المرأة المناضلة والأيزيدية بيريفان بنفش آگال – نجاح محمد خلف

“أنا من الرفيقات المحظوظات اللواتي بقينا مع هفال بيريفان.

هفال بيريفان حتى وعندما استشهدت،

استشهادها كانت بحد ذاتها ثورة عظيمة،

فهي انتفاضة جزيرة بوطان وكافة المناطق الكردستانية”

 

نجاح محمد خلف

رفيقة درب الشهيد مصطفى كلو

 

إعداد: لافا مزهر إسماعيل (الجزء الثاني)

 

” المرأة المناضلة والأيزيدية بيريفان بنفش آگال

التي أفدت بروحها الطاهرة لأجل الحرية،

هي النجمة التي ترصّع بها السماء لتشرق بكل نور”

 

إن الحياة الحرة هي الأمل الذي يجب أن يعيشها الشعب من أجل بناء مستقبله والمحافظة على الحضارة الإنسانية والرقي والتقدم وبناء مجتمع حر، وبالشهادة نصل لمجتمع حر. الشهداء هم مصدر الفخر والاعتزاز، وهم القدوة الحسنة، ليتعلم منهم الشعوب كيف تصنع البطولة في أصعب ظروف الثورة وأشدها. هم الذين ضحوا بأرواحهم الثمينة من أجل أن يعيش الشعب حياة كريمة، واستنشاق هواء الحرية. وحب الشهداء لوطنهم وأرضهم، وأيضاً سعيهم لحرية أهلهم وشعبهم، جعلتهم ينتقلون بمعرفتهم من علم اليقين، إلى عين اليقين بمفهوم الإنسانية والحرية، ليكونوا وسام شرف ومشاعل نور أوقدت شعلة الانتفاضة، وسيبقى ذكراهم خالدةً على صفحات التاريخ.

الشهداء كانوا يعلمون أن طريق الحياة الحرة مليئة بالصعوبات، ولكنهم لم يأبهوا بل تابعوا المسيرة رغم مشقته، حتى فاضت أرواحهم إلى السماء لتعانق نسمات الخلود. وثورتنا التي تكللت بدماء وتضحيات الآلاف من الشهداء والشهيدات العظام تحولوا إلى منارة وشعلة نقتدي بها كلما ضاقت بنا الظروف.

لا أستطيع أن أنسى تلك الثورية المندفعة، صاحبة الإرادة الحرة، والتي كلما أتذكرها، وكأنني أعيش مع رفيقي وزوجي الشهيد مصطفى. الشهيدة بيريفان بنفش آگال التي لم ترضى إلا أن تعيش حرة ومناضلة وصامدة في وجه الظلم والمعتدين، والتي عشقت الخلود فأبت إلا أن تكون حاضرة في حياة الشعوب حيةً وفي وجدان أبنائهم، فتقدمت وهي حاملةً لسلاحها لتقاتل وتقف أمام العدو والطغيان وهي مدركة أنها أمام خيار واحد فقط: “إما النصر … إما النصر“.

عندما أتحدث عنها لن أقول بأنني أعيش مشاعر عاطفية أو أريد أن أبكي، على العكس تماماً كلما أتذكرها فإنني أكون أقوى عزيمة وإصراراً على الاستمرار في مسيرة الحرية. الرفيقة بيريفان ليست مجرد رفيقة بل هي؛ المرأة المناضلة والمكافحة الأيزيدية التي أفدت بروحها الطاهرة لأجل الثورة، ولا يمكن لثورتنا أن تستمر لو لا نضالهن. فبفضل نضال الشهيدات مثل الرفيقة بيريفان وساكينة والكثير من أمثالهن، أصبحت المرأة تعتمد على ذاتها وتكافح وتنظم نفسها بنفسها، لأن المرأة لها دور كبير في تطور المجتمع.

حتى هذه اللحظة أتذكر ولن أنسى تلك الذكرى في حياتي؛ أول لقائي مع الرفيقة بيريفان كان في منزلنا في حي الهلالية. عندما رأيتها (فوراً دخلت القلب بدون استئذان)، أحببتها كثيراً، والسبب روحها المرحة والجميلة والمتواضعة. كانت لدي رغبة كبيرة لأتعرف عليها وأن نصبح أصدقاء. وعندما أتت إلى منزلنا لأول مرة كانت ترتدي تنورةً عليها نقوش مكعبات ملونة بألوان البني والسكري، وقميصها أيضاً كان بنفس التطريزة، وكانت ذو شعر أسود اللون وقصير وناعم وبشرة حنطية وابتسامة جميلة.

عندما كانت الرفيقة بيريفان تتحدث لم تتقبل فكرة (زواج القاصرات)، وكانت تقول بأن الزواج في العمر الصغير يخلق معه المشاكل، لأن الفتاة عندما تتزوج لا تعرف ما هو الزواج، فقط رغبتها هي أن تلبس ذاك الفستان الأبيض. وفي ذلك الوقت كانوا يقولون بأنه يجب على الفتاة أن تتزوج في عمر صغير لتُنجب الأولاد، لاعتقادهم أن طبيعة المرأة بعد سن معين إن لم تتزوج فإنها لا تعد قادرة على الإنجاب.

بكل صراحة إن الرفيقة بيريفان هي من النساء الأوائل اللواتي انضممن لمسيرة الحرية. وفي ذلك الوقت كنتُ قد تعرفت عليها للتو. ذهبنا معاً لزيارة الكثير من العوائل، ولكن لم أكن بتلك القدرة أو التفكير بأن أكون تلك المرأة التي ستنضم يوماً ما لمسيرة الحرية. وفي ليلة من الليالي أنا والشهيد مصطفى كنا نتحدث عن الوطن والقضية الكردية ووضع المرأة الكردية وكيف يتعاملون معها في المنزل وهي قابعة بين أربعة جدران، قال لي بأن علي الانضمام لصفوف الثورة وأن أخرج مع الرفيقة بيريفان كي أكون بتلك القدرة الفكرية والسياسية والاجتماعية والتنظيمية وأصل إلى تلك الشخصية المتحررة من عادات المجتمع والعشيرة.

أصرّ كثيراً وقال الشهيد مصطفى لي أنه يجب عليّ الانضمام إليهم. لم أكن واثقة من شخصيتي فقلتُ لهم:

  • لا أستطيع؛ فأنا لدي منزل وأطفال ويجب عليّ رعايتهم، وأنا من عائلة محافظة لا أستطيع الاختلاط كثيراً بمن حولي، وعلاقاتنا مع الرفاق هي علاقة سرية للغاية.

في ذلك الوقت لم أكن قد انضممت إلى الحركة الوطنية التحررية. وبعدها اقتنعت بفكرة الشهيد مصطفى على الانضمام إليهم، وبسبب إقناعه ليّ انضممت إليهم، كان يرغب كثيراً أن أنضم لثورتنا ويجب عليّ أن أفدي بنفسي لهذه الثورة، وأكون امرأة قوية ومناضلة، وأن أنشر فكر القائد عبد الله أوجلان. أقولها دائماً “أن الدافع والحافز الأساسي لانضمامي لمسيرة الحرية هي الثقة الكاملة التي أعطاني رفيقي الشهيد مصطفى لي، كي انضم للفعاليات التنظيمية وأن أخرج من قوقعة المنزل وأن المرأة فقط هي للإنجاب وتربية الأطفال”.

أتذكر جيداً ان الرفيقة الشهيدة عدالت هي التي علمتني الكتابة والقراءة باللغة الكردية، وكان من دواعي سروري بأن أمسك القلم بيدي رغم أنني كنتً متعجبة كثيراً. ولكن أجمل المشاعر والعواطف عندما تحس المرأة بأنها تصل إلى طموحاتها وأحلامها بالأكيد تكون أسعد إنسانة. والرفيقة عدالت كانت تزور العوائل بشكل سري وتعطي الدورات والتدريبات الخاصة على الحروف واللغة الكردية.

وفي يوم من الأيام جاء هفال مصطفى للبيت وكان معه كتاب باللغة الكردية والعربية، وقال لي أنني أتيتُ بهذا الكتاب لأجل عائلة كانت ستقرأها ولكنهم لم يكونوا في المنزل:

  • هفال نجاح هذا الكتاب سوف يساعدكِ لتتعلمي القراءة والكتابة باللغة الكردية والعربية، اقرئيها.

ولكنني كنتُ في تلك الفترة ولأول مرة أحمل القلم والدفتر وأكتب، بدأت بتعلم اللغة الكردية، تأملت الكتاب وأنا لا أعلم ولا أعرف القراءة! ولكن هفال مصطفى كان يثق بي كثير الثقة بأنني سوف أتطور وأكون امرأة وطنية تناضل وبنفس الوقت تدير أمورها المنزلية. عندما كانوا يأتون الرفاق والرفيقات إلى منزلنا، كنتُ أساعدهم كثيراً وأحضر لهم الأكل، كنتُ أعبر عن حبي لهم بهذه الطريقة. وهم بعد الاستراحة كانوا يبدؤون الحديث الطويل عن القضية والحرية وتنظيم الشعب نفسه بنفسه. ومن ناحيتي الفكرية كنتُ أستفيد منهم كثيراً لأنهم كانوا بحراً من العلم والفكر والسياسة والثقافة والتعليم.

في البداية لم أكن أعرف الرفيقة بيريفان كثيراً، ولكن بعد انضمامي للثورة والعمل معها عرفتها جيداً وأصبح بيننا تعارف كبير. في ليلة العيد كنا قد انتقلنا إلى المنزل الجديد للتو، وعندما كنا مشغولين في ترتيب الأغراض ونجهز احتياجات العيد طُرق الباب، ذهبتُ لفتحه، رأيت الرفيقة بيريفان والرفيق صالح ومصطفى معاً.

بابتسامة رقيقة قالت الرفيقة بيريفان:

  • أيفار باش

رحبتُ بهم

  • أيفار باش … أهلا وسهلا بكم… تفضلوا … تفضلوا..

لفت انتباهي بأن الرفيقة بيريفان كانت سعيدة ومرحة جداً وتضحك، أردتُ تقبيلها واحتضانها ولكنها كانت تضحك، أحببتُ أن أتعرف على سبب ضحكتها الزائدة، والرفيقة بيريفان ألقت التحية على الضيوف الموجودين في الغرفة، وعندما خرجتُ من الغرفة كانت لا تزال تضحك.

لم أتحمل وبدأتُ أسألها بتلهف:

  • أنتِ سعيدة جداً… أخبريني لماذا تضحكين كي أضحك أنا أيضاً معكِ..

قالت وهي مبتسمة:

  • سأقول لكِ.. وأنتِ أيضاً ستضحكين.. أتعرفين عندما أخذنا هفال صالح إلى منزله كانوا الجميع واقفين وينتظرون مجيئه، فذهب هفال صالح ليلقي عليهم السلام، وعندما تقرب من زوجته هند قام بتقبيلها أمام الجميع.

جلسنا وأنا أيضاً بدأت أضحك معهم. من الواضح كان الموقف مضحكاً بعض الشيء ولكنهم كانوا طبيعيين وكلما أتأملهم أحس بأن الكون ملكنا. الروح الرفاقية والاندفاع كان لا حدود له. بقيت هفال بيريفان حوالي ساعة وبعدها هي وهفال صالح خرجوا معاً.

أتذكر كنا في شهر رمضان، عندما كنتُ أصوم كانت الرفيقة بيريفان أيضاً لا تأكل شيئاً.

لم أكن أعلم أن الرفيقة بيريفان فتاة أيزيدية، ولكنها كانت تحترم كافة العادات والثقافات للعوائل والعشائر وكأنها مثلهم.

كنتُ أحب جميع الرفاق والرفيقات لأن حركة حزب العمال الكردستاني هي من الحركات التحررية والوطنية القيادية ليس لأجل الشعب الكردي فقط وإنما لأجل كافة الشعوب المظلومة. كانوا يحملون الشعب في قلبهم بثقافتهم وتعليمهم وأخلاقهم، كان لهم احترام كبير للكبار والصغار.

أحببتُ هفال بيريفان كثيراً، كانت إنسانة مختلفة في ثقافتها وتعاملها مع الشعب، إنسانة متواضعة جداً، وكان لها تأثيراً كبير على النساء خاصة. بإرادتها وصبرها كانت تشبه الشهيدة ساكينة أبنة ديرسم، صاحبة الشعر الأحمر، ولأن هفال ساكينة لم تكن تتقن اللغة الكردية جيداً لم يكن بمقدورها تعبير كل ما يجول في فكرها. كانت نقاشاتها فكرية وسياسية وتاريخية، هي المرأة الثورية القوية التي قاومت في سجون الفاشية التركية. هفال ساكينة لم تتقبل أبداً الظلم الموجود على شعبها والعبودية المطبقة عليهم. أما هفال بيريفان فكانت طليقة في اللغة الكرمانجية وتندمج مع المجتمع بسرعة. رغم أنه بقيت وعاشت في أوروبا أيضاً ولكن طريقة تفكيرها وعمقها كان باللغة الكردية – الأم.

هفال بيريفان فتاة من باكوري كردستان، ولأنها لم تقبل حياة العبودية ذهبت إلى أوروبا عند أختها (خاني)، كان أهلها يصرون عليها لكي تتزوج، ولكنها لم تقبل الزواج وكانت تقول يجب علينا أن نقاوم ضد الدولة التركية الفاشية وأن نحرر المرأة لكي يعاد لها هويتها التي سرقت منها منذ آلاف السنين بسبب الذهنية الذكورية السلطوية.

 هفال بيريفان كانت متطلعة وبشكل عميق على فكر وفلسفة المفكر عبد الله أوجلان، فمن خلال إلقائها للمحاضرات والنقاشات الموسعة وعقد الاجتماعات للعوائل والأفراد والمجموعات كنتُ أستخلص الكثير من النتائج ألا وهي أنها تحاول دوماً أن توصل تلك الفلسفة إلى كافة أبناء الشعب.

في ذلك الوقت لم نكن نعرف قيمة المرأة، كنا ندرك بأن المرأة إذا تزوجت أصبحت ملكاً للرجل فقط، وعملها الوحيد هو إنجاب الأطفال وتلبية حاجات المنزل ورب المنزل. وعندما كانوا يشترون لنا الثياب في السنة مرة واحدة كان يجب علينا ارتداءها حتى وإن لم يعجبنا. لكن بعد تعرفنا على فلسفة رفيق المرأة القائد عبد الله أوجلان، علِمنا بأن المرأة هي أساس المجتمع وهي التي تدير الحياة، وأنها قادرة على التعبير عن وجودها، ولها العمق الأيديولوجي وتستطيع أن تبني مجتمع أخلاقي مبني على الحرية والمساواة.

أتذكر في ذلك الوقت أن الشهيد مصطفى بدأ بالانضمام للعمل السياسي والتنظيمي. والرفيق الشهيد صالح بدأ بعمل تجهيز المجموعات التي كانت تنضم إلى صفوف الكريلا، في أغلب الأحيان حين كنتُ أراقب وأتأمل حياتهم الرفاقية التي لم تكن تعرف الحدود، كانوا أحياناً يناقشون ويتناقضون على الكثير من القضايا، ولكنهم حين كانوا يخرجون من المنزل كانوا رفاقاً بكل معنى الكلمة. الرفاقية التي كانت بين هفال مصطفى وصالح قليلة هي الكلمات التي ستعبر عن تلك الرفاقية. رفاقيتهم الوطنية والوفاء للقضية والسير نحو النضال والكفاح في أصعب الظروف. ارتباطهم بالتراب والوطن والحرية كانت من أكثر الميزات التي كانت تميزهم. وكل من التقى بهم تأثروا وبشكل مباشر بشخصيتهم. وكانوا يذهبون إلى تربسبية وعامودا وديرك رغم العمل السري في ذاك الوقت.

أحياناً أريد التحدث عن تلك الذكريات والأيام بالكثير من الكلمات، ولكنني أبقى ناقصة في التعبير. الرفاقية التي رأيتها بين هفال مصطفى وصالح كانت رفاقية وطنية وحزبية وتحمل الكثير من الصبر والمقاومة والنضال. كانت هفال بيريفان معهم وهي أيضاً تحمل تلك المواصفات. في بعض المرات عندما كان هفال مصطفى وبيريفان وصالح يأتون إلى بيتنا في وقت متأخر من الليل، وبعد أن يأكلوا كانوا يجتمعون في غرفة ويقرؤون كتاب “المقاومة حياة“، وهي مذكرات الرفيق مظلوم دوغان في سجن آمد. كانوا يقرؤون ويترجموها لي، وأنا أيضاً أتسمع وأستمتع بنقاشاتهم الشيقة.

أحيانا كنتُ أقول:

  • ألا تتعبون؟

 كان هفال مصطفى يبتسم يقول:

  • على العكس، حتى وأننا حين نذهب إلى أي بيت فلأن هفال بيريفان معنا، وهي فتاة، يستقبلوننا برحابة صدر. فالعوائل تحترم الفتيات، ونحن أيضاً وبعد الجلوس مع أفراد العائلة نناقش الكثير من المواضيع فهم يكتشفون حينها بأننا لسنا غرباء عنهم، بل وكأننا من أفراد العائلة.

عندما كنتُ أتسمع لتجاربهم وأتابع روحهم الرفاقية، كنتُ أطير من الفرحة والسعادة وكأنني أولدُ من جديد، وكنتُ أتحدث في خلجات أفكاري وأقول يا ليتني لم أكن متزوجة. وحتى وأننا، أنا وهفال بيريفان عندما كنا ننام بغرفة الأولاد كانت لا تنام، وتتحدث لي عن القائد وفكره وكيف يريد تحرير المرأة من العبودية وكيف يطمحون إلى بناء كردستان حرة.

في الحقيقة كم أنا سعيدة في هذه اللحظة بأنني أتحدث عن العظماء في تاريخ كردستان وتاريخ المرأة. فذكراهم بالنسبة لنا هي إحياء وصاياهم ومتابعة المسيرة التي قادوها، وضحوا بكل ما يملكونه فداءً للقيم العليا والإنسانية. حين أتحدث عن هفال مصطفى فأنا لا أتحدث عن زوجي، فلولا هفال مصطفى لكنتُ مثل الكثير من النساء والأمهات القابعات بين أربعة جدران في المنزل، وكانت حياتي منتهية.

الشهيد مصطفى؛ هو رفيق الدرب، وفي ذكراه دائماً أكون القوية والصبورة، وأحاول لأن أكون لائقة برفاقيته وثوريته.  الشهيد هفال صالح الذي كان معروفاً بقوته الثورية المندفعة نحو الإيجابية وحبه الكبير لهفال مصطفى لم تكن قليلة. وحتى وأنني أتذكر هفال جمال (مراد قره يلان)، في يوم من الأيام قال:

  • أنني قلتُ لهفال مصطفى وصالح بأن لا يلتقوا معاً، ولكنني أرى بأنهم لا ينقطعون عن بعضهم البعض ورفاقيتهم الحزبية قوية جداً كقوة الجبال. كنتُ أعتقد بأنهم إذا ذهبوا للجبال فسيكونون بعيدين عن بعضهم ولكن حتى في الجبال أيضاً يلتقون وتتلاحم قوتهم الثورية وروحهم الرفاقية تنتشر بين الرفاق.

والرفيقة بيريفان؛ تلك الإنسانة الحنونة والقاسية في الوصول إلى أهدافها في كل عمل. هفال بيريفان علمتنا الكثير والكثير. بأن نكون من النساء المتحررات ذهنياً ونفسياً واجتماعياً، وأن نطمح نحو الأفضل دوماً. أنا من الرفيقات المحظوظات اللواتي بقين مع هفال بيريفان. هفال بيريفان حتى وعندما استشهدت، استشهادها كانت بحد ذاته ثورة عظيمة، فهي انتفاضة جزيرة بوطان وكافة المناطق الكردستانية. الشهيدة بريفان قصة فتاة أيزيدية قوية الإرادة والعزيمة، هي الثورية التي سطرت في كل مكان داست عليها قدماها تركت بصمة ذو معنى. هفال بيريفان هي الفتاة الأيزيدية العاشقة للحرية والتي أثبتت بأن المرأة الأيزيدية مهما عاشت من فرمانات ولكنها طامحة للحرية دوماً وهي منبع ثقافة المرأة الشجاعة والقوية في كل الأزمان وهي نبض الثورة التحررية دائماً.

لأجل ذكراها ننحني لكافة شهدائنا وشهيدات الثورة العظيمات ونحن مدينون لنضالهم التاريخي والذي من خلاله أصبح بالنسبة لنا نور ساطعة نهتدي من خلالها نحو شمس الحياة والحرية.

عاشت المرأة التي مثّلت فلسفة المرأة، الحياة، الحرية

 

هفال بيريفان

 المناضلة والمكافحة

الفتاة الأيزيدية

 

رفيقة الدرب أنتِ

ويا جمال روح الثورة أنتِ

نتذكركِ وأنتِ هنا

بصماتكِ التاريخية

بين زقاق وشوارع مدينة الحب قامشلو

 

هفال بيريفان

الصامدة والثورية

انتفاضة جزيرة بوطان

الفتاة الأيزيدية

 

لروحك السلام

كنتِ ثورة الحياة

قوية الإرادة والعزيمة

 

يا عاشقة الحرية

أثبتي للتاريخ

بأن الفتاة الأيزيدية

جهورة، باسلة، طموحة

لا تأبه الفرمانات

هي القوية

نبض الثورة التحررية