نظام الرئاسة المشتركة بوصلة تحدد مسارات التغيير المجتمعي
نظام الرئاسة المشتركة بوصلة تحدد مسارات التغيير المجتمعي
“نظام الرئاسة المشتركة
حل أنسب لوضع نظام كومينالي متساوي
لتلك الحلقة العقيمة. حلقة عدم العدالة والديمقراطية والمساواة
والظلم واستصغار طاقة المرأة”
نرجس إسماعيل
خلال مراحل التاريخ القديم والحديث نجد الكثير من الأنظمة التي ادعت بأنها أبدية وهي الحاكمة في سيرورة التغيير المجتمعي. ولكن الذي تم إثباته ومن خلال المراحل وبتطبيق تلك الأنظمة لذهنيتها، بأنه؛ لا ملاذ لأي نظام أو سيستم بقول (المطلق) وفرضها على النظام الحياتي للبشر والإنسانية على سواء، والادعاء بأنها باقية وبدونها لن تبقى للوجود البشري أي معنى! خال من الحقيقة. فالطبيعة والعقل المجتمعي يملكان خاصيتين أساسيتين أولهما: قوية في حماية قيمها وثانيهما: تصبر وتتحمل ومتى شاءت الفرصة تُظهر قوتها وطبيعتها الحرة.
فالكثير من تلك الأنظمة فرضت ذهنيتها بأساليب كثيرة منها الشدة والعنف وإن تطلب الأمر ممارسة الأساليب السلسة والناعمة وبجانبها استخدام ساحة الإعلام المرئية إن كانت أو السماعية، من خلال تغيير الكثير من المصطلحات وإفراغها من محتواها الصحيح. فالأكثر استخداماً تلك التي حاولت التلاعب فيما بين مفهوم السلطة – الإدارة. وجعل السلطة قدراً محتوماً وأنه لا محال بدونه، وإفراغ الإدارة الطبيعية والمجتمعية الكومينالية من طبيعتها وجوهرها وتحويلها إلى لا شيء.
هنا الموضوع الأساسي وذو الطابع الأهم أن تلك الأنظمة مهما كانت بنيتها المادية والمؤسساتية قوية فلن تتجاوز القدرات الطبيعية المجتمعية والتي بالمقدور اعتبارها مطلقة. تلك الأنظمة غريبة عن القيم المجتمعية الفطرية، لذلك حتى وإن مرت الكثير من الحقب فلن تكون بتلك المقدرة على إنهاء القيم الاجتماعية المفاهيم الديمقراطية والسياسية والتعايش المشترك الموجود إنسانياً.
(الأم) والتي تعتبر المحور الأساسي للحياة، ربما انطلاقتها تبدأ من الطاقة الحياتية الجسدية، ولكنها باقية روحياً وفكرياً ومعنوياً وفلسفياً. حتى وأنها بذاتها كانت متأثرة بمفاهيم تلك الأنظمة ولكن طبيعتها الفطرية الطبيعية الموجودة في إدارة كافة أمور المجتمع لا يسمح لها بأن تكون شيئاً آخر. فالدور الأساسي يعود للمرأة – الأم والأمومة ليست كافية بمفهومها البيولوجي، بل الأمومة وبمعناها الفلسفي تلك المحاطة بكافة ميزات الروح الكومينالية والتشاركية والحاضنة للجميع.
المفاهيم التي تم اتباعها وتطبيقها ضمن كافة سياقات المجتمع نجدها منحرفة تماماً عن طرح طبيعة وحقيقة المرأة الصحيحة في ممارسة قدراتها الطبيعية في الإدارة. تلك المفاهيم غريبة ورغم أنها لا تتناسب مع القيم المجتمعية وحتى فيما بين المرأة والرجل في موضوع المساواة ولكنها تُفرض وبأشكال عدة. وراء تلك المفاهيم وأنماط الحياة ذهنية منظمة ومهيمنة تتحكم بكل معرفة في تحريف الحقائق على أن المرأة هي الركيزة الأساسية في فنون الإدارة ضمن الأسرة والعشيرة والقبيلة والمؤسسات وكافة مناصب الحياة، فهي تتحمل كافة الأعباء الجسدية وتدير أمور كافة القضايا نحو الإيجابي وطرح الحلول المتنوعة والمناسبة لكافة المراحل.
منذ خمسة آلاف سنة والذهنية الذكورية أبدعت في كتابة وتدوين الكثير من النظريات المنحرفة فقط لتشويه واستصغار طاقة الحياة الإدارية في طبيعة المرأة، وتم تعريف قوة الإدارة ومتانتها منحصرة في الرجل فقط؛ (الرجل القوي – العاقل – الجبار – رب المنزل – المدير – المدبر – بدونه لا حياة). تلك النظريات الفوقية والمركزية والرجعية بنفس الوقت قد أنهكت ولسنوات عديدة طاقة الرجل أيضاً كإنسان “طاقته المجتمعية” وهدرها في خوض غمار معركة لا تتجاوز مستنقعاً ضحلاً، يكون ضحية لها ويجر المرأة أيضاً معه. الرجل الذي حوَلته الأنظمة السلطوية إلى لعبة ودمية في الحروب، خلق منه روبوتاً لا إرادة له، فقط يملك القوة العضلية وحتى تلك العضلية في أي مجال يستخدمها غير معروفة.
هذه الحقيقة أمام العيان ومهما أطفوا الكثير من النظريات عليها أن الرجل أيضاً عليه أن يتمتع بقيمته الحياتية من خلال الحفاظ على مركز الحياة، فهو يُخلق من رحم الأم، الأم وبمعناها يترعرع تحت مظلة أمومتها – الأمومة وبعمقها (فلسفة الحياة) والمضي على التربية على مقاييس تلك الفلسفة.
من هنا يأتي الدور البارز في أننا نحتاج لتحليل عميق لمفهوم الرئاسة المشتركة، وإن اتخاذ المرأة دورها الريادي في الإدارة لا يعني بأنها تأخذ مكان أي أحد، بل تكون في مكانها المناسب كي تكون نبع الحياة وإدارة المجتمع على ثقافة المرأة – الأم. حتى وإن بقي الرجل فقط في إدارة الشؤون ما هي النتيجة المرجوة منه؟ وبالأحرى تم تجربة هذا المفهوم ومع الأسف الشديد عشنا النتيجة التي تُظهر حياة خاطئة وناقصة؛ (بيد واحدة، بفكر واحد، بمنظور واحد، بلون واحد، بنظام قاسي واحد … الخ) خلقت الكثير من القضايا العقيمة والتي لن تُحل بآلاف السنين. فحقيقة جوهر المرأة كنهر دفَاق تجري فيها الحياة باستمرارية، فإذا تغير مجرى النهر حينها يتغير مسيرة الوصول والتحول إلى بحرٍ يحوي كافة الكائنات.
من هذا المنطلق نظام الرئاسة المشتركة حل أنسب لوضع نظام كومينالي متساوي لتلك الحلقة العقيمة. حلقة عدم العدالة والديمقراطية والمساواة والظلم واستصغار طاقة المرأة. وصول المرأة والرجل لمستوى تطبيق نظام الرئاسة المشتركة سيخلق أرضية مفعمة بالحوارات الديمقراطية البعيدة عن الصراعات الطبقية التي يجد الرجل شخصيته الطبقة الفوقية وينظر للمرأة على أنها لا شيء.
لذلك محور العدد التاسع حلقة مترابطة تكمل محاور الأعداد الماضية. من غير المستطاع القول بأن تواجد المرأة والرجل في ذات الإدارة وعلى نفس المقعد، هذا لا يعني أن مفهوم الرئاسة المشتركة قد تم تطبيقه. من هذا المنطلق علينا التأكيد بأن تطبيق نظام الرئاسة المشتركة في الممارسة العملية يتعدى القوالب الشكلية والمؤسساتية حسب مفهوم الدولة.
محورنا للعدد التاسع يتيح الكثير من الآفاق بأن نكون طليعيين في تطبيق نظام الرئاسة المشتركة، ومجتمعات الشرق الأوسط بطبيعتها الجنسان متعاونان معاً، والآن هما يستحقان أن يكونا نموذجيين لنظام الرئاسة المشتركة.
نتمنى من كافة القارئات والقراء التعمق في قراءة النقاط الأساسية في هذا المحور، والقيام بتوسيع الحوارات الفلسفية على نظام الرئاسة المشتركة كمنفذ للخروج من تلك الحلقة العقيمة.