العائلة الديمقراطية ودورها في تطوير المجتمع

 

العائلة الديمقراطية ودورها في تطوير المجتمع

    هيئة التحرير

لتكوين العائلة أهمية كبيرة في تطوير سيرورة الحياة المجتمعية، منذ التاريخ وحتى هذه المرحلة التي نعيش فيها. العائلة ليست النواة فقط، وإنما هي الركيزة الأساسية للعيش معاً على أساس التوافق والتوازن الفكري والروحي والحسي والأمان المجتمعي. العائلة الحالية معضلة، لأنها مكونة من براثن وانحرافات الذهنية السلطوية ومخلّفات الفكرة المقولبة البالية، لذا لا يمكننا الوصول إلى رُقي العائلة الديمقراطية، إلا بالوصول إلى مستوى التغيير الفكري والذهني، الذي يطيح بتلك البراثن، كي نبني جيلاً راقياً ومثقفاً ومتفاهماً مع جميع الأمور.

للمرأة – الأم الدور البارز لأجل إحراز الوعي التاريخي والاجتماعي. العائلة التي تتمتع بالذهنية الديمقراطية هي أساس الاستمرار ضمن حياة متكاملة، فرغم الاختلافات والتناقضات بين أفرادها ولكن بالنتيجة هي العيش والتعاون نحو الأفضل والايجابي. ومن الملاحظ التهميش الكامل لدور المرأة (الأم) في العائلة والنظر لها فقط كآلة إنجاب لا أكثر. التغير الشكلي الموجود في بعض العوائل أيضاً لا يعبر عن الحقيقة المبتغاة. فتلك الديمقراطية شكلية ومزيفة. ذاك التغيير الشكلي نتلمس فيه تأثيرات النظام الرأسمالي – الحداثوي، المعروف بطبيعته إخراج كل شيء من مضمونه بعيداً عن الحقيقة.

إلا أن حقيقة الدور التاريخي للأمومة في المجتمعات، كان لا بد أن يدلي بمفرزاته حينما تسنح الفرصة. لذا بانطلاقة ثورة المرأة في شمال وشرقي سوريا تم اثبات؛ أنه لا شيء مستحيل لبناء العائلة الديمقراطية والمتحلية بروح الوطنية. ويعود السبب في ذلك الى التغيير الفكري وطرح القضية بشفافية بعيداً عن الكلاسيكية، ونقاشها عن طريق الحوارات الديمقراطية في العائلة بطريقة جدلية اولاً والمعاهد والجامعات والمدارس والمنابر الثقافية ثانياً. من هنا؛ فإنه على المرأة أيضاً البدء بذاك التغيير التاريخي فهي أيضاً متأثرة بتلك العادات والتقاليد البالية التي لا تتناسب مع حقيقة المرأة المجتمعية، ولا كينونتها في لعب دورها الريادي المشبع بأيديولوجية المرأة الحرة.

 فهي حين تشارك في جميع المجالات وبكافة أنواعها تصل لتلك الرؤية بأن الوصول إلى العائلة الديمقراطية تبدأ من ذاتها. فثورتنا المكونة بريادة كافة نساء المكونات: العربيات والكرديات والسريانيات والآشوريات والتركمانيات والشركسيات لهي بحد ذاتها موزاييك التنوع لخلق أرضية ديمقراطية مناسبة لتطبيق ذهنية ثقافة المرأة – الأم.

فالمرأة المناضلة والمقاتلة في جميع جبهات القتال والحامية لقيم المجتمع، والام التي تقدم فلذة أكبادها بدون تردد، والمرأة التي تعمل ليلًا ونهاراً في مجالات السياسة وبناء كافة المؤسسات، هو إثبات لتغيير تلك الذهنية المطبقة على المرأة منذ قرون وعهود. إذاً نصل لتلك النتيجة؛ أن رأس خيط التغيير يبدأ من المرأة أولاً. لكن؛ أي امرأة؟ تلك التي تستوعب حقيقة طاقتها الحياتية التاريخية والمجتمعية ايديولوجياً، والتي تتعرف على ذاتها الحرة ولا تعرف أي عائق.

من هذا المنطلق والتجربة التي عاشتها جميع نساء شمال وشرق سوريا نتأكد من خلاله بأن الثورة الذهنية هي الأنجح، لان الثورة الفكرية هي التي تعكس صورة المجتمع الديمقراطي المتحرر أكثر.

فعلى هذا الأساس؛ عددنا الثاني من مجلتنا المرموقة تحتوي بكافة زواياها المتنوعة من آفاق حرة وفكرية وكتاباتها الأدبية المكللة بفحوى محور العدد، التي تحاول طرح كيفية تكوين مفهوم بناء العائلة الديمقراطية. نتمنى من القراء والقارئات الاستفادة من عمق الأفكار وأطروحة الحلول.