منظور النظام الرأسمالي لمفهوم تكوين العائلة
منظور النظام الرأسمالي لمفهوم تكوين العائلة
” النظام الرأسمالي قام بتأنيث المجتمعات،
وفرض الخنوع للأنظمة الحاكمة،
دون خوض جهاد النفس تجاه الثقافة الذكورية
والطموح لبناء العائلة الديمقراطية”
نوبهار مصطفى
أحلام وردية وأمل بحياة هانئة تراود كل امرأة مقبلة على تأسيس عائلة وخيالات تداعب ألباب الرجل ليأسرهما هو وزوجته في قفصٍ لطالما نظرا اليه بعيون رومانسية مطلقَين عليه اسم القفص الذهبي وكأنه إن كان ذهباً سيجلب لهما السعادة الحقيقية، هنا تبدأ الدوّامة -المستمرة منذ آلاف السنين – لتلقي بهما صريعين على ضفاف كدر الحياة غير مدركين لما حدث وماجري، تلطمهما أمواج اليأس وفقدان الأمل.
إن لم تكن أرضية البناء سليمة محالهُ الانهيار مع أية هزة بسيطة، وهذا هو حال مؤسسة العائلة (الزواج) تاريخياً وراهناً، أضحت العائلة والارتباط من أقسى التجارب متاهة. فهي تنهك طاقة الانسان وتُفقِده ذاته وعشقه للحياة، حيث باتت منبعاً للقضايا الاجتماعية المتأزمة كتفسخ الأخلاق، التعصب الجنسوي الأجتماعي، التضخم السكاني، تفشي الأمراض، ضياع العدالة وعدم المساواة.
الغاية من بناء العائلة في بادئ الأمر تكوين طبيعي من المرأة والأولاد والأخوال، للتكيف مع ظروف الطبيعة وحماية النسل البشري عبر التكاثر تخليداً للحياة مكتسبة القدسية، وبتطور الملكية وظهور الهرمية والتقسيم الطبقي المستند للقوة العسكرية والادارية تطورت الميثولوجية والدين والتيارات الفلسفية موطّدة شكل العائلة التقليدية المتعارف عليها.
علم الاجتماع
وقع علم الاجتماع في تحريف كبير لدى طرحه قضية المرأة والعائلة ودراسته تاريخيا بدءاً من قصة آدم وحواء وأكل الفاكهة المحرّمة انتهاء بالعائلة المبنية على عقود شراكة في العصر الراهن، أما الحلول المطروحة لم تأتِ بالنتائج، ولم تتكلل نضال الحركات الاشتراكية والنسوية والمنظومات الدولية (الأممية) بالنجاح ولم تفي بإزالة مفاهيم الذهنية الجنسوية الأبوية وبناء الحياة الحرة، ما نلاحظه أن الانسانية سارت على درب خيانة الحياة باسم عيش الحياة.
أن التكاثر والغذاء والحماية ليست هدف الحياة وتقدم الاقتصاد لا يعني تطوراً لها، ومازال السؤال عن غاية الحياة ولماذا نعيش؟ يشغل الانسان وتشكّل محور نقاشات التيارات الفلسفية والدينية والعقائدية وبات محط الدراسات العلمية، دون الوصول للجواب الصحيح ستستمر الفوضى، فالإنسانية أمام مفترق طرق إما الاستمرار في هذه الفوضى أو القيام بانطلاقات نوعية.
المجتمعية التشاركية
استناداً لما سبق يمكن التأكيد أن الحقيقة التي يسعى إليها الإنسان منذ الأزل هي عيش الحياة الحرة، حياة مجتمعية تشاركية (كومينال) وتوازن بيئي بين الطبيعة الأولى والثانية، أحد دعائمها هي الشراكة الندية بين الرجل والمرأة تضمن التكافؤ بينهما، تتحلى بقوة الجمال والفضيلة، ولأيمكن اسقاط الشراكة الندية على شاكلة علاقة بين جنسين فقط، بل هي علاقة المرء مع الآخر ومع المجتمع والطبيعة والكون، ومن دون التعمق في العلاقات المجتمعية وعلى وجه الخصوص العلاقة بين المرأة والرجل لا يمكن فهم وحل أية قضية تعاني منها الانسانية عندئذ يخلق في ذهن المرء سؤال من اين نبدأ؟
البدء بتحليل شخصية الرجل والمرأة ونمط علاقتهما من كافة الجوانب، انطلاقا منه تحليل الرجولة المزيفة والأنوثة الخانعة في المرأة وحالة الاغتراب لديها الذي خلق وعياً زائفاً بذاتها ووجودها باعتبارها الجنس الأضعف، والعلاقة بينهما لا تتعدى الروتين البيولوجي هدفه التكاثر تفتقر للعواطف والمشاعر.
تحليل الأسرة الصغيرة (النووية) ومؤسسة الزواج مهمة أولية، لأجل تحليل العبودية الكامنة فيها، فالأسرة فقدت قدسيتها وباتت شبيهة أكثر ببيت الدعارة الخاصة والعلاقة الزوجية أقرب للاغتصاب مبنية بالقوة التقليدية للرجل مدعومة بنسق القيم والثقافة شرعتنها الدساتير والشرائع.
العائلة ذات العقلية الذكورية التي نشّطَت أيديولوجية السلالة ارتكازاً على استعباد المرأة (أولى امة وطبقة مستعبدة) واستغلالها كآلة منجبه هي منبع القضايا الاجتماعية، كما ساهمت بعض الاتجاهات في علم الاجتماع على الصورة النمطية الموجودة (تقسيم الأدوار بين الجنسين بمفاهيم بالية) متحججة ببنيتها البيولوجية وعزّزتها بعض نظريات التحليل النفسي، لتتفاقم المشاكل مثل التضخم السكاني ومشاكل الأمن الغذائي، والبطالة، اضافة الى تفاقم القضايا البيئية.
الملكية والعنف
لابد من تسليط الضوء على مفاهيم الملكية والعنف في العائلة والسلالة، فالمرأة والأولاد والإرث المادي هم امتداد طبيعي لملكية الرجل، والعنف بأشكاله المادي والمعنوي نصيب المرأة. كما أن التمييز في العائلة قائم على العمر أيضا (الكبار والشباب) فالأبناء يُجبَرون على التكيف الاجتماعي وفق العادات الاجتماعية السائدة مما يحدد ملامح شخصيتهم في المستقبل، تكون العائلة ثم الجماعة أو المجتمع الذكوري المحيط بهم مصدراً أساسياً لاتجاهاتهم وعاداتهم تحرمهم من فرصهم في الطفولة ومن أحلامهم في ربيع عمرهم.
يمكن معالجة قصور علم الاجتماع في التعريف الصحيح لمصطلحات السلطة والدولة والاقتصاد الاحتكاري والحرب وما أنتجتها من ويلات ومجاعات ودمار بيئي وإبادات جماعية، ارتباطاً بتحليل المجتمع الذكوري وقِيَمه المرتكزة على دعائم العقائد والايديولوجيات الجنسوية، فسلطة زمرة الاحتكاريين عبر مؤسسة الدولة هي توأم لسلطة الرجل في العائلة.
مثلما يقوم الرجل بتأنيث المرأة لمدّ سلطته فالدولة أيضا تؤنث مجتمعاتها، وهيمنة طبقة اجتماعية في الدولة شبيهة بهيمنة الرجل في العائلة، فجذور مفاهيم الهيمنة والاستعباد في العائلة تغذي مفاهيم السلطة والاحتكار في الدولة. وكلتاهما (الدولة والعائلة) تتسمان بالسلطة الذكورية.
معرفة الحياة
الحياة أضحت بلا معنى تفتقر لفضول المعرفة، والقلق من المستقبل أخطبوط يكبّل عقل وقلب الانسان يُفقِدهُ البهجة والأمل، تُغشِيه الأنانية وحب المال، أما الحياة الأسرية والاجتماعية فهي جحيمً لا يطاق. واختلفت تيارات علم الاجتماع فيما بينها في تحديد الأسباب، فمنها من تلقي مسؤولية انجرار الانسانية للهاوية على عاتق المرأة والأخرى تلومها في العناء البشري على وجه البسيطة. لكن التحليل السليم المشبع بالعمق التاريخي والوعي السيكولوجي والمعرفة الفلسفية يساعد على إدراك الحقائق، فمن المحال أن يكون النوع الاجتماعي سبباً لما آلت إليه الحياة ووجود ثنائية الجنس (الذكر والانثى) أن تكون معضلة، والحقيقة هي إن اسقاط الرجل والمجتمع الذكوري للمرأة أدى لتحريف الحياة وظهور القضايا.
إذاً كيف نعيش؟
سؤال توقف عنده الكثيرون من المفكرين والفلاسفة والعلماء والكتّاب وصاغوا النظريات ودونوا الروايات يصورون فيها الحياة الثمينة والسعادة، ولأيمكن التأكيد على وصول الانسان للجواب الصحيح، فمساعيه مستمرة في البحث عن الحقيقة.
الحياة الفاضلة تحتاج أولاً الى اعطاء المرأة مكانتها الحقيقية حيث يستحيل الحياة من دون المرأة ولكن يستحيل مشاطرة حياة ثمينة مع امرأة تم الحطّ من شأنها، ولن تتحقق السعادة بين رجل متسلط وامرأة مهزومة في ظل حرب غير متكافئة. فالسيادة ليست قوة وانما انعدام أخلاقي والتبعية الانثوية ليست إلا الوجه الآخر للتفسخ الاخلاقي، والحياة تحتاج الى قيم وأخلاق والتحلي بالحب والصدق طاهراً من دنس الأنا والفردانية وخباثة النفوس وتقتضي الحكمة والسمو.
ما العمل؟
بعد القيام بالتحليل السليم والتعريف الصحيح للحياة وكيف نعيش، لابد من ثورة نسائية، ومثلما عبودية المرأة هي أعمق العبوديات. ثورة المرأة أيضا ستكون أعمق ثورات الحرية والمساواة، على أن تكون للثورة ايديولوجيتها وخططها الاستراتيجية والتكتيكية، وعلمٍ خاص بالمرأة. فالراهن هو حقل ينبت فيه المستقبل القادم وما ستزرعه المرأة راهناً ستجنيه غداً، لذا وضع خارطة طريق التحرر بمعرفة تاريخية وقوة فكرية وعلم اجتماعي للمرأة (جنولوجيا) سيمكّنها من رسم ملامح عصرها.
كما يتوقف الأمر ثانياً على ايجادها لوسائلها الخاصة ببناء مؤسساتها ومنظومتها الخاصة بها، وتحدد الساحة التي ستدير فيها كفاحها متسلحة بفكرها للدفاع عن ذاتها في معركة الوجود، وحربها لن يكون حيال رجل فقط وانما حيال منظومة عالمية رأسمالية قيدتها بالسلطة والمال والجنسوية.
الثورة الاجتماعية
العمل على ثورة اجتماعية، لأن ظروف المجتمع وخصوصيته الثقافية تحدّد هوية المرأة وتكرس وضعها، ورغم الاختلافات بين الثقافات العالمية إلا أن النظام القيمي المتعلق بالمرأة يكاد يكون متقارباً على مستوى العالم في تحجيم دور وانجازات المرأة، لذلك الثورة الاجتماعية ستعيد للمرأة هويتها وتجلّس العائلة والأسرة على قواعدها السليمة.
تتطلب نهضة ضد المجتمع الذكوري الذي يستمد قوته من السلالة ورفض حصر دور المرأة في الانجاب لتأمين الأيدي العاملة وجيش من الذكور دعماً لسلطة الرجل، وطرح البديل ببناء الشراكة الحرة تحترم ارادة الطرفين في كل المسائل، يعطي للمرأة حق الكلمة في مستقبل العائلة ويترك لها قرار الانجاب بما يضمن حمايتها من الأمراض الفيزيولوجية والنفسية ضمن مشروع تنظيم الأسرة، وألّا تكون القرارات أحادية الجانب من قبل رب الأسرة، على العكس منه تُتَخذ القرارات و تُبنى العلاقات على أسس التوافق والاحترام بين أفراد العائلة، ترفع عن كاهل المرأة حمل أعباء المسؤولية في المنزل لوحدها.
يكون للشريكين دور في تنشئة الأولاد ليصبحوا مواطنين فاعلين في مجتمعاتهم، واعطاء الأبناء – خاصة الاطفال – فُرَصَهم الطبيعية في التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية والتربوية والنفسية، وإيلاء الاهتمام ببناء شخصيتهم من كل الجوانب الذهنية، الفكرية، النفسية، الاجتماعية، بأساليب تربوية معاصرة لا تربط رجولة الذكر بالقوة الفظة المتسمة بعقدة النقص، الشبقية، السادية، حب التملك، ولا تزرع عقدة الدونية والضعف الذي يميل لممارسة الفتن في أنوثة الفتاة. كما تعطي للأبناء الراشدين حق تقرير مصير حياتهم دون تسلط ولا تسمح لاستغلالهم كقوة عاملة للعائلة والدولة أو اجبارهم على التخلي عن أحلامهم نزولاً عند رغبة الأولياء.
التنوير الفكري
يحتاج التغيير الاجتماعي الى احداث تحول ديمقراطي في الحياة الأسرية ومناهضة الموروث الاجتماعي التي تجلب المصائب مثل تعدد الزوجات وزواج البدل، زواج القاصرات، الحيارى والمهر، مفهوم الشرف المنسوج حول المرأة، بحيث يكون الزواج طبيعياً وفق المبادئ الأخلاقية وليس وفق العقود الرسمية. هذا التحول الديمقراطي مرهون بتغيير المفاهيم الاجتماعية من خلال نظم التنشئة والاعلام والأدب والفن.
اجراء التنوير الفكري في الفقه الديني وتصحيح العلوم الاجتماعية والعمل على بناء بيئة ثقافية عبر التربية الأسرية وتصحيح المنهاج التربوي في المؤسسات التعليمية، لتغيير الأعراف الاجتماعية المجحفة بحق المرأة، بدءا من تغيير نظرة المجتمع لجسدها ومحاربة ما يسيء وجودها ويجعلها موضوع رثاء إن ترملت أو طلقت أو تعرضت للقيل والقال، وكسر العزلة الاجتماعية المفروضة من قبل الزوج والاهل والاقارب التي ألزمتها في المنزل، فجنتها ليس بيتها بل خوض تجارب في الساحات الاخرى كمواطنة فاعلة في المجتمع.
تصحيح العلاقات
ضرورة تصحيح نمط العلاقة بين الجنسين أولاً بعشق حكيم يجمع امرأة مفعمة بالحرية ورجل واعي، بعيداً عن الأنانية وربطه بلذة بيولوجية أو إعجاب بجمال الشكل، والعشق يحتاج الى الكفاح ضد كل شيء قبيح كالذل والرياء، والسعي لبناء وطن وبيئة اجتماعية سليمة يعيش فيه الانسان كريماً عزيزاً فحتى العصافير تبني أعشاشها قبل التزاوج. ثانياً ترسيخ أسس الحياة النِدية الحرة بين المرأة والرجل لتصبح نمط حياة متسمة بالجمال والأخلاق، التي تشكّل ركيزة هامة لبناء العائلة الديمقراطية، وذلك بالتخلي عن نمط العلاقة الزوجية الأقرب للاغتصاب واستعراض السيطرة من قبل الرجل في أي تماس مع المرأة، حينئذ ستتحلى العلاقة الثنائية بين الزوجين والعاشقين بجاذبية كبيرة لأنهما لن يعرفا الفشل ولن تتسم علاقتهما بالحسد والملل أو الاحباط، سيحترم كلا الطرفين قرار بعضهما وإن دعت الحاجة يمكنهما التخلي عن بعضهما البعض، والانفصال دون الانسياق الى العنف أو جرِّ بعضهما لعبثية مشاكل مرهقة، ولن يتوسل فيه أحدهما للآخر.
ثمة حاجة ماسة لمعالجة ملكية الرجل للمرأة والأولاد والارث المادي ومحاربة استغلال الرجل للاقتصاد الذي ينكر جهود المرأة والأم، ولا يجد في رعاية الأسرة والعمل المنزلي قيمة اقتصادية، كما يحتكر الرجل والدولة عملها خارج المنزل بالا مساواة في الأجور وعدم مراعاة ظروف أمومتها.
لذا لابد من تكثيف مساعيها لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والحصول على كامل فرصها وحقوقها في العمل والاقتصاد لقطع الطريق أمام احتكار الرجل للساحة الاقتصادية والاستيلاء على الميراث واستغلال عمل الأبناء.
تغيير المواد الدستورية والقوانين الناظمة للأسرة خطوة هامة، فالقانون مكون من مكونات الإدارة للطبقة الحاكمة في مؤسسة الدولة، مجرد القاء نظرة على قانون الأحوال الشخصية المعمول به كفيل لتوضيح مظاهر التمييز السلبي، ويحتاج الأمر لتغيير جذري للقوانين المجحفة مثل قوانين الزواج (تعدد الزوجات التي ولّدت مصائب وأساءت للروابط الأسرية، زواج القاصرات، بيت الطاعة، معاقبة المرأة بالضرب وهجر المضاجع، العصمة الزوجية، الزنا والخيانة الزوجية) والولاية وحقوق السفر، اضافة الى سن قوانين تجرّم القتل بداعي غسل العار و تعاقب الاغتصاب كجريمة، واعطاء المرأة حقوق في مسائل الجنسية الولاية، ومعالجة معاملات الطلاق والوصاية والنفقة، إلى جانب محاربة جهل النساء بحقوقهن فامتلاك الوعي في هذا الميدان ركيزة أساسية.
دور الاعلام في الترويج لذهنية الرأسمالية
دور وسائل الاعلام وخاصةً الالكترونية المستندة للفكر الذكوري في ممارسة التشويه الفكري للمرأة هي جزء من ايديولوجية وسياسة الدولة الرأسمالية المسيطرة على الإعلام. الحداثة الرأسمالية استغلت الثالوث (الفن والرياضة والجنس) لخدمة مآربها تروجّه بالوسائل الاعلامية لتحاصر به المجتمعات وتوجهها بعيداً عن قضاياها الأساسية، وللدراما والانتاجات الأدبية الأثر الأكبر في التحكم بالعقل الباطني وبناء الصورة الذهنية، لهذا لابد من تطوير إعلام نسوي وابداع فني وأدبي خاص بالمرأة ينسف ما روجّه الاعلام وأنشأه الفن والأدب للصورة النمطية (المرأة والعائلة)، بحيث يعكس مشاكلها ويصوّر حياتها المثالية، وأيضا يحررها من أفكار تساهم في الحط من قدراتها.
لذا على المرأة المُقدِمَة على الارتباط وبناء الأسرة في ظل الظروف القائمة أن تدرك أنها في القفص الذهبي ستلج معركة غير متكافئة مع القوة والسلطة وأن تعلم أن الدين والمجتمع ينحازان للرجل. وهذه المعركة ستجعلها إما خانعة أو مستقوية متسلطة وفي كلتا الحالتين ستفقد القيمة الجمالية، وعلى الرجل أيضا أن يعلم أن المرأة المعرضة لطيلة خمسة آلاف عام للعبودية تُسقِط الرجل، مثلما المرأة. هنا؛ الرجل أيضاً ملزم بخوض معركته ليتخلص من براثن المنظومة الرأسمالية التي كبلته بعبادة المال والأنانية، وأن يعرف أن العبودية متجذرة فيه بقدر المرأة، فالنظام الرأسمالي قام بتأنيثه بالخنوع للأنظمة الحاكمة، ودون خوض جهاد النفس تجاه الثقافة الذكورية والطموح لبناء العائلة الديمقراطية لن ينعم بحياة راقية بهيجة مع أسرته وسيعاني الأمرّين في عشه الزوجي.
الحاجة لثورة البناء
التكاتف بين الرجل والمرأة في وضع خطة ثورة لبناء صرح الحداثة الديمقراطية تجاه الحداثة الرأسمالية هو مهمة فكرية وأخلاقية ستقدم الحلول للقضايا الاجتماعية منها قضية العائلة الغارقة في مستنقع التعصب الجنسوي الاجتماعي وتفسخ الأخلاق. وأحلامهما بحياة سعيدة في الزواج ستتحقق ببناء العائلة الديمقراطية تتبنى حرية المرأة وسيادة الاحترام بين أفرادها، تبدأ بقتل الرجولة والأنوثة المزيفتين وتأمين بيئة صالحة تنشئ جيلاً صالحاً.