قلم المرأة وديوان الأدب في إقليم شمال وشرق سوريا

قلم المرأة وديوان الأدب في إقليم شمال وشرق سوريا

الهدفُ الدائم والأساسي من تفعيل الواحة الأدبية

هي دعمُ قلم المرأة الحرة المثقفة”

ناريمان عفدكي

ناطقة باسم ديوان الأدب في إقليم شمال وشرق سوريا

الأدبُ أو الكتابة لا ينشاءان من الفراغ أو العبث، فالمرأة التي كانت تخوض تجربة الكتابة فيما قبل، أصبحت اليوم تمارس ما تحبه أو تؤمن به بكامل الحرية وبشغف دائم، فهي في تطور دائم ومستمر.
ولكي يكون هذا الإبداع متماشياً والتطورات السريعة التي كانت تعيشها المنطقة بشكل عام والمرأة بشكل خاص، كان لا بد من تنظيم بعض المؤسسات التي يقع على عاتقها مساعدة وتنظيم الحالة الأدبية بشكل عام، وأدب المرأة بشكل خاص.

 لذلك كان ومازال ديوان الأدب البيت الأدبي لجميع النساء الكاتبات ومن يمتلكن موهبة الكتابة، ولأن دعمَ المواهب الأدبية التي لم ترَ النور بعد لا يقلّ قيمةً عن دعم الكاتبات والأديبات اللواتي أصبحن نجوماً في سماء الأدب وأصبحت أقلامهن سلاحاً للدفاع عن ذاتهن وعن كل امرأة تمثلها، ومن هذا المنطلق بدأ ديوانُ الأدب بأعماله، وسيبقى هذا المبدأ هو الحجرُ الأساس لكل أنشطتنا المستقبلية.

تأسس ديوانُ الأدب في عام 2017 بإدارة نسوية، لذلك كان منذ تأسيسه الداعمَ الأساسي للمرأة ولقلمها، وعلى مرّ السنوات كان يعطي أهميةً كبيرة للنتاجات الأدبية النسوية، كما كان يسعى دائماً لتنشيط القلم النسوي. وذلك من خلال إعطاء الأهمية لطباعة الكتب التي كتبت بقلم المرأة أو الكتب التي تعالج مواضيع المرأة بشكل عام والمرأة الكردية بشكل خاص عبر التاريخ والوقت الراهن. كما كان وما زال يقيمُ الفعاليات والنشاطات الأدبية، وكانت المرأة ضمن هذه النشاطات موجودةً بقلمها وأفكارها، ويتم تقديمها في هذه الفعاليات بشكل أكاديمي ومدروس.

ولتسليط الضوء على الأعمال الأدبية لسنة 2023 في ديوان الأدب بشكل عام والنشاطات الخاصة بالمرأة بشكل خاص، لا بدّ من ذكر أنه كان عاماً خاصاً بالمرأة من الناحية الأدبية والإبداعية،  فنحن كديوان الأدب في شمال وشرق سوريا تقصّدنا أن نتبعَ سياسةً داعمة لقلم المرأة لعامي 2022 و2023، وذلك من خلال التركيز على المواد الأدبية التي تصل إلينا للطباعة، فنحن هنا لم نشدّد على المواد التي كانت من إبداع قلم المرأة بالموافقة أو الرفض، بل كنا نحاول أن نقدمَ النصائحَ و الملاحظاتِ ونفتح المجال لتعديل المادة بشكلٍ يخدم المادة ونعيد النظرَ مرة ومرتين حتى تصل المادة إلى المستوى الذي يليق بها وبجمال روحها وإبداعها، وتصبح  المادة الأدبية جاهزة للطباعة.

وفي حال كانت المادةُ التجربةَ الأولى للكاتبة، فهنا نحن نتجه إلى النصح أكثر من التقييم، والهدف من هذه الخطوة أن تستفيدَ الكاتبة من هذه النصائح على طول مسيرتها الإبداعية، وأن تكون هذه النصائح الدافعَ وبنفس الوقت الداعمَ لجميع المواد التي تليها. لذلك نحن نركز على أن تقرأ اللجانُ الموادَ وتقيّمها قبل الطباعة دائماً، وأن تنظرَ الى المواد الإبداعية الخاصة بالمرأة من منظورٍ خاص وحساس، كما نحاول قدر الإمكانات أن تقيمَ المرأةُ نتاجاتِ المرأة لأنها قد تكون الأقرب إلى إحساسها من الرجل.

 في عام 2023 قمنا بقراءة 21 مادة مكتوبة بقلم المرأة باللغتين العربية والكردية وعلى مستوى إقليم شمال وشرق سوريا. ومن ضمن هذه الكتب تم طباعة تسعة فقط، لأننا في النهاية ورغم التسهيلات والمساعدة التي نقدمها لقلم المرأة لا نطبعُ المادةَ التي لم تصل إلى المستوى الذي يليق بالمرأة وبثورة روجآفا، التي هي ثورة المرأة، ونطمحُ دوماً أن تكون ثورة المرأة الأدبية والإبداعية والفكرية في نفس المستوى.

ولتنشيط حركة النقد الأدبي وتسليط الضوء على النتاجات المحلية التي يتم طبعاتها، يقيم ديوانُ الأدب سلسلةَ فعاليات نقاشية، وذلك ضمن جلساتٍ أدبية لنقاش كتابٍ أدبي تحت اسم (ديوان القراءة) في مختلف مدن مقاطعة الجزيرة ومقاطعة الفرات والتي تحوي مدينة المقاومة كوباني. ومن ضمن جلسات ديوان القراءة في عام 2023 تم نقاش عشرة كتب كانت مكتوب من قبل كاتبات، وذلك بحضور مثقفين وأدباء، وفي بعض الأحيان بحضور الكاتبة ذاتها ومشاركتها النقاش بشكل مباشر.

إنّ حضورَ الكاتبة بنفسها في الجلسةَ النقاشية يدور حول إبداعها يتطلب الجرأة، ولذلك كنا نركز على حضور الكاتبة لدعمها ولكي تستفيد هي من هذه الجلسات وتتعرف على نقاط القوة والضعف في كتاباتها، وكي تتحاشي الأخطاء التي وقعت فيها في المرات المقبلة، وبمعنى آخر تستفيد من آراء النقاد والكتّاب وجيل الشباب في أسلوب كتاباتها المستقبلية.

ولأن شهرَ آذار هو شهرُ المرأة، فنحن كديوان الأدب نحتفل بالمرأة الكاتبة عن طريق تخصيص هذا الشهر لعقد عدة جلسات نقاش خاصة بنتاجات المرأة، وذلك في عدة مدن وبحضور النساء الكاتبات لنقاش نتاج صديقاتها.

أما فيما يخصّ دعم المواهب الشبابية، ومن منطلق أن الفتيات الشابات وخاصة الموهوبات في مجال الكتابة الإبداعية يحتجن إلى الكثير من التشجيع؛ وحيث المجال الأدبي في المنطقة كان على مرّ سنوات حكراً على الرجال، الأمر الذي خلق بعضَ التخوف عند النساء فيما بعد لخوض تجربة الكتابة أو طرح أسمائهن ككاتبات، أطلق ديوانُ الأدب في بداية  2023 إعلان رغبته في إقامة ورشة تدريبية للفتيات الموهوبات وخاصة للفئة الشابة، وبعد تسجيل أسماء المشاركات بدأ الديوانُ بأعمال الورشة مع تسع فتيات موهوبات يمتلكن الموهبة الإبداعية ولديهن الشغف و الاهتمام بهذا المجال.

 الورشة كانت عبارة عن ثلاث مراحل: المرحلة الأولى كانت عبارة عن إعطاء دروس نظرية بحتة في مجال القصة، الشعر، المقالة، نصوص مسرحية والرواية، وذلك من قبل أساتذة مختصين في كل مجال على حدي، أما المرحلة الثانية كانت عبارة عن مشاركة تجارب نساء كاتبات عن تجربتهن في الكتابة ومشاركة الفتيات بالصعوبات التي واجهتهن وكيف استطعن التخلص منها، وتقديم النصائح لبداية مشوارهن وقراءة بعض أعمالهن للمتدربات.

أما المرحلة الثالثة والتي هي الأصعب كانت محاولة التجريب في الكتابة من قبل المتدربات، وبدء كتابة نصوص أدبية خاصة بهن، من مختلف الأجناس الأدبية وباللغتين العربية والكردية، ونحن الآن بصدد طباعة كتاب مشترك من نصوصهن.

ومن ناحية أخرى يقيم ديوانُ الأدب سنوياً (مهرجانَ العم أوصمان صبري الأدبي)، بالتعاون مع هيئة الثقافة في مقاطعة الجزيرة، وفي كل سنة نركز على تواجد المرأة بكل فعاليات المهرجان، وأن تكون بصمتها في كل شيء ابتداءً من التحضيرات إلى المشاركة بمسابقة المهرجان إلى لجنة التحكيم، وأخيراً مشاركتها بإلقاء قصائدها أو قراءة قصصها على جمهور المهرجان.

 كما يكون لديوان الأدب سنوياً مشاركة في مهرجان أدب وفنّ المرأة، الذي يقام من قبل هيئة الثقافة في مقاطعة الجزيرة سنوياً، وذلك عن طريق التعاون والتكفل بالجانب الأدبي للمهرجان، حيث يعتبر هذا المهرجانُ هو الأول من نوعه الذي يسلط الضوء على إبداع المرأة في المجال الأدبي والفني.

ومن أعمال وفعاليات ديوان الأدب كذلك: (الأسبوع الأدبي) حيث يقام سنوياً ويكون على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا، ومن المحاور الأساسية التي يتم طرحها والنقاش عليها هو أدب المرأة وما هي الصعوبات والعوائق التي تواجهها، وعلى مدى ستة أيام من فعاليات الأسبوع تكون المرأة حاضرةً بقلمها وآرائها التي تغني الفعالية. وبما أنه في كل سنة يقام الأسبوع في مدينة جديدة، فهذا يخدمنا للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأديبات والاستفادة من تجاربهن، كما أن الأسبوع يكون بمثابة صلة تواصل بينهن لأن ضيوفَ الأسبوع وخاصة النساء يكنّ من جميع مناطق شمال وشرق سوريا، وفي ذلك فرصة لتبادل الخبرات ومشاركة الآراء والأفكار بينهن.

رغم كل هذه النشاطات والكثير غيرها يكون الهدفُ الدائم والأساسي منها هو دعمُ قلم المرأة، فما زالت المرأة الكاتبة لم تصل إلى المستوى الذي تطمح أو الذي يجعلها تنافس مثيلاتها من الكاتبات العالميات، وخاصة في مجال الدراسات الأدبية أو في الرواية. ومن ناحية المضمون أو النوعية كذلك لدينا نقص كبير في الرواية المكتوبة بقلم المرأة، فنجد أغلب كاتبات المنطقة هن شاعرات والقليل من القاصات، فكل الأنشطة والفعاليات الأدبية التي تقام في المنطقة من أمسيات إلى مهرجانات أو حتى المسابقات الأدبية، نرى أن عددَ النساء المشاركات قليل مقارنة مع قرينها الرجل، هذا من ناحية العدد، وإذا كانت ضمن هذه الفعاليات محاضرة أدبية عن موضوع أدبي فنادراً ما نرى من يلقي المحاضرة هي امرأة، وذلك لسببين حسب وجهة نظري: السبب الأول هو عدم ثقة المقيمين على هذه الفعاليات بقدرات المرأة، والسبب الثاني وهو عدم ثقة المرأة الكاتبة بنفسها، فنحن نرى الشاعرةَ تلقي قصائدها  في المحافل الأدبية، ولكنها تتخوّف من إلقاء محاضرة عن وضع أو تاريخ الشعر مثلاً في أي فعالية، وهكذا هو وضع القاصة والروائية و… الخ.

 لهذه الأسباب وغيرها الكثير يجب علينا الاستمرار في دعم المرأة الكاتبة واحترام قلمها وخاصة دعم المرأة للمرأة، فنحن نفتقد هذه النقطة في مجالنا الأدبي، فإذا كانت الكتابة تعتمد على المشاعر المرهفة فلن نجد من يمتلك مشاعر وأحاسيس أنقى وأصدق من المرأة، لذلك كلي ثقة أنه مازال في جعبة نسائنا الكثيرُ من الإبداع، وكلي أمل أن يرى النور كي ينير دربنا جميعاً. وعام 2024 سيكون عاماُ حافلا بالغنى الثقافي العميق لقلم المرأة وطرح الابداعات الاكثر تأثيرا في مسيرة ثورة روجآفا.