النضال النسوي لعام 2023 استمرارية لانتصارات عام 2024

 

 النضال النسوي لعام 2023 استمرارية لانتصارات عام 2024

المؤسسات النسوية والحركات الراديكالية باتحادهن معاً،

سيخلق تلك القوة العالمية والكونية في تنظيم المجتمع

تحت مظلة آمنة وملائمة مع الطبيعة الإنسانية”

نرجس إسماعيل

 

للمجتمع الدور البارز في إشباع الفرد فكرياً وسيكولوجيا بجوهر الحقيقة، التي تخوله في الاستمرارية بطبيعته الاجتماعية والتي تعتبر كهوية يحتمي بها من عمليات الصهر والانحلال. من دون فهم “الحقيقة المجتمعية” لأي فرد لا يمكننا إعطاء المعنى لمستوى إيصاله للحقيقة أو تمثيله لها. فالحقيقة تلك الدائرة الحلزونية التي تبدأ ولا تنتهي مع ديمومة الحياة والتغيرات التي تطرأ على كافة المراحل والأزمنة، مركزها هي المرأة – الأم.

وما يحدد من نجاح الممارسة الاجتماعية المتمحورة حول المرأة مرتبطة بمدى قوة الحقيقة المكونة في أيديولوجية المرأة. فالحقيقة بذاتها هي مدى قدرة التعبير عن قوة المعنى والحياة، اللتين تحتويها فحوى الظاهرة الاجتماعية. فالمعنى الأصح هو إن التعابير التي ترتفع فيها نسبة الحقيقة متعلقة بمدى تمثيل الظاهرة الاجتماعية لقوة المعنى والحياة. فالمرأة تكمل المعنى والحياة أينما كانت، هي وبطبيعتها المجتمعية تدير سيرورة الحقيقة وتدفعها نحو التغيير الدائم والخروج من الروتينيات المعتادة والتي لا تمس الطبيعة المجتمعية بأي شيء. فالمرأة تطمح دائما نحو تكوين الحياة الكومينالية المتوازية مع توازنات الحياة المجتمعية. طبيعة الأم الفيزيولوجية أيضاً تندفع دوما نحو التجديد وعدم قبول الموجود. هي التي تعطي المعنى لكل شيء موجود إن كان معنوياً وفكرياً ومادياً، ومحور علم الحياة يجتمع في جوهرها.

للكثير من النساء الرياديات الدور التاريخي في الوصول إلى تطلعات المرأة نحو تكوين مجتمع كومينالي ومساوي ومفعم بالعدالة الاجتماعية، بالتزامن مع الثورات التي بدؤها ومن تلك النساء الكساندرا دومونتوفتش 1853 – 1872 الشيوعية الثورية الروسية. وهي من أبرز نساء الحركة الشيوعية الروسية، فهي كانت تنادي وبقوة بأن الحركات الثورية والشيوعية ستكون ناجحة عندما تكون للمرأة الدور البارز في إدارة مسيرة الثورة والفكر.

وكانت لها علاقات تبادلية مع القياديات الثوريات مثل روزا لكسمبورغ وكلارا زيتكن. وروزا لوكسمبورغ التي قادت الحركة العمالية في الثورة الروسية ودافعت عن حقوق المرأة ووجودها ككيان مهم وأساسي في المجتمع. ولن ننسى ملكة تدمر (بالميرا) والشام والجزيرة زنوبيا. أنها كانت ذات رأي وحكمة وعقل وسياسة ودقة نظر وفروسية وشدة بأس وجمال فائق. والقيادية ساكينة جانسيز وهفرين خلف وجيان طولهلدان والكثير من القياديات اللواتي كتبن الكثير من التضحيات لتقديم الحقيقة المجتمعية المتمحورة في فكر المرأة الحرة والطليعية للمجتمع.

ظهور الكثير من الحركات النسوية الفامينية التي عبّرت من خلال الكثير من النضالات الجسيمة عن جوهر المرأة، ولكن بعض منها آلت بالفشل في الوصول الى تلك الطموحات المناداة بها؛ لأنها هي أيضاً بقيت على المحور النظري فقط ولم تكن بتلك القدرة على التطبيق العملي وتحويل واقع المرأة المرير إلى واقع مجتمعي ونيّر لكافة المجتمعات.

والمنظمات الموجودة في دول الشرق الأوسط لهي أمثلة يحتذى بها ولكن المرأة وما زالت غير قادرة على إدارة كافة شؤون المجتمع بإرادتها الحرة وبأيديولوجيتها المتحررة. الحداثة الرأسمالية وبكل رواسبها مشبعة لكافة وسائل الحياة بتأثيراتها السلطوية على المرأة.

فالنساء كافة؛ يحتجن إلى اتحاد طاقة الحقيقة المكونة فيهن، وعبور قيود الحدود المرسومة وجعل تعدد واختلاف القوميات والطوائف والمذاهب والعقائد واحةً لموزاييك الثقافات، وجمع كافة التجارب التي مروا بها إلى منبر عالمي تحوي كافة الآفاق والأفكار والرؤى الجديدة والمتنوعة، لنشر ثقافة – الأم، والعيش في كنف المعنى والحياة؛ الفاضلة، والجميلة، والحرة، والنور، والأخلاق السامية، والمجتمعية الكومينالية، بدلاً من الفكر التسلطي والذكوري الاستبدادي والظالم ليس على المرأة فقط، وإنما هي بلاءً على الرجل كإنسان أيضاً.

فالمؤسسات النسوية والحركات الراديكالية باتحادهن معاً سيخلق تلك القوة العالمية والكونية في تنظيم المجتمع تحت مظلة آمنة وملائمة مع الطبيعة الإنسانية. المخاطر أكبر مما نتصوره، المرأة والحركات النسوية وصلت إلى مستوى لا بأس به، ولكن القضية ما زالت عالقة وتحتاج للكثير من البحث والحوارات الديمقراطية والتنوع الثقافي بين كافة النساء ومن كافة أصقاع العالم. رأينا ونرى وأمام الرأي العام العالمي كيف أن المرأة الباكستانية تنتهك حقوقها المشروعة في الحياة وفي كل المجالات، فهي تتعرض للإرهاب، وكذلك النساء في إيران، والكثير من الدول وحتى بلدنا ونرى بواقعية نساء عفرين المحتلة وسري كانية وكري سبي وإدلب والحروب المستمرة، وكيفية تأثيرها على تلك الصيرورة التي كانت تديرها ثقافة الأم.

على هذا الأساس؛ ومن خلال ما ذكرناه آنفاً وخاصة ما ذكر في العدد الخامس، وطرحنا لدور المرأة في نظام الأمة الديمقراطية والتي تعرّفنا من خلالها بأن المرأة قادرة على ريادة ليس فقط العائلة أو العشيرة أو المدينة، بل هي وما تحمله من طاقتها الكونية المجتمعية قادرة على إدارة كافة الشؤون المؤسساتية والرئاسية.

 حقيقة لهي مصدر إلهام وسعادة وفرحة وتفاءل بأننا في القرن الواحد والعشرون، بأن نعيش في عالم تديرها (المرأة – الأم). فالعدد السادس اكتمل بفعاليات ونشاطات وثورات فكرية وإنجازات عام 2023، من قبل كافة المؤسسات والحركات والمنظمات والأحزاب والجمعيات والمبادرات النسوية في كل مكان، كي تكلل إنجازاتها بانتصارات جديدة في عام 2024.

صفحات العدد السادس مزركشة بكل أنواع الورود والزهور الملونة الربيعية التي تبشر برسالة واحدة للعالم وهي أن؛ “لا نطمح إلى أي عالم سوى عالم السلام والمحبة والعدالة وتنوع الألوان والثقافات واللغات واللهجات والأفكار ونوحدها في ربيع اسمه موزاييك المرأة الحرة والمضحية والتي تحيا فقط لأجل حياة لها معنى وقيمة”.

نتمنى من كافة القارئات والقراء الاستمتاع في الابحار بين هذا الموزاييك من الفيدراليات العصرية من آفاق المرأة الحرة.