الهيئة الرئاسية لحزب سوريا المستقبل زلال جگر لـ آفاق المرأة
الهيئة الرئاسية لحزب سوريا المستقبل زلال جگر لـ آفاق المرأة
“علينا إعطاء التعريف الصحيح لفلسفة الحياة النِديّة الحرة،
تتطلب من المرأة أن تعبر عن ذاتها الحرة في كل مكان
المرأة التي لا تستطيع التعبير عن كينونتها في جميع مجالات الحياة،
تلك المرأة لن تستطيع أن تكون نواة التغييرات والتحولات
سواءً في سبيل تشكيل تنظيم نسوي فعال ضمن المجتمع
أو على مستوى إدارة أسرة”
إعداد: روزا عبد الباقي
1ـ بعد الترحيب. تنبع كافة مشاكل وقضايا المجتمع من أسلوب العلاقة بين الرجل والمرأة (حسب ثقافات المجتمعات)، حيث تم التلاعب بقيمة هذه العلاقة، وتحولت إلى تناقض فيما بين الرجل والمرأة ضمن الأسرة والمجتمع، وعلى وجه الخصوص بعد أن حوّلت مؤسسة الدولة “المرأة” إلى ملكية عائدة للرجل والأسرة وتابعة للذهنية الذكورية – الأبوية. فأحد شروط الحياة الحرة هي أن يتم إحياء العلاقة فيما بين الرجل والمرأة بشكله الصحيح، وأن تلعب المرأة دورها الأساسي والطليعي في بناء المجتمع. من هذا المنطلق وحسب رأيكم، كيف تقيّمون هذه القضية أو المعضلة الاجتماعية وأسلوب العلاقة الموجودة؟
– تحياتنا الطيبة للجهود المبذولة من قبل مجلتنا الراقية آفاق المرأة فهي بوابة تنويرية للمرأة أولاً ولطرح الحلول لكافة القضايا العالقة. بالطبع الموضوع الأساسي الذي يتم التركيز عليه في هذه المرحلة وبشكل متداول بين جداول أعمالنا اليومية، ألا وهي قضية المرأة – الرجل/ المرأة – المجتمع/ المرأة – الأسرة/ المرأة والحياة النِديّة الحرة. إذاً؛ هنا السؤال الأساسي يطرح نفسه وهو ماذا تعني الحياة النِديّة الحرة؟ ولماذا علينا الوصول للحياة النِديّة الحرة؟ وما هي الأساليب كي نصل إلى تحقيقها؟
إن النظام العبودي ضمن تاريخ 2500 ق.م، بعد المجتمع الطبيعي والعصر الحجري الحديث (نيولوتيك) في معبد نينوى، قد سميت هذه الحقبة التاريخية بـ استعباد المرأة. وفي تلك المرحلة تطورت ذهنية التعصب الجنسوي والاختلاف الطبقي أيضاً. ولأول مرة بدأ الصراع بين الرجل والمرأة، لأن المرأة لم تتقبل ذهنية الاستعباد والظلم، فقط أرادت أن تحمي قيمها الكومينالية والمجتمعية المتمحورة في طبيعتها الأمومية والتي تعطيها (وبشكل طبيعي) الإدارة المجتمعية. فالرجل يميل إلى فرض سلطويته ونموذجه الذكوري ليس على المرأة – الأم فقط بل على المجموعة أو العشيرة أو المجتمع كافة، الهدف الأساسي هو استصغار الطاقة الحياتية المكنونة في طبيعة المرأة.
وهنا ظهر مفهومين متعارضين يحملُ (الضاد)، والذي من خلاله حاول الرجل أن يستعبد المرأة ويحولها إلى (مُلك). ولهذا السبب نستطيع القول: بأن مفهوم السلطة تم فرضه على المرأة والمجموعة والعشيرة والقبيلة وكافة فئات المجتمع، وتم تأثيرها السلبي على البيئة الأيكولوجية أيضاً، وتم تعريف “الحياة” على أنها مؤسِسة على مفهوم القتل والتدمير وعدم المساواة.
وعلى سبيل المثال؛ القصص التي تم نشرها في علم الأساطير والتي تُبرز بأن المرأة “إلهة” مثال: عشتار – إنانا – ليليت – أفروديت …والخ. وظهور الكثير من النساء اللواتي توجهن نحو أن يكنّ طليعيات للمجتمع وتنهي النظام البطرياركي السلطوي المطلق.
في الحقيقة ليست بتلك السهولة التخلص من ذاك النظام المبني على ميراث ذهنية آلاف السنين، والتي طرحت معها مفاهيم عبودية المرأة، ونرى اليوم من خلال تلك الكوارث والحروب الشنيعة التي تمارس بحق الشعوب، لهي أبشع أساليب ذاك النظام السلطوي. فكما المرأة تحتاج إلى القوة الفكرية والسياسية والثقافية والمجتمعية المقاومة ضد هذا النظام، بقدرها الرجل أيضاً يحتاج للمقومات وعدم تقبل تلك الذهنية التي حولتهُ إلى (آلة) وحتى إلى (روبوت) ووسيلة لانتصار حروبه على الشعوب والبيئة. هنا “رد الفعل” مهمة جداً فالمجتمع البعيد عن ” رد الفعل – المضاد” لن يكون ناجحاً في الوصول للحياة الرغيدة ومجتمع مقيم على مبادئ الديمقراطية في العلاقات ومتساوي في حقوقه بين الأفراد والتوازن مع الطبيعة الموجودة.
فالقضية الأكثر تعقيداً والتي تُعمق الانكسار الجنسي للمرأة هي قضية “الأسرة”، لأن نظام الأسرة تمأسس على حقيقة المرأة. لذلك تحوّل دور المرأة الرئيسي إلى أن تخضع تحت مفهوم ملكية الرجل، ومن هنا تم تغيير المفهوم الأمومي إلى المُلك – السلطوي – الأبوي البطرياركي – الذكوري المطلق ضمن الأسرة، ولهذه الأسباب التاريخية فقط ابتعدت المرأة عن كينونتها ووجودها وإرادتها الحرة. فيصبح جسد وفكر وإرادة الأم ملكً للرجل. ومن هنا باستطاعتنا القول بأنه يريد من المرأة أن تكون ربة المنزل وأداةً لإنجاب الأطفال وتربيتهم فقط. ورغم كل هذه الأسباب التي ذكرتها، إلا أن المرأة – الأم ما زالت صبورة وتتحمل وتضحي تقاوم وتواجه هذه الذهنية المفروضة عليها.
من هنا، تأتي أهمية مفهوم الوصول للحياة النِديّة الحرة. وكـ مصطلح تعني تقدم وتطور مقاييس جمالية الحياة، وتبني العدالة والمساواة بين المرأة والرجل، وإيجاد حلول وتغييرات من كافة نواحي الحياة، ويقوم بإزالة الذهنية السلطوية والعبودية بين المرأة والرجل ولبناء المجتمع الحر معاً، واسترجاع هوية المرأة التي سُرقت منها منذ آلاف السنين وبناء المساواة بين الجنسين.
ينظرون للمرأة بأن جسدها ناموس وشرف للرجل والأسرة، لهذا السبب قُتلت الكثير من النساء تحت مسمى الشرف والناموس وأيضاً خُلقت الكثير من الصراعات بين العشائر والقبائل والعوائل الكبيرة، لهذا السبب نقول بأن المرأة ليست ناموساً لأحد؛ بل هي مركز الحياة وعلينا حمايتها بكل تأكيد. في السنوات الماضية وكـ ثقافة اجتماعية؛ عندما كان يظهر أي خلاف أو عدم الاتفاق فيما بين أي عشيرة وقبيلة أو الأسر المشهورة، فكانت تلك العشيرة المذنبة تقدم واحدة من بناتها وتزوج ابنتهم لرجلاً من العشيرة أو القبيلة الأخرى، والهدف حل ذاك الخلاف فيما بينهم.
حتى في فترات الحروب والسلام تم استغلال جسد المرأة كأداة تخدم مصالح السلطة. لن نستطيع القول بأنه كان لأجل المجتمع، فعندما نقول لأجل خدمة المجتمع يجب أن يكون مجتمعاً مبنياً على مفهوم الحرية والمساواة، ولكن ذهنية السلطة الموجودة منذ 5000 سنين منعت المرأة من حقوقها الطبيعية المشروعة.
حتى نستطيع أن نُعرف الحياة النِديّة الحرة بشكل صحيح، يجب أن نعود إلى المجتمع الطبيعي التي كانت المرأة فيها الأم – الإلهة وتدير المجتمع وكانت الأساس في المجتمع الطبيعي. ومنذ ذلك الوقت كان المجتمع مبنياً على العدالة والمساواة، والحياة الكومينالية وكل فرداً كان يعيش بهويته وإرادته ويدير نفسه بنفسه دون أي عوائق. يجب إرجاع هوية المرأة المجتمعية مرة أخرى، والتخلص من الذهنية التي تستعبد المرأة. عندها يمكننا القول بأن الحياة النِديّة الحرة تتقدم بشكل الصحيح.
فالعلاقة المجتمعية المكونة على الجنسين المرأة – الرجل أساسية وأحياناً تكون سبباً لخلق التناقضات والصراعات المرحلية. ففي كتاب رفيق المرأة عبد الله أوجلان “المرأة والعائلة” قد حلل وبشكل مفصل المراحل التي مرت بها المرأة الكردستانية وكيف يمكنها التخلص من رواسب تلك المفاهيم العالقة والعقيمة. والمجلد الثالث أيضاً” سوسيولوجيا الحرية” يتحدث من خلاله وبشكل سيكولوجي عن التأثيرات السلبية لتلك العلاقة الموجودة وكيفية التخلص من تأثيرات 5000 آلاف سنة. بدون تحليل طبيعة العلاقة الموجودة بين الرجل والمرأة لن نصل لمجتمع مبني على المفاهيم المستندة على الحياة الكريمة والحرية الفكرية. فحتى الآن وهذا السؤال يطرح نفسه ويبحث عن الأجوبة الصحيحة. من غير المجدي التفكير بأن طرح هذه القضية وكأنها تابعة لمنطقة أو بلد أو أي مجتمع، على العكس تماماً فالقضية مجتمعية بحتة وتحتاج لفتح الكثير من المحاور والنقاشات الديمقراطية أولاً بين المرأة والرجل، وبعدها على مستوى كافة المجتمع. من هنا، مفهوم الحياة النِديّة الحرة تكون لها المعنى الصائب.
2 – في الحقيقة تقييماتكم لها معنى عميق. إذاً؛ الحياة النِديّة الحرة بقدر ما تكون قضية المرأة هي بنفس الوقت قضية الرجل أيضاً، إلا أن الرجل لا يرى هذه الحقيقة. فالرجل لا يُدرك العبودية التي يعيشها. فبقدر سلطويته يعيش العبودية. ما السبيل لخلاص الرجل من هذه المفاهيم الخاطئة والتي لا يرى نفسه جزءاً من هذه المشكلة أو القضية؟
- عندما نعود إلى دراسة علم الأساطير ونرى كيف بدأ الحرب بين إنانا وأنكي، ظهرت مع هذه الحرب العديد من الأشياء المختلفة مثل الحرب بين الإلهة والشامان. في البداية كانت المرأة تدير وتنظم المجتمع الطبيعي. بعد 2000 عام، ركز الشامان وبشكل تدريجي على فرض سلطويتهم، والتي جلبت معها العديد من التغيرات في الثقافة الاجتماعية، بسبب حقد الرجل تجاه المرأة. ظهور الشامان بحد ذاته كانت لأجل محاربة الإلهة -الأم، وتم أخذ كل جهودها وماءاتها واكتشافاتها التي أبدعتها يدها وذكائها العاطفي. بسبب هذه الخطة التي بدأت في علم الأساطير، قام ماردوك بقتل والدته “مات” وقطعها إلى قطع، وأصبح قطعة من جسدها “السماء” والأخرى “الأرض” وأصبح دموعها نهر دجلة والفرات، لهذا السبب ومن ذلك الوقت تحولت تلك الأساطير إلى ثقافة اجتماعية حيث يعتقدون بأن المرأة ضعيفة ويمكن استصغار طاقتها المجتمعية.
وحتى مرحلة الانكسار الثاني، عندما ظهرت مفهوم الاقطاعية خلقت معه الطبقات. ومن أعوام 2500 – 1000 قبل الميلاد وحتى بعد الميلاد أصبح الرجل هو الحاكم وخلق معه النهب والدمار والطبقات؛ طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء، وأصبحت النساء الأكثر استعباداً في المجتمع. وبعد ظهور الطبقات والدولة أصبح المجتمع يبتعد عن طبيعته وبناء مجتمع متعصب جنسياً، والمرأة تصبح مُلك وناموس للرجل، وإن تجرأت ودافعت عن حقوقها يكون الحق المشروع للرجل بقتلها. كما رأينا في عصر الجاهلية أنه عند ولادة المرأة مولوداً أنثى يدفنونها وهي حية، فيباع الرجل والمرأة على السواء.
تم بناء الطبقات أي (الزيقورات) منذ 5000 عام في الحضارة السومرية، كانت هذه الطبقات تتألف من؛ الراهب، الجيش، المجتمع والطبقة الأكثر استعباداً هي طبقة الفقراء والنساء. قامت الدولة ببناء الطبقات بين الشعب بشكل يقبله المجتمع بكل قناعة. كان الناس يحمون أنفسهم تحت ظل العشائر، ولكن بعد مجيء الدولة أصبحت العشائر عائدين للدولة، وقامت الدولة بجمع العشائر لتشكيل مجتمعها السلطوي عليهم، لأجل أن يعيشوا تحت ظل حكم الدولة.
لقد زرعت الدولة جذورها بين المجتمع مما يعتقد المجتمع أن لا حياة بدون الدولة، وعلى المجتمع أن يعيش على النظام السلطوي. أصبح العنف والتعصب الجنسي أمر شائع بين المجتمع، حيث فُرض على المرأة بأن تكون تابعة للأب والأخ ومن ثم الزوج وبعدها الأبن فقط. النظام الذي انشأته الدولة هو أنه على المرأة أن تكون كربة منزل، والرجل كعامل خارج المنزل ويصبح عبداً للدولة، وعند مجيئه إلى المنزل له كافة الحقوق لممارسة سلطته وتسلّطه على الأم والأولاد.
عندما بدأ النظام السلطوي الذي يعود تاريخه إلى 5000 عام، من ذلك اليوم إلى يومنا هذا يسمى النظام العبودي. لهذا السبب نريد أن نطرح مفهوم الأمة الديمقراطية. الرجل يعتبر نفسه ذات سلطة، ولكنه هو أيضاً مستعبد. لذلك فإن قضية الحرية ليست للمرأة فقط بل للرجل أيضاً وعلى الجنسين مواجهة المفهوم السلطوي والقيام بتكوين الذات الحرة والوصول لبناء نظام الحياة النِديّة الحرة. من الخطأ أن يتم التفكير بتلك الوتيرة الغير صحيحة وهي أن مفهوم الحياة النِديّة الحرة متعلقة بقضية المرأة فقط، الحياة النِديّة الحرة عبارة عن حياة تشاركية ونظام مجتمعي ذو مقايس ومبادئ تحوي القيم المجتمعية بكل معنى الكلمة.
3ـ بالطبع هناك جانب أهم وتاريخي فإن المفكر عبد الله أوجلان يتطرق في مرافعته “سوسيولوجيا الحرية” إلى ثلاثة نقاط رئيسة لاستمرارية الحياة وهي: (التكاثر – الدفاع – العيش). إلا أن الرجل حلل هذا الموضوع بشكل خاطئ، فبدلاً من أن تكون وسيلة لاستمرارية الحياة البشرية، تحولت إلى هدف ساهم في استمرارية وتعمق عبودية المرأة والمجتمع. من هذا المنطلق حسب تقييماتكم كيف يمكن تغيير هذه المفاهيم ضمن المجتمع وإعادة التحليل السليم لظاهرة التكاثر – الدفاع – العيش؟ وما هي المهام التي تقع على عاتق كلٍ من المرأة والرجل؟
- نعم هذا سؤال مهم جداً ويحتاج للكثير من الحوارات المفتوحة والديمقراطية بنفس الوقت. عندما نتحدث عن التكاثر – الدفاع – الحماية، أو عن كيفية إدارة الحياة، يجب علينا النظر في مرحلة بداية نشوء الكون، وكيف خُلقت الكائنات لأول مرة في العصور القديمة أو في العصر الجليدي، وكيفية إحياء الهواء – الشمس – الطبيعة. وأيضاً خلال هذه الفترة تكونت معه النباتات والحيوانات. كانت الحيوانات تتزاوج مرة أو مرتين في العام، كي لا ينقرضوا على وجه الأرض، ومن ضمن هذه السيرورة نجد بأنه الكثير من الحيوانات انقرضت ليست بسبب عدم التكاثر، بل التأثيرات البيئية والمناخية أدت إلى الكثير من الانقراضات؛ مثل الديناصورات والحيوانات الضخمة الحجم.
وعندما اكتمل الإنسان شكلياً، أصبح التكاثر بينهم قوة تكوين مجتمعية وجماعية، والبدء بحماية قيمهم ووضع قوانينهم الطبيعية. بدون شك قبل الوصول إلى مرحلة المجتمع الطبيعي فإن المجتمع البشري مرّ بمراحل التطور التدريجي. فالمجتمع الطبيعي كان له قيم مجتمعية طبيعية، منها العلاقة الجنسية كانت حسب ارتباطها بالطبيعة والمناخ، وكانت لها قيمة اجتماعية كومينالية، لأجل تقدم الحياة والجيل الجديد. بهذا الشكل تم الازدياد في التكاثر وقاموا بتكوين العشائر والقبائل ومن ثم المدن، وحتى يومنا هذا أصبح عدد الإنسان بالملايين حيث أصبح زيادة السكان بلاءً على المجتمع البشري.
وعندما تطورت الذهنية والمنطق لدى المجموعات والعشائر والقبائل وأقيمت المشاجرات بين عشرتين أو الحرب بين دولتين كان مرتبط بذهنية ذكورية، وأصبح موضوع الإنجاب بالنسبة للرجل كأداة لاستعباد المرأة والمجتمع عموماً فـ بالنسبة للرجل زيادة عدد الشباب في العشيرة أو المجموعة هو انتصارهم في الحروب. لهذا السبب فرضوا على كل امرأة أن تنجب عشرين طفلاً ويحق للرجل أن يتزوج أكثر من امرأة واحدة لأجل تكاثر الأولاد وليس البنات بالطبع والباقيات كي يبقين خدامات للرجل. وظهور هذه الذهنيات والمفاهيم المتعصبة بحجة حماية المجموعة أو العشيرة من القوى الخارجية أو ما أسموه (العدو). للكائنات الحية والطبيعة وحتى الحيوانات طبيعة في وجود “رد الفعل” أي متى كان يظهر ذاك الرد الفعل؟ حينما كانت تتواجد قوة تريد الهجوم، فرد الفعل الطبيعية للحماية هي فطرية وموجودة لدى الكائنات وحتى البشر.
نستطيع القول بأن كل رجل يريد أن يمارس رجولته على الآخرين سواءً إن كانت على المرأة أو المجتمع فهو يمارسها. ومع ظهور هذه الذهنية السلطوية تغيرت جمالية الحياة، لهذا السبب على المرأة قبل كل شيء تصحيح هذا الفكر الذكوري السلطوي وتأثيراتها ورواسبها على شخصيتها أولاً وبعدها تغيير المجتمع.
علموا المرأة على أنها أداة للإنجاب فقط، لهذا السبب عليها تحرير “ذاتها الحرة” من هذه الذهنية. بدون شك على المرأة أن تطور فكرها من الناحية العلمية كي تتخلص من تلك المفاهيم وتحرر الرجل معها أيضاً من الذهنية السلطوية والعبودية. إذا فعلنا هذا؛ يمكننا أن إرجاع جمالية الحياة، وهذا يقف على عاتق المرأة، وهكذا نستطيع الوصول للحياة النِديّة الحرة.
4 – هذا يعني بأننا وصلنا لرأس الخيط: إذاً كيف تقيّمون فلسفة “الحياة النِديّة الحرة” وكيفية الوصول إليه في مجتمع ديمقراطي وحر؟ وماذا يتطلب من المرأة القيام به؟ وماهي الشروط الأساسية لتحقيق ذلك في الحياة وضمن العائلة؟
- بالطبع الجواب على هذا السؤال لهو جواب القرن 21. حين نتأمل المرحلة فإننا نرى الكثير من الكفاح والنضال والحركات النسوية، وانضمام المرأة للكثير من المجالات السياسية والعسكرية والتنظيمية، وأثبتت وجودها. وبفضل فلسفة المفكر عبد الله أوجلان نحن النساء أدركنا أهمية ثقافة الأم – الإلهة المبنية منذ آلاف السنين. يقول القائد عبد الله أوجلان: “لم يُكتب تاريخ عبودية المرأة، وتاريخ حريتها في انتظار الكتابة”.
حتى نستطيع أن نكتب ونعزز حرية المرأة، علينا أولاً معرفة أساس القضايا الاجتماعية، مثل الرأسمالية والعبودية ومفهوم السلطة ونظام الدولة على كلا الجنسين. عندما يولد الإنسان يتربون على مفاهيم الاختلاف بين الجنسين، ومنذ صغرهم يزرعون مفاهيم السلطة في ذهنيهم. هناك الكثير من النساء تغيرت آراؤهن وفكرهن، ويفكرون مثل الرجل، ذهنيتهم مبنية على المفهوم الذكوري. بهذه الذهنية يكوِنُونَ عائلة ومجتمع وأجيال جاهلة.
على المرأة والرجل تغيير ذهنيتهم وبدلاً من حياة مشبعة بالفكر الذكوري الأبوي عليهم أن يرتقوا للحياة النِديّة الحرة. لأن الموضوع الأساسي للمفكر والقائد عبد الله أوجلان هي إيصال المجتمع لـ “فلسفة الحياة النِديّة الحرة”. من إحدى تلك التغييرات هي طرح نظام “الرئاسة المشتركة” بين الجنسين. كي يفهم الرجل بأن المرأة ليست خلفه، وأقل منه شأناً، ويمكنها أيضاً المشاركة في القرارات المصيرية والتاريخية.
لم يكن بمقدور المرأة اتخاذ أي قرار ضمن العائلة أو العشيرة أو مجتمعها الموجود، فطرح نظام “الرئاسة المشتركة” فتح لها الكثير من الأبواب كي تعبر عن رأيها وتكون ريادية في الكثير من القضايا الاجتماعية. لا يمكننا طرح أي حياة حقيقية، باستثناء الحياة النِديّة الحرة وعلى الرجل أن يخضع للدورات التدريبية الأكاديمية والأيديولوجية للتخلص من مفاهيمه السلطوية الذكورية التي تستعبده أولاً.
لقد مر 50 عاماً والقائد عبد الله أوجلان يناضل من أجل حرية المرأة والحياة النِديّة الحرة. ومنذ 40 عاماً وبقيادة المرأة تم نشر هذه الأيديولوجية بجدية وحتى الآن مستمرة على هذا الخطى. المفكر عبد الله أوجلان يحلّل هوية المرأة من خلال شخصية الشهيدة ساكينة جانسيز.
المرأة ليست نصف المجتمع، بل هي المجتمع بأكمله. أيديولوجية تحرير المرأة تحضن المرأة المناضلة وذو الإرادة القوية، وتُرجع لها هويتها التي سُرقت منها منذ آلاف السنين. المرأة الكردية قاومت وناضلت، والآن أيضاً تقاوم وتناضل بكل قوتها، والكثير من النساء ومن كافة الشعوب تناضل معها جنباً إلى جنب.
مهم جداً أن نعطي التعريف الصحيح لفلسفة الحياة النِديّة الحرة. يتطلب من المرأة أن تعبّر عن ذاتها الحرة في كل مكان. المرأة التي لا تستطيع التعبير عن نفسها في جميع مجالات الحياة، تلك المرأة التي لا تستطيع أن تقوم بالتغييرات والتحولات، إن كان في سبيل تشكيل تنظيم نسوي فعال ضمن المجتمع أو على مستوى أسرة.
على المرأة أن تتقدم أكثر وأن تكون تلك المرأة المحترفة الواعية، حيث تكون ريادية فكرياً وسياسياً وثقافياً وتقود المجتمع. حرية المجتمع مرتبطة بالمرأة الواعية. حتى نتمكن من تعزيز هوية وصوت المرأة في كافة الساحات، يجب أن نثبت بأن المرأة ليست فقط للإنجاب وليست كشيء تباع وتشترى أو ناموس وشرف لأحد، هي نواة الحياة المجتمعية. أكدت ثورة روجآفا بأن المرأة طوّرت ذاتها في نظام الأمة الديمقراطية.
بدون شك أن هذه القضية تحتاج للكثير من العمل والجهد. حتى نتمكن من جعل أيديولوجية تحرير المرأة استراتيجية أساسية لحل هذه القضايا وإحداث تغييرات في المجتمع المتعصب جنسياً، فالمرحلة تحتاج للمرأة الواعية فكرياً وسياسياً وثقافياً واجتماعياً.
5 ـ ومن هنا يظهر أمامنا مفهوم آخر؛ أصبحت الجنسوية الاجتماعية أيديولوجية رسمية للسلطة في كنف الدولة القومية، برأيكم كيف تقيّمون وتحللون الثقافة المروجة للسلطة؟ وحتى تلك التيارات التي نادت بحرية المرأة ولكنها عملياً كانت ضد حريتها، وروّجت لذهنية الذكورية على قدم وساق؟
- طبعاً هذه السؤال مهم جدا،ً وعلينا مراجعته وتحليله، والتطرق لبعض المفاهيم التي تزيد من تأثير مفهوم السلطوية. تأسست السلطوية على أول انكسار للمرأة، ومعها ظهرت ذهنية التعصب الجنسوي في المجتمع. وفي انكسارها الثاني؛ وعند ظهور الديانات التوحيدية، تطور التعصب الجنسوي بشكل رسمي في الكثير من المجتمعات.
ثقافة (الإلهة) في المجتمع الطبيعي هي ثقافة التعاون المشترك، والمساواة والديمقراطية. وكان الأطفال يُعرّفون بأمهاتهم، كانت المرأة تدير المجتمع، وتحمي طوطمها من الحيوانات المفترسة، وكانت المرأة والرجل يجتمعون حول (الحبابة – الأم المسنة)، فاستمرارية التكاثر والنسل كان هدفها استمرار النسل البشري. ولكن مع التطور التدريجي تم تغيير هذه المفاهيم والقيم المجتمعية وتم تطبيق المفاهيم الأبوية الفظة – البطرياركية.
إن نظام الدولة مارس كافة الأساليب لتحويل (الرجل) إلى سلطوي، وعن طريقه القيام باستعباد المرأة والمجتمع، وأيضاً حولت تلك العلاقة المقدسة والمبنية على القيم الاجتماعية إلى كومة من التناقضات والنفور التي تُخلق الكثير من الأزمات والقضايا العالقة ضمن المجتمع. سيطروا على كافة اكتشافات المرأة، وحاولوا أيضاً إقناع المجتمع بأن المرأة ليست “الحياة” بل على العكس هي بلاء على المجتمع ولا حول لها ولا قوة.
وعلى سبيل المثال: عند مجيء الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) قرر بمنع دفن البنات وهن أحياء (وأد البنات)، هذه ثقافة الرسول التي كانت لها معنى وإعطاء القيمة للمرأة ولكن عند تطبيقها تحولت هذه الثقافة إلى إبقاء المرأة في المنزل مقيّدة بين أربعة جدران، أصبحت تباع وتشترى بالمال وكـ سلعة.
عندما تتزوج المرأة تصبح مُلكاً للرجل. فكما يريد الرجل أن يزرع أرضه، فإنه يريدها من أجل متعته الخاصة وإطاعة أوامره والمرأة تعرف كـ الجنس الثاني. وكذلك عندما تعمل المرأة والرجل معاً فإن أجر المرأة أقل من أجر الرجل. وأيضاً في مهر الزواج المرأة تباع وتشترى. المرأة تعمل في المنزل خلال 24 ساعة، لكن يقولون لها ربة المنزل وهي لا تعمل أبداً. وفي النهاية أستطيع القول؛ بأن المجتمع الأخلاقي تحوّل إلى مجتمعٍ بدون أخلاق ومتعصب جنسياً.