مجلس المرأة لعوائل الشهداء في إقليم شمال وشرق سوريا

 

                                  مجلس المرأة لعوائل الشهداء في إقليم شمال وشرق سوريا

 

“مجلس المرأة لعوائل الشهداء

هيكلية تنظيمية بدءاً من الكومينات

 وصولاً إلى المجالس الموسعة في المقاطعات”

 

جواهر عثمان إبراهيم

 إدارية مجلس المرأة لعوائل الشهداء

 

عبر التاريخ ومن خلال تقدم المجتمع وتطور عصر الأمومة، كأنت للمرأة دور مهم وأساسي وواضح في إدارة العائلة والمجتمع من أجل أنشاء نموذج مجتمع متحرر وديمقراطي وأيكولوجي. أن قوة النضال ومسؤولية أخذ زمام الأمور تقع على عاتق المرأة وخاصة أمهات الشهداء اللواتي دفعن فلذات أكبادهن ثمناً باهظاً للحرية ولكرامة الأنسان.

ولأن إصرار أمهات الشهداء على الانتصار على العبودية جعلها تستقبل جنازة أبنائها، وبكل فخر واعتزاز وتبقى تدافع عن مبادئ وفكر وفلسفة المفكر عبد الله أوجلان، حيث استشهد أبنائهن وبناتهن القياديات والقياديين الأوائل مثل ساكينة جانسيز وزيلان وبيريفان وزكية آلكان وفيأن صوران وصولاً إلى البطلة آرين ميركان سارة وروكن الفدائيات.

ومثلهن الآلاف من بنات كردستان وكافة المكونات وأبنائها مثل الشهيد عكيد ومظلوم وخيري ورستم جودي والآلاف من الأبطال والبطلات، لأجل تحقيق هذه الأفكار وإنجاح الثورة التحررية. وكأنت كلها إيمان بأن هؤلاء الشهداء سيحققون النصر المبين. وما زالت تلك الأمهات يناضلن وبشتى الوسائل وفي جميع الساحات وفاءً للشهداء الذين لهم الفضل في وصولنا إلى هذا الأمن والأمان وحتى أن ثقة الأمهات والنساء في عوائل الشهداء بالطريق الذي سلكه أبنائها وبناتها هو الطريق الذي أنير بدمائهم الطاهرة وبيّنت للشعوب الحقائق التي غيبتها الأنظمة وأخفوها في ثنايا التاريخ المزيف لكي يمرروا مشاريعهم السلطوية، ويقسموا فيما بين الشعوب ويغيروا الخرائط كما يريدون وحتى أن وصل بهم الحال إلى إبادة الثقافات والقوميات والشعوب.

 ورغم الآلام والأوجاع والتحديات لكن ستبقى أقوى من ذي قبل لتقسم بشهدائها بأنهن سيبقين أوفياء لجميع الشهداء ومن أجل هذه الحقيقة وحتى يومنا هذا، ومن أجل ترسيخ مفهوم منظومة المجتمع الديمقراطي الأيكولوجي وحرية المرأة كمبدأ. ولأن الدور البارز في مؤسسة عوائل الشهداء للمرأة والأم بالذات، فأن مجلس المرأة لعوائل الشهداء تقدم القيمة التاريخية والعظيمة للأم. ربما يقال بأن الأم مدرسة بحد ذاتها، ولكنني أستطيع القول؛ بأن الأم وخاصة أمهات الشهداء الأبطال هي أيقونة الإرادة القوية والمقاومة والصبورة والبطلة في تقديم أعز ما تملكه، وتقدمهم فداء للوطن وللقيم الإنسانية وهي غير نادمة. وبالأخص زوجات الشهداء اللواتي هم في مقتبل العمر رصينات ووفيات للمسيرة التي سار عليها رفيق دربها.

يعتبر مجلس المرأة لعوائل الشهداء في إقليم شمال وشرق سوريا هي القوة الرائدة في تطوير وحماية الأمة الديمقراطية وتنظيم جميع أفرادها ضمن مؤسسة عوائل الشهداء، وخاصة المرأة وفتح الكثير من أبواب العمل والتضحية في سبيل القيم العليا.

ولمجلسنا مبادئ أساسية تعمل لأجلها وبكل طاقته وبإصرار كبير، لأجل ترسيخ الفكر والفلسفة الأوجلانية وهي وحدة الشعوب ورفع الظلم عن المجتمع الذي نال الأمرّين خلال عقود من الزمن تحت سقف الأنظمة الشوفينية. يرى المجلس بأن فلسفة القائد عبد الله أوجلان كقائد للكونفدرالية الديمقراطية مؤسسة على بنية تحرير المرأة والحفاظ على الأم وثقافتها الأصيلة. فالمفكر عبد الله أوجلان هو رفيق المرأة وقدم لها الكثير من الحلول كي تصبح إنسانة حسب طبيعتها وتدير كافة شؤون المجتمع والعائلة، وبنفس الوقت تدير كافة المؤسسات الاجتماعية والسياسية والعسكرية والحماية وتكون لها اعتبار مميز. على هذا الأساس والمبدأ فأن المرأة ضمن مجلس المرأة في عوائل الشهداء تناضل باستمرار من أجل تحقيق حرية القائد جسدياً.

وأيضاً الإخلاص لقيم الشهداء المادية والمعنوية والوفاء لهم والعمل من أجل تعزيز فكر القائد وفلسفته ومشروع الأمة الديمقراطية، وأيضاً تحقيق إرادة المرأة الحرة وتنمية الحياة التشاركية الحرة بين الشعوب والأمم والنضال ضد الاضطهاد والعنف الذي يمارس على الشعب الكردي والمرأة الكردية بشكل خاص وعلى جميع النساء والشعوب بشكل عام وتعزيز العلاقات مع مؤسسات الشهداء من المكونات الأخرى والوفاء لجميع الشهداء الأمميين الذين ضحوا بحياتهم.

وتكون العضوية في المجلس لجميع الأمهات والأخوات وبنات الشهداء وزوجاتهم؛ هن عضوات رسميات في المجلس بشرط قبولهن لبنود النظام الداخلي المنصوص والمصدق عليه من قبل الكونفرانس وعليهن الارتباط بالقيم الروحية والأخلاقية للشهداء.

وأيضاً هناك حقوق منصوصة في النظام الداخلي لأجل النساء وعليهن واجبات يجب أن يتقيدن به، ولهن حق إبداء الرأي وأخذ القرارات من خلال الاجتماعات وجميع العضوات يأخذن مكانهن في الكومينات العامة لعوائل الشهداء.

وللمجلس هيكلية تنظيمية بدءاً من الكومينات وصولاً إلى المجلس الموسع في المقاطعات ليتشكل منها مجلس المرأة لعوائل الشهداء في إقليم شمال وشرق سوريا، ولكل مستوى هناك تشكيلة إدارية وتنظيمية تأخذ الرئاسات المشتركات والناطقات للمجلس مكانها في هذه المستويات.

هذا وقد تم تأسيس هذا المجلس في عام 2018 على مستوى مجالس المدن والمقاطعات علماً أنه ومنذ بداية الثورة كأنت هناك لجأن للمرأة في جميع المؤسسات والمجالس لعوائل الشهداء على مستوى المدن، حيث يقمن بجميع الأعمال المكلفة لهم بدءاً من تنظيم النساء في داخل المجلس والكومينات التي تمثل إرادة النساء وصولاً إلى إعلان الشهداء وتنظيم المراسيم وإلقاء الكلمات أثناء تشييع الشهداء والتواصل مع عائلة الشهيد وأرشفة ما يخصهم.

 ولأن العدد الأكبر في المجالس كأن من النساء المنظمات المناضلات، لذا كأن من قرارات الاجتماعات السنوية الدورية بأن يصبح مجلساً وكأن مقترحاً في الكونفرانس الأول حيث عقد في عام 2020 ، حيث أقر بأن يكون مجلساً وليس لجنة محدودة المهام وعند عقد هذا الكونفرانس كأن هناك مخرجات وتوصيات يعمل عليها المجلس لأجل تحسين دور المرأة في الكومينات والمجالس تنظيمياً وتطوير التوعية من ناحية الفهم والتعمق في فلسفة رفيق المرأة عبد الله أوجلان، والسير على نهج الشهداء من خلال الدورات التدريبية وعقد الاجتماعات التنظيمية الشهرية والأسبوعية لزوجات الشهداء.

 ولأجل الأمهات والأخوات وبنات الشهداء تم تنظيم اجتماعات دورية لهن كل ثلاثة أشهر مرة واحدة، وانضمام أغلبهن إلى حلقات تدريبية متنوعة منها أسبوعية وشهرية. والهدف من انضمام النساء للدورات التوعوية هي تخريج نوعية منظمة من النساء وخاصة الأخوات وزوجات الشهداء، ذلك لأجل تفعيل دورها الريادي في مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية وأيضاً في الكومينات والمجالس.

وكأن هناك أعمال مميزة وتأثير كبير على تفعيل دور النساء في العوائل ومتابعة أمور أولاد الشهداء في سنة 2023 ومن أهمها: عقد الكونفرانس الثاني على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا، والخروج بقرارات حاسمة في رفع مستوى الحالة الاقتصادية للزوجات وأبناء الشهداء، وأيضاً متابعة الأولاد من الناحية الدراسية والتدريبات الصيفية والترفيهية، وبناء وترميم بعض منازل زوجات الشهداء، اللواتي يحتجن إلى ذلك وأيضاً فتح دورات تدريبية مهنية لأجل تطوير الخبرة المهنية في كافة المجالات أن كانت إعلامية أو مؤسساتية أو إدارية.

هذا ووضعت خطط استراتيجية لإقامة مشاريع (كومبراتيفية – جمعيات اقتصادية)، لزوجات الشهداء بشكل خاص والنساء بشكل عام ضمن العوائل. ومشاريع زراعية صناعية وتربية المواشي كون هذه المشاريع لم تكن منفذة كما يجب في السنوات السابقة.

هذا وكأن هناك مشروعين لفتح أكاديميتين نموذجيتين لأولاد الشهداء؛ حيث يتلقى فيها أولاد الشهداء التدريب المسلكي واللغات على مدى شهور، أيضاً كما تم تأسيس مدرسة (كوكب الطفولة) في مقاطعة الرقة كمدرسة داخلية لإيواء فئة من أولاد الشهداء الذين لا يوجد عوائل ترعاهم، فالمجلس يتكفل بالاعتناء بهم وبدراستهم حتى سن البلوغ. وأيضاً يتم متابعتهم بشكل دوري وبصحتهم والتوعية التي تلزمهم لأجل أنشاء نخبة متميزة ومثابرة تكون قادرة على قيادة المجتمع وتطويره.

ومن هذا المنطلق وبهذا المبدأ؛ مبدأ الوفاء لنهج الشهداء وتوصياتهم، لذا يجب أن نكون أوفياء لنتبع ثراهم، وواجبنا تجاههم أن نحمي إرثهم ونحافظ على المكتسبات التي جاءت بفضل تضحياتهم المستمرة ليومنا هذا، وإن الأمهات لازلن صامدات أمام التحديات الموجودة من هجوم سافر من قبيل الدولة التركية المحتلة بشكل يومي مما يؤدي إلى سقوط جرحى وشهداء وتستهدف المرأة يومياً بشتى الوسائل فتكون الضحية المباشرة لهذه الانتهاكات.

 يعتبر مجلس المرأة لعوائل الشهداء هو الممثل الرسمي لجميع النساء في العوائل وخاصة الزوجات وأولاد الشهداء، ومن أهم المهام للمجلس هو؛ تنظيم النساء ومتابعة شؤون الأولاد ودراستهم وإيجاد الحلول الجذرية لمشاكلهم، هذا وتأمين احتياجاتهم ومساعدتهم مادياً ومعنوياً وتحفيزهم على الارتباط بخط الشهداء وفلسفة الحرية، وهذه تعتبر من أولويات عمل المجلس.

ولكن إن قيّمنا الأعمال والمنجزات التي ذكرناها نقول؛ إننا لا زلنا نخوض تحديات كبيرة أمام الذهنية الذكورية، وإن ما وصلنا إليه ليس كافياً لإنقاذ النساء من العنف الممنهج عليهن، ولا المستوى التوعوي اللازم لهن، وندرك تماما أن الحرب بشتى أنواعها لازالت قائمة.

 الحرب الساخنة العسكرية وهجمات الاحتلال التركي الفاشي والأنظمة التي تدعمه مستمرة حتى الآن. رغم الحرب الاقتصادية والحرب الخاصة التي تعيق سير العمل، لازالت التضحيات مستمرة. المئات من النساء ينضممن للمجلس خلال عام 2023 مما يزيد رقعة العمل التنظيمي على المجلس ويعمل المجلس جاهداً للوصول لجميع النساء ورعاية أولاد الشهداء لأن أولاد الشهداء هم الإرث الحي لهم، وأيضاً هناك العشرات من الشهداء لازالت جثثهم في أيدي العدو والخونة ونحن نناضل لأجل أخذهم وإقامة مراسيم لهم كما يليق بشهدائنا العظماء.

وقد أقسمنا أن نكون أوفياء لنهجهم وفكر القائد الذي ضحى بكل عمره لأجل حرية المرأة ودمقرطة المجتمعات وحق الشعوب في تقرير مصيرها من خلال المجتمع الكومينالي والايكولوجي، وممارسة حياته كمجتمع يتصف ببناء مجتمع سياسي وأخلاقي. وندرك تماما أن العوائل الوطنية وعوائل الشهداء يحملون ثقل هذا الواجب الوطني بامتياز وأن هذه النخبة هي الكفيلة باستمرارية الثورة الوطنية، وسيستمر بذل الجهد والتضحيات بالمال والأنفس للوصول للأهداف المرجوة.

وثورة جبال الحرية اشتعلت نيرانها منذ عشرات الأعوام ومازالت مستمرة بدماء الشهداء، ولازال الشعب بكل مكوناته داعما للثورة التي تهدف إلى خلاص الأنسان من العبودية والأنظمة السلطوية التي تريد إخراج الإنسان من حقيقته كإنسان ويريد كبح جماح الإرادة الشعبية التي صنع معالمها المفكر عبد الله أوجلان، والصفوف الأولى من رفاق دربه مثل ساكينة جانسيز وكمال وخيري والآلاف من المناضلات والمناضلين، الذين كانت لهم بصمات من الانتصارات.  وتعتبر هذه الانتصارات مراحل ومنعطفات تاريخية من عمر ثورتنا ثورة القائد عبد الله أوجلان الذي لازال يتعرض للاعتقال والتجريد والشدة من قبيل المتآمرين على إرادة الشعب الكردي والشعوب الأخرى.

مقاومة القائد أمام هذه الممارسات كسرت أواصر مؤامراتهم الدنيئة، وكتنت مواقف عوائل الشهداء والوطنيين بالمرصاد أمام هذه المؤامرات الخبيثة التي تحاك على الشعب والقائد وعلى الگريلا  وعلى النجاحات المتتالية في إقليم شمال وشرق سوريا وإدارتها الذاتية الديمقراطية، وسنبقى صامدين حتى النصر الكبير وتحرير القائد من معتقل إمرالي  ونضالنا في القمة،  وهزائم العدو التي يتكبدها نصب الأعين وأمهات الشهداء في مقدمة الانتفاضة الشعبية مشبعة بالإيمان وفكر الثورة الشعبية، والشعب الثائر لأجل الحق والحقيقة لن يهزم  ولن يكون له رادع أمام النصر والوصول للهدف.