هذا السؤال مهم جداً؛ العائلة: هي المؤسسة الأولى والوحدة الاجتماعية التي تتشكل فيها شخصية الانسان ذهنياً وجسدياً، عندما تكون العلاقة بين المرأة والرجل في العائلة غير معتمدة على المساواة والعدالة والحرية، فإن العلاقة المعتمدة على العنف والتهميش والتمييز ضد المرأة تؤثر وبشكل كبير على نفسية الجنسين وأيضا على الأطفال. إن أغلبية العقد النفسية التي يعاني منه الأطفال تعود الى العلاقة الغير الصحيحة والسليمة بين الأب والأم. إن النظام الذكوري الذي يقوم بفرض النظرة الدونية على المرأة عن طريق الأعراف، الدين، القوانين، عن طريق المنهاج المدرسي، والسياسة والإعلام يؤدي الى تشكيل ذهنية مشوهة لدى الأولاد، هذه الأدوار التي يمنحها المجتمع لكل من المرأة والرجل تتحول ومع الزمن الى قوالب فكرية، وسلوك حياة وثقافة من قبل الأطفال الذين ينشؤون في تلك البيئة.

الشخص الذي يستنشق الهواء المسموم ويشرب الماء العكر لا يمكن أن يكون ذو بنية سليمة، وكذلك الطفل الذي ينشأ في محيط يسوده العنف وتكون الأم تحت الضغط النفسي اليومي ويتم معاملتها كعبدة وتكون مكبوتة نفسيا لا يمكن أن يكون شخصا ذو إرادة قوية أو شخصية سليمة من الناحية النفسية والجسدية. فالطفلة التي تنشأ في عائلة ضمن نظام ذكوري تعاني من عقد نفسية كثيرة كعقدة الخجل، عقد النقص، عقدة الخوف وعقدة عدم الثقة بالذات والحسد. بالنسبة للطفل الذكر أيضا يؤدي الى عقد كثيرة كعقدة القيادة، عقدة تقليد الأب، عقدة المبالغة بالذات وغيرها من المشاكل. كل هذه المشاكل تكون من إفرازات النظام الذكوري الذي يحطم شخصية الجنسين ويجعلهما جزءاً من المنظومة الاجتماعية المتخلفة التي تتحول الى مصنع ينتج شخصيات هزيلة وهشة ومشوهة عقليا وجسديا.

5 – إذًا؛ كيف يمكننا تحليل مدى عمق تجسيد مفاهيم الدولة والسلطة ضمن مؤسسة العائلة؟

كما نوهت سابقا بأن الرجل يصبح رئيسا للدولة الصغيرة المتجسدة في العائلة، فرئيس العائلة يتحكم بكل أفراد العائلة ويتدخل في حياتهم ويفرض عليهم ما يراه صحيحا من قواعد، ويملي عليهم الأوامر ومن لا يطيع فيتعرض للضرب وحتى للقتل في بعض الأحيان، كما هو سائد في الوقت الحالي. فالرجل في مجتمعنا يتحكم بما هو عائد للمرأة من جهد سواء من الناحية المادية ام المعنوية.

فالمرأة تقوم ببذل جهد مادي ومعنوي كبير من أجل تنشئة الطفل لكن الرجل هو من يملك صلاحية التصرف بالنسبة لحياة الطفل، وهناك البعض  من النساء من تعملن خارج المنزل ايضاً، لكن الرجل هو الذي يتحكم اقتصاديا في البيت و يتصرف بالإنتاج المادي للمرأة، كل مؤسسات الدولة تكون الى جانب الرجل، فالأطفال في مجتمعنا يتم تسجيلهم باسم الرجل وليس باسم المرأة، والبيت والأرض  يسجل باسم الرجل، وإذا تم طلاق بين الزوجين فإنه من حق الرجل أخذ ولاية الأطفال في الكثير  من القوانين في منطقتنا، المرأة عندما تطلق تصبح منبوذة اجتماعيا في حين الرجل يملك حرية الزواج ولا يلام عليه بأي شكل من الأشكال.

لذلك نرى وبشكل واضح التعاون بين الدولة الكبيرة وبين الدولة الصغيرة المتجسدة بالرجل والعائلة. فالدولة الكبيرة تمنحه كل الصلاحيات والامتيازات لكي يتصرف كيفما يشاء اتجاه المرأة.

 6 – في المرحلة الحالية؛ لا يزال واقع العائلة القائمة به في الشرق الأوسط بمنظار تقديسي، ولكن في الدول الغربية والأوروبية، يتم تدمير مؤسسة العائلة أكثر فأكثر تحت اسم الحرية. إذا قارنا كلا المفهومين، فإلى أي مدى يمكن أن يكون كل منهما هو الحل الأجدر لمتطلبات تكوين المجتمع الواعي والعائلة الديمقراطية؟

باعتقادي النموذجين يعبران عن حالة مرضية يجب ان نتجنبها وأن نناقش قضية العائلة بشكل علمي وأن نضع الحلول المناسبة، لأن العائلة الشرقية والعائلة الغربية كلاهما تعيشان حالة إفلاس وتحولتا الى آلة تطحن الفرد. فالعائلة الشرقية تحولت الى عقدة كأداء باسم العشق يتم قتل العشق كل يوم وتحت اسم الشرف يتم قتل الشرف، وتحت اسم العادات والتقاليد يتم شرعنة التخلف، فالمرأة في المجتمع الشرقي مغيبة، لا يوجد لها حضور وهي تعيش تحت ضغط لا يمكن تحمله.

بحوادث الانتحار والقتل التي تعاش يومياً توضح الصورة وتعكس الواقع. أما بالنسبة للعائلة الغربية فهي أيضا تعاني من أزمة كبيرة، حيث تفككت وتشتت الى حد كبير، الفرد في الغرب يعاني من فراغ معنوي كبير، لأنه محروم من عاطفة الأم والأب فالدولة هي التي تهتم بالتربية ولكن هناك عنصر ناقص وهو الناحية المعنوية لدى الطفل تبقى ضعيفة جداً.

هناك عنف ضد المرأة في الغرب أيضاً وهناك قوانين جائرة بخصوص المرأة، إن الدعاية لأنظمة الغرب بأنها منصفة بالنسبة للمرأة هو أمر غير صحيح، فالمرأة هناك أيضاً تعيش تحت حكم نظام ذكوري، فقضية الإجهاض في أميركا تعكس مقاربة النظام الرأسمالي من المرأة. حصلت المرأة ونتيجة نضال طويل على بعض الحقوق ولكن لا يعني هذا أن المرأة متحررة، المشاركة الضعيفة من قبل المرأة في السياسة والاقتصاد في الغرب يعكس الوضع بشكل موضوعي.

فالمرأة تعمل مثل الرجل كعاملة أو موظفة لكن امتيازات الرجل أكثر في الغرب. نتيجة هذه الأسباب أرى بأنه هناك حاجة الى تعريف جديد للعائلة وبحاجة الى تغيير جذري والى أسس جديدة. ولا يمكن أن نعتمد لا على النموذج الغربي ولا الشرقي لان كلاهما يعانيان من أزمة. هناك حاجة لذهنية متحررة لكلا الجنسين وتطوير سلوك جديد ونمط جديد من التفكير. يجب ان تعتمد العائلة على أفراد يملكون ذهنية ديمقراطية وقيم أخلاقية متحررة من العادات والتقاليد البالية. يجب أن تكون العلاقة الجديدة في العائلة مبنية على الحرية، والمساواة، والعدالة وعلى التكامل والحب والاحترام.

7 – من هنا؛ إذا أردنا الوصول إلى التعريف الصحيح للعائلة، فما هو التعريف الصحيح للعائلة الديمقراطية؟ ولماذا توجد ضرورة ملحة لتكوين العائلة الديمقراطية؟

 نعم هناك حاجة كبيرة للتحول الديمقراطي ضمن العائلة، يجب أن تتخلص العائلة من سلطة الرجل، أن يكون هناك حياة تشاركية بين الجنسين، ما يدور ضمن العائلة تمس الجنسين ويجب أن لا يتفرد أحد منهما بالقرارات، يجب أن تعتمد العلاقة على التفاهم وليس القسر، بالرغم من أن بعض نماذج الزواج التي تعتمد على “الحب” لكن لعدم وجود ثقافة  ديمقراطية وعلاقة نِدية بين الجنسين نرى بأنه وبعد فترة قصيرة تظهر مشاكل كبيرة فتؤدي الى الطلاق أو الى علاقة قسرية من أجل الأطفال أو مسايرة التقاليد الاجتماعية فتتحول الحياة الى تعذيب يومي، أو حتى تتحول العلاقة بين الزوجين الى عداوة في حال الطلاق،  وكأنهما لم يعيشا معا في يوم من الأيام . الوعي والتحرر الفكري مهم جدا من أجل علاقة سليمة، وحتى إذا لم يكن هناك تفاهم يجب أن يتم الانفصال على أساس الاحترام المتبادل.

8 – إذاً؛ العائلة الديمقراطية، يجيب أن تعتمد على أي ذهنية أو مبادئ أساسية في تكونها الأسري وأساليب التعايش فيما بينهم؟

بالطبع السؤال الاكثر أهمية يكمن هنا؛ بمعنى أصح، الجواب على هذا السؤال هو بنفس الوقت طرح الحلول الاساسية والمبدئية لتكوين العائلة الديمقراطية. فالعائلة الديمقراطية؛ أولا تستند على ذهنية ديمقراطية، ذهنية تجاوزت القوالب الفكرية والعادات والتقاليد السائدة. تحتاج العائلة الديمقراطية الى أساليب جديدة في طريقة التعامل من قبل الجنسين، يجب أن تكون خالية من ذهنية التملك، لا المرأة تتملك الرجل ولا الرجل يمتلك المرأة. إنهم شخصان ذو إرادة ويجب احترام كلا الجنسين لإرادة بعضهما البعض، يجب أن تكون القرارات بخصوص الأمور التي تمس الاثنين مشتركة، بدءاً من إنجاب الأطفال وحتى الأمور الأخرى. يجب أن تعتمد العلاقة على التفاهم وليس الغريزة، فالعلاقة التي تستند على الاطمئنان الغريزي لن تطول، في حين العلاقة يجب أن تعتمد على بناء حياة مشتركة مرتبطة بالأسس الاجتماعية والثقافية وأن يكون هناك مسؤولية متبادلة تجاه الاطفال والمجتمع.

9 – ما هو الدور الذي تلعبه العائلة الديمقراطية في تكوين الفرد الحر والمجتمع الديمقراطي؟

هنا النقطة المهمة؛ كيف أن العائلة التي تدار من قبل الرجل والمغيب فيها دور المرأة تؤدي الى تنشئة أفراد مشوهين فكرياً ونفسياً، فإن العائلة الديمقراطية هي البيئة المناسبة من أجل تنشئة أفراد أحرار ومبدعون. الحرية والديمقراطية مرتبطان ببعضهما البعض، الديمقراطية تفتح المجال أمام الخيارات المختلفة تحقق غنى للفرد لأنها تهيأ الأرضية لآفاق واسعة أمامه ولا يكون محاصراً او مضطراً لاختيار طريق فقط، أيضاً يكون الفرد متحررا من العقد النفسية لأنه يمكن أن يعبر عن نفسه بشكل مريح ولا يضطر أن يخفي ما يلوج بداخله فيكون واثقا بشخصيته وبقدراته.

 وكل هذا يخلق حالة إبداعية لدى الفرد. وعندما يكون الفرد قويا من الناحية المعنوية والجسدية فإن علاقاته مع المحيط أيضاً يكون صحياً، والعلاقة التشاركية الموجودة في العائلة ستنعكس على العلاقة مع المجتمع. فالعائلة هي نواة المجتمع عندما تكون النواة قوية وسليمة فإن المجتمع بالطبع سيكون قويا وسليما.

10 – إذا؛ وكنتيجة؛ كيف ستؤدي العائلة الديمقراطية دورًا بارزاً في تحرير المرأة والمجتمع بشكل عام؟

الحقيقة الصحيحة والتي يجب لفت الانتباه لها هي؛ أن المرأة التي تنشأ في عائلة ديمقراطية، يمكنها أن تصبح رائدة في كل المجالات. لأن طاقة المرأة التي يتم كبتها وطمسها من قبل المجتمع الذكوري، في العائلة الديمقراطية ستحصل على إمكانية استخدامها بشكل ايجابي لخلق الذات والمجتمع معا من قبل المرأة، فالمرأة التي تنشأ في بيئة متحررة يمكنها أن تلعب دور قيادي وريادي في عملية البناء المجتمعي. لأن القوة الخلاقة لدى المرأة قوية جداً، في حال تم فتح المجال أمامها فيمكن أن تصنع المعجزات. كل ما هنالك هو منح المناخ المناسب لذلك.

فالمرأة كالبذرة إذا ما حصلت على بيئة جيدة وتربة خصبة فإنها تصبح قابلة أن تصبح شجرة عملاقة. في حين إذا حرمت من ذلك فإنها تتحول الى شوكة وهذه الشوكة يمكن أن تؤذي نفسها وتؤذي الآخرين.  لذلك من المهم جداً أن نعيد النظر في كل ما هو مرتبط بالعائلة في وقتنا الراهن لأن العائلة افلست ولم يعد لديها اي شيء تقدمه. بناءها على أسس جديدة أمر لابد منه ونحن بحاجة الى ثورة فكرية وأخلاقية، علينا أن نبني أنفسنا على قيم جديدة وهذه القيم يجب أن تعتمد على الأسس الديمقراطية وأسس فكرية متحررة. بذلك يمكن أن ننقذ أنفسنا من مستنقع العائلة الحالي الذي يقوم بوأد المرأة والأطفال.