تأسيس البيت الأيزيدي للمرأة هي خطوة تاريخية وعظيمة

 

تأسيس البيت الأيزيدي للمرأة هي خطوة تاريخية وعظيمة

“عقدنا الكثير من الجلسات الحوارية

لنتناول أشكال العنف ضد المرأة

لتكون المرأة والفتاة الأيزيدية على معرفة تامة

بحقوقها الشخصية”

 

ليلى إبراهيم مهمو

 الرئاسة المشتركة لبيت الأيزيدي في مقاطعة الجزيرة

للمرأة الأيزيدية دور أساسي في الأسرة والمجتمع الأيزيدي، ومنذ تأسيس البيت الأيزيدي في مقاطعة الجزيرة عام 2012 م،

كان للمرأة مكانتها ولمستها الخاصة في سير مختلف أعمال البيت الأيزيدي ابتداءً من مشاركتها في رئاسة البيت الأيزيدي

وانتهاءً بمشاركتها في مختلف الفعاليات والأنشطة التي تقام على مدار العام. وبعد نهاية عام 2023 م، نرى التقدم في دور المرأة الأيزيدية وزيادة نسبة مشاركتها كممثلةً عن المجتمع الأيزيدي أمام مختلف مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية ومكونات المجتمع السوري، وما كان ذلك إلّا بعد تفعيل دورها وتمتّعها بالحريّة التامّة في ظل “البيت الأيزيدي”، حيث كانت سابقاً تعاني من انعدام التواصل المجتمعي وشجب أدوارها المجتمعية.

ومن الأنشطة التي كانت للمرأة الأيزيدية دورٌ أساسي في نجاحها:

أنشطة الدعم النفسي المجتمعي، لإزالة آثار الضعف النفسي التي زُرِعت في أرواح الفئات المستضعفة ومنها المرأة الأيزيدية،

ومحاولة إعادتها إلى حالة الاستقرار الصحي النفسي، لتساهم المرأة الأيزيدية بطاقتها الكاملة في إيصال صوتها وفكرها إلى

المجتمع وإثبات وجودها وللتأكيد على دورها البارز.

إلى جانب جلسات حوارية تتناول أشكال العنف ضد المرأة؛ لتكون المرأة والفتاة الأيزيدية على معرفة تامة بحقوقها الشخصية

وحدود حريتها الفكرية الجسدية.  ولابدَّ من ذِكرِ دور المرأة الأيزيدية ومشاركتها في لجنة تحرير المختطفين والمختطفات من أبناء شنگال الذين اُختِطفوا على يد داعش عام 2014 م.

وأيضاً ظهرت المرأة الأيزيدية بلباسها الفلكلوري كرمز سلام في كافة الأعياد والمناسبات المجتمعية، وكانت سبّاقة في دعم

المرأة من كافة مكونات المجتمع. ومن اللمسات الفنية، شاركت المرأة في البيت الأيزيدي في تشكيل فرقة فنية فلكلورية تساهم بإعادة لقطات تاريخية من الفلكلور الأيزيدي إلى ذاكرة المجتمع.

وبهذا؛ نلاحظ درجة الاهتمام والحرص على زيادة دور المرأة ومشاركاتها مقارنة بالسنين الماضية، لتكون المرأة الأيزيدية

مثالاً واضحاً عن قدرة المرأة قيادياً ومجتمعياً أمام كافة مكونات المجتمع، وداعمة أساسيّة لكافة الأنشطة والفعاليات التي

تساهم بتطور المجتمع بشكل عام والمرأة بشكل خاص.

لكن كل ما ذُكِر لا يحدث دون المرور بجملة من التحديات والصعوبات على مختلف الأصعدة، وأوّلها هي محاربة آثار السنين

الماضية التي أولت اهتماما ضعيفا بتمكين المرأة وتسليمها الأدوار القيادية، واقتصر دورها على الأنشطة المجتمعية ضمن

دائرة ضيقة من المعارف، لذلك كان من الضروري تأمين بيئة مثالية لها مثل البيت الأيزيدي ولجان دعم المرأة لتساعدها في

اتخاذ الخطوات الأولى لتكون المرأة الأيزيدية صاحبة قرار ومُساهِمة أساسيّة في كافة الأدوار القيادية والمجتمعية.

في الحقيقة إن اتحاد المرأة الأيزيدية في روجآفا تم الإعلان عن تأسيس اتحاد المرأة الأيزيدية في 29 حزيران من عام 2021 في مقاطعة عفرين – الشهباء. في أثناء الاعلان تم انضمام ما يقارب الـ 350 امرأة من المكون الإيزيدي من مناطق الشهباء وحلب وعفرين، وأيضاً حركة المرأة الأيزيدية. كان أول كونفراس لنا يعقد في مقاطعة عفرين – الشهباء، نتيجة الاحتلال الذي حصل في عفرين كان هدفنا تقوية المرأة حينها، وتمكينها من تنظيم نفسيها في جميع المجالات، والتأقلم مع جميع الظروف مهما كانت صعبة. وكونفرانسنا الثاني كان في 2 من شهر كانون الأول في حلب، تم ذلك بحضور 150 امرأة من المكون الأيزيدي وأيضا نساء من مكونات أخرى.

كنا نسعى أيضاً إلى تحضير كونفرانس في مقاطعة الجزيرة، ولكن حالت الظروف دون تحقيق ذلك، لكن أعضاءنا الموجودين في مكتب الحسكة قاموا بأداء واجبهم على أكمل وجه، واستطاعوا القيام بعقد الكونفرانس في 21 من شهر تشرين الثاني في فرعنا في مقاطعة الجزيرة، وأيضاً مقاطعة عفرين – وشهباء وكذلك حلب، قاموا بعقد كونفرانساتهم ومن ثم تم تأسيس الكونفرانس العام.

كان افتتاح مركزنا في يوم 8 آذار الذي يعتبر اليوم العالي للمرأة. بداية عملنا كان مع عضوة هيئة المرأة في TV – DEM، وبعد ذلك أصبح لنا مركزنا الخاص، وجميع أعمالنا ونشاطاتنا تتم من خلال التنسيق مع كونگرا ستار.

كان هدفنا في إنشاء هذا الاتحاد من أجل تنظيم المرأة الأيزيدية في جميع المجالات، ومن أجل أن تكون النساء متكاتفات مع بعضهن البعض، ليتمكن من تقديم الافضل دائماً. إضافة إلى وجود دار المرأة الأيزيدية في كل من مقاطعة الجزيرة ومقاطعة شهباء – عفرين، وتكون من ضمنها لجنة المرأة، وأصبح أتحاد المرأة الأيزيدية في سوريا وحتى على مستوى أوروبا، باعتبار ان الثورة موجودة في روجآفا على وجه الخصوص أردنا أن يصبح لنا مركزنا الخاص بالمرأة الأيزيدية.

هدفنا من هذا الاتحاد هو تمكين وتدريب المرأة الأيزيدية، وفي بداية تأسيس المركز عانينا من قلة وجود المتطوعات في مقاطعة الجزيرة، لكن ذلك لم يقف عائقاً أمامنا، وباعتبار أن كونگرا ستار هي المظلة الأساسية تمكنا من خلالها إلى التواصل مع المتطوعات. استطعنا في الكثير من مناسباتنا الدينية وطقوساتها من إلقاء المحاضرات والندوات في عدة مراكز، وتمكنا من خلالها التعريف بـ عاداتنا وتقاليدنا وطقوسنا وإظهارها للمكونات الأخرى.

المرأة الأيزيدية تعرضت لـ 74 إبادة (فرمان)، لكن كل ذلك دفعها إلى التمسك بعاداتها وطقوساتها الدينية أكثر، نحن لدينا طقوسات دينية على مدار السنة وأغلبها متعلقة بارتباط المرأة بالطبيعة والحفاظ عليها. وفي كل شهر من شهور السنة لدينا طقس يرجع أساسها إلى استذكار أحد الأشخاص الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل إبقاء هذا الدين وحمايته واستمراره إلى وقتنا الحالي، ويعود القسم الأكثر إلى الأمهات اللواتي ضحين بأنفسهن أمثال: “خاتونه فخرة” هي إحدى نساء الأيزيديات. كان اسمها (دايه غزال)؛ هي امرأة لم تتزوج وحرّمت على نفسها الزواج، وكرست حياتها في خدمة (شكفتى لالش)، وكانت تعمل في (لالش نوراني) من أجل المرأة الأيزيدية.

 يوجد في ديانتنا عادة يقوم بها الرجل أو المرأة بتكريس حياتهم لـ لالش إلى أن يفارقون الحياة، مرقدها يوجد في لالش النوراني، نقوم نحن النساء فقط بالصوم يوم واحد خاص بها في الشهر 11 من كل سنة حسب التقويم الكردي، لأنها مقدسة لدينا ونعتبر ذلك واجب لها قيمة معنوية.

كل شيء حسب اعتقادنا يعتمد على الإيمان (بهوري)، لذلك نحن نساء الأيزيديات لدينا إيمان تام بأن (خاتونه فخرة) إذا طلبنا منها المساعدة أو طلبنا منها الفرج عن ضيق أو لتحقيق الدعاء، فإنها تقوم بتلبية ذلك، فهي تلبي فوراً.

تاريخ المرأة الأيزيدية غني بإنجازات النساء اللواتي كن قادرات على تنظيم مجتمعاتهن، وحتى على تشكيل جيش خاص بالمرأة، مثال: “ميان خاتون” التي كانت موجودة في العهد العثماني، لأن أغلب الإبادات التي حصلت للمرأة الأيزيدية كان في العهد العثماني من الامبراطورية العثمانية المحتلة، استطاعت ميان خاتون في التمكين من قيادة المجتمع وكانت تعرف بـ (ميرا إيزيديا)، وأيضاً “ستيا مصرة” إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء؛ فإنها كانت تعرف بأنها امراة شجاعة، وكان لها جيشها الخاص لحماية النساء.

إذا عدنا بالتاريخ القديم وتابعنا ديانتنا فإننا تعرضنا لـ 74 مرة للإبادة والفرمانات، سنرى بأنه قد تم ضياع الكثير من الوثائق والكتب والمعلومات، وحرق الكثير من كتاباتها التاريخية من قبل الأشخاص الذين قاموا بغزو المنطقة، والعدوان الذين لم يؤمنوا بهذه الديانة. ولكن رغم كل ذلك فإن الأمهات الإيزيديات قد استطعن الحفاظ على ميراثهن الديني، وكن قادرات على صون ديانتهن وعاداتهن وتقاليدهن، وتوارثوها من جيل إلى آخر.

الإبادة الأخيرة التي حصلت في شنگال، كانت أكثر فئة تقاوم هي (النساء – الأمهات) واستطعن حماية أنفسهن، وبعد هذه المجزرة التي حصلت في شنگال، والتي كان هدفها إنهاء التاريخ الأيزيدي، فكما كان في القديم جيش خاص بالمرأة في عهد ستيا مصر، قمنا أيضاً بتشكيل اتحاد حماية المرأة الأيزيدية (Y J Ş)، وأيضاً اتحاد حركة نساء أيزيديخان، وأصبحت مظلة لجميع النساء الأيزيديات، من خلالها يتم تمكين وتثقيف وتنظيم المرأة الأيزيدية في جميع المجالات.

وكما عرفت ثورة روجآفا بأنها ثورة المرأة، أردنا نحن أيضاً إثبات أنفسنا من خلال المراكز الخاصة بالمرأة، من أجل أن نقوي أنفسنا ونستطيع صد الهجمات التي تقام ضدنا، ونسعى إلى أن نصل إلى شنگال، لكن الأسباب أقوى منا، ولم نستطع إلى الآن الوصول إليها وإلى أوروبا لأنهم لم يسمحوا لنا بذلك، ونحن أصبحنا معروفين على مستوى روجآفا وإقليم شمال وشرق سوريا، بأن عملنا ونشاطاتنا جميعها تتم بيد المرأة برغم كل الظروف والعوائق التي تواجهنا.

وفي استذكار يوم المجزرة تم عقد منتدى من أجل مساندة المرأة الأيزيدية والمرأة الأفغانية، وتم استذكار تاريخ المرأة الأيزيدية وإنجازاتها، ونرى بأنه شيئاً فشيئاً إن المرأة الأيزيدية تتمكن من إثبات ذاتها ودورها وفكرها.