الإعلامية ستيرك كلو لـ آفاق المرأة

 

الإعلامية ستيرك كلو لـ آفاق المرأة

“علينا كنساء مناضلات أن نكون دائماً في الصفوف الأمامية

 لتحقيق أهدافنا مهما كان الثمن غالياً،

وأن نكون معطاءات وقياديات ورياديات في تحقيق النصر،

 هذه المرحلة التي نواجهها تعتبر من أكثر المراحل حسماً،

لذا نحتاج لتصعيد النضال والتضامن النسائي أكثر من أي وقت مضى”

 

 

ستيرك كلو

إعداد: ديلان عثمان

 

1 – بعد الترحيب، حبذا لو تقيمين لنا آخر التطورات والمستجدات السياسية والعسكرية على الساحة الشرق الأوسطية والساحة العالمية خلال عام 2024 وكيف أثرت على المشهد السوري العام في البلاد؟

 

  • بالطبع، لو قيمنا عام 2024 بالنسبة لمقاومة ونضال المرأة على مرّ هذا العام، يمكننا القول بأنّه كان عاماً مليئاً ومكثفاً بالفعاليات والنشاطات النسوية في كافة أرجاء العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط الذي يشهد الآن حروباً كبيرة وخاصة بعد اشتعال الحرب بين حماس وإسرائيل في غزة وتصاعد الحرب في اليمن، وعلى مستوى الأنظمة الموجودة في الشرق الأوسط وتوسعه في لبنان والقرارات الصادرة من قبل الدول المهيمنة في المنطقة والتي تتمركز بنفسها الآن في هذه البلدان.

تمّ تصعيد هذه الحرب وفق مصالح القوى الإقليمية في المنطقة والقوى العالمية التي تدير أو تشارك بنفسها بشكل مباشر أو غير مباشر في المنطقة.  بدايةً؛ عام 2024 كان بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط عاماً لتشكيل نظام جديد وفق مشروع الشرق الأوسط الكبير، وما يبدو حالياً في الساحة السياسية والعسكرية هو تفعيل هذا المخطط والمشروع بشكل يتناسب مع القوى المهيمنة وليس ما يناسب مطالب الشعوب في تحقيق الحرية والديمقراطية. إذا نظرنا إلى نتائج هذه الحرب سنرى؛ بأنّها حرب لا تبحث عن الحل، بل تجذر الأزمة والفوضى الموجودة أكثر في المنطقة. وفي المقابل تعود أسبابها الرئيسية إلى الحرب القائمة على مفهوم الهيمنة الذكورية التي تبني كافة رغباتها على أساس كتم صوت الشعوب وأولها صوت المرأة التي تعاني حتى في تفاصيل حياتها من آثار هذه الحروب.

 فإذا حللنا المجريات فإنّ هناك العديد من المنظمات التي تسمى بالمنظمات الإنسانية أو المنظمات الحقوقية التي تدافع عن حقوق الشعوب، ولكن 2024 كان عاماً لم تستطع هذه القوى التصدّي أو حتى الحدّ من هذه الهجمات التي عادةً ما تشتعل ُحتى في أكبر البنيان التي تشمل كافة فئات المجتمع.  بغض النظر عن الأطياف الموجودة، فإنّ نظام الهيمنة الرأسمالية في الشرق الأوسط يدعم الفئات المضطهدة والمشتتة لتطبيق مخططها أولاً، وخاصة من خلال مفهومي العنصرية والشوفينية القائمة، ومفهوم الجنسوية والدينوية، والتي يبقى المجتمع أمامها حائراً في تخطيها.

تعاني المرأة في ظلّ هذه الهجمات من أزمات عديدة، ولأن المرأة هي الأساس في إدارة المجتمع وتسيير الحياة، فالكل بحاجة إلى تفعيل دورها من الناحية الديمقراطية، ولكن هذه الحروب تعمل على كتم هذا الصوت والذي هو الفاعل الحقيقي في تغيير المجتمع إلى مجتمع حر. في الحقيقة إنّ اشتعال هذه الحروب وخاصة في الشرق الأوسط لن تُمَكِّن من الوصول لأي حل أو تحقيق أي مطلب لا للمرأة ولا للشعوب المضطهدة الآن. تابعنا عن قرب ما تشهده النساء في غزة ولبنان وسوريا وتركيا أيضاً، المفهوم الجنسوي الموجود وتصعيد هذه الحرب لتجذير هذا المفهوم كان من أكبر ما تصدرته الحرب كنتيجة أساسية، حتى قبل مفهوم العنصرية.

ما نجده هو تفعيل مفهوم الرجل الحاكم أو الرئيس الحاكم أو ما يمكن تسميته بالهيمنة السلطوية التي تحاول تفكيك المجتمع وتسييره وفق رغبته. ولكن مقابل هذه الهجمات؛ نجد هناك جبهة أخرى تعتمد على مقوماتها الطبيعية، وخاصة على الثقافة المجتمعية التي يمكن القول بأن بقاءها كان عن طريق حماية المرأة لهذه الثقافة المجتمعية وهذه المقومات الأساسية التي تفعل المفهوم الديمقراطي. أي لا يمكن القول بأن قوة المرأة الآن هي قوة غير فعالة، على العكس تماماً، بل إنّها القوة التي يمكن تسميتها بالقوة المعارضة الديمقراطية، والتي تعمل على إنهاء هذه الحروب الهادفة لإبادتها.

إنّ الهدف الأساسي من هذه الحرب أو ما يسمى بتقسيم الشرق الأوسط، في الحقيقة هو إبادة وجود المرأة كوجود وفكر في منطقتنا. الحرب التي حرمت المرأة من حقوقها الطبيعية الحياتية، وحرمتها من ممارسة حقوقها الطبيعية.  أمّا ما تروّجه السلطة الحاكمة عن أنّ المرأة تعيش حالة ديمقراطية أو تعتمد أساساً على كيانها أو فكرها، فهو في الحقيقة ادعاء لا وجود له على أرض الواقع.  والأساس هو أن المرأة بنت نفسها وفق ما يضمن حقوقها وأنها لا تعتمد على أي قوة خارجية لإعطائها حقوقها. باعتقادي أن هذا المفهوم قد أثبته نضال وكفاح المرأة كنظرية صحيحة وصائبة في تسيير المجتمع. لذا نجد بأنّ ما تروجه وسائل الإعلام هو خلافٌ لهذه الحقيقة، فإنّ الحرب الراهنة تدفع المرأة ثمنها أكثر من الرجل، لماذا؟ لأنّ المرأة هي أساس وجود المجتمع الطبيعي بكافة قيمه الثقافية والسياسية والحقوقية. أمّا ما تحتاجه المرأة، فقد ظهر أخيراً، وهو كيفية حماية المرأة لوجودها الجسدي والثقافي والفكري والسياسي، كافة النظريات التي روّجت لها الأنظمة الحاكمة تنهار واحدةً تلوَ الأخرى وخاصةً في منطقة الشرق الأوسط. إنّ اعتماد الهيمنة على مفهوم الجنسوية والتفرقة ما بين الرجل والمرأة، والتي اعتمدت عليه سنيناً طوال في تاريخ منطقتنا باء بالفشل. وهذا الفشل أدى إلى تجذير هذه الحروب الموجودة.

في الحقيقة لو كانت المرأة منظمة أكثر أو أنّها طالبت بحقوقها أكثر، وحللت مفهوم الدول القومية اليوم والتي تنهار واحدةً تلو الأخرى، خاصة بعد انهيار نظام البعث في سوريا وانهيار الدولة القومية في العراق عام 2003 والذي يعتبر درساً مهماً لمنطقة الشرق الأوسط. لكن الآن أصبحت هذه الحروب كالسرطان تتوغل في جسد مجتمع الشرق الأوسط مع أنظمتها. لذا ما نجده بأن النظام القائم على مفهوم القوموية والشوفينية والجنسوية لا يجيد الحل بل تدفع المرأة ثمنها أكثر من الجميع. لذا فإن الحاجة الماسّة إلى تحليل هذه النظرية التي تفرضها الحرب القائمة اليوم وتتوجه نحو استثمار الدين أو استثمار الجنس كما فعلت سابقاً، والمرأة هي الضحية الأكبر. فهناك من أُعدِمنَ واعتُقِلنَ، وقد رأينا في سجن صيدنايا كيف تم الاعتداء عليهن سواء أكانت كردية أو عربية، علوية أو درزية ودون تفرقة. فالنظام الحاكم سابقاً لم يفرق بالهوية بل عمل على فرضها بقوة السلاح والعنف.

في الحقيقة أكثر ما تعاني منه المرأة ويعانيه الأطفال هو آثار هذا العنف وما نجده من مشاهد مؤلمة سواءً كانت في غزة أو في لبنان أو في سوريا، ومع الأسف لا أحد يسمع هذه الأصوات ولا أحد يتكلم أو يتحدث أو يحاول أن يصبح صوت هذه الحقيقة. ولكن هذا لا يعني بأنها غير موجودة، فإذا كانت الأنظمة لا تسمع هذا الصراخ العميق أو الآلام أو الحرمان الموجود فهذا لا يعني أن المجتمع لا يبحث عن الحلول.

 2 – من هنا؛ كيف لعبت المرأة دورها في التطورات والمستجدات التي شهدتها المنطقة وخاصة في الساحة السورية وعلى وجه الخصوص إقليم شمال وشرق سوريا؟ وأين اتخذت موقعها؟

 

  • طبعاً هذا السؤال مهم جداً؛ في الحقيقة إنّ وجود المرأة القادرة على الحياة في منطقتنا هو بالأساس نوع من المقاومة، أي لا يمكن أن نقول بأنّ المرأة لا تقاوم في سوريا. إنّ الإطار الحالي للحياة والذي حرمها من أبسط حقوقها في الحياة هو نفسه من خلق المقاومة ضد نظام الهيمنة الجنسوية الراهنة.

ولكن هناك حرب قائمة أخرى وهي الوجه الأكثر قبحاً لنظام الهيمنة الرأسمالية، وهو تعنيف المرأة عن طريق استثمار الدين وثقافة المجتمع ضد كيان المرأة، وتحاول الانتقام من ثقافتها وتاريخها العريق الذي اعتمد على ثقافة الآلهة. وما عملت عليه القوى المهيمنة هو إفشاء سياسة الاغتصاب، وإذا نظرنا إلى إحصائيات عام 2024 سنجد ارتفاعاً في نسبة انتحار النساء واغتصاب الأطفال وخاصة في تركيا التي تتصدر هذه الدول.

فالمسالة لا تكمن في كيفية تجذير هذه الثقافة، بل في كيفية تخطي هذه الثقافة. إنّ زيادة إحصائيات قتل النساء وخاصة التي تروج لها الوسائل الإعلامية وكأنها مشروعة.  في الحقيقة إنّ هذه النظرية قد ولّى زمانها.  لا يمكن للمرأة أن تعود للخلف بعدما أحرزته من انتصارات. إنّ الحراك الشعبي الموجود بالأساس اعتمد على صوت المرأة المعارضة لهذه الهيمنة وخاصة ما نجده في سوريا، ومهما كان تنظيم المرأة قوياً وقائماً سيكون صوت المرأة أقوى فعلى سبيل المثال المرأة المنظمة في شمال وشرق سوريا. باعتقادي إنّ أهم أساب انهيار نظام البعث هو عدم اعترافه بحقوق المرأة.

ذهنية نظام البعث التي اعتمدت على المفهوم الجنسوي لا يمكن له أن يتخطى المفهوم الشوفيني ولا مفهوم المركزية، لذا تغيير هذا النظام لا يعني التحول المفاجئ للديمقراطية، ولكن باستطاعة المرأة أن تنظم نفسها، وبرأيي أكثر المراحل التي تحتاج المرأة فيه إلى التنظيم هي هذه المرحلة، لأنّ هناك تغييرات جذرية وهناك حرب قائمة وهذه الحروب تعتمد على حماية بعض الدول وبعض المصالح لفئة معينة تحاول أن تستثمر نتائج هذه الحرب. المقاومة في خضمّ هذه الظروف هي خيار صحيح وصائب لحماية الحقوق الديمقراطية وليس حمايتها فحسب بل تفعيلها في الحياة اليومية.  المجتمع المنظم يعني المرأة المنظمة أو القادرة على تحويل الحياة السياسية والعسكرية والثقافية إلى نجاح حقيقي في جميع المجالات.

بعدما سيطرت حركة طالبان على أفغانستان انتفضت المرأة ولم تقبل بممارسات هذه الحركة الجهادية التي تعمل أولاً على تحطيم كيان المرأة، ومنذ أن بدأت انتفاضة: “المرأة، الحياة، الحرية”، في شرق كردستان وإيران، ذاع صيتها في كافة أرجاء العالم، فالكثير من النساء في أوروبا والشرق الأوسط ينادون بهذه النظرية الحقيقة كثمار لمقاومة المرأة على مدار خمسين عاماً لفكر الحرية بقيادة المفكر عبد الله أوجلان.

إنّ نظرية “المرأة، الحياة، الحرية” هي النظرية الحقيقة لعودة المجتمع الطبيعي إلى حقيقته، وكلما أرتفع العنف ومستوى تعنيف المرأة عن طريق المفهوم الجنسوي أو الدينوي أو العلموي، ارتفع بالتوازي معه صوت النساء عبر هذا الشعار الذي حقق وضمن للمرأة مسيرة من مقاومة طويلة، وحتى الصغار في هذا المجتمع يرددون هذا الشعار أي أنّه أصبح شعاراً عالمياً وكل النساء اليوم يتضامنن مع هذه الحقيقة لأنهن يرون وجودهن وكيانهن عبر تطبيق هذه النظرية. ما تشهده منطقتنا مقابل ذلك هو تفعيل مفهوم التعصب الجنسوي عن طريق المنظمات الجهادية المتشددة الراديكالية.

سوريا عانت لسنوات طويلة فبعض المدن بقيت تحت سيطرة داعش، ولكنّ المرأة لم تقبل يوماً بهذا الواقع الذي فرض عليها وقاومت كثيراً من خلال تفعيل دورها في وحدات حماية المرأة التي كان لها الدور الكبير في نشر الوعي وكيفية تقوية المرأة وتنظيمها. المقاومة ليست بالسلاح فقط بل الحماية الذاتية والجوهرية هي أساس ومبدأ لتحقيق حياة ديمقراطية. إذا كانت جميع النساء متكاتفات في العالم كنا سنحصل نحن كنساء على نتائج أكبر وإذا عدنا إلى تاريخنا القريب سنجد أن هذه الحقيقة موجودة، وكمثال على ذلك عندما هاجم تنظيم داعش على نساء شنكال الإيزيديات لو كانوا منظمات أكثر لاستطاعوا الخروج من تلك الحرب بانتصار وبنجاح كبير واليوم هن منظمات ولا يمكن لأي قوة ظلامية مثل داعش وغيرها التحكم بهن.

 

3 – نعم، شهد عام 2024 هجمات كثيفة لدولة الاحتلال التركي واستُهدِفَت في هذه الهجمات العديد من الشخصيات النسائية القيادية التي كان لها دور كبير في تطوير النضال النسوي في مناطق شمال وشرق سوريا، برأيكم كيف أثرت هذه الهجمات على النضال النسوي والمنظمات النسوية؟

  • في سوريا وبعد انهيار نظام البعث نجد بأن النساء يقاومن على جبهات ساخنة، وخاصة نجد بأن المجتمع بأكمله منظم تحت قيادة المرأة وهناك أمثلة كثيرة شهدناها في هذا العام، وخاصة عند تصاعد هجمات الاحتلال التركي على مناطق شمال وشرق سوريا، وهنا أريد أن أذكر بأنّ الاحتلال التركي وخاصة في شمال وشرق سوريا استهدف القياديات اللواتي حاولن نقل المجتمع من حالة الركود إلى حالة التطور وإلى حالة تحقيق إدارة ذاتية ديمقراطية تعتمد على نفسها.

لقد استُهدِفنَ بأساليب وحشية. ولكن اختيار المرأة لهذه المقاومة والعمل على هذه الجبهة غير التوازنات السياسية كثيراً. برأيي لولا مقاومة المرأة في الجبهات اليوم في مناطق شمال وشرق سوريا لقامت الدولة التركية باحتلال كافة الأراضي السورية.

ما نجده اليوم هو أنّ قدرة المرأة على رد هذا العدوان وثقتها بنفسها تصاعد2024، وكلما حاولوا قتل القياديات كلما ظهرت قياديات أخرى، وهذا يدل بأن السياسة التركية الموجودة هي سياسية فاشلة، سياسة الاحتلال قد تفوز بمرحلة معينة مؤقتة ولكن لا يمكن أن تستمر. بعد انهيار نظام البعث وظهور بعض القوى الجهادية والتي تظن بأنها قادرة على إدارة سوريا الجديدة. ظهر نوع آخر من الهيمنة الجنسوية التي قد تفرض على النساء، فالمجتمع إن لم يستطع العيش وممارسة كافة مقوماته الثقافية والدينية والسياسية لا يمكن لهذا النظام أن يستمر طويلاً، وإنّ التغيير الحاصل هو مجرد تغيير مؤقت لا يمكن الاستمرار به لأنه لا يمثل البناء المجتمعي السوري ولا يمثل جميع المقومات السورية.

سوريا بلد يعتمد على قانون ودستور ديمقراطي، لماذا انهار نظام البعث؟ لأنه لم يكن قابلاً لتغيير نفسه ولم يستطع ترك المركزية. أما النظام الذي سيليه يجب أن يحمل راية المرأة الحرة إن لم تكن المرأة صاحبة حقوق وديمقراطية في هذا النظام فسوف يكون مصيره مصير نظام البعث وحتى أسوء من ذلك.

 

4 – كيف لعبت المرأة دورها في التطورات والمستجدات التي شهدتها المنطقة وخاصة في سوريا وعلى وجه الخصوص شمال وشرق سوريا وأين اتخذت موقعها؟

  • يمكن تحقيق الثورة السورية عن طريق تحقيق ثورة المرأة والمثال الأهم في ذلك هو ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا. هذه الثورة تحمل بين طياتها دمقرطة النظام وخاصة منذ ثلاثة عشر عاماً التي تكمن في ثورة روجآفا والتي تسمى بثورة المرأة.

في الحقيقة هذه الثورة كانت بقيادة المرأة وكانت تحمل جوهر المرأة في حقيقتها ولم تحمل طابعاً قومياً بل طابعاً وطنياً، وكانت في هذه الثورة المرأة السريانية والعلوية والأرمنية والعربية منظمة على شكل منظمات نسائية استطاعت أن تعتمد على نفسها قبل أن تعتمد على أي قوة خارجية قائمة على مفهوم الرجل لأنّ هذه الثورة قائمة على إنهاء العنف والذهنية الذكورية والاحتلال.

المرأة في شمال وشرق سوريا قاومت على جبهتين جبهة الاحتلال والتي صعّدت من هجماتها وخاصة في عام 2024 ضد كافة الجبهات النسوية، والسياسيات والناشطات والمثقفات والأكاديميات والمفكرات وحتى المرأة الصحفية فمقتل الصحفية جيهان بلكين أخيراً في جبهة سد تشرين كان مثالاً واضحاً على ذلك.

5 – ما المستوى الثقافي والسياسي والاجتماعي والمعرفي والعسكري الذي حققته المنظمات النسوية على مستوى شمال وشرق سوريا؟

  • أجد بأن جبهة المرأة في هذه الثورة جبهة موحدة ومتكاملة من الناحية السياسية والدبلوماسية وحتى الناحية الاقتصادية. اعتمدت المرأة اقتصادياً على نفسها وكان للمرأة مشاريع كبيرة في عام 2024 وحققت اكتفاءها الذاتي وخاصة النساء في كافة المدن والأرياف. لقد كانت هذه الجبهة قوية من ناحية المرأة. أما من الجبهة السياسية؛ انفتحت المرأة بمقاومتها على العالم وباتت الثورة في شمال وشرق سوريا مصدر إلهام لكافة النساء في العالم، وقياداتها أصبحنّ رموزاً للمقاومة وقد نجد ذلك على أرض الواقع. أما من ناحية إصدار صوت الحقيقة؛ يجب علينا كنساء أن نكون صوت هذه الحقيقة في هذه الثورة، لأنّ المرأة سوف تأخذ حقوقها بقوتها ولا يمكن لأي طرف أو أي جهة أو أي جنس آخر منحها حقوقها.

لذا؛ فإنّ تصاعد هذه الهجمات واستهدافها نابع من هذه النقطة نفسها، لأنّ تصعيد المرأة من مقاومتها ونضالها ونشاطاتها كانت الواجهة الحقيقية لهذه الثورة واستمرارها وباعتقادي حصلت المرأة على مكتسبات حقيقية لا يمكن لأي قوة أن تفشلها في هذه المرحلة.

المرأة التي قادت الجبهات ضد داعش والمرتزقة لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي في هذا الواقع.  فأي قوة تحاول مسّ هذه المكتسبات سيكون مصيرها الفشل، خاصة بعد انهيار نظام البعث في سوريا يجب تحقيق نظام ديمقراطي لا مركزي تحمل المرأة راية قيادته في سوريا، وهذا النظام سيكون نظام قادر على تأمين كافة متطلبات مجتمعه. خلافاً لذلك؛ لا يمكن لأي نظام أن ينتصر ويصل إلى أهدافه، وأي طرف يفكر بذلك فهو ضرب من ضروب الخيال. إنّ اعتماد المرأة على ثقافتها الطبيعية في المنطقة ودون التلاعب بمقوماتها ومثابرتها على الحفاظ على هذه القيم هو أساس انتصار الثورة، وقد اعتمدت المرأة على فلسفة المرأة الحياة الحرية والتي طرحها المفكر عبد الله أوجلان وكانت هي المسار الحقيقي والبوصلة الحقيقية لإيصال المرأة إلى بر الديمقراطية وإلى تحقيق حريتها، واليوم المرأة واثقة ومؤمنة بهذه النظرية وتصعيد مقاومتها في كافة الجبهات نابع من هذا الإيمان.

فما تشهده بعض المدن السورية اليوم من انهيار لقيم المجتمع والمرأة هو بالأساس هجوم على الإنسانية بذاتها، لذا يجب على المرأة أن تكون يقظة وحذرة تجاه كل ذلك. إنّ الوعي بذلك يعتمد على النظرية الصحيحة والصائبة وليس الاستسلام أو الركوع للأنظمة التي تلي نظام البعث. إنّ المرأة لا يمكن أن تجد نفسها في نظام تسلطي مهيمن إمّا أن تستسلم أو تقاوم. وباعتقادي أنّ المرأة اختارت المقاومة في سوريا وشمال وشرق سوريا هو مثال حقيقي على ذلك، فالمرأة عاشت الثورة بكل تفاصيلها؛ قدمت كل ما هو نفيس وغالي من خيرة أبنائها في سبيل تحقيق هذه الأهداف. باعتقادي التضحيات التي تقدمها المرأة ستصل بها إلى تحقيق نظام ديمقراطي. ولو كانت المرأة في جميع أنحاء العالم متكاتفة لاستطاعت أن تحقق ثورتها مثلما تم تحقيقها في شمال وشرق سوريا وحماية مكتسباتها.

6 – في نهاية حوارنا؛ هل لكِ كلمة أو رسالة تودين توجيهها إلى النساء على مستوى سوريا والعالم كافة؟

  • طبعاً الخطر قائم والهجمات لم تتوقف، لذا؛ نحن بحاجة إلى ترصيص صفوفنا أكثر من أي مرحلة أخرى. إننا نشرف على أبواب عام جديد عام 2025 والذي سيكون عام تصعيد النضال وتحقيق أهداف المقاومة التي بدأتها المرأة منذ تاريخ طويل. وسيكون عاماً لفشل الأنظمة المهيمنة والتي تريد التلاعب بمكتسبات ثورتها لمحاولة إبادة المجتمع عن طريق إبادة ثقافتها، فالمرأة بوقفتها الصامدة ستحمي مكتسبات الثورة.

وباعتقادي إنّ قيادتها لهذه الجبهات ستكون هو ضمان تحقيق الثورة ووصولها إلى النصر المؤكد في سوريا وتحقيق ديمقراطيتها. يجب علينا أن نكون دائماً في الصفوف الأمامية لتحقيق أهدافنا مهما كان الثمن وأن نكون من هذه الناحية معطاءات وبالتالي قياديات في تحقيق النصر في هذه المرحلة التي نواجهها والتي تعتبر من أكثر المراحل التي تصاعدت فيه الهجمات على كافة مقوماتنا الحياتية، المرأة في تحقيق ذاتها تحتاج إلى شخصية قوية وتنظيم قوي كالتنظيمات النسوية ويجب أن تكون قادرة على مواجهة الجبهتين الأساسيتين  والمتمثلتين بجبهة الاحتلال وجبهة الهيمنة الذكورية واللتان تحاولان القضاء على المرأة وإبادتها، وبالتأكيد تحقيق دور الحماية الذاتية هو الأساس في حماية مكتسبات المرأة وأي مواجهة يجب أن تعتمد على القوة الذاتية وعلى الفكر الحر والإيمان القوي بأن انتصار الثورة هو انتصار لكافة نساء العالم.