توّاقةٌ أنا بأنه سيأتي يوم الحرية وسنحضن رفيق المرأة القائد عبد الله أوجلان
توّاقةٌ أنا بأنه سيأتي يوم الحرية
وسنحضن رفيق المرأة القائد عبد الله أوجلان
“وحتى الآن أيضاً إذا أتيحت لي فرصة جديدة
فسوف أُأسسُ فرقة أخرى، لأنني أحب الفن كثيراً
وأعتبره جزءً من كياني، ولا أستطيع التخلي عنها أبداً
وحتى هذه اللحظة أقول للشعب إن من لم يعش على ثقافته وعاداته
فسوف يبقى بلا هوية وثقافة ولغة،
فإن القائد عبد الله أوجلان أسس هذه الثورة لأجلنا
ولأجل أن نحافظ على هويتنا ولغتنا”
إعداد: لافا مزهر إسماعيل
يادي ديلبرا وكيلي – أرمينيا – روسيا
الأم هي مدرسة التضحية والعطاء. الأم تحافظ على سيرورة الأمان والمحبة أينما تكون. ليس مهماً أن تنتمي الأمهات إلى أي قومية أو عرق أو مذهب، فالأم تبقى تحمل في طبيعتها الأمومة – الحياة. هي التي تربي الأجيال، وهي التي تكون المظلة للحفاظ على التوازن الطبيعي للمجتمع وتطوره. تاريخنا كـ نساء كرديات أو أمهات كرديات حافل بالكثير من التضحيات والمقاومات التاريخية. رغم الاحتلالات الجغرافية والديمغرافية والمجازر والمواجهات الظالمة على الشعب الكردي وقيمه وعيشه بحرية ككافة الشعوب، فإن الأم الكردية بقيت قوية، تتحمل المحن، صبورة ومقاتلة تحمي أولادها وتكون سنداً لوطنها.
حتى الآن تُكتب الكثير من القصص والحكايات لأمهاتنا، ولكن تلك القصص لا تنتهي، لها مسيرة طويلة وذو معنى عظيم. تلك الأم التي عاشت الكثير من المعاناة وحسب مسيرة حياتها، ولكنها بقيت على ثقافتها وتراثها الكردي – الأرمني. تلك الأم التي أينما كانت غنّت لمجتمعها للقيم النبيلة وللفلكوري الكردي المدموج بالكثير من الثقافات الغنية. من تلك الأمهات يادي ديلبر والمعروفة في روسيا بـ يادي ديلبرا وكيلي.
ديلبرا وكيل/ المعروفة بـ يادي ديلبر/ مواليد 1957 – قرية أفات – أرمينية/ تنحدر من عائلة وطنية/ ومنذ عمر 6 سنوات وهي تغني وتحب الغناء والدبكات/ عائلتها أسست أول فرقة دبكات باسم (كردستان)، وعندما كانت في عمرها الأربعة عشرة عاماً انضمت للعمل في راديو /يريڤاني/ وانضمت للكثير من الفرقات الفلكلورية/ وألّفت الكثير من الأغاني/ وتقيم حالياً في روسيا – مدينة دسموف سفيكي/ وحتى الآن مهتمة بالفعاليات الفنية ومعروفة بروحها الوطنية العالية المستوى.
في الحقيقية عندما أجريتُ معها المقابلة الخاصة على السكايب تأثرتُ كثيراً بكلماتها الجياشة وكيف تلقي القصائد وهي فخورة وقوية وارتباطها اللامحدود بالحياة وبحرية المرأة ورفيق المرأة القائد عبد الله أوجلان. يادي ديلبر تقول:
إنني عندما أسمع عن الحروب في غرب كردستان (روجآفاي كردستان)، أتأثر وأتألم كثيراً. ولكنني على يقين بأن الشباب والشابات هناك يحاربون كالأسود، فالأسد أسد سواءً إن كان رجلاً أو امرأة. والشهادة صعب علينا كثيراً. أنا لا أتحمل رحيل شبابنا وشاباتنا. سلامي لكافة أمهات المقاومات في إقليم شمال وشرق سوريا.
أنا معروفة باسم أم ديلبر، واسم أمي مريم. أمي وأبي أصلهم من مدينة “وان” (باكوري كردستان)، منذ أزمان وخاصة مرحلة المجازر الأرمنية أتوا واستقروا في أرمنيستان من عهد أجدادنا وجداتنا، وهم أيضاً ولدوا وتزوجوا في أرمنستان. وحتى الآن تعيش خالة أمي في “وان”. أمي وأبي تزوجا في سن مبكرة في أرمنستان، وكلاهما كانوا وطنيين كثيراً، أتذكر جيداً عندما توفيت أمي قال لنا والدي:
“لا تقولوا توفيت والدتنا، والدتكم هي كردستان، وعاش القائد عبد الله أوجلان”
لقد تعلمنا منهم روح حب الوطن، وبعد وفاة والدتي بـ تسع سنوات توفي والدي أيضاً. توفيت أمي في عمر مبكر، وأبي عندما توفي كان عمره 87 عام ولكن صحته كانت جيدة. فهم هاجروا من كردستان إلى أرمنستان بسبب هجومات الأتراك العثمانين وحروبهم القذرة ضد الشعب الأرمني. قضوا طفولتهم في أرمنستان. ونحن أيضاً ولدنا وتزوجنا هنا. أنا الفتاة السادسة من بين أخوتي وأخواتي. وأبلغ من العمر 66 عاماً، ولدتُ في عام 1957 في أرمنستان – قرية آفات (قرية أرمنية)، وبعدها ذهبنا إلى قرية “جرابيري”.
عملتُ لسنوات طويلة في إذاعة ” يريڤاني”، منذ أن كنتُ أبلغ من العمر 14 عاماً. أسمي الأساسي هي (ديلبرا وكيل)، وأنا من أكراد الأرمن، ولدتُ وكبرتُ في أرمنستان. أنا انتمى لعائلة وطنية تكن الحب الخالص للوطن ومنذ صغرنا زرع والدنا حب الوطن في كياننا. نحن عائلة مكونة من 9 أولاد، 6 أخوات و3 أخوان، ولكن لدي أخت وأخ متوفيين. وفي عام 1977 تم تأسيس فرقة باسم (كردستان – فرقة دبكات) وضمن هذه الفرقة كان يوجد اثنان من أخواتي وأخ زوجي، ففرقتنا كانت صوت ولون التراث الكردي، والذي أسس هذه الفرقة كان يدعى بـ خليل عبد الله.
فرقة (كردستان) تقدمت كثيراً في أعوام السبعينيات. وعندما تقدمت فرقتنا كثيراً فإن الدولة الروسية بعثت فرقتننا إلى (لينينغراد)، وهناك قمنا بالاحتفال لأجل عيد النوروز. نحن كنا ثلاثة أخوات ضمن الفرقة وأيضاً أخي المتوفي كان معنا.
نحن لنا الكثير من الأغاني في راديو يريڤاني، بعض الأغاني نحن كنا نكتبها ونؤلفها ونغنيها، وفي ذلك الوقت كان لنا جريدة واسمها (الطريق الجديد – Riya Taze). في أرمنستان كان هناك مدارس أرمينيا وقتها لم تكن توجد قوانين تمنعنا من عدم ممارسة لغتنا الأم وأغانينا، لهذا السبب كنا نتكلم وندرس باللغة الكردية، وهذا كان لشيء جميل بالنسبة للأرمن. راديو يريڤاني في ذلك الوقت كانت تنشهر كثيراً كانوا يسمحون لنا بإلقاء قصائدنا وأغانينا، ولكن بعد أن بدأت المعارك بين الأرمن والأزربيجانيين أخرجوا الأرمن من أرمنستان. ففي عام 1989 خرجت عائلتي من أرمنستان وأتينا إلى مدينة روسيا – دسموف سفيكي.
وحتى اليوم لا زلنا مشغولين بـ فرقنا، ولا زلنا نؤسس فرق الرقص والغناء أين ما ذهبنا. وحتى بناتي الثلاث يغنين ويرقصن الدبكات الفلكلورية الشعبية، لأنه كانت ثقافتنا متقدمة جداً. وكانت الملابس الفلكلورية التراثية في المقدمة، حتى وأن جدتي كانت تلبس الكوفيات والشربات القطنية (الكتان).
بيوتنا في أرمنستان لم تكن مصنوعة من الكربيج أو الطينة كان هناك حجر، اسمه (طوف) يبنون الأهالي بيوتهم من هذه الحجارة. ويقومون بجمعها وبيعها في الأسواق. كان فناء منزلنا كبيراً وواسعاً، كنا نربي المواشي في المنزل بعدد قليل حوالي 10 – 15 غنمة وبقرة واحدة، وكانت لنا مزرعة صغيرة وجميلة مليئة بالمزروعات والخضار والزهور الملونة والمتنوعة.
عائلتي جميع أفرادها كانوا يحبون الدبكات الفلكلورية، حتى أن والدي كان يفرح كثيراً عندما كنا نغني ونرقص. عندما تزوجتُ كان عمري 18 عام، حماي أيضاً كان يحب الغناء والرقص، فعندما كنتُ أغني كان يغني معي، الدبكات في ذلك الوقت كان مثل: الكوجري، خرفاني، دومبري، شيخاني …الخ. في عام 1998 بدأتُ بكتابة الشعر، وتأليف قصيدتي الأولى كانت على رفيق المرأة القائد عبد الله أوجلان.
لدي الكثير من القصائد، ففي عام 1993 أتى الفنان شمدين إلى أرمنستان، وذهبنا معاً إلى المسرح. في ذلك الوقت قال لي الفنان شمدين:
- هل تستطيعين تأليف قصيدة؟
وخلال ثلاثة أيام قمتُ بتأليف قصيدة على القائد عبد الله أوجلان. وأريد أن تبقى القصيدة كما هي بلغتي الأم ولا أحب ترجمتها لأي لغة. ففي هذه القصيدة أقول:
نحن كبرنا في العمر، وما زلنا نشتاق لتلك الأيام الجميلة في أرمنستان، واثنان من بناتي أيضاً يغنيان. عندما كان عمري ستة سنوات كان لدي خال اسمه (تمري فتحي)، خالي كان من المطربين ولديه عدة أغاني في راديو يريڤاني، وأنا في ذلك السن الصغيرة كنتُ أغني كثيراً وخالي كان يتسمع إلي ويقول لي:
- يوماً ما سوف ستصبحين فنانة مشهورة وتغنين.
قبل بضعة أيام كان يقول لي أخي الكبير:
- هل تتذكرين عندما كان يقول لكِ خالي سوف تصبحين مثل (سوسكا سمو – مطربة أرمنية مشهورة)*؟
سوسكا سمو: هي أول فتاة كردية، تعتلي خشبة المسرح، وتغني بلغتها الكردية على مسارح الاتحاد السوفيتي السابق، كان ذلك في عام 1946حين اعتلت مسرح” فلارمونيا” في أرمينيا وأدت عليها، وضمن حفل فني، العديد من الأغنيات الكردية. وقد شكلت “سوسكا” مع زوجها الأرمني “كوليا نفتالينا” الذي كان يرافقها في حفلاتها الغنائية جميعها، ويشاركها خشبة المسرح، أفضل ثنائي غنائي في تلك الحقبة. ورحلت – رحمها الله – فنانة المسرح في عام 1977، وهي في ريعان شبابها وعطائها.
عندما كان عمري ستة سنوات توفي خالي (تمري فتحي). مثل ما كان يقولون في القديم كل شجرة تنمو على جذورها، ونحن جميعنا أيضاً من أصلنا فنانين وننتمي للفن.
أتذكر هذه القصيدة التي كتبتها عن جبل گابار:
كم أرغبُ في أن تتحرر كردستان وأذهب إلى زيارة قبر والدي وأقول له: “يا أبي العزيز؛ افتح عينيك ها قد تحررت كردستان والقائد آبو”، لا أريد أن أموت وهذه الأمنية تبقى حسرةً في قلبي، فقط أريد أن أرى القائد بـ عيناي.
لقد استقبلتُ الكثير من الثوار والثوريات في منزلي، لهذا السبب عندما أسمع خبر استشهادهم أتألم كثيراً. هناك الكثير من الأناس ذو الأيادي القذرة يخونون أوطانهم وبلا رحمه وبكل جرأة، نحن أيضاً لدينا ديدان في أشجارنا، فالأكراد الأوفياء لا يخونون أهل وطنهم أبداً.
راديو يريڤاني كانت لون وصوت كردستان وتشمل الثقافة الكردية. وأيضاً كانت هناك فرقة رقص في قرية جرابيري، كانت تسمى بفرقة “كردستان”. ونحن كــ فرقة ذهبنا إلى لينينغراد لأجل التدريب على الغناء للاحتفال في عيد النوروز، كنا نغني الكثير من الأغاني مثل: يار فاطمي، كزي زري. والآن لدي الكثير من الأغاني الذي ألفتها بنفسي.
أتذكر جيداً بأننا عندما كنا في أرمنستان كان وضعنا جيداً، لأن وقتها لم تكن توجد أي قوانين تمنعنا من التكلم بلغتنا (الأم)، أو منعنا من ثقافتنا وعاداتنا، لم يكن يوجد أي سبب لتفريق جمعاتنا وإذاعتنا كانت باللغة الكردية. ولكن في عام 1988 عندما بدأت الخلافات بين الأرمن وأزبيجان، حاسبونا على الدين وأخرجونا من أرمنستان، لهذا السبب واجه شعبنا الكثير من الصعوبات والويلات، لأننا كنا نحسب أرمنستان مثل كردستان.
في وقتنا كان ممنوعاً وعاراً بأن تصعد الفتاة على المسرح وتغني أمام العالم. ولكن والدي كان يعطينا الأذن دائماً بأن نغني وكان يفرح كثيراً.
وبعدها أسسنا فرقة (برجم)، الأرمنيون كانوا يعطوا لنا القيمة الكبيرة. وبعدها في عام 2009 سافرنا إلى روسيا واستقرينا هناك. أينما كانت عائلتي تستقر، كانوا يشكلون فرقة للدبكة والغناء. عندما أتحدث عن مسيرة حياتي أرى بأنني لستُ نادمةً على أي شيء. ولكن في الكثير من الأحيان أتألم كثيراً على أخذهم أرمنستان من الشعب الأرمني.
كان عمري 14 عاماً عندما انضممت إلى أنشطة راديو يريفاني، وعندما غادرتها كان عمري 55 عاماً. لم يبقى أي فرقة منهم ولكن الآن هناك الكثير من فرق الأطفال، ونحن نستضيفهم كثيراً.
أريد أن أقول بأن كل امرأة لديها قصة مختلفة، وتمر جميع النساء في أوقات عصيبة، ولكن المرأة قوية جداً وتستطيع أن تحل كل قضاياها بنفسها. دائماً أقول للرفاق بأنه: “أصبح القائد نسرنا والرفاق أجنحتنا”. هذه هي الحقيقة، اليد الواحدة لا تصفق. نحن النساء إذا بقينا بلا عِلم وبلا قوة وبلا مقاومة ماذا سيحدث لنا؟ لقد قُتلت واختطفت الكثير من النساء، فـ لولا القائد آبو كيف كان سيكون وضعنا؟ لقد رأينا مقاومة كوباني، كيف كانت النساء الثوريات تقاتلن بكل عزيمة.
في مرحلة مقاومة كوباني، كان النساء الروسيات يقولون لنا؛ “من هُنَ تلك النساء اللواتي يحاربنَ ويقاومنَ بكل هذه الجدارة في كوباني؟ فالنساء الكرديات متوحدات معاً”. نعم؛ فكل العالم وأمام العيان يرون بأننا نساء مناضلات وثوريات ومقاومات، ونحارب من أجل الوطن وحرية الإنسانية. عَلمَنا القائد الكثير وتعلمنا منه اللغة والِعلم، وأيضاً عَلمَنا كيف أن نقف على أرجلنا، واليوم يتطلب منا أن نرى أنفسنا لائقات بهذه الجهود.
اليوم القائد عبد الله أوجلان في سجن إمرالي، مقيد بين أربعة جدران، ولكن لا زال رفيق الدرب للمرأة ويقاوم. فهو من أجل من يقاوم؟ جهوده وفلسفة الحرية التي طرحها هي من أجلنا. نحن مدينات له كثيراً، فقد أنار أعيننا وأشرق لنا طريقنا.
قالت لي جدتي ذات يوم:
- كانت هناك فتاة شابة تريد أن تنضم إلى الحرب، سألها رجل عجوز وقال: كيف ستنضمين إلى الحرب، فالسلاح ثقيل؟ أجابته الفتاة الشابة وقالت: يا جدي العزيز عندما تذهب الأسود إلى الحرب يصبح السلاح أخف.
على المرأة أن تكون قوية؛ وعلى الرجل أن يتخلص من مفهوم العبودية والسلطوية. آلاف النساء يستحقن أن تتقدمن في مسيرة الحرية وتحرر ذاتها وكيانها وتبني معها مجتمعاً كاملاً. وها نحن نرى بأن المرأة تبني نفسها بنفسها، وتقود الثورة. إنني أفرح كثيراً عندما أرى المرأة الكردية تطور من ذاتها وشخصيتها وفكرها وسياستها وتصبح حرة وتكون ريادية للكثير من النساء. كانت سياسة القائد عبد الله أوجلان هي أن تجعل المرأة قيادية وتقود المجتمع بنفسها. ولك
للأسف الرجل ليس كذلك، يستطيع أن يبيع نفسه والوطن أيضاً من أجل المال وليس لهم مبادئ. وهذه حقيقة نراها أمام العيان.
ونحن حتى الآن مستمرين بالغناء، لأجل أطفالنا أن لا ينسوا لغتهم الأم وثقافتهم. وأنا لستُ نادمة على أي شيء في حياتي. أنا فخورة بأنني عشتُ الكثير من المراحل الصعبة في حياتي. من خلال تلك المراحل استنتجتُ الكثير من التجارب. نحن شعوب ميزوبوتاميا نستحق العيش بحياة إنسانية. وكل أملي على أنه سيأتي يوم من الأيام سنحضن رفيق المرأة القائد عبد الله أوجلان.