على المرأة خوضُ كفاحٍ دؤوبٍ بشتى أنواعِ القولِ والعملِ الاجتماعيّ، بما في ذلك إنجازُ الثورة الفكرية

على المرأة خوضُ كفاحٍ دؤوبٍ بشتى أنواعِ القولِ والعملِ الاجتماعيّ،

 بما في ذلك إنجازُ الثورة الفكرية

“حاولتُ دوماً أن أكون رفيقاً للمرأة

وأكون الداعم الفلسفي لتطوير شخصياتها المجتمعية،

وأن تكون ريادية وقيادية وإدارية، أن تلعب دورها الطبيعي والصحيح.

لذلك طرحنا الأطروحة التاريخية بأن تبدأ المرأة بتنظيم نظامها الخاص بها،

وتشكيل جيشها وحزبها والآن مؤسساتها

وأن تأخذ مكانها الصحيح في كافة مجالات المجتمع”

 

المفكر عبد الله أوجلان

لم تكن أمي تملك مجتمعاً تمنحني إياه – حتى وإن رغبتْ في ذلك – لأن مجتمعها كان قد تشتت منذ زمن غابر. وما شاءت فعله، كان منحي حفنة من حياة، لم تقدر – حتى هي – على امتلاكها. وحكاية الأب مشابهة، وإن كانت بشكل مختلف. منذ أن فتحتُ عيني على النور نظرتُ إلى عائلتي على أنها تفرض ذاتها على أساس حيثيات قوة الكلان، وأنها خائرة القوى، مفككة، وليست سوى ميراثاً سقيماً وبسيطاً متبقياً من الأجداد. أما مجتمع القرية ومجتمع الدولة المبتدئ رسمياً بالدراسة الابتدائية، فلم أستسغْهما، ولم أفهم منهما شيئاً يُذكر.

فظاهرياً كنتُ قد صعدت إلى السنة الأخيرة في دراستي في كلية العلوم السياسية – الأقدم والأشهر في تركيا – بتفوق بارز، لكن النتيجة كانت إلحاق الضربة القاضية بمهارات التعلم. أما المدرسة الثورية التي اخترتُها فيما بعد، فكانت مسنناً في طاحونة أكثر سحقاً للحياة. ولو أنني كنتُ اتَّبعتُ هوسي للذهاب إلى الجبال منذ البداية، لربما مزَّقتُ هذه التراجيديا. إلا أن مخاوفي من أجل إنقاذ رفاقي وتنشئتهم وإعدادهم لم تترك مجالاً لسلوكٍ كهذا. وعندما ارتميتُ أمام باب أوروبا الشرقية والغربية، باعتبارها الممثل الأخير لحضارتنا، كان مقدراً عليّ أن أرى نفسي مجرداً من كل شيء في أوساط رأس المال وحسابات الربح الجليدية. لم يعد ثمة أية قوة تسيِّرني في هذه النقطة، ولا حتى عاصفة أنجر وراءها. بل ولم يعد يهمني ذلك أصلاً.

وفي هذه الأثناء أضرَمَ بعض رفاقي النار بأبدانهم لتأكلهم ألسنتها. وكان الكثير من الشباب والشابات اليافعين البواسل مستعدين للتضحية بكل ما يملكون. لا يمكن إنكار ذلك أبداً، فقد أبدوا أسمى آيات المقاومة، وأعظم أشكال الارتباط الذي لا يصدَّق. إلا إن كل ذلك لم يسفر سوى عن تعزيز وحدتي وتجذيرها.

عندما أمسكتْ بي القوى السيدة على كافة القارات بوحدة متراصة كقبضة اليد، وأرسلتني معتقلاً إلى إمرالي بالمؤامرة المحاكة وفق حساباتها ومزاعمها؛ كان أول ما خطر ببالي حينها هو الملحمة اليونانية التي تتحدث عن إله اليونان زيوس، الذي ربط نصف الإله بروماتوس إلى الصخر في جبال القفقاس، وصار يُطعِم كبده للنسور ويجدده كل يوم. إنه بروماتوس الذي سرق النار والحرية من الآلهة لأجل الإنسانية! وكأن هذه الملحمة تتحول إلى حقيقة تتجسد في شخصيتي.

إنني أنظر بعين الصواب إلى تقييمي لمرحلة محاكمة إمرالي كفترة بحث عن السلام الديمقراطي ودعوة إليه، وإن كنتُ أعيش ضمن ظروف عصيبة للغاية. حيث تميزت تلك الفترة بقيمة تحولية نوعية بارزة، تكاثفت خلالها ضرورة التخلي مبدئياً عن التطلع إلى المجتمع الهرمي والدولتي، سواء على مستوى الوعي أو الجهد. وأنا على قناعة باستنباطي درساً تعليمياً من هذه الأوقات الحرجة والصعبة. فقد قاومتُ بذاتي طراز المقاومة الفظة وطراز الخنوع والاستسلام السافل على حد سواء.

تعد المجتمعية الشرط الأولي لوجود الجنس البشري. ومن أحدث الحقائق المتجلية في علم الاجتماع، المتطور بذهول تماشياً مع تطور المجتمعية، هي أن أنسنة الإنسان تحققت بانفصاله عن فصيلة الثدييات البدائية السابقة له (وهي الفصيلة الأقرب إلى الإنسان). لكن، ومهما كثرت محاولات الفصل والعزل بين الفرد والمجتمع، اللذين يشكلان حالة الحياة، لا يمكن برهنة ذلك على الصعيد النظري. إذ ما من فرد يعيش بمفرده. قد يكون ثمة فرد تحطم مجتمعه، إلا أن هذا الفرد يواصل وجوده – على الأقل – بذكريات مجتمعه المتحطم ذاك.

وبتلك الذكريات تصبح مجتمعيته مسألة آنية. يرتبط اكتساب الجنس البشري للقوة بمستوى علاقاته الاجتماعية. ومن أفظع أساليب إضعاف الفرد واستعباده، هو فرض العزلة عليه. حتى العبيد والأقنان القرويون والعمال المدنيون المتواجدون على شكل جماعات، يكوِّنون مجتمعاً بحد ذاته، بحيث يتذكرون أنفسهم عبر تمرداتهم بين الفينة والأخرى. ومن جانب آخر، فالوحدة أفضل معلِّم على الإطلاق. وفترة الإنزواء التي مر بها كل عالِم وحكيم ونبي بارز في التاريخ، إنما تعكس هذه الحقيقة بكل جلاء.

الفردانية مصطلح مشحون بالتناقضات إلى أبعد الحدود. وهي بوجهها الآخر، طليقة حرة؛ وكأنها تحررت من قيودها للتو، على حساب مصلحة المجتمع. إننا نسمي الحياة المضبوطة – دون رادع أو عنف – في المجتمع، بالأخلاق. ولكن الفردانية تضّيق الخناق على هذه الأخلاق. أو بالأحرى، فالفردية في الحضارة الغربية تتطور ضمن سياق إضعاف الأخلاق وتهشيشها. وبينما يعد الفرد أساساً في الحضارة الغربية، يكون المجتمع هو الأساس في الحضارة الشرقية. نستخلص من هذا التعريف نتيجتين متباينتين: بينما يسمو الفرد الاستعماري الحاكم إلى الطبقة الإمبراطورية، يحيا الفرد المستعمَر والمظلوم أشد درجات العبودية والذل. وليس مصادفة أن يظهر الوجه الوحشي الفظيع للقرن العشرين من بين أحضان العبودية المتفشية والمتجذرة في عموم المجتمع، على يد النظام الرأسمالي. إذ ما من طيش أو تهور يستعصي على هذا النظام السيادي المنتشر لهذا الحد، بغرض الربح والمنفعة، بعد أن فقد قيمه المعنوية الأساسية. وما الوحدة والعزلة والحكم الصادر بحقي، سوى ظواهر تمتُّ بِصِلة كثيبة بالبنية العامة لهذا النظام.

فإذا ما أُخرِج مجتمعك أو شعبك من كونه “ذاته”، فمعناه الحكم عليك بالوحدة الهزيلة منذ لحظة الولادة. وبمقدار ما تخرج من كونك “ذاتك” وتغترب عنها، بمقدار ما تلتحم بمجتمع آخر. لكنك ستغدو حينها لست “ذاتك”. فإما أن تعاني من وحدة موحشة، أو أن تستسلم لواقع آخر. وهذا ما كانت عليه المفارقة المذهلة التي أسميتُها بـ”الشِّرك الكردي”. وكأنه عليك اختيار نوع الموت الذي يعجبك.

المسألة الوحيدة الباعثة على الأمل في خضم فوضى النظام الرأسمالي المعاشة اليوم، هي كون ظاهرة المرأة قد سُلِّط عليها الضوء، ولو بمحدودية. فالفامينية ساهمت بشكل بارز في إظهار حقيقة الأنوثة في الربع الأخير من القرن الأخير؛ وإن لم يكن بشكل مكتمل. وبما أن فرصة التغيير لكل ظاهرة تتزايد مع تصاعد التنوير العالي لها في الفوضى؛ فقد تنمُّ الخطوات التي ستُخطى لصالح الحرية عن انطلاقات وثابة نوعية، وقد تَنْفُذُ حرية المرأة من الأزمة الحالية بمكاسب عظمى.

لا جدال في أن للمرأة طبيعتها، مثلما هي حال كل موجود جنسي. ومع تزايد البراهين في حوزة علم البيولوجيا، تزداد مؤازرته لكون المرأة – كجنس بيولوجي – عضواً مركزياً يتخطى إطار المجتمعية. باختصار، إلى جانب أن جسد المرأة يشمل الرجل، فالعكس غير صحيح. أي أن جسد الرجل لا يمكن أن يشمل المرأة. من هنا نفهم أن الرجل مخلوق من المرأة؛ على خلاف ما ادعته الكتب المقدسة بخلق المرأة من الرجل. فـ”كروموسومات” (صبغيات) المرأة أكثر مما للرجل منها. حتى الدورة الشهرية (الحيض)، التي يُنظَر إليها كسوء طالع للمرأة؛ يجب اعتبارها مؤشراً قاطعاً على مدى حساسية ورِقّة علاقة المرأة بالطبيعة. يجب النظر إلى نزف الرحم كتدفق للحياة الطبيعية المستمرة التي لم تنضب بعد. أي أن جذور شرايين الحياة لم تنضب بعد. واستمرارها دليل على إرادتها. هكذا يجب استيعاب الأمر. أي، ما يقال عنه بأنه أمراض المرأة، ليس سوى ظواهر الحياة بعينها. وهي تنبع من تمثيل المرأة لمركز الحياة ونواتها. إن مشاكل الحياة المعقدة والمتشابكة تجري في رحم المرأة، في بطنها. والوليد المتولّد منها، والحبل السرّي، أشبه بالحلقة الأخيرة لسلسلة الحياة.

لذلك في الكثير من مراحل الثورة التي بأنها وبكل عزم ورغم كاف التحديات العصيبة، قدمت الكثير من الكراسات والتقييمات التاريخية والبروشورات العميقة التاريخية على قضية المرأة. بدأت بتحليل العقدة الكأداء للمرأة الكردية والمجتمع الكردي أولاً، وبعدها التعمق في حقيقة الحياة وكيفية انجرار هذه الحياة نحو المستنقعات الضحلة من خلال تعميق الأزمة في شخصية المرأة. فحللنا وبشكل تحليلي معمق قضية “المرأة والعائلة”.

توقفتُ كثيراً على هذه المسألة وحاولت دوماً أن أكون رفيقاً للمرأة وأكون الداعم الفلسفي لتطوير شخصيتها المجتمعية، وأن تكون ريادية وقيادية وإدارية، أن تلعب دورها الطبيعي والصحيح. لذلك طرحنا الأطروحة التاريخية بأن تبدأ المرأة بتنظيم نظامها الخاص بها، وتشكيل جيشها وحزبها والآن مؤسساتها وأن تأخذ مكانها الصحيح في كافة مجالات المجتمع. أردت تحقيق ثورة داخل ثورة. أنا على قناعة تامة بدون إعطاء المرأة الدور الكامل في إدارة المجتمع، حينها من المحال التحدث عن المجتمع المتحرر والواعي والديمقراطي.

إنّ عدم تبذيرِ الحياةِ مرهونٌ أولاً بتحقيقِ الأشكالِ الصحيحةِ والأخلاقيةِ والجماليةِ من الحياةِ مع المرأة. كما إنّ تحليلَ هويةِ المرأة (التي جُرِّبَت عليها ومُثِّلَت في شخصيتِها كافةُ ضروبِ العبودية) ومشاركةَ دعواها من أجلِ الحريةِ والمساواةِ كرفيقِ دربٍ في الحياة، يُشَكِّلُ الشرطَ الأوليَّ للتحولِ إلى رجلٍ سليمٍ وأخلاقيٍّ وجميل. ولَئِنْ قُرِئَت السطورُ المعنيةُ بذلك في المرافعةِ بعينٍ صائبة، فستُدرَكُ بنحوٍ أفضل دوافعُ إيلائي الأهميةَ الكبرى لهكذا نمطٍ من الحياة وجعلي إياه مبدأً ثابتاً.

حيث إنّ أفظعَ أشكالِ التردي الأخلاقيِّ والشناعةِ والقُبحِ تتولدُ عن نمطِ الحياةِ المنغمسةِ في رجعيةِ وبدائيةِ مفهومِ “التمكن من المرأة” الجنسويّ (شكل العلاقة الذي يشَوِّهُ حتى الميولَ الجنسيةَ البيولوجية)، والذي تفرضُه أخلاقُ المدنيةِ المتمحورةِ حول السلطةِ في كنفِ الحداثة.

وإذ قُرِئَ الصراعُ الذي خضتُه مقابل ذلك، واستُوعِبَت النتائجُ المترتبةُ عليه بمنوالٍ صحيح؛ فسوف تُعاشُ الحياةُ مع المرأةِ بصورةٍ أكثرَ أخلاقيةً وجمالية. لذا، ينبغي على كلِّ رجلٍ وامرأةٍ يتحملون عبءَ المسؤوليةِ في هذا السياق (ونخصُّ المرأةَ هنا) أنْ يَرتَقوا دوماً بمقارباتِهم وممارساتِهم العمليةِ في المجالاتِ العلميةِ والفلسفيةِ والأخلاقيةِ والجمالية، وأنْ يُنَظِّموها ويَعملوا على إحيائِها في ذهنيةِ الأمةِ الديمقراطيةِ ومؤسساتِها؛ وذلك كي يُعَزِّزوا من شأنِهم، وينظموا أنفسَهم، ويَحظَوا بمستوياتٍ متوازيةٍ ومتكافئةٍ في مختلفِ الحقولِ الاجتماعية.

لا يُمكنُ عيشُ الحياةِ البشريةِ إلا بنحوٍ مجتمعيٍّ حرٍّ وديمقراطيٍّ ومفعمٍ بالمساواةِ ضمن الاختلاف، سواء كان المرءُ طليقاً أم سجيناً، وسواءٌ تواجدَ في رحمِ أمِّه أم في أيةِ لحظةٍ أو مكانٍ داخل الفضاءِ المترامي. وكلُّ أشكالِ الحياةِ الأخرى هي شاذة، وبالتالي مَرَضِية. ولكي تُعادَ الحياةُ إلى مجراها الصحيحِ وتُداوى فتتعافى، ينبغي خوضُ كفاحٍ دؤوبٍ بشتى أنواعِ القولِ والعملِ الاجتماعيّ، بما في ذلك إنجازُ الثورة. وينبغي أنْ تَتكَوَّنَ في سبيلِ ذلك الذهنيةُ والإرادةُ اللازمتان أخلاقياً وجمالياً وفلسفياً وعلمياً.

الحياةُ بالنسبةِ لي غيرُ ممكنةٍ إلا عندما تُعاشُ حرة. وبشرحِ سؤالِ: “ما هي الحياةُ الحرة؟”، فالحياةُ المجرَّدةُ من الأخلاقِ والعدالةِ والسياسة، حياةٌ ينبغي ألاّ تُعاشَ على صعيدِ المجتمعية. يتحتمُ على كلِّ شخصٍ يَنعتُ نفسَه بالثوريّ، سواء أَسمَيناه بالاشتراكيِّ أو التحرريِّ أو الديمقراطيِّ أو الشيوعيّ؛ أنْ يعترضَ ويتمردَ على المدنيةِ المرتكزةِ إلى القمعِ والاستغلالِ المفرطَين من قِبَلِ الطبقةِ والمدينةِ والسلطة، وعلى أنماطِ الحياةِ السائدةِ في العهودِ الحديثة. إذ لا يُمكنُ بأيِّ وجهٍ آخر تحقيقُ وبالتالي عيشُ حياةٍ عادلةٍ وحرةٍ وديمقراطيةٍ واجتماعية. بل ستُعاشُ عندئذ حَيَواتٌ مليئةٌ بالكذبِ والأخطاءِ والسيئاتِ والقُبح. وهذا ما يُسمى بنمطِ الحياةِ الخاطئةِ ذاتِ الأرضيةِ غيرِ السليمة.

وعليه، يتوجبُ إدراكُ جهودي الحثيثةِ مدى حياتي، بشأنِ تحويلِ نمطِ الحياةِ هذا إلى إشكالية، أو بصددِ رفضي إياه كونَه إشكاليٌّ من الأصل. وإلا، فمن المستحيلِ فهمي، سواء كشخصٍ أم كقائد. ومَن ينضمُّ إليَّ أو يطمعُ في الاستفادةِ مني دون فهمي كشخصيةٍ وقيادة، فقد يشعرُ بالإحباط. ذلك أنّ الفهمَ الصحيحَ وإبداءَ الانضمامِ القويمِ مشكلةٌ اجتماعية، لا شخصية.

السؤالُ الآخرُ الذي يحفُّه الفضولُ ارتباطاً بذلك هو نمطُ الحياةِ مع المرأة. وقد تطرقتُ بين الفينةِ والأخرى في كافةِ مجلداتِ مرافعتي إلى سؤالِ: كيف نعيشُ مع المرأة؟ أخصُّ بالذِّكرِ الأهميةَ الفائقةَ التي يتحلى بها العيشُ مع المرأةِ في كنفِ الحداثة.

 فهي قضيةٌ لا تُحَلُّ بطلبِ يدِ المرأةِ أو البحثِ عنها، أو بخداعِها أو العيشِ معها في البيتِ “الخاصِّ” أو “العامّ”، أو بمشاركتِها الحياةَ بإنجابِ الأطفالِ أو من دونِهم. فلأجلِ حلِّ هذه القضيةِ التي تحتلُّ الزاويةَ الرُّكنَ في قلبِ وعقلِ القضايا الاجتماعية، يتعينُ العملُ أساساً بالمقاربةِ العلميةِ والفلسفيةِ والأخلاقيةِ والجمالية.

 فالحياةُ النِديّةُ الحرةُ مع المرأةِ في عصرِنا، أي في ظلِّ ظروفِ الحداثةِ الرأسمالية، تستلزمُ التحلي بروحِ المسؤوليةِ العليا وبالمقاربةِ العلميّةِ والفلسفيّةِ والأخلاقيّةِ والجماليّةِ لها. فمن دونِ معرفةِ الوضعِ الذي أُقحِمَت فيه المرأةُ طيلةَ تاريخِ المدنيةِ وفي العصرِ الحديث، ومن دونِ الاستطاعةِ على الدنوِّ الأخلاقيِّ والجماليِّ منها؛ فأيّما كان شكلُ الوحدةِ المُجَرَّبةِ معها، فإنّ كلَّ أنواعِ الحياةِ معها ستنتهي –دون بُدّ– بالأخطاءِ واللاأخلاقية والقُبحِ والشناعة.