السياسية الكردية والرئيسة التنفيذية السابقة لمسد إلهام أحمد  لـ آفاق المرأة

 

السياسية الكردية والرئيسة التنفيذية السابقة لمسد إلهام أحمد 

لـ آفاق المرأة

نظام الأمة الديمقراطية ذو بنية أيديولوجية قوية،

تستطيع صد كل الذهنيات النمطية الرجعية،

فهي نظام مجتمعي يعتمد الديمقراطية المباشرة”

 

إعداد الحوار: نرجس إسماعيل

 

1ـ بعد الترحيب. كيف يمكننا تعريف نظام الأمة الديمقراطية؟ وكيف يمكن أن يكون نظامها مختلفاً عن الأنظمة العالمية الموجودة؟

 

تحية طيبة. تعريف نظام الأمة الديمقراطية على أنه نظام مجتمعي يعتمد الديمقراطية المباشرة في تمثيل الشعب نفسه في مراكز القرار. ويعتمد على نظام “الرئاسة المشتركة” بين المرأة والرجل في إدارة المجتمع وجميع مؤسسات ولجان الإدارة. وتعطي الحق والحرية لكافة المكونات القومية والثقافية والأديان في المجتمع. وهو نظام سياسي واجتماعي وثقافي. وهو يختلف عن الأنظمة الدولية الأخرى بأوجه متعددة. فهو نظام لا يعتمد على نهج السلطة المركزية في إدارة المجتمع، وليس لها طابع قومومي ولا ديني ولا جنسوي. يعمل بآلية تراتبية أفقية وعمودية بين المؤسسات الإدارية والمجتمع. وهو نظام بيئي بعيد عن استغلال الصناعوية لصالح السلطة والربح السريع أو ما يعرف بـ الاحتكارات.

2  إذاً؛ ما هي آفاق الأمة الديمقراطية وما دور المرأة فيها؟ كيف يمكن أن تلعب المرأة دورها في تطوير مفهوم الأمة الديمقراطية في المجتمع، وما هي الطرق أو الأساليب وسبل الحقيقية لإحقاق ذلك في وقتنا الحالي؟

 بالطبع هذا الجزء أهم جزء في نظام الأمة الديمقراطية، وخاصة في الظرف الذي يسود العالم أزمة بنيوية في إدارة (النظام) نتيجة السياسات الإقصائية تجاه المجتمعات التي تمارسها الحداثة الرأسمالية والأنظمة الأبوية، والتي تخلق الأزمات كلما حاولت أن تضع حلولاً لأزمة راهنة، بالتالي يعتبر نظام الأمة الديمقراطية بديلاً عن الأنظمة الراهنة، ويتصف بالمرونة لأبعد الحدود حيث يمكنه من التنفيذ في أصعب الظروف التي تفرضها الأنظمة المركزية.

وباعتبار أنه نظام مجتمعي يعتمد على الإمكانات الذاتية في توفير ظروف المعيشة، ويفرض على الدولة في أن تكون منفتحة على الديمقراطية، هذا يعني إن آفاق الأمة الديمقراطية يجب أن تكون واسعة في أبعادها الأساسية: الاقتصاد، الثقافة، الدفاع، الاجتماعي، الدبلوماسي، البيئي، التعليم، الحياة النِدّية. وللمرأة دور هام ومحوري في كل هذه الأبعاد. نسبة لدورها التربوي في الأسرة والمجتمع وباعتبارها تمثل المجتمع، يقع على عاتقها مسؤولية ترسيخ ثقافة الأمة الديمقراطية أكثر من غيرها. فهي الأم والمربية والمعلمة الرائدة.

وسبل تحقيقها هي أولاً الذهنية التي يمثلها المجتمع والثقافة، إذ من الضروري إحداث تغيير في مناهج التعليم للأطفال، والتي تنبذ الشوفينية القومية والتعصب الديني والتمييز الجنسوي. فتربية الأجيال الجديدة على ثقافة الأمة الديمقراطية من أحد الضروريات الأساسية. أيضاً الإعلام له دور مهم في نشر الثقافة وفي تغيير السلوك في الحياة. مجتمعنا بحاجة للتشجيع على عملية التثقيف. لا يمكن للسلوك أن يتغير دون ثقافة واطلاع على تجارب متعددة في الحياة.

الآلية الأخرى التي يمكن اعتمادها في تحقيق الأمة الديمقراطية هو الوعي السياسي والاقتصادي الذي ينظم الحياة السياسية في البلاد ويرفع من وتيرة العمل بمواجهة المركزية المتشددة وبناء مؤسسات رديفة تؤدي إلى التخفيف من السلطة المركزية.

للأمة الديمقراطية قواعد أساسية تساهم في تحقيق الديمقراطية في المجتمع، الجانب الدفاعي والاقتصادي، من المعلوم أن الأنظمة الاستبدادية عملت على احتكار قرارات المجتمع وسلب إرادته من خلال تجريده من وسيلة الدفاع ولقمة عيشه، وإجباره على الخضوع للنظام من خلال ربطه بسلطته. أسس الجيش تحت مسمى، الدفاع عن حدود الدولة، واحتكر الاقتصاد ليقدم للمجتمع حسبما يعزز من سلطته ويتحكم بلقمة عيشه.

نظام الأمة الديمقراطية يتجاوز هذه الآلية ويحقق اللامركزية في الإدارة ويطور إرادة المجتمع ويعطيه صلاحية حق الدفاع الذاتي وتنظيم نفسه بناء على هذا الأساس. ويعمل على تطوير الاقتصاد المحلي والتعاونيات بحيث يعزز ويقوي من الاقتصاد المجتمعي ليحرر المجتمع من تحكم النظام المركزي.

 

 3ـ طبعاً في هذا المضمار هناك أسئلة كثيرة تطرح نفسها؛ برأيكم ماذا جلبت مفهوم الدولة القومية للنساء في دول الشرق الأوسط؟ وهل بإمكانكم ذكر بعض الأسماء للدول التي ساهمت في إضعاف نضال المرأة؟ وإذا كان بالإمكان ذكر الأمثلة الواقعية عن ذلك، وما هي المجازر التي ارتكبت بحق النساء نتيجة لسياسات هذه الدول في المنطقة؟

في الحقيقة هذا السؤال قيّم جداً، ويحتاج إلى الحوارات الديمقراطية وطرح الكثير من الأسئلة والأجوبة. فالدولة المؤسسة بذهنية ذكورية أتت بكل ما هو من أشكال العنف على المرأة. فهي التي حرمت المرأة من كامل حقوقها، وهمّشت دورها في الحياة السياسية والمجالات الأخرى، رسخت التبعية للرجل ضمن إطار قوانين وضعتها اعتماداً على الأعراف المجتمعية البالية.

فالمرأة ضمن مفهوم الدولة تعتبر أكثر طبقة مضطهدة محرومة من كامل حقوقها ومن إنسانيتها. وبقدر ما أتت بمصطلحات جديدة عن مفهوم المواطنة والوطن، إلا أنها زادت من نسبة الاضطهاد لأنها فتحت مجال العمل أمامها تحت مسمى المساواة بين الجنسين، لكنها لم تساوي بينهما في قيمة الكدح.

عندما نريد التحدث عن المجازر ليس بالضرورة أن تكون مجازر دموية، إنما المجازر الفكرية تعتبر أكثر خطراً على سلامة المجتمع وحريته. والمثال الحي أمام العيان والعالم أجمع هي المجزرة الأولى في باريس عام9/1/2013. والتي لم تكتفي في قتل ثلاثة نساء مناضلات ساكينة جانسيز وفيدان دوغان وليلى شايلمز، وبدأت بمجزرة ثانية بقتل المناضلة الكردية أفين كوي ورفاقها وذلك في باريس 23/12/2022.

لم تميّز الأنظمة القوموية بين النساء من حيث الثقافات أو القوميات أو الأديان، إنما اعتبرتها (المرأة) جنس وعنصر ناقص العقل والدين، ووضع القوانين حسبما يعزز من مكانة ودور الرجل على حساب المرأة، بالتالي كانت المرأة ضحية في كل الثورات الشعبية التي قامت عبر التاريخ، دائماً كانت مشاركتها على نطاق واسع، لكن بالنتيجة تصبح هي الضحية بسبب ضعفها التنظيمي وعدم وعيها بالتاريخ والنظام الحاكم. بالتالي هناك أمثلة كثيرة على حرق النساء وقتلهن تحت مسمى الشعوذة والكفر، ولدى تأسيس أول دولة قومية أيضاً تم أخذ النساء الرياديات إلى المقاصل وتم فصل رأسهن عن جسدهن فقط لأنهن طالبن بحقوق النساء أثناء الثورة ومع تأسيس النظام الحقوقي والقانوني.

نتحدث عن الحياة النِدّية التي ستحققها الأمة الديمقراطية، نعم ستتحقق الديمقراطية في المجتمع عندما تتوازن العلاقة بين الجنسين في الحياة، وعندما يبدأ الرجل بالبكاء وتكف المرأة عن الشكاية والصياح. تتأسس العلاقة النِدّية بين الجنسين عندما يمتلك كلاهما الإرادة والوعي، بدون الوعي من المستحيل أن تتشكل الإرادة، وبدونها أيضاً لا يمكن أن تكون هناك حياة نِدّية.

4– من هذا المنطلق ما دور نظام الأمة الديمقراطية في القضاء على مفهوم الدولة القومية وبالتالي خلاص المرأة من براثن سياسات هذا النظام المعادي للمرأة الذي يتجسد في نظام الحداثة الرأسمالية؟

النقطة التي يجب أن نشير إليها هي؛ أن نظام الأمة الديمقراطية يتمحور حول المرأة، وهو يعطي الأولوية لدورها في تنظيم الحياة الجديدة الديمقراطية، فعندما تكون المرأة فعّالة في هذا النظام هذا يعني إفساح المجال أمام تحرير طاقاتها وإمكانياتها الفكرية والجسدية. إذا لم تنخرط المرأة في خضم العمل، لا يمكنها التعرف على ذاتها وإمكاناتها أيضاً، بالتالي إيجاد الطريقة الشرعية لتطوير قدراتها مهم جداً. وهناك نساء لا يعرفن ذواتهن نتيجة حبسهن في المنازل وانشغالهن في الأمور الأسرية الخدمية والطوعية. لذلك نظام الأمة الديمقراطية تعطي المرأة القيمة التي تدفعها للعمل بمحض إرادتها الحرة، وبما أن الحياة النِدّية التشاركية تعتبر من أحد الأركان الأساسية للأمة الديمقراطية، هذا يعني أن تأسيس الأسرة لن يكون على ذهنية الذكورة ولن تكون متمحورة حول الرجل الأب فقط، إنما الجنسان يؤسسان الأسرة بإرادتهما الحرة وبوعي بعيد عن علاقة الاستعباد والتبعية والاستملاك من قبل الرجل.

وعلينا ألا ننسى بأن الدولة المؤسسة بذهنية ذكورية أتت بكل ما هو من أشكال العنف على المرأة. فهي التي حرمت المرأة من كامل حقوقها، همّشت دورها في الحياة السياسية والمجالات الأخرى، رسخت التبعية للرجل ضمن إطار قوانين وضعتها اعتماداً على الأعراف المجتمعية البالية. فالمرأة ضمن مفهوم الدولة تعتبر أكثر طبقة مضطهدة محرومة من كامل حقوقها ومن إنسانيتها. وبقدر ما أتت بمصطلحات جديدة عن مفهوم المواطنة والوطن، إلا أنها زادت من نسبة الاضطهاد لأنها فتحت مجال العمل أمامها تحت مسمى المساواة بين الجنسين، لكنها لم تساوي بينهما في قيمة الكدح. سوريا من إحدى الدول القومية التي ألغت وحظرت كل التجمعات والتنظيمات النسوية في سوريا، واختصرتها في الاتحاد النسائي البعثي، بذلك تكون قد قمعت الحركات النسوية المناهضة للاستبداد ودكتاتورية الذكورة. تركيا أيضاً أكبر مثال، وإيران والقائمة تطول في تعداد أسماء الدول التي تضطهد المرأة. عندما نريد التحدث عن المجازر ليس بالضرورة أن تكون مجازر دموية، إنما المجازر الفكرية تعتبر أكثر خطراً على سلامة المجتمع وحريته.

 5ـ إذاً وحسب رأيكم؛ كيف تقيمون دور المرأة في تطوير شكل الإدارة السياسية للنظام الديمقراطي؟ وما الدور الأساسي الذي يقع على عاتقها؟ وما هي الأسس التي يجب أن تقام عليها شكل هذه الإدارة السياسية وأبعادها وكيف تطبق على أرض الواقع؟

الإدارة السياسية بطبيعتها مجتمعية، أي أن السياسة تعتبر من صلب عمل ومهام المجتمع، فالمرأة التي تشكل المجتمع لابد أن تكون لها دور مهم وريادي في المجتمع أيضاً. المجتمع ينتج الإدارة السياسية أيضاً، فكل مجال من مجالات الحياة يحتاج لسياسة معينة لتنظيمها، بالتالي يكون للمرأة دور في تحديد تلك السياسات والإدارة التي لا تأخذ هذه المجالات بعين الاعتبار لا يمكن أن تكون إدارة سياسية.

 مثلاً: إدارة الكومين واللجان بطبيعتها سياسية، باعتبارها تشرف على إدارة الكومين، فإذا لم يكن لديها التصور السياسي بما يخص مجالات الاقتصاد والثقافة وغيرها، لن تكون تلك الإدارة قادرة على إدارة المجموعة في الكومين، بالتالي لا بد أن تمتلك القدرة على تحليل الواقع الموجود وتعريف المشكلة وتحديد الأولويات ومن ثم تحديد سياسات خاصة بحلها أيضاً.

مشاركة المرأة في العملية الانتخابية مهم جداً، رأينا تجارب متعددة في المجتمعات على مختلف المستويات، حيث تشارك المرأة في المراكز الحكومية والإدارية، لكن ذلك لا يساهم في تحسين وضع النساء في ذات البلد. تعتبر الانتخابات من أحد الوسائل المهمة لتعبر النساء عن رأيهن وتنخرطن بالمجال السياسي بشكل فعال، لكن إن لم تشارك المرأة بشكل منظم في العملية الانتخابية بالتأكيد ستساهم في تعزيز النظام الذكوري. لذلك التضامن والتحالف بين الحركات السياسية النسوية والنساء في الأحزاب السياسية ضروري وخطوة مهمة لضمان المشاركة الصحيحة في الانتخابات التي ستعزز من دور المرأة في العمل السياسي.

6 – وإحدى أبعاد تحقيق الأمة الديمقراطية هي “الدفاع”، يعني الحماية الاجتماعية، برأيكم  كيف يمكن ذلك؟ وما الدور الذي يقع على عاتق المرأة لتحقيق الحماية المجتمعية في هذا النظام؟ وكيف تستطيع توجيه ضربة قاضية لجهود ومفاهيم الدولة القومية التي ترى في استهداف النساء وعدم حمايتهن هدفاً رئيساً لها؟

هذا الجانب أكثر أهمية؛ الجانب الدفاعي مهم جداً في حياة المجتمعات، كثير من المجتمعات الفقيرة اقتصادياً وثقافياً، تراهم تسعى دائما بالدفاع عن نفسها واستمرارية ديمومتها عن طريق التناسل وزيادة العدد بالكم. وهناك مجتمعات تسعى بالاستمرارية من خلال الحروب وتوسيع رقعة جغرافية تحكمها. وهناك أساليب وآليات أخرى متعلقة بـ موضوع الدفاع والحماية.

حسب مفهوم الأمة الديمقراطية، يأخذ بُعد الدفاع دوراً مهماً في حياة الشعوب، وهو لا يشمل آلية واحدة فقط، إنما هناك سبل وأشكال متعددة من وسائل الدفاع. منها الأساليب المسلحة، ومنها الأساليب القانونية، ومنها الأساليب المجتمعية والوعي بالحقوق والواجبات. تتعرض المرأة لأشكال عنف لا مثيل لها، بالتالي هي بحاجة أن تتسلح بالعلم والوعي والثقافة، وتكتسب الإرادة، وتنظم صفوفها وتأسيسها لآليات دفاعية تكون قادرة على إيصال صوتها، وأخذ الإجراءات اللازمة لحمايتها سواء كان قانونياً أو اجتماعياً أو سياسياً. وهكذا هي المجتمعات أيضاً، فالمجتمعات أيضاً بحاجة لهكذا آليات للدفاع عن نفسها. هناك حاجة لتشكيلات شعبية مدنية تشرف على عملية الحماية ضمن إطار حماية الأحياء السكنية من أي اعتداءات قد تتعرض لها داخلياً أو خارجياً.

ففي كافة المؤسسات، بداية من الكومين والمجالس والمؤسسات ودار المرأة …الخ أن تلعب المرأة دورها في القيام بتطبيق نظام الحماية الجوهرية الداخلية والحفاظ على الأمن الاجتماعي. فكما الأم تحمي وتدير أمور الأسرة بطبيعتها، فإنها بتلك القدرة كي تحمي الوطن والتراب وشرايين المجتمع والقيم الأخلاقية والسياسية.

7 – حسبما يفهم من تقييماتكم بأن نظام الأمة الديمقراطية ذو بنية أيديولوجية قوية، تستطيع صد كل الذهنيات النمطية الرجعية، التي تتحلى بطابع الحرب والدمار وتستخدم من الدين وسيلة لتحقيق مآربها في نظام الدولة القومية، وخاصة ضد المرأة، هنا السؤال الأساسي ما دور المرأة كي تواجه هذه المفاهيم الخاطئة؟

 

في الحقيقة؛ إن قضية الدين مهمة للغاية كي نعطيها المعنى الحقيقي والجوهري القريبة من التوافق الاجتماعي. حقيقةً لقد تم استغلال الدين في سبيل ترسيخ السلطة السياسية لرجالات السياسة، أيضاً تم استثمار واحتكار العلم لنفس الهدف، ومن المعلوم إن الدين موضوع حساس ومهم في حياة المجتمعات الشرق أوسطية بشكل خاص. لكن استثماره من قبل الأنظمة الحاكمة إلى ظهور الفواجع مثل “حركة التطرف الديني”، وكانت المرأة الضحية الأولى لهذا حركات وأنظمة، رأينا في أمثلة تنظيم الدولة الإسلامية والحركات الشيعية الأخرى التي تستثمر طاقات المرأة في نشر فكرها المتطرف، وتم أسر أعداد كبيرة من النساء من قبل التنظيم وتم سبيهن وقتلهن فكرياً وروحياً وجسدياً، هكذا هي المرأة حسب المذهب الشيعي المتطرف أيضاً، وهكذا هي المرأة حسب النهج الليبرالي أيضاً، الذي يستثمر طاقات المرأة الفكرية والجنسية تحت مسمى الحرية الفردية ويحولها إلى مادة للتجارة.

ففي ساحات دول الغرب كثيراً ما تصادف مراكز الاتجار بجسد النساء كوسيلة للدعاية وممارسة الجنس بترخيص من الجهات الرسمية، والمرأة هي التي تختار المهن وتخيّر أيضاً. بمعنى إن العلمانية التي وضعت العلم في خدمة رأس المال الفاحش، والدينوية التي وضعت الدين في خدمة التيارات والأنظمة التي تسيس الدين، تحتكر وتستثمر المرأة في خدمة سيطرة السلطة والاحتكار والقمع والاضطهاد، بالتالي الأزمة التي نشهدها حالياً في الشرق الأوسط هي نتيجة للسياسات التي تمارسها تلك الأنظمة باسم الدين والعلم بالإضافة إلى مجازر ترتكب باسم الدين وعبادة الله.

أيضاً العلم الذي اخترع الذرة وكل الأسلحة التي باتت تقضي على حياة البشر والشجر والحجر، وأصبحت البشرية بأكملها على المحك بسبب تطور التكنولوجيا والصناعية البعيدة عن احتياجات الإنسان. لذلك فإن الأمة الديمقراطية تبقى على العلم والدين في إطاره المعتدل وأهدافه النبيلة التي تخدم البشرية ولا تدمرها. الأمة الديمقراطية تحقق التوازن بين هذين التيارين، حيث يضع المقاييس في ممارسة الدين ويحصرها بين الله وعباده، ويفصلها عن السلطة، حيث يركز على أن تتحول مراكز العبادة إلى مراكز لحل القضايا المجتمعية وتطوير الثقافة والمجتمعية، ويضع مبادئ لاستثمار العلم في خدمة البشرية والمجتمعات والإنسان.

للمرأة مكانة معنوية في مجتمعات الشرق أوسطية، بالرغم من سيطرة الفكر الديني على المجتمع، لكن التقاليد والأعراف المعنوية الممتدة من المجتمع الطبيعي استمرت ولا تزال، وتلعب دورها بشكل خفي بالحفاظ على مسار المجتمعية، إنها لم تتأثر بالتقسيمات الشوفينية التي وضعها النظام القوموي، وحافظت على تواصلاها وعلاقاتها الطبيعية ضمن إطار عشائري، عائلي، قبلي. هكذا علاقات تعطي الدور للمرأة أن تلعب دورها الحقيقي في الحفاظ على السلم المجتمعي، وتخفف من نسبة الحروب والنزاعات الداخلية بين المجتمعات على أساس العرق أو الدين أو المذهب.

 

8 – من هنا؛ كيف تقيمون أهمية العمل الدبلوماسي النسوي وأنتم كسياسية كردية ورئيسة سابقة للهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية في تحقيق نظام الأمة الديمقراطية؟ وكيف يمكن للمرأة أن تلعب دورها في تحقيق آلية مشتركة لجميع النساء في منطقة الشرق الأوسط والعالم؟

 

بالتأكيد التواصل والعمل الدبلوماسي مهم في إنشاء التحالفات التي تساهم في تبادل التجارب وتعميم مشروع الأمة الديمقراطية وثقافتها على الشعوب الأخرى، وطرحها كبديل عن الأنظمة القومية الموجودة والتي تحكم البلدان والمجتمعات وتدمر حياتها. المرأة بحاجة ماسة لهذا المشروع في إطار دبلوماسيتها، واعتباره الضمان الأهم لحقوقها وحياتها وحريتها. وكلما تعممت التجربة كلما تحررت المرأة والمجتمع أيضاً. فإن كافة النساء تواقات للحرية والعيش في كنف الأمان والسلامة المجتمعية، ولكن اتحاد كافة النساء لهي مسألة مهمة للغاية وتحتاج إلى تنظيم ونظام عالمي تشاركي ومتبادل الأفكار. وحسب تجربتي باستطاعتي القول بأن النساء لديهن القدرة والإمكانية الكافية في خوض (ثورة تنظيمية عالمية)، لتحقيق عالم مسالم بعيد عن الحروب والدمار وبريادة فكر وثقافة المرأة الواعية والمثقفة تحت مظلة الكونفدرالية الديمقراطية.