الناشطة النسوية نجيبة عمر لـ آفاق المرأة

الناشطة النسوية نجيبة عمر لـ آفاق المرأة

أ‌‌ثبتت نضالات المرأة في عام 2023

بأن الثورة الأكثر واقعية هي عدم إيقاف النضال النسوي مطلقاً،

لقد تمكّن نضال المرأة من إفراغ

كل سبل ووسائل السلطة

وإيصالها إلى مستوى يمكّنها من قيادة المجتمع لـ عام 2024″

إعداد الحوار: نرجس إسماعيل

1 ـ بعد الترحيب. لقد كان عام 2023 مليئاً بالعديد من التحديات التي لم يسبق لها مثيل، والتي أدّت بدورها إلى تغييرات في أسلوب النضال، بالإضافة إلى العديد من التطورات والمستجدات التي كانت خطوات نوعية على طريق تحقيق إنجازات تاريخية. من هنا ما هو تقييمكم لنضالات المرأة في عام 2023؟

 

  • قبل كل شيء أشكركم جزيل الشكر على هذه المقابلة القيّمة، وأتمنى التوفيق لمجلة آفاق المرأة. بداية أستطيع القول إن عام 2023، هو عام رفع من وتيرة نضال المرأة إلى مستوى القمة. وقد وصل هذا النضال والمقاومة إلى استراتيجيته. طبعاً؛ النقطة الأهم في عام 2023 هي مئوية اتفاقية لوزان، حيث كانت معاهدة لوزان مؤامرة ضد كل شعوب الشرق الأوسط، وخاصة الشعب الكردي. نعلم جميعاً أن الحرب العالمية الأولى والثانية في القرن الماضي كانت في الأساس حرباً بين (القوى الحاكمة – القوى المهيمنة). وكان مركز تلك الحروب هي كردستان والشرق الأوسط.

 لذلك يمكننا القول أنه؛ تم إنكار جهود الشعوب وكفاحات المرأة لمدة مائة عام. أي الإنكار الذي تم تطبيقه على أمة مثل الأمة الكردية، وإنكار الهوية الكردية في كردستان. بعدة أساليب وبمخططات كبيرة سياسية وعسكرية وثقافية. بالطبع تم تنفيذ كافة أساليب التآمر والمجازر والإبادة من أجل تحقيق ذاك الإنكار. وبطبيعة الحال، تم تنفيذ تلك السياسات من خلال مشاريع كبيرة جداً. ولهذا يمكننا القول؛ بأن وفي القرن الحادي والعشرون انتشرت الحرب العالمية الثالثة في جميع أنحاء العالم وفي العديد من البلدان. ومرة أخرى، مركز تلك الحروب هي الشرق الأوسط وكردستان. وإن صح القول، بداية الحرب العالمية الثالثة تمت بالاختطاف والاعتقال التعسفي بحق القائد عبد الله أوجلان وبمؤامرة دولية قذرة. من خلال شخصية القائد عبد الله أوجلان، أرادوا الاستمرار في سير المؤامرة على كافة النساء والشعب الكردي والشرق الأوسط. وتم اتخاذ إجراءات خاصة ضد المناضلين والوطنين في مسيرة الحرية.

لقد استمر نضال المرأة الكردية دائماً. ومن أجل ضمان نضالها الوطني، اتخذت دائماً مكانها في النضالات النسوية العالمية. ولكن يمكننا أن نقول إنه كان في القرن الماضي الكثير من التطورات والفعاليات ولكن نضال المرأة الكردية لم يتجاوز بعد أسلوب النضال الكلاسيكي. وعلى وجه الخصوص، إما أنها شبهت نفسها بالرجل، أو أنكرت وجودها، أو انخرطت في الكثير من المجالات ولكن دون القيام بالصراع الجنسوي. وفي القرن العشرين، ومع تأسيس الحركة التحررية الوطنية الكردستانية، وخاصة مع ظهور فلسفة وفكر القائد عبد الله أوجلان، طوّر وبشكل كبير أطروحة “حرية المرأة” الطرح + الطرح المضاد = التركيبة.

 لقد طوّر مشاريع عظيمة من أجل حرية المرأة. وفي الوقت نفسه، طوّر العديد من الفلسفات والعلوم ومنها علم المرأة –  الجنولوجيا. فلسفة القائد عبد الله أوجلان في أساسها هي؛ تطوير النضال التاريخي في شخصية المرأة وهو النضال من أجل حرية المرأة والمجتمع بأكمله. من أجل انتصار ثورة كردستان، تم جعل ثورة كردستان مركزاً لثورة تحرير المرأة.

وحتى الآن ما زالت الثورة في الشرق الأوسط مستمرة بقيادة الثورة النسوية. وفي الوقت نفسه، كشف المفكر عبد الله أوجلان بسياسته أقنعة المتآمرين إلى جانبه للعيان. واستمرت القوى المهيمنة في التآمر واستمرار المؤامرة الدولية لوقف مسيرة الحرية. في الواقع كان ذلك مجرد كلام على اللسان فقط، حين ادعوا بأنهم أصحاب سلام وديمقراطية وأخوة الشعوب. بدلاً من طرح مشروع الحل، قاموا بالإكثار من هجمات الإنكار والإبادة.

كان اسم مشروعهم (السلام والحل والديمقراطية)، لكن المضمون كان بعيداً عن هذه الحلول. لقد جعل القائد عبد الله أوجلان كل هذه السياسات واضحة وفارغة، ليس فقط للشعب الكردي وشعوب المنطقة، بل لنضال جميع الشعوب معاً، وركّز على أخوة الشعوب والتعايش المشترك بين الثقافات المتعددة وعلى أساس نموذج جديد. وفي الوقت نفسه، فإن المؤامرات التي نفذوها استهدفوا المرأة بالذات. والسياسات التي مارسوها ضد المرأة، أرادوا من خلالها تعميق التعصب الجنسي المجتمعي، وجعل النساء جاريات في القمة، وجعلهن سلعاً، وإخراج المرأة من طبيعتها وعديمة القيمة.

من هنا؛ إن تقييم نضالات وكفاحات المرأة في عام 2023، ذو أهمية كبيرة. حيث أدرك القائد عبد الله أوجلان هذا الخطر وطرح نهج مسيرة الحرية. لقد قام القائد عبد الله أوجلان بصفته بروميثيوس هذا العصر، بنزع النور والقوة التي كانت موجودة بين الناس والتي استولت عليها القوى الحاكمة، وأعادها إلى الشعب مرة أخرى، خاصة بالنسبة للنساء. ولهذا السبب هاجمت الرأسمالية وبكل قوتها المظلمة وارادت مواجهة تلك الفلسفة، ليس بالعبودية فحسب، بل بتعميق أساليب فرض العزلة. وحتى أنهم لم يسمحوا للشعب بسماع صوت القائد أوجلان ولو لثانية واحدة.

فبصمة عام 2023 كانت بارزة جداً بقيام الحركة النسوية الكردية والحركات النسوية الشرق أوسطية بالقيام بالكثير من الحملات والانتفاضات والاعتصامات والكونفرانسات وعقد الندوات والمؤتمرات، لأجل المطالبة بالحرية الجسدية لرفيق المرأة عبد الله أوجلان. حيث تكّللت انتصارات عام 2023 برفع المرأة الحرة صوتها في وجه الظلم والذهنية السلطوية والوقوف وقفة ثورية بـ فلسفة “المرأة، الحياة، الحرية” “Jin, Jiyan, Azadî”.

 2ـ بالتأكيد هي كذلك؛ حقق النضال النسوي في المنطقة تطورات نوعية على العديد من الصعد، وخاصة بعد جريمة مقتل الشابة الكردية جينا أميني في إيران واندلاع احتجاجات شعبية قوية في الشرق الأوسط والعالم. ما تقييماتكم بهذا الصدد أيضاً؟

 

بالطبع يعلم الجميع حقيقة؛ أنه تم الاستهانة بالمرأة من قبل الجميع. سواء في العائلة أو القبيلة أو الحي. ومن هذا المنظور، كان هناك إصرار على أن المرأة لا يمكن أن تكون قيادية في أي مجال، سواء كان ذلك في المجالات السياسة أو الدبلوماسية أو إدارة المجتمع. مع اختطاف واعتقال القائد أوجلان، حدث تغيير جوهري في شخصية المرأة، فإن الإرادة التي بنيت فيها إرادة حرة قوية. وبنت حضوراً كبيراً لها. ولهذا السبب، عندما تدرك النساء أن هذه الفلسفة هي فلسفة تحريرهن، لذا بإمكان المرأة أيضاً أن تتمكن من قيادة المجتمع. لماذا تقوم النساء بهذه الأنشطة بأمانة؟ بسبب العمل الذي تشعرها بأنه عليها رد الجميل الذي قدّمه لها القائد عبد الله أوجلان.

وفي الوقت نفسه، فإن العقوبة المفروضة على المفكر عبد الله أوجلان من أولى أسبابها هو تقديم المعادلات الصحيحة لحل قضية المرأة المجتمعية. لقد تمكن نضال المرأة من جعل كل سبل ووسائل السلطة فارغة. لقد أوصلت المرأة إلى مستوى يمكّنها من قيادة المجتمع. ولذلك فإن هذه الانتفاضات التي تم تنظيمها لم تكن عفوية، بل كانت عبارة عن عملية عقد مؤتمرات واجتماعات وتجمعات كبيرة، لها معنى تاريخي. وقد برز هذا أيضاً في مجال العلاقات العامة. ليس فقط على مستوى كردستان، ولكن أيضاً في دولة شمال إفريقيا والشرق الأوسط مثل لبنان وتونس والعراق ومصر، والعديد من الأماكن المختلفة، للترويج لفكرة القائد ونموذجه لمشروع تحرير المرأة.

هناك حقيقة مفادها أنه؛ إذا لم يتعرف شخص ما على أفكار وأطروحات القائد أوجلان، فلن يتمكن من الانضمام إلى حركة حرية القائد. فالحقيقة هي أن المحور الأساسي لوتير وتطبيق فلسفة الحرية لدى القائد عبد الله أوجلان هو “حرية المرأة”. والتوازن بين الرجل والمرأة. وهو في الوقت نفسه مشروع تعايش حر مبني على الفكر المشترك والإرادة المشتركة. ولقد عمل بجد من أجل تحويل هذا المفهوم إلى ركيزة أساسية لأجل تطوير ديمومة الحياة الصحيحة.

 إن تطبيق هذا النموذج يعني تدمير العزلة المفروضة على القائد. في الأساس، العزلة المفروضة على المفكر عبد الله أوجلان هي عزلة متعمّدة، عزلة أيديولوجية، يمنع القائد أوجلان من الخروج للخارج وطرح أفكاره وآراءه. كما أن مقاومة القائد؛ هي مقاومة جذرية جداً ضد كل هذه الأعمال. العديد من النساء الأوروبيات، والمفكرات العالميات، والعديد من نساء الشرق الأوسط، نساء فاعلات، أخذن دورهن في هذه اللقاءات التي جرت في الشرق الأوسط، معظمهن من النساء العربيات.

لذلك فإن قتل جينا أميني تحولت إلى انتفاضات الحرية والمطالبة بالحقوق المشروعة للمرأة في روجهلاتي كردستان وإيران. أشعلت ثورة جينا أميني فلسفة المرأة، الحياة، الحرية. بتلك الثورة تم كسر الخوف المكبوت بين النساء وحتى الرجال أيضاً.

 3ـ تعرض الشعب الكردي في أجزاء كردستان الأربعة خلال عام 2023 لمخططات الإبادة السياسية والثقافية من خلال الحرب التي تشنها دولة الاحتلال التركي والأطراف الدولية والإقليمية في المنطقة. برأيكم ما الهدف من تصعيد هذه السياسات والمخططات والمحاولات؟ هل يمكن القضاء على الكردي بهذه الطرق وكيف واجه الشعب الكردي كل هذه المخططات؟ وماذا عن دور المرأة؟

بطبيعة الحال، إن هذه الهجمات التي يتم تنفيذها ضد الشعب الكردي وثورة الحرية هو هجوم عسكري. وقد تم تنفيذه في جميع ميادين نضالنا. وتنفيذ هذه الهجمات حتى على جبال كردستان. ونفذت هجمات على شنگال ومخمور وإقليم شمال وشرق سوريا، بهدف كسر الإرادة الحرة للشعب الكردي. على وجه الخصوص فإن جميع الأمهات قاومن، وقاتلن في الجبال الحرة وسطرن ملاحم تاريخية. لم يحدث شيء من هذا القبيل في التاريخ، فقد تم استخدام جميع التقنيات المحظورة على المقاتلين في الجبال. يتم استخدام أحدث طراز من الأسلحة في كردستان. العدو يُهزم بكل الطرق. وحتى وإن كانت الظروف صعبة وبأسلحة بسيطة للغاية تستمر المقاومة. وبطبيعة الحال، من أجل كسب هذه الحرب، حشدت الدولة التركية جميع قواها السياسية والدبلوماسية فيها. ويريد أن يدرج مساعدة الناتو في طلبه.

جميع العمليات التي تم تنفيذها كانت في كل من متينا، كوري ژارو، گاري، وحفتنين. وهكذا تلقت الدولة التركية في عام 2023 ضربات قوية جداً. وكما أنه قد تعرضت لضربات قوية مسبقة في عام 2022 أيضاً. ولكن الضربة التي تلقتها في عام 2023، كان في القمة. وتبين أنها حرب بعيدة عن الأخلاق والضمير. حتى ولو استخدموا أسلوبهم وشراستهم، فلن يتمكنوا من مقاومة إرادة مقاتلات YJA-Star.

إن القوى التي تعتبر نفسها قوية على الساحة الدولية وضعت نصب أعينها تدمير الحركة النسائية الحرة. نساء انتصرن في المقاومة، من جبال كردستان إلى كامل المدن والقرى والحي والبلدة والعالم أجمع.

 يمكننا القول؛ إن مقاتلات وحدات حماية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، اللواتي أبدين مقاومة منقطعة النظير، ليس فقط ضد القوى الإرهابية، بل في نفس الوقت ضد العقلية التي تضعف المرأة وتدمرها وتستخف بها. الوقوف ضد قوى وحشية مثل داعش، التي لا تعترف بالعدالة والديمقراطية. كما تدعمهم العديد من القوى الأجنبية. كما إنهم يهاجمون روجآفاي كردستان بطائراتهم المسيرة. واستشهدت العديد من النساء القياديات، مثل ريحان شويش، وزينب ساروخان، ويسرى درويش، وجيان طولهلدان، وشرفين، وأخيراً زلال زاغروس.

من خلال نضالهن الناجح، أظهرن هؤلاء النساء للجميع أنهن قادرات على تغيير هذا المجتمع، ويمكنهن بناء امرأة حرة. يمكننا رؤية النساء الناجحات في عام 2023. وتُظهر هذه الهجمات أيضاً مدى انزعاجهم، ومدى وضوح رؤيتهم لإمكانية وصول المرأة إلى الإدارة وتحمل المسؤولية. من هنا؛ لم تتنازل قط المرأة الكردية والشعب الكردي عن روح المقاومة والتصدي لكافة الهجمات والمؤامرات.

بالطبع نرى بأنه في شرق كردستان أيضاً استمرت انتفاضة المرأة والحياة والحرية حتى النهاية. ولقد أعطت ثورة المرأة إلهاماً ثورياً لكل نساء الشرق الاوسط. مما لا شك فيه أنه في عام 2023، في 26 كانون الثاني (يناير)، تسببت العملية الفدائية لـ الرفيقات روكن وسارة في مرسين في إثارة ضجة كبيرة وطرح التغيير في نظام الدولة الموجود. وهتفوا؛ “بأننا نستطيع أن نحمي أنفسنا، ونستحق الحياة الحرة الكريمة”. وهذا يدل على أن صداقة المرأة هي صداقة ثورية. وفي 10 أكتوبر 2023، تم تنفيذ عملية الرفيقين روجهات وأردال في أنقرة، في نهاية العام التي أحدثت صدمة في نظام الدولة التركية. ومرة أخرى أصبحت مقاومة الجبال الحرة مقاومة تاريخية.

ودعونا لا ننسى أن حملة الحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان، قد ساهمت في أن تصبح العديد من الحركات النسوية، والنساء العالميات، من خلال القيام بتلك الحملة بأن تخدم وحدة جميع النساء، أينما كن. إن فلسفة المرأة، الحياة، الحرية هذه لا تقتصر على الشعب الكردي فحسب، بل إنها فلسفة ترحب بجميع نساء العالم للوقوف ضد السلطة والقمع والظلم.

لا يمكننا فصل مقاومة جميع النساء عن بعضها البعض، لأن تلك المقاومات أتممت بعضها، وحتى الوقفة الصامدة للمرأة في أي جزء من كردستان قد أثرت على العديد من النساء العالميات. أي إنه تم تنفيذ العديد من المشاريع والحملات في كردستان في عام 2023. وخاصة في شمال كردستان، هناك الكثير من الضغوطات، وهناك الكثير من الفاشية، وهناك القمع، وهناك الكثير من المحظورات، ورغمها المقاومة والنضال مستمر.

5 – نعم؛ حسب هذه التقييمات القيمة وما زالت المقاومات والنضالات مستمرة حتى هذه اللحظة ونحن في عام 2024، مقاومة المرأة البلوشية أمام الأنظار. انتفاضات الثامن من آذار وطموحات المرأة نحو الحرية مستمرة. من هنا؛ كيف يمكنكم أن توضحوا للمرأة ماذا يتطلب منها؟ وخاصة الحركات النسوية الناشطة؟

 

إذا أردنا الحصول على نتيجة صحيحة وبالاستناد على التجارب التي حدثت في عام 2023، علينا أن نتصدى للهجمات التي تستهدف المرأة أينما تكون في عام 2024، ونحن كنساء علينا أن نستمر حتى النهاية بفلسفة الحياة الحرة، وأن نتمسك بحقيقة أهدافنا على هذا الأساس. يمكننا القول إن المرأة قاومت بكل شيء، بصوتها، بصرختها، بقلمها، بكتاباتها، وبإرادتها. انتصار نضالات النساء هي انتصار لقوة المرأة. الثورة الأكثر واقعية هي عدم إيقاف كفاحات الحركات النسوية واتحاداتهن في عام 2024.

سيكون عام 2024 هو عام ثورة المرأة. وسوف يكون حافلاً بالإنجازات أكثر من السنوات السابقة، وأثبات قوة المرأة في الميادين أينما كانت، وأنها ستواصل مسيرة الحرية بكل قوتها وارتباطها بفلسفة المرأة، الحياة، الحرية.