دور الأيديولوجية السلالاتية في تحديد دور وأهمية هوية المرأة وتكوينها
دور الأيديولوجية السلالاتية في تحديد دور وأهمية هوية المرأة وتكوينها
“المجتمع بكافة أطيافه
يحتاج إلى تكوين العائلة الديمقراطية
المتفاهمة والمتآلفة معاً
ديمقراطية في مفاهيمها ومبادئها وأسلوب علاقاتها الأسرية”
زوزان سيما
أهم النقاشات التي تتم حول طبيعة المرأة، والأمر الذي يجب تسليط الضوء عليه أكثر من غيره، هو كيفية تشكيل هوية المرأة على أساس العبودية. في هذه النقطة، يمكننا القول يجب شرح هذه الفكرة وتحليلها للناس لأنها غير واضحة في اعتقادهم. في بعض الأحيان تفسر حالة التحرش بالمرأة العنف ضد المرأة بطبيعتها. تؤكد هذا أيضاً الأساطير والأديان والعلم الموجود أنه تحت تأثير الأيديولوجية الجنسوية. في بعض الأحيان يتم إنكار طبيعة المرأة، ويتم التعبير عن كل شيء مصدره مفاهيم الواقع والمجتمع. في هذا الموضوع، وقبل كل شيء يتطلب أولاً؛ أن نوضح الأسلوب والنهج العلمي. لكل كائن لديه عملية التطور التدريجي لأجل الاكتمال. عندما نتحدث عن الوجود البشري، علينا أن نتحدث عن عملية الخصوصية الطبيعية، والفيزيولوجية وكذلك تكوينها الاجتماعي.
هوية المرأة
إن تعريف هوية المرأة قياساً مع المخلوقات الأنثوية الأخرى في الطبيعة، وخاصة مع المخلوقات ذوات الدم الحار، والتي لديها (العمود الفقري) ومنها الثدييات لهم سمات متشابهة ومشتركة. لديهم ميزات مشتركة من حيث الأعضاء في جسدهم والهرمونات وطريقة تربيتهم. ولكن المرأة تكتسب خصائص جديدة ضمن المجتمع. تختلف الأنوثة المبنية اجتماعياً والأنوثة الموجودة في طبيعتها. ومن ناحية أخرى، مع ظهور الفكر الدولتية والذهنية الذكورية، تم تشكيل الأنثوية المبنية على أساس الذهنية العبودية.
الجوانب المشتركة لهوية المرأة مع المخلوقات الأنثوية الأخرى، هي أول ميزاتها للطبيعة الأولى. هوية المرأة في المجتمع، بعبارة أخرى، الطبيعة الثانية، ما بين 10000 و4000 قبل الميلاد. بُنيت على أساس أن المرأة هي مصدر الحياة المجتمعية. من 4000 قبل الميلاد حتى اليوم، كانت حتى المباني التي بنيت بيد المرأة، والتي كانت من لمسات الأم تحولت وأصبحت ملكاً بيد الرجل.
بهذه الطريقة يمكننا القول إن الطبيعة الثانية لهوية المرأة هي عملية تطور تدريجي، فالمرأة هي (الفاعل الحر)، والتي تم تنشئة الحياة من حولها. بلغ هذا الوجود للمرأة ذروته مع ثورة العصر الحجري الحديث. ولكن بعد سيطرة الرجل، تتحول هوية المرأة إلى وجود مستعبد ومستعمرة أولى. وبطبيعة الحال، من وجهة النظر إلى طبيعة المرأة، فإن هوية المرأة هي هوية دائمة المقاومة. ونحن بدورنا نسميها الطبيعة الثالثة فهذه الطبيعة هي التي تحقق الطبيعة الحرة للمرأة. إن تحقيق نتيجة لهذه المقاومة، ومع ثورة المرأة، هو مزيج من الطبيعتين.
دور الأيديولوجيات
في سياق موضوعنا، النقطة الرئيسية التي سنركز عليها هي دور الأيديولوجيات في بناء هوية المرأة على أساس الملكية والعبودية. تظهر العديد من الوثائق والمعلومات والدراسات أن أجساد النساء، وأسلوب مشاركتهن في الحياة والأنشطة التي تقوم بها المرأة، هي قيمة ومقدسة لأحقاب طويلة جداً من التاريخ.
إن ارتباط مفهوم (الأم) بمفاهيم مثل المكان/ العالم/ المعرفة/ الغذاء/ وكلمة /المصدر والأساس/ (الأم؛ تعني المصدر والأساس حتى في اللغة العربية، وكذلك في العديد من اللغات الأخرى) هو تعبير عن هذا. فأن المرأة لها القرارات الرئيسية في تحديد مصير الاقتصاد. مثلاً: طريقة أسلوب المرأة في بناء (الضيعة – القرية). لهذا السبب، تمت تسمية معظم أسماء القرى والمدن في دول الشرق الأوسط بأسماء الأمهات – النساء.
مفهوم الأسرة
الأسرة، التي هي أساس االكلان، كانت في الأصل صاحبة نظام أمومي. قبل ظهور ثقافة الأسرة الحاكمة، كانت الأسرة عبارة عن هيكلية اجتماعية يتكون من النساء والأطفال والعمات والخالات. في الحفريات التي أجريت في مناطق العصر الحجري الحديث، وجد أن الأب لم يكن متواجداً أو حتى يعيش بين أفراد العائلة. لأنه عند ولادة الأطفال الأبوة غير معروفة إما مجهولاً أو لا يلعب دوراً رئيسياً. يعتبر الرجل مسؤولاً عن أبناء أخته، ولكن ليس له علاقة اجتماعية بأبنائه. ما نريد شرحه بهذه الأمثلة هو فهم البناء الاجتماعي. تغيرت العديد من المؤسسات والمفاهيم مثل: الأمومة والأبوة والأسرة والزواج في المجتمع.
في ذاك العصر المرأة هي الفاعلة، والعقيدة كانت مبنية على هذا الاساس. لهذا السبب، يتم تعريف عقود مسيرة الحياة، العمل وبركته الاجتماعية تسمى باسم إلهة – البركة. فالألوهية من أساسها هي تعبير عن هوية المرأة التي هي مصدر الفاعلة. لذلك إللإهات ذاك العصر هم إلاهات – البركة.
الأيديولوجية الجنسوية
هوية المرأة التي يتم تعريفها كملك للرجل وتابعة للرجل، تتطور على أساس الأيديولوجية الجنسوية. وإذا شرحنا هذه الحقيقة؛ على أساس أن الخطأ أو نقص القوة في اختلاف جسد المرأة لهو أكبر خطأ. منذ ملايين السنين، جسم المرأة لم يتغير هو نفسه ذاك الجسد، وهي التي تؤدي نفس الوظائف. أجساد الرجال هي أيضاً نفسها. على مدى فترات طويلة من التاريخ، كانت النساء تعملن نفس الأنشطة والأعمال الاقتصادية. رغم ذلك، لم يكن سبباً في إخضاع المرأة أو ابتزازها. والعمال الذين قاموا بها الرجال أيضا لم يحولهم إلى مستبدين. هنا، بدلاً من البحث عن مصدر حقيقة إخضاع المرأة لطبيعة الرجل والمرأة أو في العمل الذي يقومون به، يجب أن نبحث في مكان آخر. لم تحدث هيمنة الذكور بشكل طبيعي. لا يمكن تفسير وفرة الإنتاج على أنها سبب قوة الذكورية. لأنه في العصر الحجري الحديث، كان هناك الكثير من الإنتاج، ولكن لم يوجد أي تخطيط لسرقته والقضاء عليه.
من الأصح سيكون تحليل سلطوية الرجل على أساس التدخل بـ ثورة مضادة ضد ثورة المرأة. يمكننا اعتبار مفهوم الثورة المضادة كقوى لها تأثير سلبي على تطور المجتمع. إن نظام المجتمع الطبيعي النيوليتي الذي كانت فيه المرأة الرائدة والفاعلة الحرة لم تفشل لأنها هي كانت السبب. ولا يمكننا القول أن الرجال لم يكونوا مرتاحين لذلك أنهى النظام، هذا التفسير خطأ جداً. جميع الرجال، مجموعة من الرجال الحسودين والأقوياء، قاوموا الهجمات الخارجية وطوروا العملية التي أدت إلى تكوين السلطة ومفهوم الدولة. ليست النساء فقط، بل الرجال الذين كانوا ينعمون بين أحضان المساواة والحرية في المجتمع الطبيعي هم أيضاً تحولوا إلى عبيد.
الثقافة السلالاتية
إن الثقافة السلالاتية التي بدأت مع عصر العبيد هي ثقافة حاسمة في ترسيخ الهيمنة الذكورية. الثقافة السلالاتية هي شكل عائلي بدأ حوالي 5000 قبل الميلاد، مما سمح للرجال بأن يكون لديهم أعداد كبيرة من الزوجات والأطفال. لأن العائلات التي لديها هؤلاء الأطفال لديها قوة عسكرية وسياسية واقتصادية عميقة. في الواقع، مفهوم الأسرة الذي استخدمته في اللغة الإنجليزية، (famîly – الأسرة)، يؤكد ذلك. أصل هذا المصطلح يعني العبيد أو النساء والأطفال الذين هم تحت حكم الرجال. لعبت هذه الثقافة السلالاتية، التي لازالت سارية في الشرق الأوسط، لها دوراً معوقاً في العلاقة بين الرجل والمرأة. وبعض التقاربات مثل: احتشام جسد المرأة، وحصر النساء في بيوتهن من أجل آباء الأطفال، والزواج من النساء في سن مبكر، وتعدد الزوجات بهدف زيادة قوة الرجال واستمرار الثقافة السلالاتية وتعزيزها.
هذه أيضاً علامة تدل على حقيقة؛ أن الرجل الذي ليس لديه أطفال يُنظر إليه على أنه معاق وليس “رجلاً” في المجتمع. والنتيجة الأخرى لذلك هي إذلال واستبعاد واستخفاف النساء غير المتزوجات والنساء اللواتي ليس لديهن أطفال. نصادف أمثلة كثيرة على ذلك في قصص كل مجتمع. حتى في اللغة الشفوية الكردية، هناك الكثير من الضغط والضغط على الرجال والنساء الذين ليس لديهم أطفال في المجتمع.
على سبيل المثال قصة سيو وزليخاني:
“”والتي تم وصفها في منطقة سرحد، هي أمثلة على ذلك. سيو وزليخاني، اللذان يحبان بعضهما البعض كثيراً، بعد عشرة سنوات من زواجهما، لا ينجبون أطفالا. سيو مع اربعة من اخوانه الشباب يعيشون معاً. لأنهم لا ينجبون أطفالاً عائلة سيو لا يقبلون أن يبقى بدون ذرية أو سلالة، تضغط الأسرة على سيو وتطلب منه الزواج مرة أخرى. لكنه يحب زليخاني ولا يقبل بالزواج عليها. بسبب هذا الحزن، يمرض سيو وعندما يكون على فراش الموت، تقرر العائلة أن تتزوج زليخاني من شقيق سيو بعد وفاة سيو. يعاني كلا العاشقين كثيراً من هذه الحجج ويموت زليخاني من نفس المرض بعد يوم واحد من وفاة سيو””.
الواقع الذي نواجهه في هذا المثال، وفي كثير من الحالات الأخرى هو الضغط الاجتماعي الذي يُفرض على المتزوجين إذا لم يكن لديهم أطفال. عندما يتوفى الزوج، فإن إجبار المرأة على الزواج من شقيق الزوج هو أيضاً علامة على حالة ملكية المرأة.
مع هيمنة الثقافة السلالاتية، تم تجاهل دور المرأة في الولادة، وتم تسمية الطفل على اسم الأب. قال العديد من الفلاسفة الرجال مثل أرسطو: “لأجل إنجاب الأطفال لا دور للمرأة”. بدلاً من اعتبار جسد الأنثى مقدساً، تم وصف جسد الأنثى بأنه ضعيف، مشلول، قبيح وتم تعريفها بشكل لعنة. فبدلاً من اعتبار المرأة على أنها أساس الحياة، تم وصفها بتخريب الحياة.
الأساطير الميثولوجية
في هذا الصدد، نرى أن هذه الاساطير الميثولوجية التي شكلت الأيديولوجية الأولى للسلطة الذكورية طبقت أولاً على المرأة. بدلاً من أن تكون مكانة إلهة البركة والعشق، تحل محلهم آلهة العاصفة والرياح والماء والنار والشمس والحرب. (انكي، ماردوخ، ساماش، بعل، زيوس)، الذين برزوا في الصدارة في العصر الذي تأسست فيه هيمنة الذكورية، هم جميعاً آلهة طوفان، بمعنى آخر، أنهم آلهة التي تدمر ثمار المجتمع الطبيعي وبركاته وتخلق الخوف.
في هذه الأساطير، التي خلقت الانكسار الأول الأيديولوجي، يتم تصوير النساء على أنهن الوجود الذي يقود الرجال إلى الضلال، ومصدر الشرور، وسبب الكوارث. عندما يتم التعرف على الآلهة والنساء على أنهن وحوش وسحرة ومشعوذات، فإن ذلك يبرر قتلهن وسجنهن والسيطرة عليهن. وبهذه الطريقة يكون ضرب النساء وقتلهن مبرراً. وحتى يومنا هذا، فإن هذه الذهنية لا تزال مستمرة، وقد نشأ العنف ضد المرأة من الناحية الأيديولوجية تم تطبيقها.
الكتب الدينية
تظهر هذه الثقافة أيضاً في الكتب الدينية. يقال في التوراة والإنجيل: “إن النساء مخلوقات من ضلع الرجل“. يتهم المرأة بأنها المرأة التي طاوعت الشيطان بطرد الرجل من الجنة. يتم تعريف النساء اللائي يقبلن هيمنة الرجال على أنهن نساء طاهرات وفاضلات. على الرغم من أن آيات القرآن الكريمة لم تتحدث عن إبداعات المرأة وطردهن من الجنة بالشكل الذي تم شرحها في التوراة والإنجيل، ولكن تم قبول هذه القصص في المجتمعات الإسلامية أيضاً. في الأديان، هناك تأكيد على حقيقة أن المرأة متدنية في تفكيرها، لذلك وتحتاج إلى حماية الرجل لها. لهذا السبب، أعطيت إدارة الأسرة للرجل، وتم قبول زواج الرجال بالعديد من النساء. تقرر أن يكون الغرض من الزواج هو إنجاب الأطفال.
تطور الرأسمالية
مع ترسيخ هوية المرأة على أساس العبودية، أصبحت الأسرة أيضاً هيكلًا أبوياً. أصبحت النساء والأطفال في الأسرة ملكاً للأب. حتى الأب يعمل لأجل الأطفال وله الحكم عليهم. مع تطور الرأسمالية، تتخذ الأسرة شكلاً جديدًا. قبل الرأسمالية، كان لنموذج الأسرة نموذج ممتد تعيش فيه الحماة والحماة والكثير من المتزوجين يعيشون معاُ. كان هذا نموذجاً اضطهدت فيه النساء، وكان دورهن هو الخدمة وإنجابهن الأطفال. ومع ذلك، كان هذا نموذجاً تم فيه الحفاظ على التنشئة الاجتماعية في سياق التضامن، والعمل معاً بطريقة جماعية، وتقاسم أعباء الأسرة. في ظل الرأسمالية، تتكون الأسرة من أم وأب وأطفال، ويطلق عليهم اسم عائلة النواة. لكن هذا النموذج يعمق أزمة الأسرة. اليوم، تتفكك العائلات وتضعف الروابط الأسرية. زادت معدلات الطلاق، وأصبحت العزوبة وعدم الإنجاب شائعين في المجتمعات الأوروبية. تفكك الأسرة واستمرار النظام الأبوي أدى إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بالنساء والأطفال.
التنظيم الاجتماعي
لأن الأسرة هي التنظيم الاجتماعي الأول، فهي جوهر المجتمع بجوانبه الجماعية والتضامنية. ومع ذلك، ونتيجة لتأسيس النظام الأبوي، أصبحت الأسرة الخلية الأساسية للدولة والسلطة الذكورية. بسبب هذه الشخصية، يخرج كلا الذراعين. الأسرة مرفوضة من قبل بعض الدوائر وتحميها بعض الدوائر. لأن الأسرة لها دور اجتماعي مهم، ولهذا السبب فإن فشل الأسرة قد وجه ضربة كبيرة للمجتمع في الدول الأوروبية وبالعلاقات المجتمعية. النساء والأطفال هم الأكثر معاناة من المشاكل الاجتماعية الناجمة عن تفكك الأسرة. من ناحية أخرى، يقع الأطفال والنساء ضحايا للضغط والعنف في الأسرة الأبوية. من المستحيل أيضاً رفض الأسرة في الوضع الحالي بل يتم قبولها. المنهاج الثالثة هي دمقرطة الأسرة. يمكننا سرد الخطوات التي يجب اتخاذها لإضفاء الطابع الديمقراطي على الأسرة على النحو التالي؛
1 – يجب لا يُنظر إلى النساء والأطفال على أنهم ملك.
2 – يجب إنشاء ثقافة جديدة للإنجاب الأطفال وتحديد عدد الأطفال، وأن يكون في هذا الموضوع القرار الأول والأخير للأم. في هذه الثقافة الجديدة للأنجاب الاطفال، يجب أن تؤخذ في الاعتبار توفير شروط الرعاية والفرص التعليمية والصحية، وينبغي النظر في المعايير البيئية.
3 – إقامة علاقة بين الرجل والمرأة تحترم إرادة بعضهما البعض. في ذلك، يحق للرجال والنساء تنظيم حياتهم الخاصة، وعندما يبدؤون في العيش معاً، يجب عليهم احترام هذا القرار. لا ينبغي أن يكون هذا سببًا للعنف والقتل والضرب وما إلى ذلك.
4 – لأجل تكوين الأسرة الديمقراطية يجب أن تكون المرأة قوية ولها كامل الحقوق. يمكن القيام بذلك أيضاً من خلال ثورة المرأة.
التحولات التي تحقق على الأقل النقاط التي ذكرناها ستكون خطوات مهمة في إضفاء الطابع الديمقراطي على الأسرة. يعتبر تحول الزوج عاملاً مهماً آخر في إضفاء الطابع الديمقراطي على الأسرة. إن اتخاذ القرارات بشأن الأسرة معاً والعمل معاً لتوفير احتياجات الأسرة، وإعادة تنظيم الأعمال المنزلية معاً لن يسمح للقوة المتجمعة في يد الرجل بالسيطرة عليه. الأسرة التي تصبح فيها المرأة هي الإرادة، ولا يصبح الأطفال ملكاً، ويجب أن يكون الرجل الذي يغير شخصيته أساساً لإقامة مجتمع ديمقراطي.
العائلة الديمقراطية
على هذا الأساس المجتمع وبكافة أطيافه يحتاج إلى تكوين العائلة الديمقراطية المتفاهمة والمتألفة معاً. ديمقراطية في مفاهيمها ومبادئها وأسلوب علاقاتها الأسرية. حتى وأن قلنا بإن العائلة هي نواة المجتمع، ولكن علينا تحليل القضية أنه عن أية عائلة نتحدث؟ وما هو النموذج المثالي الذي نطمح له؟ الأسئلة هي مصيرية، ومقيمة على جذور تاريخية. بدون إعطاء القيمة الحقيقية للمرأة – الأم من المستحيل تطبق الحقيقة التي نبغي للوصول إليها. الأم هي التي دارت الحياة الطبيعية، وهي التي سوف تكون المدار الحقيقي لمضي المسيرة الحياتية الصحيحة. من هنا؛ نتلمس الدور الأساسي للمرأة على أنها هي المحور الفعال في تشكيل النموذج الديمقراطي للأسرة المتفاهمة والمتناغمة.
أن تكون لديكِ عائلة، هذا يعني أنكِ إنسانة منتجة وفاعلة، فالعائلة هي تلك الشجرة التي تظلل ثمارها بأوراقها، وهي المتجذرة في عمق المجتمع والتاريخ، تمنح القوة لكل أفراد عائلتها وتربط فيما بينهم بروابط متينة لا تنقطع، ومهما تفاقمت المشاكل لن تجدها إلا تلك المتمسكة بجذورها وبأوراقها وبثمارها، لأن الفكر الاجتماعي والممارسة العملية التي كبرت عليها المرأة، ورغبتها في حصولها على حريتها التي ما تزال تبحث عنها وتعمل على تنفيذها ضمنت لها استمرارية منظومة العائلة كمؤسسة اجتماعية أخلاقية اقتصادية، فهي الجامعة لأفرادها بالآلفة والمحبة والتعاون، وهي أساس وجود العائلة.
علينا جميعاً أن نؤسس عائلة عصرية تسودها الحياة المشتركة والحرة التي تعتمد على روح المحبة والأخوة والتعاون، وأن تكون المرأة شريكة فعالة وحقيقية ولها إرادة حرة ضمن هذه المؤسسة ليست فقط كما ينظر لها المجتمع بأنها مربية للأولاد أو زوجة صالحة وطائعة وتدير أعمال المنزل فقط بل هي أساس ونواة العائلة.
وتعتبر العائلة دعامة أساسية من دعائم البناء الاجتماعي لما لها من روابط روحية ودينية ونفسية ومادية، فهي مصدر قوة للفرد، لذلك النواة الداعمة والبيئة الحاضنة للاستمرار والتجدد لهذه المؤسسة هي المرأة التي تضفي عطاء وحناناً وقوة لمن يدرك جيداً قيمة ومعنى حقيقي للحياة.