العظيمات تمنحن الجمال والحياة للثورة

     العظيمات تمنحن الجمال والحياة للثورة

 

 

“هناكَ الكثير منَ النِساء اللواتي سطرّن التاريخ والبطولات

على أرضِ ميزوبوتاميا وكُردستان بالأخص،

بنضالِهنّ وكفاحهُنّ حتى الوصولِ إلى مرتبةِ الشهادةِ، 

ومن هؤلاء الشهيدات نسْتذكرُ الشهيدَتين يُسرى درويش وليِمان شويش”

 

إعداد: ليلى إبراهيم

هُنّ..

مناضلات وحاميات الوطن

لم يكونوا شموعاً

نهتدي بهم…

إنهم الحياة وشعاع الأملِ

 

هُنّ…

حفيدات النهرين

رحيق زهورها

بياض مائها

حباً وعشقاً أبدي على حوافها

 

هُنّ…

اللواتي كتبن وسطّرن

أعظم الملاحم

في عصر لا يعرف إلا السواد

حماماتُ محبةٍ وسلام

 

هُنّ…

براعم أوركيش

من الأبيض والأسود

إلى الأحمر والأصفر والأخضر

زركشوا كل شبرٍ من تراب ثورتنا

عزيزات هُنّ.. ليمان ويسرى

عظيماتٌ هُنّ…

أجسادهُنّ ترحل وقمة التضحية باقية

 

هُنّ…

النضال والكفاح والمقاومة

منهم نستمد روح الحرية

منهم نستمد العزيمة والقوة

هُنّ…

المرأة

والحياة

والحرية

 

تكون الكلمات صغيرة أمام شموخ عظمتهن. وحتى القصائد تنحني إجلالاً لنضالهن والكفاح الذي بدؤه وبدون تردد. أنا من وطن تملك ترابه وكل شبر فيه تضحيات شهيد وشهيدة. إنها ثورتنا العظيمة، التي تكللت بدماء الكثير من المناضلين والمناضلات. كيف تكون الثورات ناجحة؟ ما لم تقدم فلذة أكبادها فداءً للقيم المجتمعية ولأجل الوصول إلى حياة تحيا بمعاني المحبة والسلام.

 

حين أراجع تلك اللحظات وبالضبط قبل عشر سنوات، وأكثر، خاصة انتشرت في مجتمعات الشرق الأوسط ظاهرةً جديدة، وهي ظاهرة ما يعرف بالربيع العربي (والتي حقيقتها ربيع الشعوب)، والتي أرادت فيها الشعوب التمرد على الحكومات السلطوية والمستبدة التي تضغط على جميع حقوق المجتمع وفئاته.

تلك الثورات كانت الصرخة القوية من بين جوارح المرأة الشرق أوسطية وكافة الشعوب. إن المرأة المقاومة دوماً كانت هي الريادية في تلك الانتفاضات والتي هي انتفاضات المطالبة بالحرية والعدالة والديمقراطية والتخلص من السلطويين المتحكمين بمصيرهم. حيث كان الطموح الأول والأخير هو التغييّر نحو الأفضل. فخروج الملايين من أبناء الشعب عبرت عن الوقوف ضد الأنظمة الاستبدادية، والتي كانت تحكم شعوب الشرق الأوسط وخاصة (الدول العربية).

شرارة الثورة التحررية بدأت من تونس وليبيا ومصر واليمن وأخيراً سوريا، والتي انقلبت ثورتها رأساً على عقب، وفي الأخير لم تستمر إلى وقت طويل، بمعنى أصح أن هذه الثورات لم تدم حتى الوصول إلى أهدافها الأساسية. هذه الثورات وبالرغم من مشاركة المرأة الكادحة والمثقفة والشبيبة فيها، لكنها لم تحصل على مركزها ودورها الفعال التي تليق بها. فقط هُمشت المرأة في الكثير من المجتمعات العربية فلم تحصل على حقوقها بشكل كامل. ولكن هذا لا يعني بأن المرأة صامتة أو أنها مستسلمة ولن تقوم بثوراتها مرة أخرى. المرأة الشرقية تخبئ شرارة الحرية بين أفكارها وعواطفها ومشاعرها، أينما سنحت الفرصة تفجر صرختها ولا تتهاون.

 وحين نحلل المرأة التي أخذت دورها في السنوات الماضية للثورة، حتى وصلت إلى قمة الثورة وتقديم الكثير من التضحيات الجسيمة، طبعاً بدأت من ثورة 2011 حيث بدأت من روجآفا حتى الوصول إلى جميع المراكز وتأسيس المؤسسات والكومينات والمجالس ودار المرأة ومؤتمر ستار وتجمع نساء زنوبيا …الخ حيث نظمت صفوفها ووضعت لنفسها أرضية تثبت قدرتها على القيادة وإدارة شؤونها في الكثير من المجالات والأصعدة، وبخاصة في الساحة السياسية والاجتماعية ومنها المجال العسكري.

أصبحت المرأة الكردية والعربية والسريانية والتركمانية والشركسية ومن كافة الأطياف والأديان والأثنيات والمذاهب، المنارة والشعلة التي يحتذى بها. واستطاعت أن تشكل قوى عسكرية خاصة بها والمتمثلة بوحدات حماية المرأة YPJ، والتي أثبتت قوتها العقلية والقتالية على جميع الجبهات، وحملت سلاح الحرية ضد القوى الإرهابية المتمردة في مواجهة الحق والعدالة والمساواة وحقوق المرأة.

جميعنا نعلم بأن المرأة الكردية منذ بداية فجر التاريخ وحتى يومنا الراهن، لعبت دوراً عظيماً في بناء الحضارة الإنسانية، واستطاعت أن تثبت ذاتها (الذات الحرة)، كأساس متين في المجتمع استناداً إلى دورها في جميع شؤون الحياة التنظيمية، كونها تملك ذكاءً عاطفياً وتحليلياً أكثر من أي مرحلة تاريخية.

ومع ظهور ثورة 19 تموز ألا وهي (ثورة المرأة والبناء والتغيير)، سطّرت الكثير من الفتيات الكرديات والعربيات وكافة المكونات أروع الملاحم والبطولات، وأثبتنّ للعالم بأثره بأن المرأة تستطيع أن تجعل من الظلام نوراً، ومن قيود العبودية إلى ملاحم الحرية.

ولكل من أراد أن يعرف ماهية المرأة الكردية وتقديرها بالنهج السليم، عليه أن يقرأ فكر ونهج الفيلسوف والقائد أوجلان؛ حيث كتب وحلل الكثير من القضايا المتعلقة بالمرأة والمجتمع والحياة والحرية والتضحية والبناء وتاريخها العريق. وعند مقارنة أفكاره ونهجه مع الكثير من الفلاسفة والمفكرين الذين لديهم العديد من الكتب عن المرأة، سنستخلصُ بأن؛ هذا المفكر يُعتبر من الروّاد الذين جعلوا من حقيقة المرأة الركن الأساسي في فلسفته لأجل بناء المجتمع العادل والديمقراطي المليء بحقيقة السياسة والأخلاق. وطبقه بشكل فعلي بالرغم من الصعوبات الجمّة والتخلف والجهل اللذين كانا طاغيين آنذاك، واستطاع وبإصرار أن يبث في تلك النفوس الضعيفة والميتة القوة والثقة بالذات الحرة، ليحولهم إلى أمثلة تاريخية يحتذى بهن، والمرأة التي آمنت بفكر والفلسفة الاوجلانية خير دليل على تلك البذرة الناجعة التي غرسها في نفوسهم.

حيث يقول القائد عبدالله أوجلان في مرافعته الثالثة، والتي هي باسم (سوسيولوجيا الحرية) يقول: ستَبقى طبيعةُ المجتمعِ برمتها غيرَ مُنيرة، ما دامت طبيعةُ المرأةِ تَعُومُ في الظلامِ الدامس. فالتنويرُ الحقيقيُّ والشاملُ للطبيعةِ الاجتماعيةِ غيرُ ممكنٍ إلا بالتنويرِ الحقيقيِّ والشاملِ لطبيعةِ المرأة.”

لكل مدينة أو قرية روح وفكر وثقافة متنوعة، وحتى الميزات والعادات والتقاليد تميزها عن غيرها. شمال وشرق سوريا تحتوي على الكثير من القصص والحكاية والملاحم المذكورة اليوم في الأغاني. عندما أريد أن أتحدث عن مدينة عامودا والتي بالأصل اسمها (داري – باللغة العربية عامودا) بمعنى آخر هي تراب أشجار السنديان الشاهق والشامخ.

الموزاييك الاجتماعي المعروف في مدينة عامودا، مزيج من الخبرات والحكايات المعاشة والتاريخية العريقة. تلك الحكايات مُزجت مع أحجارها وترابها، وبقيت حيّة في حناجر المسنين الذين يغنون ويمدحون قصصهم من خلال أصواتهم العذبة. لهذا المزيج نكهة خاصة في مدينة عامودا، من خلال تنوع القوميات والأديان والطوائف، ومن جهة أخرى بساطة أهلها وكرمهم وثقافتهم العميقة الأثرية بعاداتها وتقاليدها وطيبة أهلها وتلالها الأثرية ومنها: (گري موزان/ أوركيش/ تل جاغر بازار/ گري شرمولا).

عامودا المعروفة بمدينة الشعراء والمثقفين، هذه المدينة التي ضمت جميع المكونات من كردٍ وعربٍ وسريان وأرمن، اللذين عاشوا حياة تشاركية ملئها المحبة والتعاون وروح المسامحة وخاصة نسائها اللواتي كان لهن الدور الأكبر في زرع روح المحبة رغم كل الآلام والمجازر التي تعرضت لها هذه المدينة الصامدة وذكرياتها الأليمة من خلال حرق قلوب الأمهات باحتراق أكثر من 200 طفل في سينما عامودا، لتجعل من هذه الذكرى الأليمة حكايات لأطفال عامودا وزرع روح المقاومة والنضال فيهم.

هناك الكثير من النساء اللواتي سطرن التاريخ والبطولات على أرض ميزوبوتاميا وكردستان بالأخص، بنضالهم وكفاحهم حتى الوصول إلى مرتبة الشهيدات، ومن هؤلاء الشهداء نستذكر الشهيدتين يسرى درويش وليمان شويش، اللتين عاشتا في ظل هذه الحكايات وتأثرن بها واللواتي حفرن اسمهن على صفحات التاريخ بروح مقاومة مبنية على روح الوطنية لمدينتهن داري – عامودا.

الشهيدة يسرى درويش

الشهيدة والمناضلة يسرى درويش؛ ابنة مدينة عامودا من روجآفاي كردستان مواليد 1971، صاحبة الابتسامة الجميلة والشخصية المرحة والقوية والتي أدركت التناقضات تجاه الحقائق السائدة في وسطها الاجتماعي وما بين تعليمها في جامعة حلب، درست الأدب الفرنسي وبدأت التدريسي في المدارس، وعملت في بداية شبابها ضمن فرقة آگري للثقافة والفن في مدينة عامودا.

وبعد بزوغ شعاع ثورة روجآفا وانطلاق الخطوة التاريخية لأجل التعليم باللغة الأم، اتجهت الشهيدة يسرى إلى مركز (رشيدي كورد) لتتعلم اللغة الكردية قراءةً وكتابة، وأخذ مراحله الثلاثة، والحصول على شهادة المعهد الكردي للشهيدة پيمان، وإعطاء هذه الدروس في المدارس وتعليم الصغار لغتهم الكردية، وأخذت مكانها في الأوساط السياسية وكانت حساسة تجاه قضايا المرأة ومشاركتها في العديد من المنتديات المحلية والدولية.

وكانت من المؤسسين لإدارة المدارس في عامودا وانضمت إلى الدورة الفكرية لمدة 45 يوما في أكاديمية (جلادت بدرخان). وانتخبت كرئيسة مشتركة للمجمع التربوي في عامودا لمدة خمس سنوات وأصبحت مديرة مدرسة مريم خان ومدرسة تيريج. وبعد مسيرة طويلة في السلك التربوي والتعليمي انتخبت رئيسة مشتركة لمجلس مقاطعة قامشلو. كما كانت طليعية ضمن الفعاليات المنددة بالعزلة المفروضة على رفيق المرأة القائد عبد الله أوجلان، وفعالة في النضال التحرري للمرأة في كامل كردستان. حيث توجهت في خطابها أثناء فعالية لدعم النساء المرشحات من حزب الخضر اليساري في باكور – شمال كردستان قائلة: “مجرد ترشحكن في الانتخابات ضد الطاغية أردوغان هو فوز بحد ذاته.”

كرّست الشهيدة يسرى درويش حياتها لإحداث تغيير مجتمعي شامل وفي سبيل ذلك عملت على تنظيم فعاليات اجتماعية وسياسية في مقاطعة قامشلو وتنظيم الكومينات في بداية ثورة 19 تموز. وكان لها دور بارز في حملة جمع التبرعات من أجل المتضررين من الزلزال الذي ضرب شمال كردستان – تركيا وأجزاء من سوريا في 6 شباط حيث التقت بمختلف الشرائح الاجتماعية والعشائرية في سبيل مساعدة المتضررين.

المناضلة يسرى درويش؛ كنتَ تشاهد بداخلها روح الطفولة التي كانت تتمتع بها، وروحها المرحة التي كانت تطفو في جميع حركاتها وتقرباتها في الحياة مع أصدقائها وعائلتها وزوجها الذي كانت تحمل له كل الحب والحنان والدفء. ومن ناحية أخرى كنت ترى فيها حقيقة العشق للحياة والعمل التي كانت تأبى إلا أن تعيشها بكل معنى الكلمة، لأنها أثناء قيامها بأي عمل كانت تقول للرفاق من حولها: “عندما أقوم بأي عمل يجب أن يكون على أكمل وجه.” نستطيع القول حقيقتاً أن الكلمات تبقى صامتة أمام تضحياتهم. المرأة المناضلة الشهيدة يسرى درويش هي من النساء اللواتي سطرن أعظم التضحيات على صفحات تاريخنا المشرق. فهي حتى آخر لحظة من أنفاسها كانت على عملها النضالي الدؤوب.

الشهيدة ليمان شويش

والرفيقة الشهيدة ليمان شويش التي تعجز جميع الكلمات عن كتابة مسيرتها الطويلة الثورية بين صفوف الحركة التحررية الكردستانية. كنتَ ترى فيها الإخلاص والوفاء، التضحية والحب، الصداقة والأمان، الدفء والسلام، والابتسامة الناعمة، ووقفتها الشامخة وتفاؤلها بمستقبل مشرقاً متحرر.

كانت عيناها تبدوان وكأنهما مرآة تعكس لنا حقيقة كل شيء جميل في الحياة وتحيطنا بجمال الحرية ومعناها الحقيقي من خلال كلماتها التي كانت همسات ونفحات نسيم باردة على جميع القلوب. تلك الكلمات التي أثّرت بكل شخص التقى بالرفيقة ليمان وعزيمتها على المقاومة وتحدي العدوان والخيانة بشتى أشكالها، وها هي الأن تفتحت كزهرة بين ربوع الشهادة، وباتت تعشعش في صميم قلوب الملايين من محبي الحرية.

الثورية ليمان شويش (ريحان عامودا) من مواليد 1968 من ناحية عامودا التابعة لمقاطعة قامشلو في روجآفاي كردستان. ناضلت لمدة 38 عاما، منذ ان تعرفت على قضيتها الوطنية كامرأة كردية، بحثت عن الهوية الوطنية وكافحت في صفوف المناضلات الأوائل في روجآفا، بحثاً عن حرية المرأة لتجهد في عموم كردستان وخارجها، وتحتضن القيم التي تمثل المرأة الحرة. نشأت على حب الوطن والتضحية وانخرطت في العمل الجبهوي عام 1985 وبعدها في العمل الثوري 1989 ولها تاريخ حافل بالإنجازات والكفاح.

واجهت الشهيدة ليمان شويش صعوبات جمة خلال مسيرتها النضالية، واعتقلت من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني في باشور كردستان (جنوب كردستان) ستة أشهر خلال عامي 2002 – 2003 اثناء نضالها من أجل القضية الكردية وحرية المرأة. كما ناضلت عام 2005 وحتى 2008 في جنوب كردستان في مدينة السليمانية.

رأت الرفيقة ليمان، أن الكفاح والنضال في كردستان وحده لا يكفي لحل القضية الكردية، لذلك توجهت إلى روسيا لتواصل كفاحها هناك على مدار سبعة أعوام متتالية عملت في الكثير من المجالات وأظهرت إبداعها في عملها. ومع اندلاع ثورة 19 تموز في روجآفا – شمال وشرقي سوريا، انضمت إلى الفعاليات التي تحوي نظام الأمة الديمقراطية في مدينة كوباني مركز انطلاق الثورة لتواصل كفاحها هناك بعام 2015.

تُعد ليمان شويش من الرائدات الأوائل اللواتي وضعن حجر الأساس للمشروع الديمقراطي في المناطق المحررة من مرتزقة داعش وفي مقدمتها مدينة منبج، وعملت هناك مدة ثلاث سنوات من عام 2016 لغاية عام 2019 خلال مسيرتها النضالية. تولّت الشهيدة ليمان شويش مهام عديدة منها: مهام ممثلة مؤتمر ستار باشور – جنوب كردستان ومؤخرا نائبة الرئاسة المشتركة لمجلس مقاطعة قامشلو.

هي المناضلة ليمان أوسي شويش؛ نائبة الرئاسة المشتركة لمجلس مقاطعة قامشلو، والتي كافحت بلا هوادة حتى يوم استشهادها، ضد الهجمات الممنهجة والنظام الأبوي الذي ينظر للمرأة على أنها عقبة. فالشهيدة ليمان تصدت لأعقد قضايا المجتمع وحلت الكثير من المشاكل العشائرية والطائفية والقبلية. علينا ألا ننسى بأن النظام الفاشي ينظر الى هؤلاء الرياديات تهديداً لسلطته، ولهذا السبب كانت ولا تزال المرأة الطليعية هدفه الأول ساعياً بكل الطرق إلى النيل منهنّ.

الشهيدة ليمان شويش؛ كانت مثالاً للمرأة المناضلة والمقاومة والتي تركت بصمتها في أجزاء كردستان الأربعة بقوة شخصيتها لأنها كانت تمتلك حساً عالياً من المعنويات والنشاط، ولم تقبل الاستسلام يوماً لتعطي القوة لكافة النساء من أجل الاستمرار في النضال لاستعادة حقوقهن المسلوبة.

المرأة في ثورة شمال وشرق سوريا

المرأة في ثورة روجآفا – شمال وشرق سوريا تمنحن الجمال والحياة لروح الثورة. بإرادتها وقوة إدراكها وسعيها المستمر لأخذ كامل حقوقها. وعلى النساء اللواتي حملن راية المقاومة والثورة، الوصول الى إنجاحها عن طريق النضال والتكاتف لاسترجاع حقوقهن وحريتهن، ويجب عليهن رفع صوتهن لتسمعن كل العالم وتؤكدن من خلال وعيهن وإدراكهن بأن الديكتاتورية في الأنظمة المستبدة هي التي تسعى دائماً لاستهداف جميع النساء اللواتي لم تقبلن الظلم، وقتلهن. لكي تبقى المرأة قابعةً في وحل الجهل والتخلف وعدم ممارسة قوتها في الريادة وتطوير المجتمع.

فنحن النساء نعتبر أنفسنا مسؤولات عن تحقيق الحياة الحرة الكريمة، وأكثر عدلاً، وأن حرية المرأة هي حرية المجتمع. وما قدمته المرأة خلال سنوات الأزمة السورية، وثورة شمال وشرق سوريا للمجتمع خير دليل ويؤكد على ذلك، فالنساء في شمال وشرق سوريا دفعت العشرات من الأمميات من مختلف البلدان العالمية التوجه إلى المنطقة، والتعرف على سر نجاح هذه الثورة وانخراط العديد منهن في صفوف العمل التنظيمي والعسكري إيماناً منهن بمبدأ حرية المرأة التي ناضلت وتناضل من أجلها نساء شمال وشرق سوريا وتسطرن ملاحم البطولات بإرادتهن وتوعيتهن الفكرية والذهنية.

فالرفيقة الشهيدة والعظيمة ليمان شويش؛ هي التي غذت فكرها وإرادتها وعواطفها وعنفوانها على اسس فلسفة الحرية للقائد عبد الله اوجلان. هي التي استمدت قوتها الشخصية في تكوين المرأة الحرة صاحبة الإرادة الحرة وهي تتعمق في شخصية الشهيدة ساكينة جانسيز. عندما كانت الرفيقة ليمان شويش في منطقة منبج كانت كل صباح في الساعة السادسة باكرا تستيقظ وقبل أن تقوم بأي شيء كانت تقرأ كتاب مذكرات الرفيقة الشهيدة ساكينة جانسيز. وبعد انتهائها من قراءة أي ذكرى من ذكرياتها كانت تتقاسمها مع الرفيقات والرفاق الذين يعملون معها.

وفي يوم من الأيام عندما كان رفاقها يستعدون لأجل الذهاب لتحضيرات مناسبة نوروز 2017 تحدثت لهم الرفيقة ليمان وقالت: “لا أستطيع القول بأن جسدي يعطيني كامل الطاقة الإيجابية، ولكنني عندما اقرأ مذكرات الرفيقة ساكينة أحس كل يوم بأن الآلاف الخلايا في عقلي وروحي ونفسيتي تتحول إلى طاقة ايجابية وتجري فيها الحياة وتزيد من حبي لمسيرة الحرية. رفيقات ورفاقي، أريد أن أقول لكم وبكل صراحة عندما لا يتغذى عقلنا وروحنا بماء فلسفلة الحرية للقائد عبد الله أوجلان وميراث العظيمات في تاريخنا؛ من غير الممكن أن نكتب التاريخ بقلمنا الحر أو نصل إلى ما نبغيه.”

الشهيدة ليمان كانت تستمد قوتها وتكوين شخصيتها من فكر القائد أوجلان، الذي رفع الظلم عن المرأة الكردية والعالمية بشكل عام، ورفع عنها والاستعباد وجعل منها محط للاحترام والتقدير وأن تكوّن قوية بتنظيمها وحزبها وجيشها وطاقتها المجتمعية.

هنا؛ نستطيع القول بأن فلسفة المرأة والحياة والحرية تكمن في تضحيات هؤلاء الشهيدات العظيمات. وبدون سلسة متواصلة من النضال والمقاومة يستحيل على أي قوة مهما بلغت جبروتها النيل من هذه الحلقات، لأننا نستلهم من شهدائنا روح الفداء والشجاعة هم الذين ضحوا بكل شيءٍ في سبيل نيل الحرية والوصول إلى مجتمع ديمقراطي منعم بحقيقة حرية المرأة الحرة.

ألف سلام وتحية احترام لجميع شهدائنا وشهيداتنا ولروح الشهيدة يسرى درويش وليمان شويش، نحن سائرون على دربكم.