العائلة المثالية هي التي انتصرت لأجل الوصول إلى التحرر الذهني
العائلة المثالية هي التي انتصرت لأجل الوصول إلى التحرر الذهني
” المرأة هي مفتاح سر التقدم المجتمعي ونشر أيديولوجية المرأة،
يعني الانتصار وإرجاع حقوقها المشروعة”
سمر حامد العبد الله
إن المرأة في المجتمع ذات مكانة هامة جداً لأنها هي المكونة له، إلا أنه ومنذ ظهور النظام الأبوي الذكوري المتسلط وقيامه بإبعاد المرأة عن دور الإدارة الاجتماعية والسياسية ظهرت مشاكل عدة أثرت سلباً على المجتمع بأكمله. فإن تخيل بناء أي مجتمع متحرر دون أن تكون المرأة فيه صاحبة إرادة حرة. فإن ذلك يعد بمثابة حياة خالية من المقومات الأساسية أي بلا ماء أو هواء. المجتمع الذي تم تنظيمه بذهنية الرجل منذ خمسة آلاف سنة الذهنية التي قتلت فيه الحياة، وحولته إلى ظلام دامس بعد أن كان المجتمع الطبيعي الذي سادت فيه العدالة والمساواة والأخلاق والثقافة المجتمعية.
إذاً يجب أن نفهم طبيعة النظام الطبيعي وفلسفته الحرة، لكي نستطيع القيام بالتغييرات الهامة والتاريخية وإعادة الحقيقة الجوهرية لطبيعة المرأة. لأن التغيير يبدأ من الفهم الصحيح فبدون هذا النظام لن نستطيع أن نصف مجتمع ما. بأنه خال من الذهنية السلطوية. الحلقة الأكثر فاعلية ضمن هذا النظام هي المرأة ورجوع المرأة إلى جوهرها يعني بناء أسرة متعلمة ومتطورة كي تعبر عن نواة مجتمع متطور. والنقطة المهمة هنا هي أن المرأة في مناطقنا قد تعرضت لإرهاب الذهنية الذكورية المهيمنة في الميدان الاجتماعي مما أدى إلى تعميق عبودية المرأة ضمن البنية الاجتماعية.
ريادة المرأة
لذلك فإن توعية المرأة وتنظيمها ووصولها إلى مستوى من المساواة في العائلة والمجتمع. يشكل الأرضية الأساسية للديمقراطية الحرة لأن ريادة المرأة هي الاساس في الحياة الاجتماعية وشتى الميادين. وفي كل التنظيمات لذلك فإن المرأة ستلعب دوراً أساسياً في هذه المسالة، وعلى ضوء ذهنية التحرر الاجتماعي والديمقراطي للمرأة، فأنها ستصل إلى الإرادة الحرة في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية. ورغم ظروف الثورة وتعرض المرأة والأسر إلى الكثير من العوائق والمشاكل، ولكن النضال مستمر ومتواصل على تطبيق مفاهيم تكوين الأسرة المتقدمة والمتطورة. لأن المجتمعات التي تأخذ قوتها من قوة المرأة قادرة على تخطي جميع العوائق التي تخلقها الذهنية الذكورية لأن المرأة هي أساس الحياة.
إنَّ مركز الثورة هي المرأة نفسها، فنحن لسنا ببعدين عن الواقع الأسري للعائلة الكردية خاصة والسورية عامة، ضمن البنية الاجتماعية كدولة مصغرة تحت هيمنة الرجل. وقد تم تحويل المرأة والأولاد إلى ملكية خاصة للرجل ضمن الأسرة، مما أدى إلى لعب الأسرة في المنطقة وسوريا بالعموم للدور السلبي في تعميق عبودية المرأة. لذلك لابد من تغيير جذري في بنية العائلة وعلاقاتها الداخلية من أجل تأمين المساواة بين الرجل والمرأة ضمن العائلة، لأن التغيير الجذري الذي سيحصل في بنية العائلة يعتبر الضمانة الأساسية للتغيير الديمقراطي ضمن المجتمع وعلاقاته الاجتماعية قبل كل شيء.
التغيير الذهنية الكلاسيكية
التغيير الذي يتم من خلال التغيير الذهني، فبدون تغيير المفاهيم الكلاسيكية القديمة لا يمكن تغيير مجتمع بأكمله. لذلك الأسرة هي الخلية الاجتماعية الأساسية والضرورية لتكوين شخصية الفرد، فبقدر ما تكون الأسرة متعلمة فإنها ستساهم في تحقيق الروابط والعلاقات الاجتماعية والإنسانية وتوفر الأمن والطمأنينة للأطفال، والمرأة المتعلمة تساهم في تكوين أعلى قدر من الوعي والثقافة. حيث تساهم في إعداد أفراد قادرين على العمل والإنتاج والتعاون، وتحمل المسؤولية كذلك تساهم المرأة المتعلمة في رفع مستوى معيشة الأسرة وتحقيق اقتصاد حر لها. فعلى الأسرة أن تحافظ على وحدتها وتكاملها، وفتح المجال للنقاش وإبداء الرأي والتحلي بروح الديمقراطية، وقبول النقد ضمن الأسرة، والاهتمام بالأطفال لأنهم أجيال المستقبل، والعمل على تعليمهم وتربيتهم بشكل صحيح.
المرأة والعائلة
إن حل قضية المرأة والعائلة ضمن إطار قضية حرية الشعوب، قد أخذت حجماً يضاهي قضية تحرير الوطن بأكمله. لهذا دخلت الشعوب الثورية في نضال عميق ومستمر لأن حرية المرأة هي حرية الوطن بأكمله. كما إن حرية الوطن هي حرية المرأة بعينها. هذا هو الشعار الذي انطلقت منه الثورة، وتم الوقوف مطولاً عند تفاصيله كي تخرج المرأة والعائلة من إطار الحرب الخاصة. فقد كتب القائد عبد الله أوجلان آلاف الصفحات محللاً فيها وضع المرأة والعائلة بشكل تفصيلي وواضح. كل ذلك من أجل تحرير المرأة والعائلة من عبودية الحداثة في القرن الحادي والعشرين، وتطهير جسم المجتمع من الخلايا السرطانية الناجمة عن أمراض مجتمع الدولة القومية.
حل المشاكل الاجتماعية
من أجل أن تصبح المرأة وعائلتها لبُنات في بناء المجتمع الأخلاقي والسياسي، ويسيران في طريقهما إلى الوطنية وامتلاك الإرادة والنضال والتنظيم والجمال. كل ذلك وضعه لنا في الحدث اليومي الذي نعايشه يومياً، وعلى ضوء هذه المبادئ ظهرت الآلاف من الشابات، وكذلك النساء الأمميات طالبن بالمحاسبة التاريخية لهؤلاء الظالمين الذين ظلموا المرأة والعائلة خلال كل تلك الفترة الطويلة، ولم يقتصر ذلك النضال من قبل عشرات النساء في ساحة واحدة بل شملت كل ساحات القتال وساحات العدالة الاجتماعية، والساحة السياسية. وبناء على هذه المعتقدات فقد تم بناء عشرات المؤسسات والمنصات الاجتماعية لتقف في وجه تلك الذهنية المنفردة التي لا تقبل الغير، وتتجاوزه دون أن تقف عنده أو تأخذ برأيه.
ولحل جميع المشاكل الاجتماعية المتعلقة بالمرأة والعائلة، فقد وضع القائد عبد الله أوجلان بين أيدينا مفاهيم فلسفة جديدة هي الحياة المشتركة الحرة لمجتمع حر أخلاقي وسياسي ليس لمجتمعنا فقط. بل لجميع المجتمعات في الشرق الأوسط، لقد أخرج القائد عبد الله أوجلان كلا من المرأة والعائلة من إطارهما الضيق إلى إطارهما الرحب الذي يشمل روح الأمة الديمقراطية، ويضع كل فرد أمام واجباته ووظائفه من أجل بناء وطن حر ديمقراطي.
إنه النهج الفكري الحر الذي يرسم الطريق لبناء الأمة الديمقراطية، ويبني المرأة والعائلة العصرية، ويضعها ضمن نسيج الحضارة الديمقراطية التي يسعى لبنائها كل ذلك بروح الكومينالية الجماعية والمؤسساتية، وتوسيع إطاره ليشمل المجتمع بأكمله…
الأمة الديمقراطية
إنًّ المرأة والعائلة كأفراد أحرار في المجتمع يجب أن يشاركوا بوعي وإيمان كبيرين في فلسفة الحرية، ويقوموا بتجديد أفكارهم وفقاً لهذه الفلسفة المتطورة، كما يجب أن يربوا أبناؤهم على فكر الأمة الديمقراطية وفقاً للظروف المتاحة لكل عائلة. يجب أن تتخلص المرأة والعائلة من الرواسب الاجتماعية البالية، التي هي من آثار المجتمع المتعصب جنسياً كما يجب ألا تكرر نفسها مرة ثانية، وأن تتجاوز الحدود المرسومة لها، وأن تجدد نفسها تماشياً مع روح العصر. فالمجتمع الجديد يحتاج إلى أفراد جدد، فإذا نشأ المجتمع على أفراد قدامى بأفكارهم ومعتقداتهم القديمة، فإن عمر المجتمع سيكون قصيراً، وإن أساس الأمة الديمقراطية يجب أن نبنيه على أساس صلب وقوي كي يستمر في بقائه أمداً طويلاً.
نهضة المجتمعات
لقد لعبت المرأة دوراً محوريا في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة، وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في تلك المجتمعات. حضورها اللافت في مختلف جوانب الحياة وإصرارها على الوقوف إلى جانب الرجل، ومساندتها له دليلاً على كونها عنصراً أساسياً في إحداث عملية التغيير في المجتمع، ويحسب للمرأة أدواراً كبيرة في المجتمع حالها حال الرجل، ولعل الدور الأساسي يتمثل في بناء أسرتها ورعايتها، حيث يقع على كاهلها كامل مسؤولية تربية الأجيال، وتتحمل كامرأة أمر إدارة البيت واقتصاده وجلّ أموره.
فالمرأة في أسرتها تشغل مكانة اجتماعية معينة، ويتوقع منها القيام بالعديد من الأنماط السلوكية تمثل الدور المطلوب منها، وتتجلى مساهمة المرأة، وأثرها في المجتمع من خلال مساهمتها في بناء الأجيال.
إنَّ التغيير الإيجابي الذي تسعى له المجتمعات مرهون بشكل كبير بواقع المرأة، وعدم تمكنها من القيام بأدوارها في المجتمع، ومع تقدم المجتمعات وتطورها، نجد أن المرأة لم تلتزم فقط بواجبها تجاه أسرتها وتربية الأبناء، بل أصبح لها دوراَ اجتماعياَ كبيراَ في شتى المجالات، وبناء على مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية، تنوعت أدوارها في المجتمع على مختلف الأصعدة.
نساء في صفحات التاريخ
مع توالي الأيام، وحتى عصرنا الحديث تخطت المرأة مرحلة كونها حاضنة الوجود إلى أن أصبحت تختص في ملكية المجتمع، حيث أن أسماء النساء تملأ صفحات التاريخ، ويمجدهن التاريخ فهي تنشر ثقافتها كامرأة، وتؤثر تأثيراً ملفتاً للنظر في المجتمع المحيط بها تأثيراً يشمل غالبية نواحي الحياة من ثقافة البيت إلى ثقافة الحياة، ولا يمكن أن تكسرها الضربات العادية، والدليل ما نراه اليوم من بطولات نساء يكتبن أسماءهن في ملحمة الحياة.
إنَّ الثورة المجتمعية السائدة حاليا تتصدر فيها المرأة مكانة بارزة ورائدة، بفضل التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلم تتوانى لحظة في أداء واجباتها ومسؤولياتها حيال الوطن والإدارة الذاتية الديمقراطية. أدت مهامها في بناء مؤسسات المجتمع المدني، وإدارة هيئاته على أكمل وجه حيث ناضلت دفاعاً عن وجودها وكيانها، وتصدت لهجمات تنظيم داعش الإرهابية على إراضيها، وبرهنت على نضالها من خلال وحدات حماية المرأة.
فالتطور الذي تشهده حركة المرأة هو نتيجة لدورها الفعال في المقاومة البطولية، التي أبدتها في كوباني حيث لاقت صدى إقليمياً ودولياً. وهذا ما برهنته الشهيدة آرين ميركان وغيرهن من الرفيقات، وكنَّ إحدى ثمار نضال القائد عبد الله أوجلان الذي حفظ للمرأة حقوقها، لتساهم بدورها في بناء المجتمع من خلال ترأسها أعلى المناصب، وتسليمها أخطر المهام سياسياً واقتصادياً وتنظيمياً وعسكرياً، ونحن على قناعة بأنه لا يمكن لأي مجتمع أن يضمن تطوره وتحرره إلا بتحرر المرأة وتطورها.
مشاركة المرأة الفاعلة
كان للمرأة دور هام في تطوير الإدارة الذاتية من كافة المجالات، لأن هذه الإدارة ستخدم المرأة بالدرجة الأولى، فالأمة الديمقراطية لا تكتفي بالشراكة الذهنية والثقافية فحسب، فالمرأة يجب أن تشارك في جميع نواحي الحياة، فقد أثبتت المرأة نفسها في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكان لها دور كبير في تطوير العلاقات الدبلوماسية، وحل الكثير من المشكلات الاقتصادية بعيداً عن الاحتكار والاستغلال من أجل حماية المجتمع.
إذاً كل الأدوار التي لعبتها المرأة من أجل المساهمة في بناء الأمة الديمقراطية، ففي مؤسسات مجتمع الأمة الديمقراطية كل فرد يستطيع أن يقدم مشروعه، ورأيه وهذا القرار يخدم المجتمع بدءاً من أصغر خلية في المؤسسة وصولاً إلى إدارتها.
ثورتنا في الأساس ثورة المرأة، وقد تم تشكيل وحدات حماية المرأة حيث تمكنت من محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وانضم الكثير إلى صفوفها. استطاعت المرأة أن تلعب دوراً مهماً في هذه الثورة، واستطاعت أن تبني حياة حرة تسودها العدالة والمساواة، وأن تحمي قيمها ومبادئها بفكرها الحر وتضحيتها.
إنَّ المرأة التي تحضن الثورة أدت دوراً مهماً في تطوير كافة المؤسسات التنظيمية العسكرية والأمنية والاجتماعية والسياسية. منذ بداية الثورة انخرطت المرأة بشكل كبير في صفوف وحدات حماية المرأة، واستطاعت أن تفهم أفكار، ومبادئ ثورتها، وأثبتت وجودها. إن إظهار قوة المرأة كانت من مبادئ هذه الثورة كما يقال المرأة نبع الحياة، ومن دونها لا توجد الحياة، وقد أصبحت المرأة في شمال وشرق سوريا منهجاً تتبعه النساء في العالم. فعلى الرغم من إن المرأة أم وزوجة، فهي تشارك في جميع مؤسسات الإدارة الذاتية وتقوم بكل ما يقع على عاتقها.
المقاومات العظيمة
إنَّ المقاومة العظيمة التي أبدتها وحدات حماية المرأة في كوباني أدهشت العالم، وأثبتت مدى قدرتها على خوض أشرس المعارك ضد مرتزقة تنظيم داعش الإرهابي، وانتصارها في مقاومة كوباني استمراراً لانتصاراتها في باقي المناطق، فقد خاضت وحدات حماية المرأة أكبر معركة في وجه تنظيم داعش الإرهابي، ومقاومتها ولدت لديها ثقة كبيرة في قدرتها على قيادة المناصب العسكرية، ونجد نفسها قوية أمام هذه الجماعات الإرهابية التي تدعمها الحكومة التركية.
قد أثبتت للعالم مدى قدرتها على مواجهة هذه التنظيمات الإرهابية التي هدفها قمع واضطهاد المرأة تحت غطاء الدين، ومن بين المناضلات وجد من هن أكثر إرادة وعزيمة أمام هذه التنظيمات حيث قمن بعمليات بطولية وفدائية عظيمة، أثبتن من خلالها أن المرأة تمتلك إرادة قوية في إثبات ذاتها وشخصيتها. منذ سنوات عديدة، وهي تعاني العنف والقمع رغم ذلك فقد استطاعت أن تبني شخصها من خلال انخراطها في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، وإدارة المؤسسات من خلال تطبيق مبدأ الرئاسة المشتركة.
لذلك استطاعت المرأة أن تعطي زخماً مهماً للثورة، وتنفض عن كاهلها غبار القمع والاضطهاد التي عانت منه سنوات عديدة. ومن أهم المكتسبات التي أعطنها الثورة للمرأة، هو صنع القرار من خلال وجودها في كافة المؤسسات وتنظيمات الإدارة الذاتية. حيث أثبتت أنها قادرة على النضال والمقاومة في جميع ساحات المعارك، فكانت دائماً في طليعة الثورة في والمحرك الأساسي لها.
لقد أفادت نساء من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إنَّ قوانين العائلة التمييزية المحكومة من الشرق، والتي هي نظام قانوني يستند إلى الإسلام تقف بين بلادهن وأي شكل من أشكال تمكين المرأة، ويصنع بدوره حاجزاً أمام التقدم الديمقراطي فإن أهمية إصلاح قانون العائلة يتطلب فهم تطور الأنظمة القانونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
الأنظمة القانونية
بداية تعتمد دول المنطقة أنظمة قانونية مختلفة فتتزعم دول الخليج كسلطنة عمان وقطر والبحرين والسعودية فضلاً عن دولة اليمن المجاورة حيث أنها تبني قوانينها على أساس الشريعة فحسب. إلا إن معظم البلدان قد طورت مزيجاً من الأنظمة القانونية حتى تلك التي تزعم أنها تلتزم بالشريعة. فقد أدت عوامل تاريخية، وأهمها الاستعمار إلى أنظمة مختلطة تمتزج فيها ملامح القوانين البريطانية والفرنسية والمصرية باستثناء تركيا وتونس اللتين استقتا القوانين من مصادر علمانية، حيث تعتمد معظم الدول في المنطقة على القانون الديني لحكم المسائل العائلية كالزواج والطلاق وحضانة الأطفال. ففي الواقع قوانين الأحوال الشخصية التي تطبق على النساء هي التي تبني الهوية الاسلامية لأمة أو تكسرها في حين تستند معظم القوانين في هذه المجتمعات إلى مزيج من القوانين المدنية والتقاليد الاوربية.
تحمل المرأة على كاهلها عبء الهوية الإسلامية للدولة لذلك تتأثر النساء بشكل خاص في هذه البلدان بالإملاءات الدينية وتحد السلطات من حقوق المرأة قبل الرجل، وتنتهك لدرجات تهدد كيانها الجسدي والنفسي ويقف الزواج المبكر بشكل عام أمام استكمال الفتاة تعليمها وتعرضها لمخاطر صحية متعلقة بالحمل المبكر، ويأتي عجز المرأة عن طلب الطلاق من زوج يعنفها أو الحصول على حضانة أولادها ليعرض أكثر النساء ضعفاً لمزيد من الخطر.
وفي بلدان أخرى مثل: لبنان ومصر والسودان والمغرب. يتسنى للأقليات الدينية اختيار القوانين الدينية التي ترغب في تطبيقها على قانون الأحوال الشخصية. لكن بغض النظر عن البلد وإيمان سكانه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. سواء أكانت القوانين علمانية أم إسلامية. يميز النظام القانوني للمرأة في كافة المجتمعات تقريباً إذ تحتاج المرأة إلى إذن من الرجل للمشاركة في عدد كبير من النشاطات، ومنها العمل والمشاركة في الحياة العامة. أما القوانين غير المتعلقة بالعائلة فلم تستوحى بشكل كبير من القوانين الدينية.
قبل تدوين القوانين في كل من البحرين والكويت وقطر والإمارات في بدايات القرن الواحد والعشرين. كان يحق للقضاة تحديد مصير المرأة بناء على تفسيراتهم الخاصة للقانون، وهو وضع خطير في ثقافات تقبل بوصاية الرجل وتبعية المرأة. فقد قامت دول الخليج بالمصادقة على معاهدات كبرى لحقوق الإنسان بما فيها كل أشكال التمييز ضد المرأة جرت مصادقة الدول الخليجية على هذه الوثائق مع تحفظات، وبقيت قوانين الأسرة المدونة مقيدة، وتم اعتماد اصلاحات بسيطة في مصر والأردن.
النساء في ظل الأزمات والحروب
تعتبر النساء في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا من بين أكثر المناطق تهميشاً للنساء حول العالم وتمييزاً ضدهم. ذلك بحكم مسار تاريخي تدعمه عادات وتقاليد اجتماعية، ومفاهيم دينية فاقمت من معاناة النساء، وأفقدتهن حقوقاً إنسانية بديهية مما وضع المرأة بين أكثر الفئات هشاشة وضعفاً في المجتمع. فالتحديات الاقتصادية أبرز هواجس النساء، ولاسيما في الدول التي تعاني أزمات معيشية وحروب حيث تدفع النساء الثمن الأكبر لهذه الأزمات. بحكم تحملهن لعبء الرعاية والإعالة ضمن المنزل، وفي ظلّ هذا النوع من الأزمات تتراجع قضايا النساء لتحل محلها أولويات مرتبطة بالأزمات نفسها كما جرى في لبنان حيث توقفت عملية الإصلاحات القانونية المتعلقة بقضايا النساء بعد الأزمة الاقتصادية، والتي تستغل من قبل مناهضو تلك الإصلاحات للقول إن الأولوية اليوم ليست لقضايا المرأة.
كما قد تشهد لبنان عجز النساء عن تأمين احتياجاتهن، وتعرضهن لمشاكل تتعلق بالصحة الإنجابية. كذلك تزداد الأمور تعقيداً عندما تترافق الأزمة الاقتصادية مع حرب مدمرة كالتي تشهدها اليمن حيث دفعت الحرب إلى تبادل الأدوار مع الرجال الذين يخوضون الحروب أو راحوا ضحيتها، فباتت المرأة مضطرة للعمل كونها المعيلة الوحيدة في حين أنها لم تكن مؤهلة للاختلاط الاجتماعي، ولا جاهزة علمياً ولا أكاديمياً. كما تلعب النظرة الاجتماعية دوراً بارزاً في مفاقمة معاناة النساء الاقتصادية، وعرقلة انخراطها في سوق العمل في الشرق الأوسط.
المرأة ورعاية الأسرة
الخطاب الذي يحمل المرأة منفردة مسؤولية المهام المنزلية، ورعاية الأسرة إلى جانب عملها يشكل عبئاً كبيراً تدفع المرأة للبقاء في المنزل، وترك سوق العمل لعدم قدرتها على التحمل والتوفيق بين المسؤوليات الملقاة على عاتقها. كما تتشارك الدول العربية تحديات عامة تتعلق بالبيئة الأبوية المسيطرة التي تنعكس في الثقافة والقوانين وسطوة رجال الدين والنصوص الدينية. لكن في الوقت نفسه هناك خصوصية لكل دولة وتفاوت في صعوبة التحديات. فالحرب في اليمن ضاعفت من معاناة النساء مع النظرة الاجتماعية، وتصاعد الخطاب الديني المعادي للنساء.
حيث باتت النساء تواجه قرارات مستجدة مخالفة للقوانين، ولكنها تفرض على النساء كأمر واقع فتتدخل وتحد من الحريات الشخصية للنساء، ويصل استهداف النساء في اليمن إلى حد السجن التعسفي بمسوغات دينية أو اجتماعية خارجة عن القانون، وعدم الإفراج عن النساء من السجن إلا بوجود محرم مما يجعل عدد كبير من النساء محتجزات بعد فترة السجن فيما يشكل دخول السجن وصمة عار. وتدفع النساء الثمن الأكبر للسياسات الحكومية والأنظمة غير الديمقراطية التي تسيطر على منطقة الشرق الأوسط.
تشهد دولاً عدة في الشرق الأوسط تمييزاً جائراً ضد النساء في التمثيل السياسي، والقوانين الرسمية المتعلقة بمنح الجنسية للأولاد وحق الحضانة والأحوال الشخصية. فضلاً عن تقييد الحريات لأسباب اجتماعية أو دينية. كما تتم الإشارة في مصر إلى ضرورة تحقيق المساواة في قوانين الأحوال الشخصية التي تمثل بوضعها الحالي معاناة آلاف الأسر وملايين الأطفال، والنساء نتيجة هذه القوانين المبنية على أساس مبادئ تجعل المرأة ملحقة بالرجل، ومحرومة من الحق في اتخاذ القرار.
قانون الأسرة
إلا أن أهم الاصلاحات في قانون الأسرة في المجتمع سجلت في تونس أولاً ثم المغرب. لقد أصبحت المرأة في شمال وشرق سوريا رائدة في كافة المجالات، واعتلت أعلى مراكز القيادة، وأصبحت متقدمة في مجال السياسة وقامت ببناء المؤسسات الخاصة بها. أصبحت تقف إلى جانب الرجل في جبهات القتال، فالمرأة هي مفتاح سر التقدم وبناء دولة قوية متماسكة، فالعبودية التي تطبق على المرأة تعني الجهل والتخلف وتحرر المرأة يعني الانتصار، واسترداد الحقوق والحياة الكريمة تكمن في تحرر المرأة.
النساء في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية نظمن صفوفهن في كافة النواحي ناضلن ولا زلن تناضلن، من أجل الوصول بالمجتمع إلى مستوى فكري يفتح المجال للعيش ضمن حياة حرة ديمقراطية، فهن من يصنعن القوانين الخاصة بهن، وبحياتهن اهتداء بالعدالة الاجتماعية والقوانين الطبيعية التي تمنح للمرأة حقوقها، والتي كانت تتمتع بها منذ بداية البشرية كانت الملكة والقائدة والام والزوجة، ومن الأدوار المهمة التي تشغلها المرأة في المجتمع.
دور المرأة في الرعاية والدعم المجتمعي في العديد من المجالات، والتعليم والعمل وتطوير سبل العمل، وتسهم في بث التأثيرات الإيجابية التي تطرأ على المجتمع ومكوناته. وكون المرأة عضو في المجتمع فيجب أن تكون شريكة في إدارة المجتمع وتحمل شؤونه، وكونها تقوم بالأعمال المنزلية يجب إلا تلغي دورها الاجتماعي، لأنها شريكة الرجل في تحمل المسؤولية. ففي ظل حالة النمو والتقدم التي تشهدها المجتمعات نحتاج إلى كل الجهود والطاقات المجتمعية فإذا همشنا دورها الاجتماعي فقد خسرنا نصف طاقة المجتمع على اعتبار أن المرأة نصف المجتمع.
دور المرأة الاجتماعي
من هنا ينبغي أن نعزز دور المرأة الاجتماعي ومساندتها بشكل مستمر، والعمل على تذليل الصعوبات التي تواجهها مثل العادات والتقاليد الاجتماعية التي تلغي كيان المرأة، وتفرض عليها التبغية للرجل وبعض القوانين والأنظمة المجتمعية التي تعيق تحقيق المرأة لذاتها بالإضافة إلى صعوبة التوفيق بين الدور العائلي والنشاط الاجتماعي. فنيل المرأة لكافة حقوقها يمكنها من أن تنخرط في عملية البناء والتنمية على نحو فعال وحيوي.
كما إن تعليمها وتمكينها في العمل ينعكس إيجاباً على الأسرة. إن توعية المرأة ضروري جداً لتكون قادرة على رسم مستقبل حر لها، وتتعرف على المهام التي تقع على عاتقها، لأجل تحقيق الحرية الديمقراطية في المجتمع باعتبار هذا النموذج يهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة ضمن المجتمع. فلا يمكن تحقيق الديمقراطية والحرية المجتمعية بدون المرأة أو بدون تحقيق حريتها أولاً، فمشاركة المرأة سيغير من الأسلوب والثقافة الرجولية المتحكمة بالمجتمع.