مجلس المرأة السورية هي الوجه الساطع للمرأة السورية
مجلس المرأة السورية هي الوجه الساطع للمرأة السورية
“مجلس المرأة تؤمن مساحة آمنة لجميع النساء
بالمشاركة والتعبير عن رأيهن وأنفسهن
وأداء أدوارهن في داخل وخارج سوريا”
مكية عزالدين حسو
المكتب التنظيمي للمجلس وإدارية في مكتب القامشلي
عاشت المرأة السورية معاناة كبيرة ما بين مجتمع جنسوي ارتكب جميع أنواع الظلم عليها، وأنظمة حاكمة حرمتها من حقوقها المشروعة السياسية والحقوقية والاجتماعية، ولا ننسى الشرائع الدينية والعادات والتقاليد والموروث الثقافي المتداول على مر العصور، فقضية المرأة ليس بالموضوع الجديد ولكن تزايدت معاناتها في زمن الحروب والصراعات.
فالمرأة السورية التي شاطرت التاريخ ببطولاتها إلا أن الأنظمة الحاكمة حاولت محو دورها خلال الأربعين العام الأخيرة. فكانت هي المتضررة الأولى من الحرب السورية التي انطلقت في ربيع 2011 كثورة مجتمعية تهدف للتغيير، ولكنها تحولت إلى أزمة طال عمرها وجلبت معها كافة أشكال الانتهاكات والنزوح القسري واستغلال وقتل واغتصاب واعتقال وفقدان الأهالي. ولأن المرأة هي العمود الفقري الذي يستند عليه المجتمع فكان لها النصيب الأكبر من المعاناة ضمن هذه الحرب وخاصة محاولة إقصاءها من التدخل في حل الأزمة السورية والتعبير عن دورها في رسم خارطة سياسية جديدة لسورية أو تسطير حقوقها ضمن دستور سوري جديد.
تتميز المرأة بيولوجياً بألم يتمخض عنه ولادة لحياة جديدة، فكان للألم الذي سببته الأزمة والفصائل الإرهابية وخاصة “داعش” ولادة لتسطر وتخلد اسمها عبر التاريخ في المشاركة العسكرية كصف أول للقضاء على أعتى تنظيم إرهابي في العالم، ولكي تترجم هذا الانتصار على أرض الواقع بدأت تجد نفسها في مواقع صنع القرار وضرورة تطوير نفسها في المرحلة السياسية المقبلة عليها سوريا، ولتكون منارة لنساء العالم فمدت يدها من شمال وشرق سوريا إلى غربها وداخلها وصولاً إلى جنوبها برسائل توحيد الصفوف النسوية السورية ليأسسن معاً مجلساً يضمن حقوقهن ويلغي جميع أنواع العنف والتمييز ضد المرأة، وخلق مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة. وتأخذ دوراً فعالاً في المجتمع وجميع الملفات السياسية التي تهدف إلى حل الأزمة السورية وفق رؤية السوريين وتطلعاتهم.
ففي تاريخ 8/9/2017 أعلن فيه عن تأسيس مجلس المرأة السورية بحضور نساء من جميع المحافظات السورية.
فرؤية المجلس وأهدافه كانت واضحة من الشعار الذي حمله المجلس والذي يرمز إلى خارطة سوريا الكاملة والتي تتجسد في وسطها وجه المرأة السورية والشمس الساطعة ضمن دائرة مكتوب عليها اسم المجلس بلغات عدة ترمز إلى التنوع الثقافي الذي تعيشه هذه البلاد العريقة.
حيث يعتبر مجلس المرأة السورية مظلة تضم جميع التنظيمات والاتحادات والفعاليات والجهات النسوية السورية. كما يضم شخصيات مستقلة وسياسية نسائية تتمثل بأحزاب وكتل سياسية مختلفة موجودة في سوريا. ليساهم هذا الانخراط في عملية البناء والنهوض والتنمية في سورية المستقبل وفق أسس ديمقراطية تعددية، وأن يكون من أبرز أهدافهن؛ بناء مجتمع سوري ديمقراطي أخلاقي، يعتمد على حرية المرأة وحل الأزمة السورية عن طريق الحوار السوري الوطني، وتحقيق نظام تعددي لا مركزي، يتحقق فيه الحرية والديمقراطية والعدالة لكافة الهويات والمكونات والثقافات الاجتماعية والأديان الموجودة في سوريا. وتزامناً مع هذه المفاهيم توعية المرأة وتحقيق الحياة الندِيّة الحرة، بين الجنسين وتمكين المرأة سياسياً ومنحها دوراً في تأسيس دستور سوري جديد وفق القرار الأممي 2254.
علينا ألا ننسى أنه؛ يوجد في مواجهة تلك الإنجازات والانتصارات التي تقدمها المرأة بوجود بعض المعوقات والصعوبات التي تواجهها في عملية تحقيق أهدافها والتي تتمثل أبرزها في نظرة المجتمع السلبية تجاه المرأة، الذي يصر على أبنائها ضمن المنزل، أو وفق أماكن عمل يحددها المنظار الذكورية.
ومع استمرار الأزمة السورية والتي خلقت وفاقمت العديد من الأزمات، كالتفكك المجتمعي والذي أثر على المرأة وخاصة في تزايد أعداد زواج القاصرات والطلاق وانتشار المخدرات والتعامل معها كسلعة لإشباع الرغبات الذكورية وخاصة في المناطق المحتلة التي يتمركز فيها فصائل إرهابية صنفت عالمياً على قوائم ولوائح الإرهاب.
ولكوننا نسعى من خلال أهداف المجلس أن نؤمن مساحة آمنة لجميع النساء بالمشاركة والتعبير عن رأيهن وأنفسهن، وأداء أدوارهن في داخل وخارج سوريا لتكون عاملاً مؤثراً في التغيير لبناء مجتمع ديمقراطي أيكولوجي يعتمد على حرية المرأة، ويكون لها دور في نشر ثقافة السلم الأهلي المجتمعي، وتسليط الضوء على الجرائم التي تقوم بها الأنظمة الإرهابية وخاصة الاحتلال التركي لتوصيلها إلى المجتمع الدولي من خلال إعطاء بيانات وإرسال رسائل إلى الجهات المعنية والدولية وإلى كل العالم.
لذلك اعتمدت آلية المجلس على الخوض في توثيق الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق النساء على جميع البقاع السورية وخاصة في مخيمات النزوح والتي تكمن فيها معاناة المرأة، إضافة إلى توثيق واقع النساء والأطفال في أخطر مخيم في العالم وهو مخيم (الهول)، الذي يُعرف بمدى خطورته والذي وصف بالقنبلة الموقوتة المهددة بانفجار كارثة إنسانية.
حيث كان للمنتديات والملتقيات والجلسات الحوارية التي عقدها مجلس المرأة السورية منذ تأسيسه حتى الوقت الحالي، دوراً كبيراً في طرح المشاكل التي تهم المرأة وتساعد لنيل حريتها والتمكين من خلال ورشات عمل لمعرفة حقوقهن وواجباتهن، والقوانين والقرارات والاتفاقيات الدولية التي تخص المرأة، ليكون لدى المرأة رؤية واضحة وكيفية ممارسة أدوارهن سواء في حزب سياسي أو موقع إداري أو مجتمع مدني.
فكان للملتقيات التي عقدها المجلس صدى كبير على الصعيد المحلي والإقليمي في جمع نساء سوريات من مختلف المحافظات السورية بعد حالة التفكك والبعد التي رسمتها الأزمة السورية بين المناطق.
فكان لمؤتمر واقع المرأة السورية وأهم الازمات التي مرت بها وآلية المقاومة دوراً كبيراً في إيصال رؤية المرأة السورية ضمن المجلس التي تسعى لفرض نفسها ضمن أي مفصل من مفاصل الحياة في سوريا لذلك تم طرح العديد من الحلول ضمن مخرجات الملتقى.
ولا ننسى الملتقى الذي عقد في مدينة حلب السورية حول الحوار السوري – السوري وفق قرار 2254 وكيف تستطيع المرأة المساهمة في الوجود ضمن آلية الحوار، وإثبات نفسها في المحافل الدولية برسم حقوقها ضمن الدستور السوري القادم.
أما ملتقى واقع المرأة في العشائر والذي حمل معه صدى سوري ودولي كبير بحضور نسائي واسع من مختلف العشائر والقبائل العربية والكردية الموجودة في سوريا، والذي ركز بشكل كبير على أهمية ما تقدمه المرأة ضمن واقع العشائر وكيف تستطيع لعب دورها في حماية موروثها الثقافي.
ولكن يبقى عقد هذه الفعاليات وجميع العدد الهائل من النساء ليس بالشيء السهل بالنسبة إلى الظروف التي تمر فيها سوريا من انقسامات ومناطق نفوذ ووجود فصائل ومرتزقة في العديد من الأراضي السورية، ولكن القوة والرغبة في تحقيق الذات يبقى هو السد المنيع أمام كل الأزمات والصعوبات والتحديات.
حيث إنها تستمر في عملية البناء والنهوض خاصة ضمن مجلس المرأة السورية التي تسعى إلى عقد مؤتمره الثاني في عام 2024، والذي يسعى إلى أن يجمع ما يقارب 400 شخصية نسائية سورية من الداخل والخارج من أجل توحيد الجهود النسائية وبناء سورية ديمقراطية تعددية لا مركزية.