بدأت الثورة النسوية التحررية من كردستان وتحولت إلى ثورة شاملة

“بدأت الثورة النسوية التحررية من كردستان

وتحولت إلى ثورة شاملة، لأجل جميع نساء الشرق الأوسط، والعالم أجمع”

 

نرجس إسماعيل

 

حفلتْ كتب التاريخ وعبر صفحاته الكثيرة بصور عن كفاح المرأة من شرق الأرض حتى مغربها، شمالها وجنوبها، وفي شتّى الحضارات السابقة، وصولاً إلى عالمنا المعاصر، ولكنها بقيت طيّ الكتمان، مُستترة عن الأعين، فمن تلك الحقائق ما تمّ محوها، ومنها ما تمّ تغييرها أو تحريفها عن سيرتها الأولى، ومنها ما ضاع ذِكرها واندثرت كأطلال المدن الغابرة، وما بقيت منها لا تفي بالمطلوب. عندما نبحث في حقائق التاريخ، ونقرأ في أسباب نشوء الثورات، ونحلل الوقائع التاريخية، وفق المعطيات، نستنتج أن أساس انتصارات ونجاحات كافة الثورات، كانت بلمسات المرأة البارزة.

كم من النساء المناضلات والمبدعات اللواتي أضفن طابعهنّ النسوي الحضاري على الواقع من خلال قيامهن بالمظاهرات المطالبة بحريتهنّ المصبوغة بدمّ الاضطهاد والعنف والتمييز العنصري الجنساني، وبدأنَ بحملات توعية ثقافية متنوعة كي يزرعن بذور الحرية الحياة، راغباتٍ في ركوب موجة التغيير الاجتماعي ورافضاتٍ الجمود وداعيات إلى الحياة الحرة الكريمة، وشعلة الثورات، لأننا عندما نبحث في حقائق التاريخ، ونقرأ في أسباب نشوء الثورات، ونحلل الوقائع التاريخية، وفق المعطيات، نستنتج أن أساس انتصارات ونجاحات كافة الثورات، كانت بلمسات المرأة البارزة.

السلطة الذكورية التي صبغت المجتمعات بلون العنف، أصبحت بلاءً على المرأة والمجتمع وحتى على الرجل أيضاً

من خلال دراسة المسيرة التاريخية للذهنية الذكورية والسلطوية على المجتمعات، نجد أن هذه الذهنية أصبحت بلاءً ليس على المرأة فقط بل على الرجل والمجتمع جمعاء. لقد عمقت هذه الذهنية من نقص قيمة هذه الأعمدة الأساسية للحياة، ألا وهي المرأة والحياة والحرية. حيث حولت من حقيقة المرأة – الأم إلى إنسانة لا قيمة لها ضمن المجتمع، فهي فقط لأجل إنجاب الأطفال والبقاء في قاع البئر مستعبدة ومضطهدة.

هذه الذهنية حولت معاني الحياة القيمة إلى مستنقع لا يستطيع العيش فيها، لأنها حولت الحياة إلى مصدر مادي وشكلي، وخاضع لذهنية الحداثة الرأسمالية. وهذه الحداثة الرأسمالية غيرت من حقيقة الحياة، وحولتها إلى جحيم مزركش بألوان زاهية، تخدع البصيرة، ولكن في جوهره هدفها إنهاء الحياة الاجتماعية المكونة من العدالة والمساواة والأخلاق والسياسة المجتمعية.

الصراعات التاريخية بين الحضارات منذ النشوء حتى الاندثار، جعلت من المرأة مادةً لسرد آثار تلك الحروب والصراعات وسبباً أيضاً، فهي الضحية الأولى، مما حذا بالرجل أن يستأثر بكل تلك الحضارات، ويتحول شيئاً فشيئاً إلى مصدر القوة الفكرية والفلسفية والعسكرية، ومُلهماً للثورات ومؤسساً للحضارات.

إن السلطة الذكورية التي صبغت المجتمعات بلون العنف، أصبحت بلاءً على المرأة والمجتمع وحتى على الرجل أيضاً. حيث كانت هذه السلطة تنظر إلى المرأة، نظرة دونية، وتفتقد إلى المساواة والعدالة الاجتماعية، على أساس أنها تحمل نصف عقل، ووفق هذا التصنيف، فهي لا تستحق نصف الحقوق، بل يؤخذ منها جُلّها، وأنها غير قادرة على قيادة المجتمع، وأيضا لا تستحق أن تكون صاحبة القرار.

لذلك تعرضت كثيراً للإساءة والإهانة، ومورس بحقها شتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي في سجون النظام الفاشي بهدف النيل من إرادتها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، المناضلة (شيلان كوباني) عضوة اللجنة المركزية في حزب الاتحاد الديمقراطي التي اغتيلت مع أربعة من رفيقاتها في 24 تشرين الثاني عام 2004، في مدينة الموصل أثناء أدائها مهامها الدبلوماسية.

على الرغم من السياسات القمعية التي مورست عليها على امتداد جغرافية الشرق الأوسط، لم تتخلَّ المرأة في روج آفا وشمال وشرق سوريا عن نضالها وكفاحها، فمع انطلاقة ثورة الحرية عام 2012، شاركت المرأة فيها بكلّ قوة وأدت دورها الريادي، وأثبتت للعالم تفوقها، وقدرتها على المشاركة العسكرية والسياسية والاجتماعية، واتخذت القرار السليم في كثير من المواقف والأحداث التاريخية، وخلقت أرضية خصبة لإحياء أيدولوجية المرأة الحرة، ضمن المجتمع وطبقاته وفئاته، ونظمت نفسها في جميع المجالات، خلال الثورة سواء السياسية أو العسكرية أو الاجتماعية، وهذا ما جعل منها ثورة حقيقية وسميت بثورة المرأة، وأثبتت المرأة وجودها في الميادين السياسية والدبلوماسية والعسكرية والاجتماعية وغيرها من الميادين الحياتية.

أصبحت تنظيمات المرأة في شمال وشرق سوريا رمزاً وأيقونة حرية لكافة التنظيمات النسائية في العالم، ومحطّ أنظار وتفاؤل للحركات النسوية في العالم زخرت منطقة روج آفا شمال وشرق سوريا بالكثير من الأمثلة، والتي تثبت حقيقة قدرة المرأة على التغيير للأفضل. حيث أن أغلب النساء استلمن مناصب سياسية، وكن صاحبات القرار في الرئاسة المشتركة، وكنّ سباقات إلى العمل وتحمل المسؤولية. في عام 2016 وطدت الإدارة الذاتية نظام الرئاسة المشتركة، واستطاعت النساء الكرديات والعربيات والسريانيات وغيرهن من تنظيم أنفسهن ضمن هذا النظام الذي أثبت فجاعته على الساحة السورية.

لقد كانت هذه الخطوة مهمة لخلق التوازن في المجتمع، فأصبحت تنظيمات المرأة في شمال وشرق سوريا رمزاً وأيقونة حرية لكافة التنظيمات النسائية في العالم، ومحطّ أنظار وتفاؤل للحركات النسوية في العالم، مثالاً يحتذى بها، كتجمع زنوبيا في الرقة، وحركة مؤتمر ستار في قامشلو، ودار المرأة في كافة مناطق الإدارة الذاتية، حيث أصبحت المرأة العماد الرئيسي لهذه الثورة.

استطاعت المرأة لأول مرة في روج آفا والشمال السوري، وفي عموم الشرق الأوسط، من تطوير نظام الرئاسة المشتركة بين الجنسين، حيث تخطت المرأة نسبة المشاركة 50%، ولم تتوقف عند المرأة الكردية فحسب، بل عملت جاهدة من أجل الوصول إلى جميع نساء المجتمع، من المرأة العربية والسريانية والشركسية والتركمانية، وذلك بتوحيد صفوفهن في مواجهة جميع المعوقات والمشاكل التي تتعرض طريقهن النضالي، فبادرت كخطوة أولية إلى إنشاء الكومينات الخاصة بالمرأة، للتعبير عن إرادة المرأة الحرة، وتنظيم أنفسهن بإرادتهن، من أجل ألّا تبقى المرأة خارج سور التنظيم المجتمعي.

ولإيمان المرأة القوي بأهمية التدريب في بناء مجمع ديمقراطي، قامت بفتح مراكز وأكاديميات للتوعية والتدريب والتنظيم في كافة القرى والنواحي والمدن. فكانت هذه الأكاديميات المنهل الذي ارتوت منه النساء فكرياً وذهنياً، واتخذت تحليلات وفلسفة القائد عبد الله أوجلان لها أساساً منيعاً للوصول إلى مجتمع يمثل حقيقة المرأة والحياة والحرية. أن نضال تلك النساء اللواتي نادينَ بالحرية، لم تكنّ على مستوى الشعارات فقط، فهي ليست عبارات عريضة مثيرة للاهتمام، لكنها في الحقيقة أكبر من ذلك.

أقوال المناضلات

عندما نستذكر أقوال النساء العظيمات، نجد بين كلماتهنّ رياح ثورة صاخبة، وعاصفة من العواطف، تثبت مدى تحررها من القيود التي كبحت طموحهنّ وحجزت إرادتهنّ. أبرزهن المناضلة سوجورنر تروث (1797 – 1883)، والتي كانت من المؤيدات لتحرير المرأة من النظام العبودي، وهي التي نادت بالمساواة بين الجنسين. حيث ألقت في مؤتمر حقوق المرأة في أوهايو عام 1851، خطابها الشهير بعنوان “هل أنا امرأة؟” فهي من المناضلات اللواتي تركن بصمة محاربة التمييز ضد المرأة والعنصرية والتهميش.

ولن ننسى حرب الثور الفيتنامية حيث كان الدور البارز للأمهات والفتيات وحتى المتزوجات من النساء، في كافة القرى والمناطق حيث كان شعارهن “لن نترك تراب الوطن حتى وإن متنا من الجوع” قدمت المرأة الفيتنامية الكثير من التضحيات. ومن غير الممكن أن ننسى شيماماندا نغوزي أديشي من مواليد (1977)، حيث شاركت في تطوير برنامجها الحواري الشهير في “TD” بعنوان “يجب علينا جميعا أن نكون نسويات”.

هنا تكمن الحقيقة؛ أن نضال تلك النساء اللواتي نادينَ بالحرية، لم تكنّ على مستوى الشعارات فقط، فهي ليست عبارات عريضة مثيرة للاهتمام، لكنها في الحقيقة أكبر من ذلك، لأنهنّ كنّ طموحات في طرح قضيتهنّ بما يتناسب مع الحقيقة من خلال تسليط الضوء على واقعهنّ، وإشعال نار ثورة فلسفية وفكرية، وبآفاق نسوية، كي تحضن المجتمع بشموليته، وتغيّر الواقع الموجود المزري.

فالمرأة تطمح دوماً إلى أن تحيا ضمن مجتمع مليء بالمحبة والوئام والأمان والسلام. حتى وإن كانت الذهنية السلطوية في كل بلد قد طُبقت بشكل أو بآخر، ولكنها وبكل عزم تبحث عن الحقيقة، وتريد عبر كفاحاتها ونضالاتها الدؤوبة أن تكتب التاريخ في مساره الصحيح.

كانت النساء المناضلات الكرديات في جميع مراحل التاريخ الكردستاني قد بدأن بثورات ذهنية معبّرات عن حرية المرأة والمجتمع. لأنهنّ ومنذ البداية هنّ المضحيّات في كلّ المراحل، ومنهن “ظريفة” التي ناضلت في ثورة الشيخ سعيد في ديرسم (باكوري كردستان – شمال كردستان) والتي بقيت كتفاً بكتف إلى جانب زوجها، هي التي قالت: “لا فرق بين الرجل والمرأة في الحرب والنضال لأجل الحرية”. حتى وصلت تضحياتهن لمقاومة الشهيدة آفستا في مقاومة عفرين، وآرين ميركان في مقاومة كوباني، والكثير من البطلات في ساحات الكفاح والنضال. وجود المرأة غير الواعية أو المدركة لحقيقة الحياة لن يستقيم المجتمع، ومن غير الممكن التحدث عن مجتمع حر أو حياة حرة ولا معنى للحرية بالذات، بدون إحياء كينونة الحياة.

عبر كل هذه المعاني السامية بالنسبة لقضية المرأة، فأننا نصل لتلك الفلسفة بأن تعريف معنى المرأة: هي الحياة بحد ذاتها، وليست شعاراً أو جملةً براقةً نقتدي بها، ونسير ورائها. هي تمثل المنبع الحقيقي للوصول إلى الحياة الصحيحة، وفي الوقت نفسه، لن نستطيع التحدث عن الحياة بدون فهم حقيقة المرأة الباحثة عن حريتها، بمعنى حرية الحياة بذاتها، وبدون وجود المرأة الواعية والحرة، من المستحيل أن نتحدث عن العيش بين كنف حياة مليئة بالعدالة والمساواة والمحبة والسلام. فوجود المرأة غير الواعية أو المدركة لحقيقة الحياة لن يستقيم المجتمع، ومن غير الممكن التحدث عن مجتمع حر أو حياة حرة ولا معنى للحرية بالذات، بدون إحياء كينونة الحياة.

ثقافة المرأة – الأم

جميع المناهج الموجودة في الكثير من المعاهد والجامعات والمؤسسات التعليمية، رغم أنها تنادي بحرية المرأة، وإعطاء القيمة في الحياة الاجتماعية، ولكن في مضمونها لا تمتلك أي قدرة كي تتقبل المرأة المثقفة الواعية، والصانعة لتاريخها، والمؤمنة بحريتها. وفي الوقت ذاته تدعوها إلى الاندماج بين أجنحة الحياة المادية والحداثوية، بطريقة أكثر جاذبية، فقضية الحرية عندها تحولت إلى قضية شعارات فقط. لكن في الحقيقة نجد أن فلسفة المرأة والحياة والحرية هي ثلاثة أعمدة أساسية لأجل البقاء أحراراً بين المجتمع. ولا بد من إدراك وفهم هذه الأعمدة وإحيائها، كي نفهم القيم الإنسانية.

رفيق المرأة القائد عبد الله أوجلان طرح الكثير من الأفكار وقدّم التحليلات الشاملة العميقة لمفهوم الطبيعة والمرأة، ليعطي حقيقة فلسفة المرأة والحياة والحرية بشكلها الصحيح. منذ أعوام الثمانينات والتسعينات وحتى وصولنا إلى عام 2013 أيضاً، حيث طرح قضية أن تكون المرأة هي بذاتها القوة والإرادة، والدافع الصحيح لأجل الوصول إلى حريتها المجتمعية والتاريخية.

 حيث قيم هذه المسألة هكذا: ” تُعد قضية حرية وحقوق المرأة وعدم جدوى المواقف التقليدية منها وضرورة اتخاذ الموقف الثورية لحل هذه القضية، من أهم المواضيع التي اهتمت بها حركة التحرري الكردستانية، نرى بأن القضية قد فتحت للنقاش، وتتم مناقشتها بجرأة، ولكن لم تتم أية تحولات ثورية حقيقية في الواقع العملي، أما الأساليب والوسائل والتجارب التي طرحت لأجل الحل، فلم تتجاوز في نوعيتها النضال الإصلاحي والحلول الإصلاحية، أما تطور الحركة النسائية التي أرادوا تطويرها في المجتمع الغربي وما حققت من مكاسب للمرأة، فهي موضع شك ونقاش، وحتى طرح القضية تم على أساس مادي وشكلي فقط من قبل الفكر الرأسمالي، هنا القضية الأساسية، إذاً كيف علينا طرح القضية؟ وما هي أساليب الحل الصحيحة؟ إذاً هنا لنطرح ثقافة المرأة – الأم”.

 رغم أن النظام العالمي للحداثة الرأسمالية تنادي بالحياة الهنيئة للمرأة والمجتمع، وأيضا تعدد الثقافات، ولكنها تبقى في إطارها الذهني السلطوي المستبد. هنا المغزى الأساسي: أن قضية المرأة والحياة والحرية من القضايا الأساسية لأجل الوجود. كما بدأت الثورة من كردستان لأجل الوصول إلى حقيقة المرأة والحياة والحرية، أصبحت شاملة حتى تحولت إلى حملة ثورية لأجل جميع نساء الشرق الأوسط والعالم أيضاً. الحروب الموجودة في شتى أنحاء العالم لا تخدم الطبيعة الإنسانية، هي التي تؤدي للدمار والإبادة وتفرغ الحياة من محتواها، الحروب الحمراء والبيضاء مفعمة بالدمار والظلم والاحتلالات لا غير.

كان لمقتل مهسا أميني (جينا اميني) هذه الحادثة التي وقعت يوم 16 أيلول 2022 في العاصِمة الإيرانيّة طهران، أثراً كبيراً على تغير مجرى التاريخ. حينَ فارقت هذه الشابة الكردية حياتها عقبَ إلقاءِ القبض عليها من قِبل شرطة الأخلاق التي تتبعُ الحكومة الإيرانية، بدأت الانتفاضات العارمة في جميع ارجاء روج هلاتي كردستان – شرقي كردستان. بعد استشهادها ولمدة ثمانية أشهر انتفضت النساء المناضلات تحت شعار ” جن، جيان، آذادي” ” زن، زندگى، آزادى “ حيث نادت جميع النساء ومن جميع الثقافات والمكونات بحريتهن، مطالبات بحياة أكثر انفتاحاً تعبر عن قيمة المرأة والحياة والحرية. فلسفة المرأة والحياة والحرية تحولت إلى بركان غضب لأجل مطالبة جميع النساء بحقوقهن في العدالة والمساواة والإرادة المستقلة والفكر الحر.

المرأة هي العمود الفقري للمجتمع، ولكن يتم تهميشها إلى أبعد الحدود، تحت ذهنيات عقائدية جامدة. فلسفة المرأة والحياة والحرية أصبحت لجميع نساء العالم، فهي تضئ الفكر وتثير الوعي وتعمل على افتتاح آفاق شاملة لإيصال المجتمع إلى حقيقة القرن الحادي والعشرون، بمستواه التقدمي والحضاري.

الشهيدة ساكينة جانسز كتبت في مذكراتها: ” اخترت المسيرة الثورية ليست لأنها ستحرر الوطن فقط، بل لأنني اقتنعت بان فلسفتها هي لأجل تحرير المرأة والحياة، وبدون تحرير المرأة والحياة لا يمكننا العيش بحرية”.

هنا كينونة الحياة الحقيقية. المرأة تبحث دوماً عن الحياة المكونة من العدالة والمحبة والوئام والسكينة. الشهيدة راپرين ايضاً كتبت في مذكراتها: ” لن يهدأ لنا بال إذا تحررت المرأة الكردية فقط، طموحنا أكبر من هذا، لأننا نطمح الى العيش في عالم تملئه الحرية الكونية، التي أساسها فلسفة المرأة والحياة والحرية. نحن بدأنا ثورتنا، وحققنا الكثير من النجاحات ولكن قضية النضال والكفاح لم تنتهي بعد”.

والشهيدة هفرين خلف قالت: ” لربما كان من السهل جداً الوصول إلى الحرية الشخصية لأي امرأة، ومن الممكن أن تعيش حياة عائلية هنيئة، أو تتحرر شكلياً، ولكن قضية المرأة هي قضية جميع نساء العالم. حين تظلم أي امرأة في أي جزء من العالم تحت نير الظلم، نشعر بأننا نظلم، لأن المرأة أينما تكون فإنّها الحياة ومعها تكتمل فلسفة الحرية”.

لذلك في محور عددنا الأول لمجلتنا “آفاق المرأة” أردنا تقديم الصياغة الصحيحة لمفهوم المرأة، الحياة، الحرية. ومن خلال طرح تفرعاتها أردنا طرح المعاني الحقيقية للمرأة والحياة والحرية، ليس كشعار يكتب على اليافطات أو جملة براقة، بل كي نصل لذاك التعمق في محتواها الفلسفي والعلمي المستند على منهاج الحقيقة.

وبذلك نصل إلى تلك النتيجة بأنّ عزلَ المرأة عن مسارات الحياة ومجالاتها، أو مجرد التفكير بهذا الأمر، يعني عزل المجتمع بكامله عن الحياة. ومجلتنا في إصدار عددها الأول يكلّل المعنى الثلاثي الأساسي للوصول إلى مفهوم الحياة السالمة والمفعمة بمعاني الحياة التي تستحقها المرأة والإنسانيّة جمعاء.